“المذنبون”.. سيناريو فيلم قصير

Print Friendly, PDF & Email

سيناريو: أمل الكردوفاني

“كل بضع دقائق تموت أنثى، بجريمة قتل بحجة تلويث الشرف..”

ملاحظات عامة

يعتمد هذا الفيلم على المشاهد ذات الصور الشاحبة والقاتمة بقدر الإمكان..الموسيقى روك سريعة

م١ خ ن ل شارع وسط الصحراء

الصورة من أسفل لأعلى، فتاة في الخامسة عشر تجري وهي تبكي وتصرخ برعب. السماء فوقها نهارية زرقاء، تتغير بسرعة للغروب ثم للظلمة..

قطع

م٢ د ن صالة استقبال في منزل

صالة استقبال في منزل وامرأتان تستعدان للخروج من الشقة

المرأة١  حميدة هترجع من المدرسة ما تنامش قبل ما تفتح لها الباب..

الابن  أنا خارج مع صحابي..

المرأة١ بنت عمتك هتفضل في الشارع يعني؟..

المرأة٢ هتوصل بسرعة متقلقش..

الابن ماشي يا عمتي

قطع

م٣ د ن غرفة نوم

الولد يقبل بنت عمته ويحتضنها وهما يضحكان ويلعبان..

يرفع الولد الهاتف ويبدأ في تصوير فيلم جنسي..والبنت تضحك وتبدأ في خلع ملابسها..

قطع

م٤ د ل كازينو

رجل في الثلاثين من عمره يشرب بحزن..

تتقدم من خلفه فتاة وتحيط كتفيه بذراعيه فيبعدها بغير اكتراث..

قطع

م٥ خ ل الطريق المعبد وسط الصحراء..

تصرخ الفتاة ويحيط بها رجل وشاب ويبدءا في ضربها بالهراوات والحجارة

وتظهر يدها هامدة ومخضبة بالدماء..

قطع

م٦ د ل الكازينو

النادل   دة عاشر كاس شربتو كدة مش حتقدر توصل شقتك

الشاب الثلاثيني  كل يوم بوصل شقتي..

النادل  كدة هتموت.. أنا بلدياتك ونحن في غربة..لو مت هنا مفيش هيعرف انك مت وجتتك هتتعفن جوا شقتك..

الشاب   ياريتني أموت..

النادل  (يخرج كرت) دة كرت طبيب جيسيكا صديقتي كانت بتتعالج عندو من الإكتآب..

تظهر يد الشاب وهي تلتقط الكرت من يد النادل وهي ترتعش

قطع

م٧ د ن غرفة عيادة طبيب نفسي

الطبيب النفسي في بداية الستين نحيل بعينين زرقاوين..يتحدث بلغة عربية ركيكة

الطبيب   أنا كنت في بعثة تبع منظمة الصحة العالمية في مصر..

زرت مصر كلها تقريبا..إنت من كايرو ولا جيزة ولا ألكسندرية؟

الشاب  أنا تعبان (يبكي)

الطبيب  بتشعر بإيه؟

الشاب  مش عارف..شاعر بذنب كبير..بتخيلها بعد كل ااسنين دي كبرت وبقت عروسة..مش قادر أكذب على نفسي وأقول طيش المراهقة..مش قادر أتخلص من البؤس كل ما افتكر صورتها وابتسامتها البريئة.. كان عمري سبعتاشر سنة.. مش عارف عملت كدة ليه؟..

الطبيب  ماتت؟

الشاب    قتلوها..أبوها واخوها وأنا هربت وجيت على هنا.. (يبكي بحرقة) أنا بتعذب يا دكتور..بتعذب بتعذب..

الطبيب   حبيتها؟..

الشاب   (يرفع وجهه بعينيه المحمرتين) أبداً.. كنت بستغلها بس.. أنا انا.. انا..

الطبيب  إنت إيه؟

الشاب    أنا عاوز أموت (يبكي ويخفي وجهه بين يديه) بس خايف..خايف..

الطبيب    كويس إنك خايف.. الخوف هيمنعك من ارتكاب حماقة..

الشاب   وأعيش إزاي.. ؟

الطبيب   حتعيش نص حياة مش حياة كاملة…

الشاب  أنا مش عايز كدة..

الطبيب  يبقى تحاول تعيش حياة كاملة…

الشاب  إزاي طيب..

الطبيب  (يمد كرت) خد دة عنوان شقتي تعالالى بكرة الساعة تمنية بالليل

قطع

م٨ د ل سلم عمارة قديمة

يصعد الشاب سلما حلزونيا قديماً، بحركة بطيئة وحزن وإرهاق على ملامحه..

قطع

م٩ د ل  شقة الطبيب

ينفتح باب شقة الطبيب عن فجوة مظلمة، وبدون أن يظهر هو يدخل الشاب. الشقة مضيئة بإضاءة حمراء شاحبة، على الأرائك والمقاعد يجلس بعض الناس متنوعي الأجناس والأشكال ويقف بعضهم الآخر وهم يحملون كؤوساً بها شراب أحمر..

يمر الشاب بينهم بدهشة

قطع

م١٠ د ل تراس صغير في شقة الطبيب

يقف الشاب قرب المقاعد التي يقعد عليها الطبيب واصدقائه

الطبيب  أهلاً بيك

(لا يرد الشاب السلام)

الطبيب   أعرفك على أخوية أبناء الذنوب.. كل اللي جوا وبرا هم مذنبين هاربين من شعورهم بالذنب.. حتى أنا ارتكبت ذنوب.. تحب تكون معانا في الأخوية دي؟

الشاب  (يبدو حائراً) مش عارف..

الطبيب   خد وقتك.. مبدئياً نحن ما بنعملش حاجة ضد القانون.. نحن بنحاول نكفر بس عن ذنوبنا..

الشاب   (يظل صامتا)

تظهر وجوه الجالسين على الصورة، رجال يرتدون بدلات برابطات عنق وهناك سيدات إحداهن أربعينية جميلة والثانية في السبعين نحيلة جداً وليست جميلة ترتدي ملابس غالية وقبعة من ريش النعام..

الطبيب   مبدئياً ممكن نبدأ معاك بمهمة صغيرة..

(يظهر وجه الشاب شاحباً)

الطبيب   انت حتتزوج مدام بافاييه

(يشير الطبيب للمرأة العجوز)

الشاب  أنا..؟

الطبيب (يهز رأسه إيجاباً)

(الشاب  والمرأة العجوز يتأملان بعضهما)

قطع

م١١ د ن غرفة نوم مدام بافاييه

يظهر النصف الأعلى من العجوز عارياً، نحيلاً ومليئاً بالتجاعيد والبثور تبدأ المرأة في خلع قميص الشاب، وتقرب شفتيها من شفتيه..

المرأة   أنا هموت خلال تلات شهور..الدكاترة قالو كدة.. انا كدة هكفر عن ذنوبي.. وانت هتكفر عن ذنوبك لما تدي وحدة بتموت شوية حنان..(تبتسم ابتسامة مخيفة)

يحتضنها الشاب ويبكي

قطع

م١٢ د ن مقبرة

الجو شبه ممطر

يقف الشاب ومعزين آخرين حول القبر وهناك كاهن يتلو الصلاة

قطع

م١٣ د ن منزل الطبيب

الطبيب  مدام بافاييه ماتت وهي سعيدة لإنك كنت معاها لآخر لحظة…

(يطأطئ الشاب رأسه)

الطبيب   شعورك إيه دلوقتي..هل اتحسنت شوية؟..

الشاب  خايف اقول أيوة أكون بكدب على نفسي..

الطبيب   حاول

الشاب   أيوة..اتحسنت شوية..

الطبيب   مفيش علاج لتشوهات أرواحنا غير العطاء يا ابني..مفيش غير العطاء والمزيد من العطاء.. إدي قد ما تقدر .. وكل ما كنت بتقاسي من العطاء كل ما روحك بتشفى أكتر وأكتر..

الشاب  (يهز رأسه إيجاباً وعيناه على الأرض)

الطبيب  عاوز مهمة تانية ولا مش مستعد؟

الشاب   عاوز

الطبيب   طيب .. (يخرج صورتين من درج مكتبه، إحداهما لطفلة والأخرى لرجل كهل) أبوها محكوم عليه بالإعدام وإدارة السجن رافضة إنه يقابل بنته لإن جريمته كبيرة.. لازم تساعدو على الهرب من السجن وهو هيشوف بنتو ويرجع يسلم نفسه

الشاب  إنت قلت إن شغلكم مش ضد القانون..ودة ضد القانون؟

الطبيب  دة خيارك.. عاوز تختارو اختارو مش عاوز ليك الحق ترفض..

الشاب (يرفع الصورتين ويتأملهما)..

قطع

م١٣ د ن داخل سيارة

من داخل السيارة يراقب الشاب السجن وحراساته بدقة، ثم يحرك سيارته ويغادر المشهد

قطع

م١٤ د ن داخل السيارة

بنفس السيارة يراقب الشاب خروج طفلة من المدرسة..تعبر الطفلة قربه وتلتقطها سيدة وتردفها على دراجتها الهوائية الرياضية..

قطع

م١٥ د ن داخل السيارة

(يتلقى الشاب إتصالاً..)

الطبيب  المهمة اتلغت..

الشاب  اتلغت إزاي؟..

الطبيب  تم إعدام الأب قبل شوية..

(يغطي الشاب وجهه بيديه)

الطبيب  متزعلش.. نحن كنا عارفين كل دة..

الشاب   عارفين؟

الطبيب   ايوة.. حبينا تشوف مأساة الناس من حولك عشان متركزش على مأساتك بس.. كل انسان على الأرض دي عندو مأساة عايشها بصمت..

الشاب  فهمت..

الطبيب   أشوفك بعدين في اجتماع الأخوية..

الشاب   ماشي..

قطع

م ١٥ د ل شقة الطبيب

على التراس.. يجلس الشاب مع بقية المذنبين..ولكن يبدو أكثر عجزاً فوجهه مجعد وشعره أبيض..

الشاب    زي ما شفنا طول السنين دي..إن العالم دة مش مكتمل.. العالم مجرد صورة على السطح..اما جوا الصورة دي فآلام وعذابات وخوف وذنوب.. الأخ الطبيب اتوفى وساب لينا شقتو كمقر للاجتماعات دي..

مرأة١    لازم نصلي على شان روحو في السماء..

رجل  نعم..

يشبك البعض أصابعه ويدعوا البعض

الشاب  رغم العطاء اللي قدمتو طوال عشرين سنة من يوم ما عرفت الطبيب بس برضو جوايا شوية شعور بالذنب.. هل انتو كدة برضو؟

مرأة٢   ايوة.. بس الشعور بالذنب دة مش بقى محزن زي الأول بقى بيوهبني السعادة لإنه بيديني طاقة للعطاء والمزيد من العطاء..

الشاب  (يبكي) بس انا لسة بتألم..لسة بتألم..

(يمسح دموعه)..

الشاب   هأتمشى شوية لإني مخنوق..

يغادر الجلسة ببطء

قطع

م١٦ خ ل الشارع المعبد

الشارع المعبد ليلاً..الشاب يسير وهو يغطي رقبته بياقة معطفه..

قطع

م١٧ خ ل الشارع المعبد

الفتاة تجري في الشارع وهي تبكي وأصوات رجلين خلفها..

قطع

م١٨ خ ل الشارع المعبد

يرفع الشاب رأسه ويرى الفتاة تجري وخلفها الأب وشقيقها وهي تصرخ..فيحميها خلف ظهر

(تظهر عيون الأب والاخ الغاضبة)

الشاب   اللي هيقرب لها حأقتلو

الأب  وانت مال أهلك؟

الأخ  روح يلا ..

الشاب  اللي حيقرب لها

الأب   حنقتلك معاها..

الشاب  مفيش حد هيموت ..

الأب   البت لطخت شرفنا في الوحل..

الشاب  البت طفلة وابن عمتها خدعها..

(تظهر ملامح الدهشة على عيني الأب والأخ)

الأب    وانت عرفت إزاي؟

الشاب   ما لكش دعوة.. المهم إنها طفلة..هو المذنب.. البنت دي لازم تعيش وتكبر زي كل البشر..تكبر وتعرف إنها مرت بتجربة قاسية وتتعلم منها إزاي تكون قوية وتعرف تواجه العالم كلو..

الأب   (بشك) إنت مين يلا؟

الشاب   قلت لك ملكش دعوة.. المهم إن الذنب ذنب الولد.. مش ذنبها.. هو اللي لازم يتحمل المسؤولية..

الأب    بس دة يتيم وتحت مسؤوليتي..

الشاب   يبقى لازم يخش السجن..روح للقانون..القانون هو اللي حيرجع لك حقك..

الأب   واذا البت حملت منو؟ اودي وشي فين من الناس؟ وأودي الطفل فين..

الشاب   حتفرح بطفل صغير اكتر من قتل طفلة بريئة..صدقني.. مفيش حاجة تستحق نحرم إنسان من حقه في الحياة..

الأخ  (بغضب) انت بتاخد وتدي معاه يابا؟

الأب  كلامو صاح يابني..

الأخ   (بغضب مجنون) ما هو لازم حد يدفع التمن…وأنا عارف هو مين.. (يخرج سكينه)  الكلب دة لازم يموت…

يجري الولد ومن خلفه الأب

الأب   أوعة تقتلو يابني متوديش نفسك في دهية

(غير أن الولد يجري ويختفي ومن ورائه الاب)

قطع

م١٩ خ ل الشارع المعبد

الفتاة تختبئ خلف الشاب..الذي يدور ويواجهها، وتركز الصورة على وجهيهما

الشاب   عرفتيني؟

الفتاة  من أول لحظة..

الشاب  أنا آسف..

الفتاة  إنت عارف إنك كنت حبيبي الوحيد..دايماً حبيبي الوحيد..

الشاب  كنت مراهق و..

(تضع سبابتها على فمه)

الفتاة  أوسسس.. خلينا نستمتع بوجودنا الأخير مع بعض..

يجثو على ركبتيه ويحتضنها ويظلا هكذا.. ثم يبدأ جسده في التبخر..وتتناثر ذراته في الهواء وهي لا زالت تقبض على فراغ جسده…

(النهاية)

Visited 33 times, 1 visit(s) today