“الفارس الأخضر” رحلة تحقيق المصير

هناك أساطير كثيرة عن عصر الملك آرثر منها قصيدة ” السيد جاوين والفارس الأخضر” التي كتبت أواخر القرن الرابع عشر والتي حولها “ديفيد لوري” لفيلم بديع يلقي بالمشاهد داخل مغامرة “جاوين” العجيبة والمليئة بالسحر والكائنات الأسطورية.

يتبع فيلم “الفارس الأخضر” The Green Knight “جاوين” الذي يقوم بدوره “ديف باتيل” خلال رحلته للوصول إلى الكنيسة الخضراء لمقابلة الفارس الأخضر الذي يقوم بدوره ” رالف إنيسون” بعد أن يقتحم الفارس احتفال الملك وفرسانه بعيد الميلاد المجيد في القصر ويتحداهم للاشتراك في لعبة غريبة.  تنص اللعبة على أن يسدد أحد فرسان الملك ضربة بالسيف إلى الفارس الأخضر ثم يذهب بعد عام إلى موطن الفارس لتلقي ضربة مثلها.     

تعددت تفسيرات القصيدة نظراً لغموض شخصية الفارس الأخضر وما ترمز إليه. وحافظ الفيلم على حالة الغموض تلك وبنى عالماً سحرياً خلاباً منذ الدقائق الأولى، فيتحول صوت الراوي من صوت امرأة إلى صوت غير آدمي يثير الرهبة وكأنه آت من عالم آخر. وتضافرت عوامل سينمائية عدة كالملابس والإضاءة وأماكن التصوير والأداء التمثيلي لمساعدة المشاهد على الاستغراق في هذه الرحلة السحرية مع البطل.  

قامت مصممة الأزياء “مالجوسيا تورزانسكا” بعمل مذهل في تصميم التاج الملكي ” لتجعل الملك يبدو مقدساً” كما برعت في اختيار أزياء شخصية “جاوين” وخاصة الوشاح الأصفر الذي ارتداه أثناء الذهاب في مسعاه لملاقاة الفارس الأخضر ” أرادت أن يعبر عن شخصيته كفرد” كما جاء مظهر الفارس الأخضر مهيباً ومخيفاً ويرتدي زياً يبدو أقدم من باقي أزياء الفيلم.

جاء استخدام الإضاءة ملائماً للحقبة الزمنية الخاصة بالفيلم فكانت مائلة للعتمة في الأماكن المغلقة واستغلت الإضاءة الطبيعية في المساحات الخضراء والغابات الشاسعة خلال رحلة البطل. وساعدت أماكن التصوير ما بين قلعة الملك والغابات الواسعة في تعميق استغراقنا مع البطل في رحلته للبحث عن ذاته وإثبات شجاعته وفروسيته للقاء الفارس الأخضر في الموعد المحدد. وكان إيقاع الفيلم هادئاً ليعطي المشاهد فرصة للانغماس في مغامرة البطل وتأمل معنى الفروسية في عهد الملك آرثر.

كان الأداء التمثيلي متميزاً في الفيلم، “ديف باتيل” كان رائعاً فجعلنا نهتم لأمر الشخصية ونشعر بحيرتها ونتساءل معها عن المصير الذي ينتظرها بعد لقاء الفارس الأخضر. وكانت “أليسيا فيكاندر” مذهلة في لعب دورين متناقضين كما كان وجود ” رالف إنيسون” في دور الفارس الأخضر-بدلاً من عمل الشخصية بالكامل عن طريق المؤثرات البصرية-مؤثراً للغاية في إضفاء مصداقية على شخصية الفارس كما استطاع بث مشاعر مختلطة تجاه الشخصية في نفوس المشاهدين.

فيلم “الفارس الأخضر” من أفصل أفلام الرحلات والفانتازيا، فإيقاع الفيلم مناسب لنفكر ونتأمل في مسعى البطل الذي قدمه لنا الفيلم شاباً طيباً ومستهتراً لم يفعل أي شيء ذي أهمية وهو أبعد ما يكون عن أن يصبح فارساً عظيماً ويجعلنا نتساءل هل يفقد طيبته حين يحقق مصيره ويصبح عظيماً؟

https://observer.com/2021/08/the-green-knight-costume-designer-interview

Visited 16 times, 1 visit(s) today