ماتيو غاروني يتحدث عن فيلمه “أنا القبطان”

Print Friendly, PDF & Email


يهرب مراهق سنغالي برفقة أعز أصدقائه بعيدا عن وطنهما، ليجربا حظهما في أن يصبحا موسيقيين في أوروبا غير مدركين الأهوال التي تنتظرهما، معرضين حياتيهما للخطر خلال رحلتهما عبر الصحراء والبحر المتوسط.

حاز فيلم “أنا القبطان”- Me Captain على جائزة الأسد الفضي لأفضل مخرج في مهرجان فينيسيا السينمائي ورشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي في مسابقة الأوسكار.

هنا مقابلة مع مخرج الفيلم، الإيطالي ماتيو جاروني:

ماتيو جاروني: صنع هذا الفيلم بالمشاركة مع هؤلاء الذين خاضوا هذه الأوديسة في الواقع، بإمكانه المساعدة، حتى وإن لم يكن التغيير، في رفع الوعي عند من يشاهدونه. وبإمكانه أن يساعدنا على رؤية الحقيقة وراء الأرقام، طقوس إحصاء الأحياء والأموات ممن اعتدنا رؤيتهم في الأخبار، ويسمح لنا برؤية أن هؤلاء الأشخاص لديهم نفس الأحلام التي كانت تراودنا أيام الشباب، نفس الأحلام بالسفر والترحال.

هذا ليس فيلما عن فرار البعض بدافع من الموت من الفقر أو الحرب، أو تغير المناخ، بل يركز على نوع آخر من الهجرة، لنقل إنها تلك المرتبطة بالعولمة. إن سبعين بالمائة من تعداد قارة أفريقيا من الشباب، ولديهم نافذة مفتوحة باستمرار على عالمنا، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وليس لديهم ما يؤهلهم من المعرفة لإدراك الحقيقة الكامنة خلف الصور البراقة مثلنا. الرغبة في رؤية العالم، وربما إيجاد فرصة لتقديم العون لعائلاتهم هذا أمر في غاية الإنسانية. إنهم يرغبون في السفر، لكن في حين نستقل نحن الطائرة، هم يخاطرون بأرواحهم.

ماتيو جاروني: بدأ هذا الفيلم بالاستماع، استمعت لقصص عديدة يجمعها شيء مشترك، فسخرت قدراتي لخدمتها. لذلك هذا فيلم جماعي، يشارك فيه مجموعة من الأشخاص الذين خاضوا هذه الرحلة في الحقيقة عبر الصحراء، والأراضي الليبية، والبحر، وهم أبطال عصرنا الحديث. عندما كنت أصيح “أكشن” في بعض الأوقات، كنت أجدهم يعيدون إحياء تجارب عايشوها، وليس لدي أي فكرة عنها. كانوا يتطلعون دوما إلى الشاشة بعد التصوير، ويقدمون لي العون لإعادة تجسيد رحلتهم.

إن كل لقطة من الفيلم مستوحاة من حادث وقع بالفعل. والجزء الأخير من الفيلم مستوحى من حكاية صبي يبلغ الخامسة عشرة، يعيش الآن في بلجيكا، وقد أرغم على قيادة مركب عبر البحر المتوسط، وهو لم يضع قدمه على أي مركب من قبل في حياته. وعندما وصل إلى أوروبا بعد رحلته البطولية، تم إلقاؤه في السجن بتهمة المتاجرة بالبشر.

ما دفعني لصنع هذا الفيلم هو تقديم صور مرئية لما لا نراه عادة. ليس فقط عمن يفقدون حياتهم في الصحراء أو في ليبيا، ولكن عن مغادرتهم أوطانهم، وعلاقاتهم بذويهم، والطريقة الساذجة التي يغادرون بها بيوتهم.

ماتيو جاروني: أرى أن قوة الفيلم مرتبطة ارتباطا وثيقا بأداء سيدو الاستثنائي. إن إنسانيته ونقاءه في كل لقطة تخلقان التعاطف مع المتفرج حتى يتسنى له خوض تجربة رحلته من خلال عينيه. وهذه هي الغاية من السينما: القدرة على أخذ المشاهد لبعد آخر مليء بالمشاعر.

يود سيدو سار أن يصبح لاعب كرة قدم في الحقيقة. لقد أتى لأداء اختبار الشاشة في بلدة صغيرة بالقرب من داكار بالسنغال بعدما دفعته والدته وشقيقته لذلك، وهم من الممثلين الهواة المحليين. أتمنى أن تتوافر أمامه فرص أخرى لاستغلال موهبته وحساسيته البالغة، وهو موسيقي أيضا، قام بتأليف الموسيقى التي سمعتموها في نهاية الفيلم بالمشاركة مع صديقه في الفيلم مصطفى فال. المرء يخاطر دائما عند اختيار ممثل بناء على اختبارات الأداء، لكن سيدو دخل في خبايا الشخصية ومنحها أبعادها الثلاثية، وكذلك الإنسانية، والبراءة، والثقل الروحي، وهو أمر بالغ الأهمية، لأن الفيلم ليس عن رحلة الأهوال فحسب، بل هي رحلة أمل مليئة بتكاتف عظيم، يحارب البطل من البداية من أجل حياته ضد أنظمة العنف والموت.

ماتيو جاروني: لقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا عند عرضه في إيطاليا، وسيعرض في دور العرض خلال شهر مارس. يرجع الفضل إلى برامج المدارس للطلاب. لأنهم عرضوا الفيلم على أنه حكاية ومغامرة عن بطل يمنحهم وجهة نظر عن حقيقة الوضع لأطفال يشبهونهم. وعرض الفيلم على البرلمان الأوروبي، وسيتم توزيعه في عشرين دولة أفريقية. لا أعتقد أنه سيغير من رأي الشباب الأفارقة أو الأصغر سنا الذين يرغبون في المجيء إلى هنا، لكن أتمنى أنه يساعدهم على رؤية واستيعاب الطرق التي يلقي بها الناس حتفهم أثناء قيامهم في هذه الرحلة: لقد توفي 27000 شخص خلال العشر سنوات الماضية، وهذه واحدة من المآسي الكبرى في زماننا.

ماتيو جاروني: من خلال وجهة نظري السردية لقد تغير كل شيء. فعلى حين تناولت أفلامي الأولى حكايات المهاجرين في بلادي إيطاليا، يعتبر “أنا القبطان” لقطة معكوسة- reverse shot حيث توضع الكاميرا في الطرف المقابل. لقد كنت وسيطا، أعيد تأسيس الحكاية برفقة الأطفال الأفارقة وما دفعهم لخوض الرحلة. أتتذكرين موجة الهجرة من ألبانيا في نهاية الثمانينيات؟ لقد لعب التلفزيون الإيطالي دورا كبيرا في تلك الفترة في خلق صورة أشبه بالحلم عن إيطاليا. ألبانيا دولة صغيرة حققت طفرة نمو اقتصادي. ومع تقلص فجوة التفاوت الاقتصادي، يقضى الكثير من الإيطاليين عطلاتهم هناك. لكن أفريقيا تضم 52 دولة، لذا؛ فالمشكلة أكبر وأعقد كثيرا.
يجب أن ننشئ قناة للهجرة حتى لا يخاطر الشباب الصغار بأرواحهم. كما يتحتم علينا محاربة تجار البشر. نحن بلد عجوز وهم شباب يافعون، أرى انه يمكن أن يكون هناك عملية مبادلة، عندما كنت في افريقيا رأيت أن ليس الجميع لديهم الرغبة في المجيء إلى هنا، كثير من الأشخاص مرتبطون بجذورهم هناك. وآخرون يرغبون في المجيء والعمل هنا، لكنهم يخططون للعودة إلى وطنهم الأم. لذا؛ من المهم إنشاء قنوات شرعية للهجرة لعدم تعريض حياة الناس للخطر.

Visited 1 times, 1 visit(s) today