“الجوع”.. الشعب هو الفتوة الحقيقي

يمثل فيلم “الجوع”، الذي أخرجه علي بدرخان، وعرض في العام 1986، واحدا من أفضل المحاولات لاستلهام عالم رواية “الحرافيش” لنجيب محفوظ، هذا العالم الفذ والبديع، الذي مزقت السينما حكاياته العشر، دون أن تمسك، بجوهر ومغزى الرواية كلها، التي تناقش وتتأمل بالأساس سؤال العدل والسلطة، وسؤال التوزيع العادل للثورة، مثلما تستوعب أيضا أسئلة فلسفية ووجودية هامة.

لم أجد سببا لإغفال اسم محفوظ على الفيلم، والإكتفاء فقط باسم كتاب السيناريو الثلاثة للفيلم: علي بدرخان ومصطفى محرم وطارق الميرغني، صحيح أن الفيلم يستلهم مغزى الرواية قبل أي شيء آخر، ولكن الصحيح أيضا أن الجزء الأخير منه يقترب كثيرا من عالم حكايتين هامتين في “الحرافيش” هما “سارق النعمة” و”التوت والنبوت”، وعالم الحرافيش والفتوات في الفيلم هو أيضا عالم محفوظ بامتياز سواء مستلهما من “الحرافيش”، أو من “أولاد حارتنا”، وربما كان استبعاد ام محفوظ من تترات الفيلم مرتبطا بمقاطعة الدول العربية لأعماله، هذا مجرد تخمين، استنادا الى حالات مماثلة، فما زلت أتذكر مثلا فيلما بعنوان “ليل وخونة” لم يكتب عليه اسم محفوظ، مع أنه استلهام صريح لروايته الشهيرة” اللص والكلاب”.

الملاحظة الثانية هي أن الفيلم يحدد زمن أحداثه بالعام1887، أي قبل مائة عام تقريبا من سنة عرض الفيلم، بينما لم يحدد محفوظ زمن رواية “الحرافيش” بالسنة، إنه  فقط زمن الفتوات في سنواته الذهبية وكفى.

لا أعتقد أن تحديد التاريخ قد أفاد الفيلم كثيرا، لأن عالم الحرافيش مغلق على شخصياته، ولا يوجد تأثير من العالم الخارجي عليه، إلا في ظهور أمراض، أو في نقص الفيضان، السلطة المركزية لا وجود لها تقريبا، فقد تركت الفتوات والحرافيش نهائيا في عالمهم المحدود.

من المفهوم أيضا أن الحكاية عن زمن غابر، وبالتالي لا مجال لمزيد من التأكيد على أنها تدور قبل مائة عام، أما إذا كان المقصود طمأنة الرقابة، وصرف نظرها عن المضمون، فإن مغزى الفيلم السياسي واضح، وينسف أي طمأنة أو ترويض للرقابة، الفيلم ينحاز بلا مواربة للثورة على الظلم، ويضع السلطة في النهاية في أيدي الناس وليس الفتوة، كما يقوم الشعب بالإستعداد لحماية سلطته بالنبابيت.

الميزان المختل

رواية “الحرافيش” في مستواها الإجتماعي ليست سوى رحلة سعي لتحقيق العدل، ولضبط الميزان المختل بين الفتوة والحرافيش، أو بين الحاكم والمحكوم، ولذلك فإن تحويل كل حكاية الى فيلم مستقل، ينسف فكرة التواصل في مسار عائلة الناجي وأفرادها، هم يصعدون إذا اعتمدوا على الحرافيش، وانحازوا لهم، وتتدهور أحوالهم إذا ابتعدوا عن الناس، وإذا تناسوا تعاليم عاشور الناجي، الجد الأكبر المؤسس، الذي صار أسطورة تتناقلها الأجيال، والرواية تبدأ بعاشور الجد، وتنتهي بعاشور الحفيد، والجد يحقق العدل، والحفيد يرفض الظلم، ويخوض من جديد معركة الفتونة بالنبوت، ويعيد الإعتبار الى معنى الفتونة الحقيقي كحماية للغلابة، وكمشروع لميثاق عادل بين الحاكم والمحكوم.

في رواية “الحرافيش” العدل ليس أسطورة لا يمكن تحقيقها، ولكنه عملية نضال مستمرة تحتاج الى الفتوة والحرافيش معا، ومع ضيق الأحوال، يحدث الجوع، الذي يفجر ثورة الحرافيش، ويجعلهم يشعرون بقوتهم، ولكن الرواية تنتهي بفوز الفتوة من جديد، أي أن محفوظ يعطي دورا هاما للفرد، ودورا موازيا للشعب، أما فيلم “الجوع” فهو ينتهي بتنصيب الأخ الطيب جابر بدلا من أخيه الشرير فرج في منصب الفتوة، ولكن فرج يرفض المنصب لظروفه الصحية، ويرى أن على الناس أن تمسك بزمام القيادة، وأن تحمي حقوقها بالنبابيت.

ينتهي الفيلم وقد انخرط الناس/ الشعب في عمل النبابيت من الأشجار، بينما يقوم علي بدرخان والمونتير أحمد داوود بالقطع بين وجه الطفل فضل، وبين ايدي الرجال وهي تصنع النبابيت من الأشجار، ثم تنفرد ضربات الفأس على جزوع الشجر بالمشهد، هذه هي القوة التي تحمي من الظلم، وهذه أداة الثورة على الفتوة إذا انقلب على الناس، مثلما فعل فرج في حكاية فيلم “الجوع”.

الفيلم يعبر قبل كل شيء على الفهم الواعي لعالم نجيب محفوظ، نقطة محورية في هذا العالم هي فكرة العدل، ورواية “أولاد حارتنا” في مستواها الإجتماعي هي محاولة لاكتشاف الخلل الذي حدث بسوء تقسيم الوقف عبر العصور، وقصة ضبط هذا الخلل، إنه ميراث الحارة والأحفاد كلهم، وليس ميراث الأغنياء فقط، والفيلم أيضا يستخدم طريقة محفوظ في التساؤل من خلال شخصياته حول هذا المأزق، ويضع الأسئلة بشكل خاص على لسان زبيدة، التي لعبت دورها سعاد حسني، إنها تسأل لماذا يجوع الناس؟، ولماذا يسود البلطجية؟ ولماذا لم يخلق الله كل الناس صالحين وطيبين من البداية؟

أما الصراع في الفيلم فهو أيضا شديد الوضوح، حيث ينقسم البشر الى فتوات وناس عاديين، وأغنياء وحرافيش، والفتوة الحقيقي هو الذي ينحاز للحرافيش، لأنهم ببساطة الأضعف والأكثر فقرا، وعندما يسأل الأغنياء فرج لماذا يفرض الإتاوة عليهم وليس على الحرافيش؟ يقول لهم ببساطة:” لأنكم فادرون على دفعها”.

ورغم أن الفيلم يحرك أحداثه فرج وجابر، أولهما الفتوة الفعلي، وثانيهما ضميره، فإنه لا يعوّل كثيرا على الفرد في تحقيق العدل، لأنه قابل للفساد مثلما حدث مع فرج، الذي بدأ بمنطق إعادة سيرة جده فضل الجبالي، وتحقيق العدل، والإنحياز للخير، ونقل الإتاوة من الفقراء الى الأغنياء، وتمسك بعمله كعربجي على عربة كارو، ورفض أن يقبل هدية لأمه وزوجته من تاجر للأقمشة.

ولكن السيناريو الممتاز يتابع تدريجيا عملية إفساد فرج، واستسلامه بل وسعادته بهذا الإفساد، يبدأ الأمر بضغوط أمه شربات وزوجته زينب، يتحدثان على ضرورة أن يحصلا على بعض المال، ليس معقولا أن يعطي الفقراء، ويقتر على أهله.

 منذ تلك اللحظة التي يقبل فيها فرج أن يقدم المال لأمه وزوجته، يختل ميزان العدل، ثم تأتي ملك السمري لكي تأخذ فرج الى عالم ساحر، يترك العربة الكارو، ويدير أملاكها، يعرف الحياة الناعمة، ويصبح تاجرا محتكرا للسلع، لم يعد الفتوة فرج من الحرافيش، بل صار من الأغنياء.

على الجانب الآخر، يقف جابر وزوجته زبيدة في صف الغلابة، جابر الذي يحمل روح جده فضل شاب مثالي هاديء، ولكنه يرفض منطق الإستسلام للظلم، ولأنه يحب زبيدة، ولأنه يعتقد أنها مظلومة، يقبل أن يتزوجها، ويستر عليها، رغم علمه أنها حامل من الفتوة القتيل محروس، جابر أيضا متدين، نراه وهو يحفظ زبيدة آيات القران التي تدين الذين يمنعون الخير عن الفقراء، لا ينساق جابر لإغواء المال بعد عمله في إدارة حسابات وكالة ملك السمري، يرفض احتكار السلع، ويحث الحرافيش على الثورة، ويسرق الطعام من الوكالة، ويمنحه للفقراء، يعيد إليهم أسطورة فضل الجبالي، ويدفع الثمن فادحا عندما ينكشف أمره، ولا ينقذه إلا الشعب، ولكنه يرفض أن يعيد لعبة الفتوة من جديد، ويعطي القيادة للناس، الذين يحملون النبابيت.

الثورة والتغيير

لا يقترح الفيلم عقدا اجتماعيا جديدا بين الفتوة والحرافيش، ولكنه ينقل النبوت من الفتوة الى الشعب، ويعطي الشعب حق الثورة والتغيير، بدلا من انتظار تغلب فتوة على آخر، وانحصار دور الناس في الهتاف الشهير “اسم الله عليه اسم الله عليه”.

 رواية “الحرافيش” يتعاظم فيها دور الشعب تدريجيا في الحكايات الأخيرة، وثورة الحرافيش فيها مرتبطة أيضا بالجوع، وحضورهم في مساندة الفتوة يبدو واضحا وقويا، ولكن يظل العدل في الرواية مرتبطا بالطرفين معا: الفتوة والحرافيش، ويظل الأغنياء في الفيلم وفي الرواية أصحاب مصلحة في عدم تحقيق العدل، وفي عدم خروج فتوة عادل من بين الحرافيش.

يتفق الفيلم مع رؤية محفوظ أيضا في تحليل آليات الفساد والإفساد، وفي التأكيد بأن قوة الحرافيش هي القوة الحقيقية الجارفة، كما يتفق الفيلم تماما في رفض تحويل العدالة الى حلم أسطوري، سواء تحت اسم فضل الجبالي أو عاشور الناجي، العدالة ممكنة هنا والآن، الناس قادرة على محو الظلم، رغم أن فكرة الشر والظلم والقهر تبدو لغزا وجوديا ومؤلما، الناس هي التي يمكنها أن تغير، أو بمعنى أدق لا يمكن أن يحدث تغيير إلا لو تغير الناس في مواجهة الظلم، توت السلطة لن يهزم نبوت العدل، إلا لو رضخ الناس واستكانوا.

قيمة فيلم “الجوع” الكبيرة في أنه يلخص مغزى رواية “الحرافيش”، يا ينظر إليها كحواديت منفصلة، بل كحكاية واحدة كبيرة عن العدل والظلم، وعن القهر والثورة، وعن الفتوة والحرافيش، والحاكم والمحكوم، أحسب أن علي بدرخان استلهم أيضا عالم “أولاد حارتنا” وليس عالم “الحرافيش” فقط، وهو هنا لا يقدم رواية أجيال مثلما فعل محفوظ، وإنما يكتشف مغزى الحكاية، أو فلنقل المأساة، في جيل واحد فقط، عائلة الجبالي تهان وتتراجع عندما تتخلى عن الناس، وعن تحقيق العدل، وتعود الى مكانتها عندما تنحاز للحرافيش وللعدل.

في رواية “الحرافيش” يقوم الفتوة الجديد بهزيمة الفتوة القديم في معركة دامية تشهدها الحارة، هكذا فعل فرج أيضا وهو يضرب من أهان أمه شربات، ولكن هزيمة فرج لا تتم على يد فتوة جديد، وإنما على يد الشعب كله، الذي يرجم الفتوة في مشهد قوي وكبير، الشعب في الفيلم هو الفتوة الأصلي، وعليه ألا يتنازل عن قوته، وعليه أيضا ألا يخضع للظلم، ولا شك أن نهاية فيلم “الجوع” من أكثر النهايات الثورية للأفلام المصرية.

  نماذج إنسانية

بناء درامي متماسك توصلك كل نقطة فيه الى نقطة جديدة، ويتصاعد فيه الصراع بشكل مقنع، الشخصيات أيضا كتبت بشكل ممتاز، نماذج إنسانية من لحم دم، لاحظ مثلا علاقة فرج مع أمه شربات سيئة السمعة، وتأثير ذلك على سلوكه وبنائه النفسي، لقد ظل مهتزا حتى النهاية، لا يقف أبدا على أرض صلبة، ويشعر بالخواء رغم كل الثروة التي حصل عليها، يضاف الى ذلك بالطبع عدم وجود ابن له يرث ثروته.

اللمسات الإنسانية المؤثرة حاضرة أيضا في علاقة جابر مع زبيدة، مشهد عودتها معه على شاطيء النيل من أجمل مشاهد الفيلم، من الخطوط الدرامية المؤثرة، والمكتوبة بعناية أيضا علاقة زينب بزوجها فرج، هي الزوجة الأولى له، بسيطة ووفية، رغم ما فعله بالزواج من ملك السمري، إلا أنها لم تتخلى عنه، وانهارت أمام جثته في نهاية الفيلم.

قدم علي بدرخان في “الجوع” أحد أفضل أفلامه سواء ككاتب للسيناريو أو كمخرج، عالم الحرافيش والفتوات في يظهر في أفضل وأقوى حالة، الصورة بديكورات وملابس الفنان الفذ صلاح مرعي، وبإضاءة مدير التصوير المتميز محمود عبد السميع، يبدو كما لو أنها جزءا متحركا من رسومات لكتاب عن هذه الفترة التاريخية، شادي عبد السلام قال إن الحارة التي صنعها  تلميذه صلاح مرعي في فيلم “الجوع” من أفضل الحارات في تاريخ السينما المصرية، معه حق تماما، وإن كانت المشكلة الواضحة في أرضية الحارة الملساء، وليست المتربة كما هو في الواقع، وهي ملاحظة تنسجب على كثير من ديكورات الحارات في السينما وفي التليفزيون.

رسم محمود عبد السميع بالظل والضوء ملامح شخصيات الفيلم، وأضفى بإضاءته طابعا أسطوريا على مشاهد توزيع الطعام على الجوعى، الفقراء انتظروا مخلصهم فضل الجبالي، وها هو ذا يعود من جديد.

يغري الصراع العنيف في الفيلم بموسيقي أوركسترالية صاخبة، ولكن جورج كازازيان اختار بذكاء أن يعبر بآلات قليلة، وفي مواقف محددة، كما استخدم عبارة “هيلا هيلا” كخلفية قادمة من وراء الموسيقى، تعبيرا عن صوت الناس، هذه العبارة تستخدم في البناء والعمل، ولكنها في الفيلم تعبر أيضا عن الثورة، وعن الحرافيش المهمشين، الذين يقتحمون الصورة في نهاية الفيلم.

هناك علامة بصرية متكررة استخدمها علي بدرخان بشكل ذكي ومعبر على مدار الفيلم وهي حركة الأيدي، بدأها بيد فرج وهي تدخل الى الكادر مقدما العملات الي أمه وأخته، ومتجاوبا مع منطقهم بأن يمنحهم بعض الأموال، التي جمعها من الأغنياء، وأنهاها بأيدي الحرافيش وهي تصنع النبابيت من جزوع الشجر، هذه الأيدي في أطوارها المختلفة هي عنوان الخضوع أو الثورة، هي الإنسان نفسه وهو يسقط أو هو يقاوم الظلم.

لدينا أيضا فريق ممتاز من الممثلين: سعاد حسني في دور قصير ومؤثر،  دلالة الشخصية هامة جدا سواء في تعبيرها عن انسحاق الغلابة بعد ظلمهم، أو في ثورتهم على هذا الظلم، محمود عبد العزيز في دور من أفضل أدواره، كان مقنعا في انتمائه الأول للغلابة، وفي صدقه في تكرار سيرة جده فضل الجبالي، وكان ايضا مقنعا في تحوله، بعد أن ذاق النعيم، ثم كان مقنعا في تعبيره عن عبثية حياته، وتجسيده للإنهيار حتى قبل ثورة الناس عليه، إنه شخصية تراجيدية بامتياز، لا يخلو من نية طيبة في البداية، ولكنه لم يتحمل بريق السلطة والثروة،  ارتكب الخطأ التراجيدي بذهابه الى دار ملك، فدفع الثمن سقوطا مروعا، مثل كل الأبطال التراجيديين.

عبد العزيز مخيون كان كذلك من نجوم الفيلم بامتياز، هذا المشخصاتي القدير بمظهره النبيل، وبصوته الرصين، وبنظرات عينيه الوادعة، وبحركة جسده القليلة، يبدو كما لو كان مسيحا معاصرا، ألقي به في أتون الجشع والفوضى، شخصية رومانسية ومثالية، تمتلك الوعي والشجاعة.

 رفضه للظلم، ومواجهته لأخيه الفتوة، وشهامته مع زبيدة، وتركه العمل معه كل ذلك يمثل أفضل ما عائلة فضل، أو لعله فضل وقد بعث من جديد في جسد حفيده الطيب جابر، وهو فعلا وحقا جابر خواطر الجميع.

يسرا قدمت دورا قصيرا لافتا، وكانت سناء يونس ممتازة في أداء دور زينب الزوجة الأولى لفرج، مشهدها وهي تستقبل منه خبر زواجه الثاني من أفضل مشاهدها، ظنت أنه يستدعيها لعلاقة حميمة، تبدو متهللة تحاول أن تسيطر على فرحتها، ولكن وجهها يتحول الى الحزن في لحظة، ثم تصرخ محبطة وغاضبة، سناء يونس ممثلة كبيرة، كان يمكنها أن تضحكنا وتبكينا في لقطة واحدة.

ممثلون على درجة عالية من الكفاءة والإجادة تم توظيف كل واحد منهم في دوره: سميحة توفيق في دور شربات أم فرج، و ثريا حلمي في دور حليمة مربية جابر وأمه البديلة، الفتوات سيد صادق ومحمد طرابيك ونعيم عيسى، وصاحب محل البوظة نعيم عيسى، والغانية فلة التي لعبت دورها حنان سليمان، وعثمان عبد المنعم في دور الشيخ رمضان إمام الزاوية، الذي ينتقل من الخضوع الى الرفض، والموهوب المدهش يوسف عيد في دور ابن البلد، الحرفوش المراقب والمستكين، والذي يتحول الى ثائر في ناهية الفيلم، وسط جموع الثائرين، وحافظ أمين التاجر ممثل الأغنياء في دور لافت، أداه ببراعة، رغم اختلافه  تماما عن أدواره المعروفة الطيبة.

المشكلة في فيلم “الجوع” مزدوجة: الفتوة يبدأ طيبا، ثم سرعان ما يفلت منه الزمام، وسرعان ما يقوم رجاله باستغلاله سلطاتهم، ويبدأ هو في تركهم بدون رقابة، ومن ناحية أخرى، فإن الحرافيش أنفسهم يكتفون بالإستسلام، ويحلمون بفتوة جديد، يحقق لهم العدالة، وينسون أنهم قوة حقيقية لو أرادوا.

من قلب نفس العائلة خرج فرج وظهر جابر، هم من الحرافيش، من الشعب البسيط، وبقاؤهم وزوالهم مرتبط بانحيازاتهما للناس أو ضد الناس، ولكن الفرد ليس هو الحل، الرواية اسمها “الحرافيش” وليس “عائلة الناجي”، الحل في الناس، في وعيهم وقوتهم وقدرتهم على التغيير، في كل عصر، وفي كل أوان.

https://www.youtube.com/watch?v=nUCx8KU5SC0
Visited 130 times, 1 visit(s) today