روز اليوسف: صلاح أبوسيف.. كــان عنـده حــق!

Print Friendly, PDF & Email

طارق الشناوي كتب في جريدة “روز اليوسف” المصرية بتاريخ 12 نوفمبر مقالا يعنوان “صلاح أبو سيف كان عنده حق” أي أن المخرج الكبير الراحل كان محقا عندما طالب بترجمة لهجات المغرب العربي في الأفلام الى العربية الفصحى لكي يفهمها الجمهور في المشرق العربي.

هنا نص مقال الشناول…

فى إحدى الندوات السينمائية فى مهرجان عنابة الذى أقيم بالجزائر قبل نحو عشرين عاما قال المخرج الكبير الراحل صلاح أبوسيف لماذا لا يستمتع الجمهور المصرى بهذه الأفلام.. حيث تساعدنا الترجمة الإنجليزية على استيعابها ولكن حتى يصل الفيلم إلى قاعدة عريضة ينبغى أن تصاحبه ترجمة عربية.. على الفور كنت أستمع إلى سينمائى من المغرب العربى يؤكد رفضه للاقتراح ويعلن بحماس أننا نتحدث مثلكم اللغة العربية فلماذا نفهمكم ولا تفهموننا.. ابذلوا بعض الجهد لتعرفوا مفردات وإيقاع لهجاتنا!


أتذكر قبل بضع سنوات فى العديد من المهرجانات العربية أن هناك سؤالاً شائكاً واقتراحاً مرفوضاً بل وينتقل من درجة الرفض إلى الإدانة مهما كان حسن نوايا قائله السؤال هو أن لهجات دول المغرب العربى غير مفهومة للمتفرج العربى ولهذا لا تنجح الأعمال الدرامية عند عرضها جماهيريا.. الاقتراح المدان هو أن يتم كتابة تعليق على الشاشة للحوار بلغة عربية مبسطة تقترب من لغة الصحافة.. أتذكرأن عدداً من كبار السينمائيين العرب طالبوا به مثل المخرج الراحل صلاح أبوسيف فىعدد من المهرجانات وكنت شاهداً على بعضها مثل قرطاج فى تونس، أو عنابة بالجزائر، أو تطوان بالمغرب

.


أصبح الآن من المعتاد فى المهرجانات الخليجية مثل الدوحة وأبوظبى ودبى أن تشاهد الفيلم الذى ينتمى إلى دول المغرب العربى تصاحبه ترجمه إلى العربية مثل الفيلم الجزائرى الرائع “طبيعى” للمخرج مرزاقعلواشالحاصل على جائزة أفضل فيلم فى مهرجان الدوحة ترايبكا وكان ناطقا باللهجة الجزائرية ومترجماً للعربية والأمر ليس غريباً وتكرر فى العديد منالمهرجانات الكبرى مثل كان حيث يضع أحياناً ترجمة إنجليزية لبعض الأفلام الناطقة بالإنجليزية مثل الأيرلندية.. مثلاً قبل أربع سنوات فيلم “الريح تهز حقول الشعير”الناطق بالإنجليزية والحائز على جائزة السعفة الذهبية صاحبته ترجمة للإنجليزية.. والهدف هو أن تصل الرسالة التى يحملها الفيلم من خلال الحوار إلى الجمهور بدون أن تهرب منه أى كلمة غامضة بسبب طريقة النطق!


المتفرج العربى يستوعب ببساطة اللهجة المصرية ولكنه يجد صعوبة فى التعامل مع اللهجات المغاربية كما أن العالم العربى يعتبر أن الإبداع المصرى عربى قبل أن يكون مصرياً ولهذا نقول مثلاً عميدالأدب العربى طه حسين وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وعميد المسرح العربى يوسف وهبى وسيدة الغناء العربى أم كلثوم.. دائماً ما تقدمه مصر هو عربى وليس فقط مصريا.. كل هذه الروافد ساهمت فى انتشار اللهجة المصرية.. أنت عندما تسير فى شوارع تونس القديمة تستمع إلى أغنيات أم كلثوم أكثر من أى مطرب أو مطربة تونسية ورغم ذلك يجب أن نعترف أن الإعلام المصرى لم يمنح الفن العربى ما يستحقه..

وبالتالى فإن فرصة المشاهد المصرى تتضاءل فى التعرف على اللهجات غير المصرية.. مطربو المغربالعربى باستثناءات قليلة نادراً ما يقدمون أغنيات بلهجة بلادهم على عكس مطربى لبنان وسوريا والخليج كثيراً ما يقدمون أغانى بلهجاتهم فيسهمون فى انتشارها!


صابر الرباعى يستخدم أحياناً كلمات مثل “بارشا”وهو تعبير شائع فى تونسيعنى كثير وأيضاً الفضائيات الآن تلعب دوراً فى التعرف على اللهجات العربية فأنت تستمع إلى اللهجات فى المشرق والمغرب والخليج.. إلا أن كل ذلك لا يعنى أن المشكلةقد انتهت، فلا يزال هناك مأزق فى استيعاب لهجات المغرب العربى خاصة فى الأعمالالدرامية ولا يمكن أن نطلب من كاتب الدراما الجزائرى مثلاً أن يكتب حواراً بلغة فصحى مبسطة حتى يستوعبها كل العرب..

لأن الشخصية الدرامية ينبغى أن تنطق مفرداتهاهى وأن تعيش عالمها.. الترجمة من اللهجة المغاربية إلى العربية المبسطة حل ناجح طبقته المهرجانات الخليجية منذ عام 2004 مع انطلاق مهرجان دبى واستمر حتى الآنفلماذا لا نكرر ذلك فى كل المهرجانات العربية، بل لماذا لا يفكرون فى تنفيذه بعيداًعن أى حساسية فى مهرجانات المغرب العربى مثل قرطاج ومراكش ووهران مثلما اقترح قبلعشرين عاماً المخرج الكبير صلاح أبوسيف

Visited 25 times, 1 visit(s) today