صلاح أبوسيف: عملاق الواقعية في السينما المصرية

Print Friendly, PDF & Email

بوفاة صلاح ابو سيف قبل 23 عاما، أسدل الستار على مدرسة سينمائية تميزت بمعالمها الواضحة المحددة في السينما المصرية والعربية. هذه المدرسة جمعت بين الواقعية والرومانسية والنظرة الاجتماعية المستنيرة، واعتبر صلاح ابو سيف حتى وفاته – في أنظار الجمهور والنقاد – “رائد الواقعية” الأول دون منازع.

ولد صلاح أبو سيف في حي بولاق الشعبي بمدينة القاهرة عام 1915، ونشأ في أسرة متوسطة فقيرة، وتأثر في طفولته بانفصال أمه عن أبيه بالطلاق، وعاش في رعاية أمه التي جاهدت لتربيته وتعليمه.

وبعد أن تخرج في مدرسة التجارة المتوسطة التحق أبو سيف بالعمل في شركة الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى، وكان هاويا للسينما يقرأ عنها كثيرا ويحرص على شراء ما يمكنه من مراجعها بعد أن علم نفسه الانجليزية والفرنسية لهذا الغرض تحديدا. وكان لقاؤه مع المخرج نيازي مصطفى نقطة تحول كبيرة في حياته، فقد جاء نيازي الى شركة الغزل والنسيج لإخراج فيلم تسجيلي عنها، وهناك التقي الاثنان، ودار بينهما حوار طويل أعجب فيه نيازي مصطفى باهتمام أبو سيف الكبير بالسينما فعرض عليه العمل في ستديو مصر، فرحب وكانت بداية مشواره مع السينما الذي بدأه في قسم المونتاج باستديو مصر. وقضى أبو سيف عشر سنوات كاملة في العمل بالمونتاج من سنة 1935 الى سنة 1945.

كان قسم المونتاج المدرسة الحقيقية التي تعلم فيها صلاح أبو سيف السينما. وفيه بدأت علاقته بالمخرج الرائد كمال سليم الذي كان أول من قدم فيلما ينتمي للمدرسة الواقعية. وتعاون أبو سيف معه في ثلاثة من أفلامه قام بعمل المونتاج لها هي «العزيمة» و«الى الأبد» و«قضية اليوم». كذلك عمل مساعدا له في اخراج الفيلمين الأولين. ثم سافر ابو سيف الى باريس موفدا من ستديو مصر للتعرف على النشاط السينمائي فيها.

ترك كمال سليم تأثيرا كبيرا على صلاح ابو سيف ظل لصيقا به طوال مسيرته الفنية، كما تأثر ابو سيف كثيرا بأعمال المخرج الألماني فريتز لانغ الذي عمل في عصر السينما الصامتة وانطلق لتحقيق افلام بارزة في عصر الفيلم الناطق.

تأثر ابو سيف بنظرة كمال سليم الى الدور الاجتماعي للسينما، والعلاقة بين الفنون المختلفة، مما دفعه الى الاهتمام بالمسرح والأدب والفن التشكيلي والموسيقى. وتعلم من أفلام فريتز لانغ الاهتمام الكبير بعناصر الصورة وتقنيات المونتاج وإخراج مشاهد الحركة والمجاميع والاهتمام بالإضاءة.

وفي الأربعينات بدأ وعي ابو سيف الاجتماعي يقوده الى التجمعات الفكرية اليسارية التي كانت تستقطب الكثير من المثقفين المصريين في تلك الفترة. وبعد أن أخرج فيلمين تسجيليين وفيلماً روائياً قصيرا هو “العمر واحد” منعته الرقابة بسبب جرأة موضوعه، اتجه الى إخراج الأفلام الروائية الطويلة. وكان فيلمه الأول «دايما في قلبي» عام 1946 فيلما مقتبسا عن الفيلم الأمريكي «جسر ووترلو». وقد حاول في أفلامه الأولى التالية مثل «المنتقم» و«مغامرات عنتر وعبلة» و«شارع البهلوان» و«الصقر» و«الحب بهدلة» أن ينال ثقة المنتجين وأن يثبت أقدامه كمخرج يجيد الحرفة، أكثر من اهتمامه بالرسالة الاجتماعية التي برزت فيما بعد في أفلامه التالية التي صنعت شهرته كمخرج واقعي.

بداية الواقعية

وكان أول هذه الأفلام الواقعية فيلم «لك يوم ياظالم» عام 1951. ورغم اقتباسه عن رواية «تيريز راكان» لاميل زولا، فقد نجح ابو سيف في اضفاء ملامح شديدة المصرية على أحداثه وشخصياته، وتميز فيه المكان الرئيسي الذي تدور فيه الأحداث وهو الحمام الشعبي تميزا كبيرا.

من فيلم “لك يوم ياظالم”

ومعظم هذه الأفلام مستمد من قصص واقعية مثل قضية (ريا وسكينة) اللتين أثارت جرائمهما الفزع لسنوات في مدينة الاسكندرية، وسفاح الصعيد الذي عرف باسم «الخط» (بضم الميم) الذي تناول قصته في فيلم «الوحش».

ورغم الإطار الظاهري البوليسي لفيلم «الوحش» فعلى المستوى الأكثر عمقا، جاء الفيلم تحليلا واقعيا متماسكا لآلية القهر والظلم الاجتماعي وصراع الطبقات في مجتمع الاقطاع والاحتلال والقصر الملكي. ورغم اختياره الريف الصعيدي اطارا للحدث، نجح ابو سيف في تكثيف أفكاره عن العلاقة بين الجريمة والقهر السياسي على أعلى المستويات، عاقدا مقارنات هامة بين الصعود الاجتماعي في سلم السلطة، وبين تزعم عصابة لنهب الفلاحين.

وفي «شباب امرأة» ويعد من أهم أفلامه، يمزج ابو سيف التحليل الاجتماعي بالتحليل النفسي، ويسوق ايضا افكاره الخاصة عن فساد المدينة وبراءة الريف، وهي فكرة تكررت في بعض افلامه التالية في مرحلة لاحقة مثل «حمام الملاطيلي».

مع نجيب محفوظ

وكان تعاون صلاح ابو سيف مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ في كتابة سيناريو عدد من أهم أفلامه الأولى، عاملا اضافيا في ترسيخ أفكار ابو سيف الواقعية وابراز حسه النقدي. ولا يمكن القول إن نجيب محفوظ هو الذي ساهم في غرس هذه الأفكار عند ابو سيف. كما لا يمكن الادعاء بأن صلاح أبو سيف هو الذي علم نجيب محفوظ الكتابة للسينما. لكن الحقيقة أن الاثنين كونا معا وحدة ثنائية فريدة، فقد عثر ابو سيف في محفوظ على كاتب يهتم كثيرا بالشخصيات ودوافعها، ووجد محفوظ في ابو سيف مخرجا متفتح الأفق للأفكار الجديدة والجريئة، اضافة الى قدرته الكبيرة على تجسيدها سينمائيا.

العملاقان محفوظ وأبو سيف معا

وقد وصل تعاون هذا الثنائي الى ذروته في فيلم «الفتوة» (1957) الذي يحلل ببراعة آلية الاستغلال الاجتماعي من خلال خصوصية العمل في سوق الخضار في المدينة، وكيف يتم توارث الظلم والجبروت، وكيف يبقى الناس مسلوبي الارادة فيما يتعلق بمصائرهم طالما ظل النظام الذي يحمى الاستغلال ويكرسه.

ولم يتوقف تعاون نجيب محفوظ وابو سيف عند حد الكتابة المباشرة للسينما، بل امتد ايضا الى اقتباس أعمال محفوظ الروائية وان لم يكتب لها محفوظ السيناريو بنفسه اتساقا مع الموقف الذي اتخذه طوال حياته وحتى اليوم، وهو احترام التفسير الشخصي للمخرج السينمائي لأعماله الأدبية وترك الحرية له لتفسيرها، رغم ما نالها من تشويه على ايدي البعض.

عن رواية «بداية ونهاية» لنجيب محفوظ أخرج أبو سيف أحد أهم أفلامه وأهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية. وجاء الفيلم مخلصا كل الاخلاص للرواية رغم التعديل الذي ادخله ابو سيف على نهايتها. فعلى حين تنتهي الرواية بالبطل الانتهازي الذي انهارت احلامه في الصعود مع اكتشاف فضيحة شقيقته والقبض على شقيقه، وهو يسير فوق أحد جسور القاهرة ينعي حظه العاثر، جعله ابو سيف ينتهي منتحرا بالقاء نفسه من فوق الجسر. وقد صرح ابو سيف مرارا بأن نجيب محفوظ توقف عند اعتلاء بطله الجسر وأنه قام بتنفيذ ما كان يعتزمه محفوظ، فعلى حين يصف نجيب محفوظ موقف بطله بقوله «واعتلى السور» نراه في الفيلم وهو يلقي بنفسه في النهر.

وعن رواية «القاهرة الجديدة» أخرج ابو سيف فيلم «القاهرة 30» (1966) الذي يعد أيضا أحد أهم أعماله السينمائية. ويصور الفيلم الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في قاهرة الثلاثينات، رابطا على نحو فريد بينها وبين الفساد السياسي في اجهزة السلطة.

من فيلم “القاهرة 30”

كذلك أخرج ابو سيف فيلما تجريبيا حقيقيا كتب له السيناريو نجيب محفوظ هو فيلم «بين السماء والأرض» (1959) الذي يجمع فيه أربع عشرة شخصية مختلفة في مصعد معطل لمدة ساعة ونصف وما ينجم عن ذلك من مفارقات واعادة نظر في علاقاتهم الحياتية.

وقدم الكوميديا السياسية التجريدية في فيلم «البداية» (1986) الذي يتواجد فيه عدد مشابه من الشخصيات في الصحراء بعد سقوط الطائرة التي كانت تحملهم، ومحاولتهم تأسيس دولة جديدة يختلفون حول طريقة حكمها: أتكون ديموقراطية أم ديكتاتورية، ومامغزى الديموقراطية التي ينشدها بعضهم وكيف تتحقق.

صلاح منصور وسعاد حسني في فيلم “الزوجة الثانية”

روايات عبد القدوس

ورغم اتجاه صلاح ابو سيف الى اخراج ثمانية أفلام مقتبسة عن روايات إحسان عبد القدوس، تدور في أجواء بعيدة تماما عن أجواء الحارة الشعبية، الا أنه ظل يؤكد طوال حياته على واقعيتها، مقدما تفسيره الشخصي للواقعية بأنها وجهة نظر في الواقع، ولا ترتبط بموقع التصوير.

والحقيقة أن أفلام ابو سيف المأخوذة عن اعمال عبد القدوس مثل «الوسادة الخالية» و«لا أنام» و«أنا حرة» و«الطريق المسدود» كانت تطرح أفكارا اجتماعية جديدة وجريئة كل الجرأة في تلك المرحلة الانتقالية في الخمسينات، من قيم مجتمع قديم الى قيم مجتمع الثورة الذي شجع خروج المرأة الى العمل وتعليم الفتيات والاختلاط بين الجنسين، وكانت بالتالي تطرح مفاهيم جديدة لقيمة الشرف ومعنى الحب ومغزى الحرية الحقيقية، وتدحض بجرأة أثارت وقتها جدلا شديدا، المفاهيم السائدة المتخلفة حول هذه القضايا.

لكن أبو سيف لم يتوقف عن اهتماماته الاجتماعية الواقعية المرتبطة بالبعد السياسي. ففي مرحلة ما بعد هزيمة 1967، قدم فيلمين من أهم أفلامه هما «القضية 68» (1968) الذي وجه نقدا لاذعا للاتحاد الاشتراكي، التنظيم السياسي الواحد في عهد عبد الناصر، وفيلم «حمام الملاطيلي» (1973) الذي قدم فيه صورة قاتمة لمجتمع الهزيمة، ملقيا اللوم هذه المرة ليس على السلطة بل على استغراق الطبقة الوسطى في الهروب بشتى الوسائل.

التأمل الفلسفي

وفي فيلمه الشهير «السقا مات» (1977) عن رواية ليوسف السباعي، ابتعد ابو سيف عن الواقعية والقضايا السياسية، متناولا موضوعا مجردا مليئا بالتأملات الفلسفية الميتافيزيقية، بدرجة كبيرة من الشفافية والرقة هو موضوع الموت اللصيق الصلة بالفكر المصري منذ القدم، وعلاقته بالحياة، وفيه يطرح تساؤلات عديدة مثل قيمة الحياة بعد مغادرة الأحباء بالموت، ومغزى الافراط في الاستمتاع بمباهج الحياة على حساب الروح، وكيف يمكن أن يملك المرء القدرة على الضحك والتفكير في السعادة بينما يحترف مهنة زف الموتى الى قبورهم وغير ذلك من القضايا النظرية المجردة التي يغلفها بأسلوب شاعري فيه مسحة من الحزن والألم النبيل.

مشاكل مع الرقابة

تعرض الكثير من أفلام أبو سيف لمشاكل كبيرة مع الرقابة. فقد منعت الرقابة أول أفلامه الروائية وهو الفيلم القصير (26 دقيقة) «العمر واحد» (أو نمرة 6) الذي اخرجه عام 1942 بسبب موضوعه الكوميدي عن الموت. وقام ببطولته اسماعيل يس وحسن كامل واحمد الحداد. وفرضت عليه الرقابة أن يضع لافتة في نهاية فيلم «الأسطى حسن» تقول إن «القناعة كنز لا يفنى»، ولافتة في بداية فيلم «الوحش» تقول إن أحداثه دارت في الزمن البعيد في حين أنها دارت قبل سنوات قليلة من صنع الفيلم. وفي مدخل فيلم «شباب امرأة» اضطر الى وضع لافتة تقول إن الفيلم مهدى الى كل شاب يأتي من الريف الى المدينة حتى يتعظ. وواجه فيلم «القضية 68» غضبا شديدا من السلطات وحاصرت الشرطة دار السينما التي بدأت عرضه واعتدى رجال الأمن عليه بالضرب، ولم يتم السماح بعرض الفيلم الا بعد تدخل الرئيس جمال عبد الناصر وقراره بعرض الفيلم. وواجه فيلم «حمام الملاطيلي» أزمة كبيرة بسبب مشاهد الجنس، واستبعدت الرقابة الكثير من لقطاته.

ويقول صلاح إبو سيف إن الأمر وصل الى حد صعود الرقيبة على السينما بنفسها ذات مرة الى غرفة العرض لقص بعض لقطاته. ولم ينجح ابو سيف في اخراج فيلم «القاهرة 30» الا بعد سبع محاولات، فقد كانت الرقابة ترفض الموضوع في كل مرة الى أن وافقت في الفترة التي عرفت بفترة «المد الاشتراكي» في منتصف الستينات شريطة تغيير اسم الفيلم من «القاهرة الجديدة» وهو اسم رواية نجيب محفوظ التي أعد عنها الفيلم، الى «القاهرة 30» تأكيدا على أن أحداثه تدور في الماضي.

صلاح ابو سيف

ويذكر الباحث الايطالي كورادو كيارنتين في مقدمة رسالة الماجستير التي أعدها عن صلاح أبو سيف أن الرقابة حذفت شخصية «مأمون رضوان» أحد أبطال الرواية الأربعة الذي يرمز الى شخصية عضو جماعة الاخوان المسلمين. لكن أبو سيف قال في مقابلة معه إن استبعاد شخصية مأمون رضوان كان بسبب وجود الاخوان المسلمين في المعتقلات السياسية وقت اعداد الفيلم وإنه اتفق مع نجيب محفوظ على ذلك حتى لا يفسر الأمر كما لو كان الفيلم يؤيد السلطة في موقفها من الاخوان. وكان المشروع الأخير لصلاح أبو سيف فيلما بعنوان «دليل السعادة الزوجية» عن اهمية الجنس في العلاقة الزوجية. وقد رفضته الرقابة مرات عدة. ورغم اعلان ابو سيف اعتزاله العمل السينمائي قبل وفاته بسنوات، فقد صرح كثيرا بأنه مستعد للعودة فقط إذا نال موافقة الرقابة على سيناريو هذا الفيلم. لكنه مات دون أن يحصل على موافقة الرقابة.

تراث أبو سيف

أهمية صلاح ابو سيف ترجع الى كونه أول مخرج في السينما العربية يتمكن من تحقيق تراكم سينمائي مميز له في سنوات قليلة، وفي اتجاه السينما الجادة الواقعية. فقد آثر من سبقوه الاكتفاء بفيلم واحد واقعي مميز قبل الاتجاه الى السينما التجارية. حدث ذلك مع المخرج كمال سليم الذي لم يستطع ابدا تجاوز ما حققه في فيلم «العزيمة» عام 1939. وتكرر الأمر مع المخرج كامل التلمساني الذي أخرج تحفته «السوق السوداء» عام 1945، ثم انصرف الى أفلام أخرى أقل شأنا. أما ابو سيف فقد واصل التطور من فيلم الى آخر، صانعا وحده «تراثا» هاما من الأفلام التي ترصد الكثير من القضايا الاجتماعية في حياتنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مرورا بمرحلة التحول الاجتماعي في العهد الناصري، ثم مرحلة الوعي بالهزيمة وما بعدها.

وقد استفاد ابو سيف كثيرا ولا شك من الأدب. ومعظم أفلامه مستمدة من أعمال أدبية. لكنه أفاد الأدب كثيرا أيضا بالانتشار الهائل الذي حققه له من خلال أفلامه خاصة المستمد منها من أعمال نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس، كما أفاد السينما ودعم فن كتابة السيناريو من خلال التعامل السينمائي مع شخصيات أدبية لها ابعادها وملامحها النفسية والاجتماعية.

قدم أبو سيف أفلاما من أهم ما أعد عن أعمال أدبية في السينما العربية مثل «بداية ونهاية» و«القاهرة 30» و«السقا مات» و«المواطن مصري». والفيلم الأخير مقتبس عن رواية يوسف القعيد «الحرب في بر مصر». وقد اثار عند ظهوره عام 1992 انقساما نقديا واضحا، فعلى حين اعتبره البعض نوعا من الرؤية الواقعية التي عفا عليها الدهر، رفعه البعض الآخر الى مصاف الأعمال الكبرى في الفن الواقعي. والى جانب روايات نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، أخرج ابو سيف أعمالا لصالح مرسي (الكداب) واسماعيل ولي الدين (حمام الملاطيلي) ومصطفى أمين (سنة أولى حب)، كذلك اقتبس ثلاثة من أفلامه عن روايات أجنبية لستيفان زفايغ وإميل زولا.

صلاح أبو سيف مع المخرج شادي عبد السلام

أخرج أبو سيف كل أنواع الأفلام تقريبا: الواقعي والرومانسي والاجتماعي النقدي والتجريبي وكذلك الكوميدي والغنائي والتاريخي والديني. فقد أخرج فيلما كوميديا خفيفا هو «مجرم في اجازة» (1958) عن رواية أجنبية، وأخرج الفيلم الغنائي «الوسادة الخالية» الذي قام ببطولته عبد الحليم حافظ، وفيلم «رسالة من امرأة مجهولة» لفريد الأطرش، وأخرج فيلما من الأفلام الدينية هو «فجر الاسلام»، وفيلما تاريخيا هو «القادسية»، وفيلم مغامرات بدوية هو «مغامرات عنتر وعبلة». 

وكان أبو سيف كمخرج، يتميز باهتمامه الكبير بابتكار الأماكن الجديدة للتصوير واستغلالها دراميا، الى أقصى حد ممكن، وببذل جهدا كبيرا في مرحلة اعداد السيناريو، ويهتم اهتماما كبيرا وبتصميم اللقطات وبالأداء التمثيلي. ومعه تألقت تحية كاريوكا في فيلم «شباب امرأة» في أول دور حقيقي لها في السينما كممثلة، وتألق فريد شوقي في «السقا مات» ومحمود المليجي في «الوحش». لكن ابو سيف ايضا حرص دائما على تقديم وابراز المواهب الجديدة في التمثيل مثل حمدي أحمد الذي قدمه للمرة الأولى في «القاهرة 30».  وكانت افلامه تمتلئ عادة بالتشبيهات والاستعارات التي أطلق عليها بعض النقاد «رموزا». كما كانت تحمل الكثير من مفاهيمه الخاصة الأخلاقية.

فريد شوقي في فيلم “الأسطى حسن”

الاهتمام بالمكان

يتميز المكان في افلامه الكلاسيكية مثل الحمام الشعبي في «لك يوم ياظالم» و«حمام الملاطيلي»، والمعصرة في «شباب امرأة»، والثلاجة الكبيرة في سوق الخضار في «الفتوة»، والمصعد في «بين السماء والأرض»، والخمارة في «السقا مات»، والمغارة الجبلية في «الوحش».

ولم يتوقف دور أبو سيف عند الاخراج السينمائي، فقد أسس معهد السيناريو الذي تخرج منه معظم كبار كتاب السيناريو الذين يعملون حاليا، كما قام بتدريس الاخراج والسيناريو في معهد القاهرة السينمائي وساهم في تخريج معظم أبناء جيل السبعينات والثمانينات في السينما المصرية. ولعب صلاح ابو سيف دورا كبيرا في تجربة القطاع العام السينمائي التي خرجت منها مجموعة متميزة من الأفلام التي لم يكن المنتجون الخواص يستطيعون انتاجها.

تميز صلاح ابو سيف بالصبر والعصامية والقدرة المدهشة على الانصات لمحدثيه والاستماع الى الرأي الآخر. وكان يتصف بالتواضع الجم مع رجال الصحافة والاعلام، واحتضان الأجيال الجديدة من السينمائيين وتوجيهها، فقد حاضر طويلا في «جمعية الفيلم» بالقاهرة عن السيناريو والاخراج، وشارك بحماس في المهرجانات السينمائية داخل وخارج مصر. صدرت عن أعماله عدة دراسات وكتب وأبحاث جامعية في مصر وفرنسا والمانيا وايطاليا. وحصل على أعلى تكريم رسمي داخل بلده، كما كرمه عدد من أكبر المهرجانات السينمائية في العالم.

توفي صلاح أبو سيف في الثاني والعشرين من يونيو عام 1996 عن 81 عاما.

فيلموغرافيا صلاح أبو سيف

السيناريو:

* كتب سيناريو فيلم «السيرك» الذي أخرجه عاطف سالم عام 1968.

* اشترك في كتابة سيناريوها معظم أفلامه.

الاخراج:

أفلام روائية قصيرة وتسجيلية:

1- المواصلات في الاسكندرية (1939)

2- سيمفونية القاهرة (1939)

3- العمر واحد ( أو نمرة 6) – روائي قصير (1942)

4- زال الشر (1949)

5- خمسة أفلام تسجيلية عن السودان (1955)

6- البترول (1955)

7- جزء من فيلم «البنات والصيف» (1960)

8- جزء من فيلم «3 نساء (1969)

9- خمسة أفلام تسجيلية عن الأغاني العربية (1970)

10- جزء من فيلم «سنة أولى حب» (1976)

أفلام روائية طويلة:

1- دايما في قلبي (1946)

2- المنتقم (1947)

3- مغامرات عنتر وعبلة (1948)

4- شارع البهلوان (1949)

5- الصقر (1950)

6- الحب بهدلة (1951)

7- لك يو م ياظالم (1951)

8- الأسطى حسن (1952)

9- ريا وسكينة (1953)

10- الوحش (1954)

11- شباب امرأة (1956)

12- الفتوة (1957)

13- الوسادة الخالية (1957)

14- لا أنام (1957)

15- مجرم في اجازة (1958)

16- الطريق المسدود (1958)

17- هذا هو الحب (1958)

18- أنا حرة (1959)

19- بين السماء والأرض (1959)

20- لوعة الحب (1960)

21- بداية ونهاية (1960)

22- لا تطفئ الشمس (1961)

23- رسالة من امرأة مجهولة (1962)

24- لا وقت للحب (1963)

25- القاهرة 30 (1966)

26- الزوجة الثانية (1967)

27- القضية 68 (1968)

28- شئ من العذاب (1969)

29- فجر الاسلام (1971)

30- حمام الملاطيلي (1973)

31- الكداب (1975)

32- السقا مات (1977)

33- وسقطت في بحر العسل (1977)

34- القادسية (1980)

35- البداية (1986)

36- المواطن مصري (1992)

37- السيد كاف (1994).

Visited 147 times, 1 visit(s) today