فيلم “غرباء مثاليون”: عندما تكتشف ان الأقرباء ماهم الا غرباء

Print Friendly, PDF & Email

على الرغم من استمرار الحياة بين مجموعة من الاصدقاء لسنوات طويلة شارك كل منهم الآخر فرحه، وحزنه، وأسرار حياته التى لا يعلمها سوى القربى؛ لكنهم يكتشفون فجأة أنهم لا يعرفون شيئا عن حيوات هؤلاء المعتقد فى انهم الاقربون، فيصبح كل صديق غريب، وكل حبيب كأن لم يكن.

يدور فيلم ” Perfect strangers”غرباء مثاليون” حول سبعة أصدقاء مقربين منذ الطفولة، حيث لم تفرقهم المسافات أو التغيرات الحياتية المعتادة من زواج وانجاب وسفر. ذات ليلة تشهد المدينة الايطالية خسوف القمر، اجتمع الاصدقاء فى منزل ايفا /Kasia Smutnia التى لديها ابنة مراهقة من زوجها روكو/Marco Giallini ، ثم تقترح ايفا ان يضع جميع الاصدقاء هواتفهم على طاولة العشاء بشرط ان تتم قراءة جميع الرسائل الواردة علنا، والاجابة على جميع المكالمات عبر مكبر الصوت، فهل يخفى اصدقاء العمر حياتهم الخاصة امام بعضهم البعض ام يوافقون على الاقتراح بما يحمله من مخاطرة قد تؤدى الى فساد تلك العلاقة الوطيدة،  تبدأ اللعبة بسخرية شديدة من جه وقلق على ماقد يمكن حدوثه فى الساعات القليلة القادمة ولكن فى الغالب ان التواطؤ كان سيد الموقف.

يبدو الثنائي حديثي الزواج بيانكا/Alba Rohrwacher وكازيموا/ EdoardoLeo فى قمة التفاهم، والسعادة، ودائمى الدفاع بالنيابة كل عن الاخر فى الموضوعات، والاسئلة المطروح. لكن ليس لفترة طويلة، فسرعان ماتنقلب الاحداث وتتوالى المكالمات والرسائل النصية التى يتعرف الجميع عليها والتى لم تكن لصالح كازيموا والتى يتضح انه على علاقة غير شرعية بفتاة تحمل جنينه باحشائها فى حين انه يكتشف ان زوجته لا تزال على علاقة بصديقها القديم ولكن بعد ان تجرى مكالمة معه يتبين انه بالفعل تحولت علاقتهما الى صداقة بريئة فقط،  اما عن ثنائى العشر سنوات زواج ليل/ Valerio Mastandrea وزوجته كارلوتا/  Anna Foglietta فقد بدا كلا منهما غير مهتم بممارسة اللعبة خاصة بعد ان توالت مكالمات الاباء للسؤال عنهما ولكن للزوج ليل صديقة ترسل له صورتها كل ليلة قبل النوم وللزوجة كارلوتا صديق افتراضى تعرفت عليه من خلال احد مواقع التواصل الاجتماعي، يتضح هنا التواطؤ بين الاصدقاء الذكور فى محاولاتهم لستر صديقهم واخفاء تلك الصور عن هاتفه فى حوار كوميدى خفيف ادى فى النهاية الى تشابك الوضع وتفاقم الاحتقان النفسى عند مرحلة الكشف التى ذكرناها.

لم تتوقف المفاجأت عند هذا الحد بل استمر الاصدقاء السبعة فى كشف اسرارهم فى العلن حتى تكشف مكالمة من الابنة المراهقة على هاتف والدها روكو بغرض الحصول على موافقته لقضاء ليلتها مع صديقها بمنزله وتبدى شكرها وتقديرها لوالدها الذي أسدى لها معروفا خاصا من قبل. بالاضافة الى اكتشاف ايفا بأن زوجها يتلقى علاجا نفسيا لدى احدى الاخصائيات. بي بي يحضر بدون صديقته الجديدة مما يثير التساؤلات، ومع مرور الوقت وتوالى الاتصالات على هاتفه يكتشف الجميع حقيقة علاقته العاطفية المريبة.

يعتمد الفيلم على مكان تصوير واحد وهو غرفة طعام منزل “ايفا” مما يحفز المشاهد على انتظار مواجهة حتمية بين الشخصيات تزداد تباعا مع احتدام الحوار بينهم. بيد أن السيناريو  – الذي شارك في كتابته مخرج العمل باولو جينوفا/   Genovese-قام على بناء محكم جعل تتابع الاحداث شيقا بشكل كسر وقع ملل ثبات الحدث في مكان واحد.

جاء عنصر الاداء احترافيا حيث تمتع الممثلون بكاريزميه فرضت الانتباة مع كل كلمة او ايماءة بدت منهم مما جعل المشاهدة اشبه بشراكة على مائدة المواجهة، كما ساعدت كوميديا الحوار على مزيد من التماهى مع الحالة والتفاعل معها والاستمتاع بها. الفيلم فى المجمل يعتمد على الدراما النفسية المركبة حيث تجد الشخصية ذاتها بين رحى الصراع الداخلي والصراع مع الاخر مما زاد من صعوبة اداء الشخصية على الممثلين وابرزت تفوقهم فى هذا التحدى الابداعي.

اظهرت المواجهات جانب من حقيقة الشخصيات وقناعاتهم وثوابتها، بعيدا عما ترتديه من اقنعة اثناء تعاملها مع المجتمع مثلما ثار كازيموا على صديقه المقرب “ليل” عندما ثارت الشكوك حول سوكه الجنسي المختلف والذى فاجىء الجميع بعد تلقيه مكالمة جنسية صريحة من زميل عمله، قابل كازيموا حقيقة صديقة الخافية بنوع من التمييز والتعالي والرفض والندم لاستمرار علاقته بصديقه، كما تعرفت ايفا على شعور ابنتها المراهقة نحوها واراءها فى الطريقة التى تنظر بها الام للاشياء من حولها ومازاد عليها معرفة ان الزوج متواطىء مع الابنة ضد الام.

يوضح الفيلم فكرة خوف الانسان الدائم من “الكشف” خوفا من المواجهة او النظرة الدونية او الفقد. كما يتعامل مع الضعف الانسانى بتسامح متفهم للطبيعة البشرية التى تتشابك فيها ماهو راقٍ بما هو غريزى.

يعد المخرج باولو جينوفا واحد من اهم المخرجين على الساحة الايطالية حيث اخرج اكثر من 7 أفلام، وعدد من المسلسلات التليفزيونية ذائعة الصيت، والتي نال عنها أكثر من 17 جائزة، كما ترشح لأكثر من 21 جائزة أخرى.

حاز الفيلم على عدة جوائز ايطالية واوروبية مهمة منها جائزة دايفيد دى دوناتيلو، وجائزة جولدن شياك، جائزة النقابة الوطنية للصحافة السينمائية، وجائزة افضل فيلم من مهرجان النرويج السينمائي الدولي كما حاز الفيلم عل عشرات الجوائز الخاصة بالاداء والسيناريو والمونتاج 

كاسيا سيموتنيا: ممثلة وعارضة ازياء بولندية مواليد 1979 عرفت بدورها فى فيلم باريس مع الحب Paris with love  كما حازت على جائزة الجولدن جلوبال الايطالية عن فيلم “بين يديك”.

ادوارد ليو: ممثل ومؤلف ايطالى مواليد 1972 عرف من خلال دوره فى فيلم “استطيع التقاعد مكان مااريد” و”الاسطورة جوليا ومعجزات اخرى”

Visited 102 times, 1 visit(s) today