أسرارنا الصغيرة وحبنا الكبير

كثيرا ما نفشي أسرارنا الصغيرة لمن لا نعرفهم من قبل لأنّنا لن نلتقيهم بعدها فلا يحكمون علينا بقية حياتنا. لذلك نستغل لقاءاتنا العابرة في الفضفضة والتخفف من الثقل الذي نحملها في صدورنا. لكن ماذا لو كان هذا الذي نبوح له بأسرارنا الكثيرة في طائرة ما بسبب ذعر أصابنا سنجده في الشركة التي نحن ذاهبون للعمل فيها؟ بل وأكثر من هذا: هو رئيسنا في العمل؟

في فيلم”هل أئتمنك على سر”  Can You Keep a Secret للمخرجة “إليز دوران” المأخوذ عن رواية لـ”صوفي كنسيلا” بعنوان “الأسرار الصغيرة لإيما” تجد إيما كوريجان (ألكسندرا داداريو) نفسها واقعة في هذا المأزق وهي تركب الطائرة إذ يجلس معها جاك هاربر (تايلر هوشلين) لكنها تجده يصل الشركة بعدها بيوم واحد ليقيم نشاط الشركة.

في الشركة ذاتها تبدأ لقاءات عابرة بينهما الاثنين ويبدأ الإعجاب ثم الحب. وفي أول لقاء حميمي بينهما يظهر منها أنها نادمة على كل ما قالته له فهي ساذجة وغبية وفيها الكثير من العيوب وهو وسيم وكامل لا ينقصه شيء. هنا يخبرها بسره الصغير: لديه إصبعا قديميه متلاصقين كأنهما أصبع واحد. نوع من التشوه الذي لا يعلم به أحد. لكن قبل هذا ليس هذا هو السر الذي يطلب منها التكتم عليه بل مجيئه من شيكاغو على متن الطائرة التي جاءت فيها هو ما يجب ألا تقوله لأحد. وهو السر الذي منه جاء عنوان الفيلم. فيما بعد سنعلم بشأن البنت التي يرعاها وكان في شيكاغو من أجلها.

هذا فيلم عن الثقة بالنفس والاختيارات في الحياة، عن أنفسنا التي نجهل الكثير من قدراتها ولا نعتقد أنها موجودة إلا في غيرنا. عن الحب الذي تتساءل إيما :” من يعرف حقا ما هو على هذا الكوكب بأسره”.

في الفيلم العديد من الشخصيات المساعدة التي قامت بأدوار في غاية الطرافة والجمال. “سيبيل” المديرة المباشرة لإيما (لافيرن كوكس). دور صغير مشبع بالفكاهة. العبارات القصيرة في المشاهد القليلة التي ظهرت فيها مؤثرة وجاذبة خاصة المشهد الذي تنصحها فيه ببذل الجهد ضعفين حتى تثبت للجميع أن ترقيتها مستحقة وليست لعلاقتها بالرئيس واحتضانها ثم طلبها بألا تخبر أحدا بما دار بينهما. والرأي ذاته يتعلق بـ”جيما” (كيميكو غلين) والبرود الذي تعيش به والاختلاف التام بينها وبين إيما. الألبسة الغريبة التي ترتديها في لقاءات أو مناسبات تثير دهشة صديقتيها في البيت. والنصائح الحادة التي تقدمها لإيما في علاقاتها وحياتها والتي لا تنظر إليها إيما إلاّ كنوع من الجنون.

دور كانو (دافيد تشارلز ألبير) الصديق الساذج والمندفع الذي تربطه علاقة حب بإيما قبل وقوعها في حب جاك والعديد من المواقف الهزلية بينه وبين صديقته، الحضور السريع للكوتش سام أصغري أيضا كان سريعا لكنه ملفت.

التقت إيما بجاك على متن الطائرة لأول مرة، وبعد كل ما حدث بينهما في العمل والسرير والاتفاق ثم الاختلاف عادا للقاء في الطائرة. وبكثير من الدموع والحميمية عادا للاتفاق. وكأنّ الإعجاب الذي بدأ في السماء أراد أن يظل عاليا في السماء وبين اللقاءين كان جاك قد استطاع مساعدة إيما في بناء ثقتها بنفسها أو أن تنظر إلى نفسها بأنّ فيها الكثير من الجمال والكثير من الأشياء التي تدعوه للإعجاب بها.

الفيلم تجميع للمواقف الصغيرة مع العديد من الممثلين الذين يجتمعون بأدوارهم السريعة لتقديم حالة إنسانية لطيفة ضمن خط أوسع تمثله العلاقة بين إيما وجاك. فيلم الأشياء الصغيرة والحكاية البسيطة لكن واقعيا الفيلم لا يختلف عن عشرات الأفلام من ذات التيمة، لا يفاجئنا الفيلم بأي مواقف أخاذة أو فارقة، ويمكن التنبؤ بالكثير من المواقف يترك أثرا لطيفا في المشاهد لكن لا يبقى في الذاكرة طويلا.

Visited 50 times, 1 visit(s) today