“ألفافيل” جودار: المدينة المغلّفة بالظلال

Print Friendly, PDF & Email

جان لوك جودار يلقي نظرة على المستقبل، من وجهة نظر الماضي، في فيلمه “ألفافيل” Alphaville (1965) المستوحى من قصيدة بول إيلوار “عاصمة الألم” التي كتبها العام 1926.

لهذا الفيلم، الذي تدور أحداثه في المستقبل. في مدينة إسمها ألفافيل، تقع في كوكب آخر، منفصلةً عن الأقطار الخارجية، يختار جودار ممثلاً أميركياً (إيدي كونستانتين) ليؤدي شخصية التحري الخاص (أو العميل السرّي) ليمي كوشن، بطل سلسلة روايات التحري التي ابتدعها الروائي البريطاني بيتر شيني، والمكلّف بمهمة جمع معلومات عن مدينة ألفافيل، والبحث عن عميل مفقود يدعى هنري ديكسون، ثم القضاء على العالِم الفاشي البروفيسور فون براون، العقل المدبّر الذي خلق ألفافيل وصمم معمار المدينة، وأيضاً تدمير الكومبيوتر الخارق المعروف باسم ألفا 60، الذي يتحكم في المدينة وناسها.

ليمي كوشن يفعل ذلك منتحلاً صفة صحفي، يصل إلى ألفافيل، قادماً من المناطق النائية، بذريعة عمل تحقيق صحفي. لذلك هو لا يكف عن إلتقاط الصور الفوتوغرافية بكاميرته الصغيرة.

بمجرد وصوله المدينة، يجد نفسه في مجتمع فاتر، ينعدم فيه الحب، ويتحرك على نحو آلي. يتعرّف على ناتاشا (أنّا كارينا)، ابنة العالِم براون، المكلفة بمرافقته ومراقبته في الوقت نفسه. هي نتاج هذا المستقبل، المجرّدة من العاطفة والمشاعر، والتي لا تعرف الخوف، فقد علّمها الكومبيوتر “ألفا 60” أن الموت والحياة يوجدان في المنطقة نفسها.

التحرّي كوشن شخصية متناقضة، فهو نتاج التهكم الشعبي، والقوة التدميرية التي تعرّف نفسها بوصفها الطاقة الخالصة، الثائرة ضد شرائع ومعايير الثقافة القمعية. هو شخص غامض، عنيف المظهر، مستقل، عفوي، وقياساً إلى سكان المدينة الخنوعين والممتثلين، الذين يتحركون ويفكرون بطريقة آلية، هو جامح، بدائي، بسلوك مبهم ولا يمكن سبر غوره. إنه يحب النساء والمال أكثر من أي شيء آخر، ويخشى الموت. وهو لا يفهم المستقبل لأنه لا يزال يقطن في الماضي. إنه رجل يعيش على الهامش، بلا عائلة، بلا التزامات سياسية ولا روابط اجتماعية.

هذا التحرّي يجوب ليلاً شوارع المدينة، مستكشفاً ما توحيه هذه المدينة المستقبلية: صورة أوروبا الشمولية، الإستبدادية، المتفوقة تكنولوجياً.

المدينة مغلّفة بالظلال، أشبه بمتاهة ذات أسوار غير مرئية، واقعة في قبضة الفاشية، وتديرها أجهزة الكومبيوتر. في هذه المدينة تنعدم المشاعر الإنسانية والعواطف البشرية، والحرية الفردية تكون محظورة. نظام شمولي مستبد، وقمع سياسي، نجح في استئصال الفردانية، وفي ظله لا يعود بوسع البشر التعبير عن ذواتهم، ولا يجدون ذرة من الحرية إلا عبر الدخول في فضاء لا متناه من الذاكرة والمخيلة. حيث الناس يعيشون مثل كائنات آلية. 

الفيلم، جوهرياً، عن صراع فرد واحد ضد مجتمع يتحرك تحت إدارة كومبيوتر مستبد، يجرّد الناس من الصفات البشرية ومن الشخصية الإنسانية.

الكومبيوتر ألفا 60 يمثّل الحضور المهيمن على نحو مبهم، والذي لا يحمل وجهاً، للمؤسسة التكنولوجية العملاقة. ألفا 60 هو كليّ الوجود وذو معرفة غير محدودة في مدينة  ألفافيل. بدلاً من أن يكون العلم والتكنولوجيا لمساعدة الناس وخدمة البشرية، صار يستنزف طاقة الحياة من الناس، يعطلها ويشلّها. إن ألفا الذي يعني البداية يصبح وسيلة لإفناء البشر ونهاية العالم.

النظام يسعى من خلال العِلم والتكنولوجيا، وتبنّي المنطق والحداثة،  إلى طمس هويات المواطنين ومنعهم من إظهار العواطف والمشاعر، هذا التعبير الذي يعد غير قانوني وغير عقلاني أو غير منطقي. الحب ليس ممنوعاً فحسب، بل هو منسيّ. المشاعر، بكل أنواعها، محظورة. المسموح هو التفكير المنطقي. وأي حديث عن الحب يعتبر جريمة عقوبتها الإعدام. كذلك يتعرض للإعدام، على نحو علني، كل من يكشف عن سلوك عاطفي، أو أي شخص يبكي، حتى لو حزناً على وفاة شخص عزيز، بحجة أن البكاء سلوك “غير منطقي”.

النظام يفرض التفكير الأحادي البعد، والذي يهدف إلى منع الناس من التفكير نقدياً، ومن طرح أي سؤال، أو مساءلة الأوضاع والشروط التي تحدد وجودهم وتؤطرها. عليهم فقط أن يؤمنوا على نحو مطلق بالقائم والسائد: بالمؤسسات السياسية، والأيديولوجيات المسيطرة. إنهم يفتقرون إلى الحرية في التعبير بشكل صريح عن عواطفهم وأفكارهم. سكان المدينة، ذوو السلوك الآلي، يتلقون، بخنوع ومن غير نقاش، الوصايا التي تكرّس خضوعهم للنظام، مثل: “أبداً لا ينبغي للمرء أن يقول لماذا، بل يقول فقط لأن”. فقط مع وجود جنس بشري لا يفكر ولا يشعر، بإمكان ألفا 60 أن ينجح في تحقيق هدفه الإمبريالي.

ألفافيل هي المدينة التي فيها تكون اللغة مختزلة إلى استعمالها الوظيفي بحيث تيسّر للكومبيوتر، المسيطر على المدينة، عملية التلاعب بالسكّان. النظام يتحكّم في اللغة، في الكلمات والمعاني، في المفاهيم، وذلك من خلال الأيديولوجيا. من وصاياه: “كل شيء قيل، شريطة ألا تغيّر الكلمات معانيها، ولا تغيّر المعاني كلماتها”.

في محاولة للتحكم في حدود التفكير، يلجأ النظام إلى التلاعب باللغة، وتوفير معجم لغوي محدود، قاصر، أحادي البعد، وخاضع للتلاعب. وهذا المعجم بمثابة الكتاب المقدّس. كلماته عقيمة، قابلة للتشذيب على نحو منتظم في سبيل اختزال النطاق الذي ضمنه يستطيع الإنسان أن يشعر ويفكر. النظام هو الذي يقرّر الكلمات التي يمكن استخدامها للتعبير وتلك التي ينبغي استبعادها وحذفها من المعجم. المعجم يفقد الكلمات القديمة على نحو انتظامي. في مكانها توضع كلمات جديدة تنسجم أو تتوافق مع الأفكار الجديدة.. حسب إدعاء النظام.

كلمات مثل: حب، حنان، ضمير.. هي ملغية. المرء يبادر إلى القول “أنا في أحسن حال، شكراً جزيلاً” بطريقة آلية، وقبل أن يُسأل عن حاله. اللغة المكرّسة، المعترف بها رسمياً، هي التي ينبغي استخدامها وتداولها.. وهذا يعني بالضرورة الإمتثال لطرائق التفكير المكرّسة والمسموح بها.

ولأن الشعر يوسّع فهم المرء ويمدّد إدراكه لما هو ممكن، ويزوّده بالقدرة على معارضة أشكال الواقع المكرّسة، وما تمارسه من هيمنة وإقصاء، ولأن الشعر – والفن عموماً – قادر أن يرفع الوعي إلى مستوى أعلى من الإدراك، فإن النظام يقوم على الفور بنفي أولئك الذين يكتبون الشعر. من جهة أخرى، بوسع الكومبيوتر، ألفا 60، أن يستوعب الوقائع لكنه لا يستطيع أن يجعل الشعر مفهوماً أو مقبولاً لأنه لا يفهم القواعد.

في ألفافيل “لم يعش أحد في الماضي، ولا أحد سوف يعيش في المستقبل. الحاضر هو شكل كل حياة”.. هكذا يؤكد النظام الحاكم. الماضي هنا لا يتم تجاهله فحسب، بل ثمة توكيد على أنه لا يوجد. هذا المفهوم، إلى جانب تدمير البعد المستقبلي، يهدف بالدرجة الأولى إلى منع سكان المدينة من التفكير في الإحتمالات المستقبلية لمجتمعهم، وبالتالي تحول دون ممارستهم نقد الوضع الراهن.

النظام الحاكم يصف الزمن باعتباره “دائرة تدور على نحو لا نهائي”. إنه حاضر لا نهائي.. هنا أيضاً توكيد على الرؤية السكونية للواقع، وإبعاد الفرد عن دراسة، أو مجرد التفكير في، الإحتمالات البديلة، لأن ذلك يشكّل تهديداً للأشكال الراسخة للسلطة.

ولأن النظام الحاكم واع لحقيقة أن الكاميرا أداة قادرة على تسجيل وتوثيق الماضي، وأنها تمثّل الذاكرة التاريخية بامتياز، فإنها تمنع مواطني ألفافيل من استخدامها. في المجتمع التكنولوجي المعاصر سنجد نقضاً أو نفياً للتاريخ. 

وفيما يتنقّل التحري  كوشن عبر المدينة كلها، ويجتاز المناطق القاحلة، ملتقطاً الصور، ومتحرياً عن عمل المؤسسة التكنولوجية، يتعيّن عليه أن يخفي مشاعره وأفكاره “الهدّامة”.. إلى أن يتمكن من العثور على العميل ديكسون، في أحد الفنادق، وهو في حالة صحية سيئة، والذي يموت أثناء ممارسته الجنس مع إحدى “المغويات” اللواتي تزدحم بهن المدينة.  

الجانب القمعي المباشر من النظام يكشف نفسه في الأحوال التي يتعامل فيها مع أولئك الذين لا يستطيعون الامتثال كلياً إلى الأشكال المقبولة، المسلّم بها، من السلطة والمعرفة. النظام يفرض على المواطنين التحرش بهؤلاء الخارجين أو المنشقين، الذين لا ينسجمون، ومضايقتهم، ومحاولة دفعهم إلى الإنتحار، وهو المنهج الذي يختاره النظام للتخلص من خصومه غير المرغوب فيهم. عندما تخفق هذه المحاولة، يقوم النظام بتصفية المنشقين وإعدامهم رمياً بالرصاص، أو الغرق، أو صعقهم بالكهرباء على نحو مفاجئ بينما هم جالسون في صالة السينما مستغرقين في مشاهدة فيلم ترفيهي.

السياسة التي يتبعها النظام لا تضمن السلوك المنطقي ولا اللغة المتناقضة. النقيض من هذه الأيديولوجيا نجده في العاطفة والحب. هكذا نرى العميل ديكسون يطلب من التحرّي كوشن أن ينقذ أولئك الذين ينتحبون.

كوشن، متعمداً، ينتهك قوانين المدينة. يتعامل مع الآخرين بفظاظة، يرفض محاولات “المغويات” لإغوائه، يتعارك مع حرّاس الفندق. بعدئذ يركز جهوده على إسقاط ألفافيل والإطاحة بدكتاتورية التكنولوجيا، فيثير شكوك المحيطين به ويؤجج مواقفهم العدائية تجاهه.

عندما تأخذه ناتاشا إلى أبيها ليتعرّف عليه، يعرض عليه العالِم أن ينضم إلى النخبة من التكنولوجيين العاملين لديه، ومقابل ذلك سوف يحصل على المال والنساء، لكن كوشن يرفض العرض لأنه لا يريد أن يكون مثل بقية سكان المدينة، ولا يريد أن يخضع نفسه لهيمنة التكنولوجيا.

يسارع حرّاس الأب إلى اعتقاله، ويتولى ألفا 60 استجوابه. بعدها يُسمح له بأن يأخذ جولة في المركز الذي يديره الكومبيوتر، وهناك يكتشف بأن العالِم ينوي إعلان الحرب على المناطق النائية أو ما تُسمى الأراضي الأجنبية.

من جهة أخرى، هو يقع في غرام ناتاشا، التي يراها مختلفة عن الآخرين، وتحمل بذور العاطفة والمشاعر بداخلها، (عندما يتعرض كوشن للضرب والاعتقال، تبكي ناتاشا) لذلك يسعى إلى نزع الغشاوة عن عينيها لرؤية الواقع من منظور آخر، وإلى تحريرها من هذا المناخ القمعي. بواسطة طاقة الشعر والحب هو ينقذها من عالمها الذي، على نحو عدائي، فصل العواطف والمشاعر عن اللغة وجعلها ميكانيكية واعتباطية. وهو يعلّمها معنى كلمات مثل الحب. فالحب يعطي للحياة معنى وغاية.  

إن اللغة التي يقترحها الفيلم، كشكل من أشكال المقاومة،  هي اللغة الشعرية التي نجدها في قصيدة بول أيلوار “عاصمة الألم”. لغة السوريالية المضادة للعقلانية. إنه إظهار للتناغم الذي قد ينتج إذا استطاعت الصورة واللغة أن تتزامن في لحظةٍ من التعبير الملائم.

إن اكتشاف ناتاشا للحب يكشف لها عالماً  من العواطف واللاعقلانية التي لم تعرف أبداً أنه موجود، فقد كانت طوال الوقت سجينة أيديولوجيا قمعية، وحان الوقت لأن تتحرر. 

في النهاية، يتمكن كوشن من تدمير الآلة بإرباكها وتشويشها من خلال طرح لغز متناقض ظاهرياً، يعلم سلفاً أنها لن تستطيع فهمه أو الإجابة عليه، وبالتالي يفضي بها إلى التدمير الذاتي بجعلها ضحية للشك. الإجابة الصحيحة للغز هي “السعادة”.

بعدئذ ينجح في اختراق مقر العالِم واغتياله، ثم الهروب والعودة إلى الوطن برفقة ناتاشا، بينما المدينة وسكانها ينحدرون نحو الإرتباك والتشوش، ثم الانحلال والنسيان.

وينتهي الفيلم بإعادة توكيد لغة العاطفة، في مشهد يضم ناتاشا وكوشن الذي يقود سيارته، حيث تحاول ناتاشا جاهدةً، وبمشقة فائقة، أن تتذكر كيف ينبغي أن تعبّر عن شعورها. إنها تناضل من أجل إيجاد الكلمات التي سوف تنقذها، حتى تتوصّل إليها أخيراً وتقول تلك العبارة المحظورة: “أنا أحبك”. كوشن لا يستجيب، مع ذلك هي تبتسم في لقطة قريبة ينتهي بها الفيلم.

أغلب أحداث الفيلم، المنتج بميزانية متواضعة وتكاليف منخفضة، تدور في مواقع داخلية، وفي أجواء ليلية.

ورغم أن الأحداث تدور في المستقبل، إلا أن جودار يصور فيلمه في المواقع الحقيقية في باريس الستينيات، الضواحي الصقيلة والمناطق التجارية، موظفاً على نحو مقنع المباني الحديثة آنذاك، من دون اللجوء إلى مؤثرات بصرية خاصة، أو حيل بصرية، أو تصميم مناظر مصطنعة، للإيحاء بمدينة المستقبل.. ألفافيل.

من خلال استخدام أسلوب شديد التباين في الإضاءة والأجواء، واختيار زوايا الكاميرا، يحوّل جودار باريس العصرية إلى مدينة مجهولة الإسم، يمكن أن تكون أي مدينة بمواقعها المضاءة بالنيون، ومبانيها الشاهقة، وطرقاتها العامة التي لا نهاية لها. ولأن أغلب المشاهد مصوّرة في الليل، فإن المواقع تبدو قاتمة أو معتمة، وأسطحها وأشكالها غير مرئية بوضوح. وبدلاً من إظهار المباني كاملة، فإن جودار يكتفي بالأجزاء والعناصر الأساسية.

طوال الفيلم، يُدخل جودار، على نحو متكرر، لقطات لصور ورموز بصرية بين ثنايا السرد من أجل توكيد البنى الأساسية للأيديولوجيا التي تحدد وجود المدينة (الفافيل)، المعادية لحرية الإنسان وإرادته ورغباته، والتي تخنق كل تجليات التفكير الحر وحرية الإرادة وحق تقرير المصير، وتدمر أي إمكانية لحق المرء في الإختيار.

في أفلامه السابقة، عالج جودار موضوعاته ضمن تقاليد الأنواع  المعروفة في سينما هوليوود (لكن من دون أن ينتج عملاً تقليدياً يندرج ضمن النوعية الرائجة): لفيلمه الأول “على آخر نفس” (1960) لجأ إلى النوع البوليسي، ولفيلمه “المرأة هي المرأة” (1961) النوع الموسيقيّ، ولفيلمه “الجنود الرماة” les carabiniers (1963) النوع الحربي.

أما هنا، في “ألفافيل”، فإن جودار يستخدم مزيجاُ من الأنواع المهيمنة في السينما السائدة، حيث نجد عناصر من نوعية أفلام التحري (خصوصاً ما تُسمى الأفلام السوداء film noir) وأفلام الخيال العلمي وأفلام الجريمة، على الطريقة الهوليوودية، لكنه يستخدم ذلك الهجين بطريقة مبتكرة، رؤيوية، شعرية، بالغة الحيوية.. مبدعاً أحد أكثر الأعمال أهمية في مجال الكشف عن “الشمولية (التوتاليتارية) التكنولوجية”، من خلال رؤية هجائية ونقد إجتماعي ومجاز سياسي. وعبر إشارات تاريخية ونصوص ثقافية.

المتابع لأفلام جودار، بالذات الأعمال المبكرة، يدرك أن القصة التي يرتكز عليها الفيلم ما هي إلا ذريعة لاستقصاءات وتحريّات يقوم بها جودار لتشكيلة من القضايا الفنية والفلسفية والسياسية، من ضمنها طبيعة ووظيفة الفن، قوة اللغة، وعلاقة الأيديولوجيا والثقافة. لهذا السبب سوف يتخلى جودار لاحقاً عن السرد لصالح عناصر أكثر تجريبية.  

الفيلم أخاذ بصرياً صوّره ببراعة، وعلى نحو جميل، المبدع راؤل كوتار، بالأسود والأبيض.

Visited 16 times, 1 visit(s) today