“جنيات إنشيرين”: عن الملل والملل الوجودي

Print Friendly, PDF & Email

رياض حَمَّادياليمن

محكومًا بغضب كبير الآلهة زيوس قضى سيزيف بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه وحين يصل إلى قمته تتدحرج إلى الوادي فيعاود سيزيف رفعها إلى القمة إلى الأبد.

لو أن سيزيف إنسان لشعر بالرتابة والملل ولتمرد على واقعه مثلما فعل “دون كيشوت” الذي أصابت عقله لوثة فترك بيته وشد الرحال كفارس من العصور الوسطى باحثًا عن المغامرات. لعله الملل الوجودي والبحث عما يخلده هو ما دفعه لأن يتخيل أعداءً لا وجود لهم فيحارب طواحين الهواء وقطعان الماعز. ولعله الملل الوجودي نفسه يقف وراء مغامرات مدام بوفاري- في بيئة رتيبة تفتقر إلى مباهج الحياة- وما الشهوانية إلا وجهه الظاهر.

من خلال الرؤية نفسها، يمكن أن ننظر إلى كولم (بريندان جليسون) وهو يقرر فجأة التخلي عن صداقته لبادريك (كولن فاريل). ثمة لحظة في حياة كل منا يقف فيها المرء أمام مرآة نفسه ليرى ما أنجز وما يمكنه إنجازه، لحظة وعي أشبه بكوة نور نرى من خلالها الفراغ الذي خلفناه ونتساءل عن البصمة التي يمكن أن نتركها كأثر خالد وراءنا شرط التوقف عن الروتين اليومي والبدء من جديد.

في خضم هذا التساؤل سنلقي باللوم على عاداتنا وربما على أقرب المقربين إلينا. هذا ما فعله كولم وهو يعتقد أن صديقه بادريك يسرق وقته ويحرمه من التفرغ للتأليف الموسيقي.

نوع آخر من الملل

يتناول فيلم “جنيات إنشيرين” (The Banshees of Inisherin) 2022م، لكاتبه ومخرجه مارتن مكدوناه، وبإشارات تشويقية متصاعدة، موضوعًا فلسفيًا هو الملل الوجودي. والمدهش أن يكون الملل موضوعًا لفيلم دون أن يصاب مشاهده بالملل، والسبب هو لغته البصرية المدهشة وإيقاعه غير البطيء، مع أن أحداثه عادية، إذا استثنينا الحدث الجنوني المركزي وهو قطع كولم لأصابع يده احتجاجًا على اقتحام بادريك حياته بعد أن حذره ألا يفعل.

يفتتح الفيلم بلقطات تأسيسية للجزيرة نرى فيها من زاوية علوية مساحات شاسعة خضراء، وعلى جزء بسيط من الجزيرة ثمة بيوت قليلة. اللقطات نفسها تتخلل أحداث الفيلم لتذكرنا بالفراغ والعزلة التي تحيط بالجزء المأهول من الجزيرة. الحانة ومنزل بادريك وأخته شيفون ومنزل كولم: ثلاثة أماكن رئيسية لسرد أحداث القصة. واللافت أننا لا نرى الناس وهم يمارسون أعمالهم بل نراهم إما في الحانة، أو وهم يتناولون الطعام في البيوت. هذه الحياة الرتيبة التي تخلو من الأخبار هي مدعاة لملل يمكن أن يشعر به الجميع، لكن مكدوناه يؤكد على ملل من نوع آخر هو الملل الوجودي الذي تختلف أسئلة من يعاني منه بحسب هدفه في الحياة: كولم يبحث عن لحن يخلده، وشيفون تبحث عن رجل يحبها، ودومينيك يبحث عن امرأة تحبه، بينما بادريك وبقية سكان الجزيرة يعيشون حياتهم دون هدف، وهم بهذا أقرب إلى اتباع مذهب اللذة.

صديق يقرر مقاطعة صديقه فجأة. سيتساءل بادريك عن السبب. وسيخبره كولم أنه لم يعد يحبه. وسيخبره لاحقًا بسبب آخر هو أقرب للحقيقة: لقد مل من ثرثرته العقيمة. تحرَّج كولم من إطلاق صفة ممل على صديقه بادريك لكن هذا سيسمعها من آخرين في الحانة. والواقع أن جميع سكان الجزيرة مملين. هذا ما صارحت به شيفون كولم وما خطته في رسالتها لأخيها بادريك بعد أن رحلت إلى مكان آخر مدركةً أن بقاءها عازبة ليس لعيب فيها وإنما العيب في المكان وأهله.

تصف شيفون الناس في المكان الجديد الذي حلت فيه بأنهم أقل عنفًا وسخرية ويتسمون بالعقلانية خلافًا للجزيرة التي غادرتها ووصفتها بأن لا شيء فيها سوى الكآبة والعزلة والضغينة والحقد والوحدة والوقت الذي يمر ببطء مُميت.

برحيلها عن المكان تقدم شيفون أولى الخيارات. وبعد أن أنقذت نفسها ترسل لأخيها رسالة تدعوه فيها لينضم إليها. ثمة سرير ينتظره ووظيفة ممكنة بعد أن توقفت الحرب. لكن بادريك كان قد اكتشف لعبة خطيرة هي الحرب في نسختها الأصغر. بهذه الحرب مع صديقه اللدود كولم سيقدمان الخيار الثاني للخلاص من الملل الوجودي؛ بعد أن أثبت كولم أنه غير قادر على ترك أثر خالد، أو أنه قد فعل ذلك بلحنه الذي أنجزه ولم يعد يبالي بعدها إن فقد أصابعه أو إن قضى نحبه حرقًا على يد صديقه بادريك.

كانت الحرب الأهلية الأيرلندية الأكبر تدور في خلفية المشهد ولا يُسمع منها سوى أصوات المدافع التي تقطع بين فينة وأخرى رتابة السلام في الجزيرة. الحرب في صورتها الجحيمية هي مرآة لحرب الصديقين وأحد الخيارات المقترحة للخلاص من الملل الوجودي الذي يعاني منه كولم.

يمكن أن نرى في صورة الحرب هذه تفسيرًا لاستفحالها على الأرض. ينظر بادريك إلى المكان الذي تشتعل فيه الحرب ويقول: “بالتوفيق لكم، أيًا يكن السبب الذي تتقاتلون من أجله.” والمضمر (فهو أفضل من حالنا هنا) وفي مشهد آخر وبعد توقف سماعهم لأصوات القذائف يقول بادريك: “واثق بأنهم سيحاربون بعضهم مجددًا قريبًا. بعض الأمور لا يمكن إيقافها وأظن أن هذا شيء جيد!” وهو بهذه العبارة يشير إلى حربه مع كولم والحرب بشكل عام.

ليس مللًا عاديا ذلك الذي يعاني منه كولم. مثل هذا الملل قد اعتاده؛ فلا يمكن للمرء أن يتوقع في جزيرة كهذه سوى الملل، كما عبَّرت شيفون. في محاولة للتشخيص تعتقد شيفون أن كولم يعاني من الاكتئاب، وهو اليأس بلسان القس. وبحكم أنه موسيقيّ، أدرك كولم المأزق العبثي العالق فيه، ولذلك قرر أن يضع حدًا لهذه الرتابة، والعجز واليأس معًا، بعمل يكشف عن روح الفنان. سيبتر أصابعه ليذكرنا بقطع فان جوخ لأذنه. الفارق بين فان جوخ وكولم هو في الهدف من البتر وفي القدرة على إحراز عمل يضمن الخلود.

يدرك كولم قيمة أن يترك الإنسان عملًا يذكره الناس به. واحدة من أعظم حوارات الفيلم عندما يقول لبادريك إن اللطافة فانية خلافًا للشعر والموسيقى والرسم. لكن كيف بوسع عازف كمان أن يترك عملًا خالدًا وقد بتر أصابعه؟! وهل يتعارض اللطف مع الإنجاز والإبداع؟!

إحساس كولم بالعجز مواز لإحساسه بقيمة الخلود. هذا العجز يتحول إلى عمل انتقامي من نفسه. برغم تباين شخصيتيهما إلا أن بادريك هو مرآة لكولم. لا يريد كولم أن يكون نسخة عن صديقه. ثمة حاجز فكري بين الصديقين يتمثل بصريًا من خلال حاجز زجاجي نراه في كادرات عدة. في أحد المشاهد يحطم بادريك المرآة عندما يرى صورته فيها قبل أن يذهب للانتقام من صديقه. نرى في المرآة صورة بادريك وقد تشوهت بفعل التكسير وتعدد وجهه بفعل التشظي. التباين في الشخصيتين نراه ماثلا كذلك في صور بوستر الفيلمين: ثمة مسافة فاصلة بين كولم وبادريك وهما على الشاطئ والكلب أقرب إلى كولم. وفي صورة أخرى للفيلم نرى الصديقين يعطي أحدهما ظهره للآخر.

نجد الحاجز نفسه في كادرات أخرى وقد حلت البقرة والحصان محل بادريك، وحل بادريك محل كولم. هذا الاستبدال يشير إلى أثر قطع كولم لصداقته ببادريك والتي ألقت بتأثيرها على علاقته بحيواناته الأليفة. ويمكن أن نرى في هذا الاستبدال تماثلًا وتوحدًا بين بادريك والحيوانات، من حيث طبيعة الحياة، وفي مراقبة الحيوانات لبادريك شعور يدل على اهتمامها بحالة صاحبها.

وينتهي الفيلم بكادر أخير يمثل الفراق النهائي بين الصديقين والسيدة مكورميك تتوسطهما في الكادر بما يوحي بدورها السابق والقادم في هذا الانفصال. تجسد السيدة مكورميك دور “الشؤم” في عنوان الفيلم وفي لحن كولم. كلمة  banshee في الأسطورة الأيرلندية هي “روح أنثى تحذر من الموت الوشيك في منزل.” وهي بهذا المعنى والدور تقترب من معنى “غراب البين” الذي يعبر عن الشؤم في الثقافة العربية.

الألم والملل

وفقًا لشوبنهاور، فإن حياة الإنسان، وحتى الحيوان “تتأرجح مثل البندول بين الألم والملل، ولذلك فضَّل كولم تحمل الألم على تحمل الملل باترًا أصابع يده الخمسة في محاولة ظاهرية لجعل صديقه بادريك يكف عن إزعاجه، أما السبب الحقيقي فيكمن في رغبته في التخلص من الملل. قد تبدو هذه صورة مبالغ فيها لو لم نجد ما يدعمها في التجارب العلمية التي أثبتت أن الإنسان يفضل التعرض للألم في محاولة لتجنب الملل. في تجربة أجرتها جامعة هارفارد عام 2014م، “تُرك أفراد منعزلون في غرفة بيضاء هادئة وخاوية سوى من زر واحد إن ضَغط عليه الشخص يصاب بصدمة كهربائية. بعد بضع دقائق، شعرت نسبة كبيرة منهم بالملل إلى درجة أن بعضهم ضغط على الزر مرتين.”

كان كولم يبحث عن خصم يمنحه هذه الإثارة، وما من مشجب أفضل من بادريك “الممل والأحمق” الذي بدل أن يتركه وشأنه- كما سيفعل أي إنسان عاقل- استمر في اقتحام حياته ليمضي كولم في تنفيذ تهديده. بعد أن قطع إصبعه سألته شيفون: “هل تألمت؟” أجاب بأنه شعر بألم مؤقت وبإثارة أكبر. وقال لبادريك: “لا أريد اعتذارا منك، إنه أمر يريحني”. من الواضح أن كولم وصل إلى درجة من اللامبالاة تجاه أفعال بادريك، واللامبالاة تعبير عن اليأس وهي أقرب إلى العدمية وتتناقض مع الرغبة في الخلود، لكنها لا تنفي شعوره بمأزقه الوجودي.

تفضيل الألم على الملل جاء بصورة أخرى هي الانتحار. هذا الخيار قدمه دومنيك- قام بالدور (باري كيوجان) ببراعة لا تقل عن أداء فاريل وجليسون. مثل كولم يبحث دومنيك عن معنى حدده في العثور على الحب، تشاركه شيفون هذا الهدف، لكنها تبحث عنه في رجل ومكان آخرَين. رابطان كانا يبقيان دومينيك على قيد الحياة: لطف بادريك وأمله في حب شيفون له، وبعد أن تحولت شخصية بادريك، من اللطف إلى القسوة، واكتشف أن شيفون لا يمكنها أن تبادله الحب قرر ما كان ينوي القيام به. الانتحار هو الشيء الوحيد الذي خطط له في حياته العفوية.

بالنظر إلى الخيار الذي اتخذه وسيلة للخلاص، فقد كان دومينيك أكثر وعيًا بمأزقه الوجودي من بادريك بل ومن كولم نفسه. شعر دومينيك أن الموت أكثر معقولية من بقاء الآلة تعمل دون جدوى، بحسب تعبير نيتشه عن الانتحار الذي يسميه “الموت المعقول”. كان بوسع كولم الرحيل أو الانتحار، أو خيارات أخرى من تلك التي أشار إليها بادريك: “إذا لم تكن تحتضر فلديك الوقت الكافي لتفعل ذلك: (الدردشة والتأليف).” عندما ذهب إليه بادريك وجده جالسًا لا يفعل شيئًا سوى التدخين، ما يعني أن لديه الوقت الكافي للتفكير والتأليف.

ثمة إدانة للدين في تحميله جزءًا من مسؤولية الملل الوجودي. الإدانة ماثلة في حوار كولم مع القس عن الأتان (جيني) المقتولة التي لا يلقي الله لها بالًا.. هنا تكمن المشكلة في نظر كولم، بلسان حال قائل: لو أنه يهتم (بالأتان) لتغير الحال. ضع هذا المشهد بما يتضمنه من معنى مقابل مشهد آخر لمجموعة من الأبقار وهي واقفة عند قبر (جيني). بالمقارنة: يخبرنا هذا المشهد بأن الأبقار تهتم، أكثر مما يفعل الله! بادريك نفسه يهتم إلى درجة تكون فيها حيواناته أقرب إليه من الإنسان. خذله الإنسان بينما لم تخذله حيواناته قط. لذلك آلمه موت جيني فيضعها في قبر وعليه الصليب بما يدل على قدرها عنده. التذكير بهذه الإدانة أو المسؤولية يظهر في كادرات عدة نرى فيها تمثال مريم العذراء، في أكثر من مشهد، ونرى السماء كخلفية للصلبان أو هذه في مواجهة السماء وكأنها شواهد على قبور المأزق البشري.

للحيوانات حضور في الفيلم يماثل حضور البشر، تجدها في غرفة النوم وغرفة الطعام، وهي ذكية ولطيفة- خلافًا لسكان الجزيرة الذين يفتقرون للطف والذكاء- ويمكنها أن تكون رفيقًا أفضل في حالات الوحدة والحزن والملل، كما في حالة أتان بادريك وكلب دومنيك. يخاطب بادريك كلب كولم: “أنت الشيء الوحيد اللطيف فيه.” تتسلل الفكاهة من مواقف عديدة بطلها في الغالب دومينيك بعفويته وبساطته وتصرفاته الحمقاء، لكن أحد المشاهد الطريفة بطلها كلب كولم. بعد مواجهة بين كولم وبادريك انصرف بادريك معتقدًا أنه قد استعاد صداقته بكولم، لكن الكلب أدرك حقيقة الموقف وأن كولم ينوي بتر أصابعه فما كان منه إلا أن حاول إبعاد المقص من أمامه.

صور التمرد

هل يجدي التخلص من العبثية والملل الوجودي بالانتحار؟ يجيب كامو “لا، إنها تستوجب التمرد.” لكن الانتحار صورة من صور التمرد، والرحيل تمرد كذلك، كما فعلت شيفون، والعنف كما فعل كولم وبادريك، كلها صور للتمرد على الملل الوجودي، بينما يقف بقية سكان الجزيرة مشاهدين غير مدركين للمأزق الوجودي الذي هم فيه. لو أن الملل مدعاة لأن يبتر الإنسان أعضاءه لما بقي منه سوى رأسه على حد تعبير ساقي الحانة. تسأل شيفون أخاها: “ألا تشعر بالوحدة؟!” يجيبها مستغربًا: “لا أشعر أبدًا بالوحدة.” ومن لا يعرف معنى الشعور بالوحدة لن يعرف معنى الشعور بالملل. وبادريك بهذا أبيقوري: اللذة عنده هي الخير الأسمى، والألم هو الشر الأقصى. عندما تخبره أخته بقرار رحيلها يسألها: “ومن سيطبخ لي؟”

لو أن هدف كولم التأليف والتفكير لوجد وقتًا كافيًا. إضافة إلى لغة الحوار، تخبرنا الكاميرا بهذه الحقيقة من خلال تصوير بيت كولم المنعزل إلى جوار الشاطئ. وبلقطات علوية بعيدة نرى الجزيرة الشاسعة خاوية من الناس. إنه مكان ملائم للإبداع. وثمة وقت ومساحة كافية للإلهام. ينعكس جمال الجزيرة هذا من خلال كادرات الفيلم (التقطت أكثر من ثلاثين صورة بديعة من الفيلم). إن كل كادر في الفيلم هو تحفة ومتعة بصرية، وكأنه بهذه اللغة البصرية يشير إلى أن جمال المكان كفيل بأن يكون دافعًا للإبداع.

ما يزعج كولم ليس الوقت الذي يضيعه بصحبة بادريك وإنما هو الوقت الممل الذي يقضيه معه والدليل أنه أحبه عندما بدأ بادريك في انتقاده. كأي فنان حقيقي احتاج كولم لنقد لاذع وإثارة تخرجه من حالة الركود، وهذا ما اكتشفه بادريك واستثمره ليوجه لكولم المزيد من الانتقاد في محاولة منه لاستعادة صداقتهما. سيتطور النقد إلى حالات عنف ظن بادريك بها أنه سيُعيد صداقتهما ولو في صورة مغايرة لتلك التي يعتبرها كولم مملة.

ثمة نظرة سلبية للملل الوجودي فهو عند شوبنهاور “توق دفين من دون أي هدف معيَّن”. ويعرفه هايدجر بأنه “الضباب الصامت”، ووصفه كيركجارد بأنه: “جذر كل الشرور.” من ناحية أخرى يمكن للملل أن يكون مصدراً للإبداع، ودافعًا ومحفِّزًا للابتكار، بل هو أساس العملية الإبداعية، إذا أدرك المبدع ضرورة الخلاص منه بعمل خلاق. هذا العمل الخلاق هو ما كان يبحث عنه كولم- لكن “العين بصيرة واليد (أصبحت) قصيرة”- وسط بيئة (أبقورية) مملة.

Visited 1 times, 1 visit(s) today