أسئلة الوثائقي العشرة: الحقيقة والواقع والدعاية (1 من 3)
(هذه الدراسة سبق نشرها في موقع “الجزيرة الوثائقية وتنشر هنا باتفاق)
تقديم
فرانسوا نيني فيلسوف ومحاضر معهد عالي وناقد سينمائي ومخرج افلام وثائقية عمل في مجلة دفاتر السينما ومدرسة علم الجمال واستديو- فيلم وثائقي في جامعة السوربون نوفيله في باريس وكتابه الاخير الذي صدر 2009 حول “الفيلم الوثائقي وحججه” صدرت ترجمته الى الالمانية في دار نشر شيرين العام الماضي تحت عنوان: “واقعية الفيلم الوثائقي- خمسون سؤال حول نظرية وممارسة الوثائقية”.
وكما سبق وأن أشرنا حينما تم نشر الأشئلة العشرة المنتقاة فرادا خلال شهور في مجلة الجزيرة الوثائقية، فإننا نأمل في أن تكون محاولتنا “ترجمة” اجوبة المؤلف “بتصرف” تجيب أيضا على الاسئلة التي نختارها بأسلوب لا يخلو من البساطة والعمق في آنٍ واحد. على امل أن تقدم الاجوبة لهواة السينما ومحترفيها ونقادها رؤية مُلهمة في كشف طبيعة الفيلم الوثائقي ، آفاقه وحدوده وبعض قضاياه التاريخية الراهنة الملحة.
يشير قاموس تأريخ اللغة الفرنسية، الصادر عن دار Le Robertإلى أنّ مفردة “وثائقي” مشتقة من كلمة وثيقة وقد انحدرت عام 1214 من اللاتينية documentumبمعنى “مثال، نموذج/ موديل، عبرة، تدريس، برهان وان الاسم منحوت من الفعل docere”يُعلّم، يُدرّس” ويفيد المعنى مدرسي الطاعة، واشتق منه كلمة Doktor ومذهب أو عقيدة Doktrin.
تُحيلُ مفردات المصطلحات – مدرسي، مطيع، دكتور، عقيدة – إلى قضية جوهرية طُرِحت على الفيلم الوثائقي لاحقاً : قضية الدعاية ” بروباغاندا”. لقد ظهرَت هذه المفردة لأول مرة في التاريخ، في سياق مناهضة الإصلاح اللوثري للكنيسة الكاثوليكية . كانت كمفردة تعني عام 1622″ إشاعة الإيمان” أستخدمها البابا غريغور الخامس عشر. وفي سنوات “الكآبة الكبرى” و”تزايد مخاطر الحرب” 1930-1940، استُخدِمَ مصطلح البروباغاندا إيجابياً، بمعنىً تعليمي، كدعاية سياسية كما عند الشيوعيين وكما فعل أيضا جون غريرسون- رائد و(أب) الفيلم الوثائقي البريطاني، الذي أشاع مصطلح وثائقي. لكن المصطلح استُخدم بشكلٍ سلبي بعد انتهاء الحرب العالمية، لأن توظيفه جرى بما يخدم “الدعاية” للحرب، للمعسكر، للقنبلة الذرية أو للستالينية. ولننظر في الوقت عينه إلى تعبير “صناعة الثقافة”، الذي اتخذَ منحىً مُضادّاً، اعتبره أدورنو وهوركهايمر سلبياً، بشكل مطلق، ذلك أنهما رأيا فيه – في مؤلفهما “ديالكتيك التنوير” (1944/1947)- شكلاً جديداً للبربرية التجارية، يتمثّلُ اليوم في الإنصهار بين الوزراء ورجال أعمال أو صحفيي وسائل الإعلام الجماهيرية (السمع/ بصرية والرقمية)!
ويشير القاموس الفرنسي أيضاً إلى أن”وثائقي” تعني نصاً خطيّاً يُعتمدُ دليلاً (برهاناً) أو منوالا للإرشاد. فاستخدام المفردة يشير إلى أنها مصطلحٌ قضائي، جرى تداوله بهذا المعنى في (1690). وفي القرن التاسع عشر فقط اكتسبت المفردة معناها المستقل الخاص. ويحيلنا معناها الجديد الذي اكتسبته، إلى قضية حاسمة في الفيلم الوثائقي، ألا وهي “البرهان” من خلال الصورة. فهل يوجد مثل هذا البرهان حقاً؟ وما “الدليل” على أن لقطة معينة تحمل قيمة بذاتها؟ وهو ما يطرح أسئلة أخرى مرتبطة بعملية إنتاج الوثائقي مثل: معنى مونتاج؟ “أو معنى ما يسمى مصداقية شاهدٍ ما أو متحدث؟
تسرّب مفهوم الوثائقي استنادا إلى القاموس نفسه إلى لغة الفيلم عام 1906 عبر مصطلح Scene documetaire، ولم يستقر إلاّ عام 1915 للتدليل على فيلم بدون معالجة خيالية. وعموما أُطلق على أفلام قصيرة او متوسطة الطول وصاحَبَ هذه التسمية مصطلح docu، ثم اكتسبت في عام1967 جانباً سلبياً تأتى من اللغة الإنجليزية في تسمية “المكتب القومي الكندي لإنتاج الأفلام الوثائقية” الذي أسسه جون غريرسون، الذي يعود له الفضل في إدخال المصطلح الإنجليزي documentaryالذي أطلقه على فلم روبرت فلاهرتي Moana (1926وعرف الفيلم الوثائقي آنذاك بأنه: “معالجة خلاّقة للواقع”.
يتحدث المُوالونَ للطريقة الإنجليزية في البلاغة (امتداح الشيء بضدّه) عن فيلم “خال من الخيال”. فهل الوثائقي وفق هذا التعريف السلبي السابق هو (جنس فيلم) يخلو من السيناريو والممثلين والديكورات والكواليس؟ ولكن ألا يكون مناسباً الحديث عن سينماتوغرافيا “حقيقية” كما نشأت من عدسة المصور لوميير: الحياة كما هي أو الحياة كما في لحظتها المباشرة كما في فيلم دزيغا فيرتوف (الرجل والكاميرا /1929)؟ أليس من الأجدى الحديث عن سحرِ اللقطةٍ، التي تُشكلُ انعكاسا مباشراً، مُستلاًّ من الزمن للحظة فريدة من العالم تسجل الزمن المنقضي وتعيد انتاجه في الزمن الحاضر؟
هناك من يؤكد، من أجل انصاف غريرسون، أنه، وحتى قبل أن يصبح مُنتجاً كبيراً، شجَّع ودعم مخرجي الأفلام الوثائقية من الشباب، وعرَّفهم خاصة على مموليه في (المكتب التجاري لصاحبة الجلالة) وحثَّ الصناعيين على إعطاء تكليفات بالإنتاج لمخرجي الأفلام الوثائقية الشبان. وكان قبل ذلك قد أخرج فيلمه “قوارب الصيد/Drifter”(1930، عن صيادي سمك الرنجة في بحر الشمال، وقام حينذاك بتثوير مبدأ الوثائقي انطلاقا من تعاليم فلاهرتي الواقعية/ الطبيعية وطريقة مونتاج إيزنشتين وفيرتوف الفنية البنائية وصاغ فيه ما عرف بـ”ملحمة البخار والحديد الصُلب” وجعله بمنزلة تحية وإطراء لعمال البحر، وفضح أساليب استغلالهم من قبل السوق العالمية، ذلك أنَّ حصادَ البحر يصل إلى كل نهايات الأرض ويُجبرُ العمال، نتيجة للمكننة، على الانصياع لمبدأ كفاءة الإنتاج الذي يسلبهم ثمار عملهم.
جون غريرسون
أنتج غريرسون لاحقاً عدداً من الأفلام المُفعمة بالحيوية والمبتكرة، لكنها كانت أقلُّ تأثراً بالصبغة الماركسية. واستمر يثمّن العمل الشاق ويعتبر أن العامل هو أساس الأمة والثروة الاجتماعية (خصوصا في الفيلم المشهور “بريد الليل” لبازل رايت وهاري وات 1936 ونصه الشعري لأودن وموسيقاه لبنجامين بريتن). بعد ذلك لم ينشغل في الافلام التي أشرف على انتاجها بأوضاع العمال إلاّ لُماماً. فـ”تزايد المخاطر” في الثلاثينيات، حوّلت اهتمامه نحو الأمة ونحو المجهود الحربي، أكثر من اهتمامه، اجتماعياً، بالصراع الطبقي. ومن هنا جاء شعاره من أجل “هداية” مجموعته الصاخبة والمضطربة من الوثائقيين اليساريين: “أولاً تأتي الدعاية [بروباغندا] وثانياً يأتي الفن”.
جنس سينمائي أم خاصية سينمائية؟
يزداد استخدام أداة التعريف (الألف واللام) في “الفيلم الوثائقي”، بصورةٍ عامة،
ويتمظهرُ توصيف شكلٍ محدّدٍ، معترف به، يعبّرُ عن خصائصَ مُتعارف عليها لنوعٍ من الأفلام. استنادا إلى خبرتنا الحياتية، يمكننا ـ دونَ كبير عناء ـ التمييز بين فيلم وثائقي وآخر روائي/ خيالي. ولكن إنْ تعلّقَ الأمرُ بالفيلم الوثائقي فإنه فيلم يقوم قبل كل شيءٍ على تتابع الصور وموقعها وعلى تسجيلات الصوت إن امكن، كما يحصل عادةً في أي فيلم روائي.
إن أي دراسة توثيقية، هي أداةٌ مرجعية تُوثِّق لكتابة تأريخية : فالصفة “توثيقي” تُحيلُ إلى أن كل شيءٍ يتعلّقُ بفكرة وموضوع الفيلم يجب أن يكون مدعوماً بالوثائق. وبمعنى الاشتقاق الاصطلاحي، فإنَّ “التوثيق” يعني ضبطَ توصيفَ نوعٍ محدّدٍ من الوثيقة أو عملية توثيقها صورياً أو صوتياً: وعليه فإن الفيلم الوثائقي هو فيلم (أو فيديو) يُميز نفسه عن الفيلم الروائي/ الخيالي كما تُميّزُ الرواية نفسها عن المقالة الأدبية ( Essay)
تنحو غالبية قواميس اللغة الفرنسية والمعاجم لمقاربة الفيلم الوثائقي وتعريفه في ضوء عنصرين أساسيين جوهريين: طابعه التعليمي، ومعارضته للفيلم الخيالي. وكما يتبدى واضحاً، فإن استخدام مصطلح الفيلم الوثائقي يرمي بضبابه على التباعد والفارق بين مقولتي “واقعي” و”مُتصوَّر” من ناحية و”حقيقي” و”خيالي” من ناحية أخرى، وهذا ما يستبطنُ كماً هائلاً من المعضلات المعرفية (الأبستمولوجية). فالقاموس الفرنسي المتخصص والمعتمد يسميه “فيلم تعليمي يعرض حقائقَ واقعية هي (على خلاف الفيلم الخيالي) ليست من بنات المخيّلة”. وهكذا يقدم القاموس مئتي مصطلح أساسي لنظرية الفيلم “استنادا إلى ما هو متداولٌ ومتعارف عليه، فإن الفيلم الوثائقي ـ وهو فارقٌ نوعي يتعلق بالنوع ـ يتعارض مع الفيلم الخيالي . ذلك أن الأول يحيلنا إلى الواقع، في حين أن الثاني يحيلنا إلى المُختَلَق والمستنبط، أي إلى عالم وهمي”.
وإذا عدنا إلى الحاضر سنرى أن غالبية الأفلام الوثائقية، خلافاً للعصر، كما رآها الكاتب الفرنسي ريمون كينو (Queneau)لم تكن، بل لم تعد تعليمية . ذلك أن نمط “الفيلم التعليمي” قد تقادم ولم يعد راهنا، بل تراجع لصالح الريبورتاجات الراهنة، ولصالح ما سُمّي بالفيلم الوثائقي ” الخلاّق “.
فإذا كان المقصود بـ “التعليمي” أنه ينقلُ إلينا شيئاً عن العالم وسكانه، فإن هذه الصفة تنطبق كذلك على الفيلم الخيالي أيضاً. وفي هذه الحال سيكون الفيلم الوثائقي بالتالي، فيلماً روائيا مُمِلاً – مصحوباً بتعليق!
يرى البعض في التعليقِ خاصية حاسمة، يتميز بها الفيلم الوثائقي. وإذا عاينّا الأمرَ بجدٍّ، سنرى أن المعضلة تكمن في المفاهيم أي في “تقديم الحقائق الواقعية” و”الإحالة إلى الواقع والرجوع إليه”. ومنَ السهل فَهمُ أنَّ كثرةً من القصص الخيالية والروايات “تُحيلُ” إلى الواقع . لكن من المؤكد أنها لا تُشيرُ ولا تُحيلُ بنفس الطريقة.
في حين أن جوهر الوثائقي لا يتحدّد بالمحتوى (المعلومة)، بل بالشكل (تفاعل الكاميرا/العالم) وطريقة المخاطبة (الجادة وغير المُفتعلَة) والقدرات المطلوبة من المُشاهد. ويبدو أن مفهوم (عرض الوقائع الحقيقية) أكثرُ مناسبة في هذا المجال، إذا كان المقصود به: أن ممثلاً يؤدي حواراً داخلياً (مونولوج)، هو في الوقت نفسه حاملٌ لما يمثله (دور شخصية درامية) وكذلك فإنه كـ”حقيقة فعلية” (ممثلٌ فاعل- بمعنى يقوم بفعلٍ) لذا يمكننا القول بأن “كلّ فيلم خيالي يوثّقُ ما يؤديه ممثلوه”.
إن لقطةً تصور كلباً لا يعُضّ، تعني بأن الفيلم يحوِّلُ الواقع (حتى المُختَلَقَ) إلى صورٍ، وبمعنىً ما، يسلبه واقعيته. فحتى وإن كانت الصورة (حقاً) لكلبٍ حقيقيٍّ، لا يمكننا القول أنه كلبٌ حقيقي. أنها إعادة إنتاج/ تمثيل. ففي اللغة اليومية المتداولة، الصورة هي صورة، ولا يجري التفريق بين “صورة حقيقية” و” صورة مُتَخيّلة”.
الفارقُ الوحيد الواضح هو بين” اللقطة الواقعية ” وبين لقطة مُركّبَة (مُصنَّعة). والصعوبة تكمن في أنّ “الواقعي” يشمل في الوقت ذاته المُختَلَق والمُتخيَّل،وفي الحقيقة أننا عندما نسرِدُ قصصاً، فإننا نحلم . ذلك أنّ أحلامنا وخيالاتنا هي جزءٌ من واقعنا، حتى وإنْ أردنا ألاّ نخلط بين الحلم والواقع. وكانت أول مقاربة معروفة للحلم، رأت “أن الواقع متضمنٌ في الحلم، والحلم متضمنٌ في الواقع”. وعلى العكس من ذلك، تُعتبر المُخيّلَة – سواء في الفن أم السياسة- قوةً خلاّقة، بإمكانها تغيير الواقع. لنتذكر بعض الشعارات، التي رُفِعت عام 1968 ” السلطة للمخيّلة!” و” خذوا أحلامكم إلى الواقع”.
وكما يرى المؤرخ الفرنسي Paul Veyne فإنه لا توجد حقائق جاهزة، بل حقائق علينا أن نخلقها. وهي مقولة / خُلاصة، يُفهم منها أن الحقائق يجب أَنْ تُستَلّ (تُنتزعَ) من سياقاتها وتُعادُ موضوعاتها، كي تكتسب معنىً جديداً. من ناحية أخرى فإنّ “الوقائع” تعكس درجات متفاوتة من الواقع وأشكالٍ مختلفة من الوجود. فمجزرة “تيميشورا”، التي شاعَ عرِضها في قنوات التلفزيون العالمية، بعد سقوط دكتاتور رومانيا (تشاوسيسكو) كانت “واقعة حقيقية” بغض النظر عن كون الجثث، التي عُرِضت، كما قيلَ، لم تكن جثثَ ضحايا تعذيب، بل كانت، حسب المؤلف نيني، جثثاً صُوِّرتْ في مشرَحَة للطب الشرعي لأناسٍ جرى تشريحهم. وكي نتحدث بصدقٍ عن “واقعة حقيقية”، يجب أن يتوفّر تفسير مُقنعٌ ووجيه بعيداً عن التشويه. ونحن نلاحظ من هذا المثال كيف أن “الواقعة الحقيقية” جرى تَشويهها، وكيف تداخل مفهوم “الحقيقي” و”الواقعي” وبالتالي أدّى إلى حدوث بلبلةٍ. لذلك من الخطأ القول إن “مجزرة تيميشورا” لم يكن لها وجود أصلاً، كما أن من الخطأ أيضاً القول بأن الجثث المُقطّعة كانت من اختراع الإعلام . فالجثث كانت موجودة فعلاً وأمكن تصويرها، ولكنها لم تكن “تمثّلُ” ما قيلَ عنها.
إن التعريف المستنبط من المثال السابق لا يستوي لأنه قصّر الفارق بين الفيلم الوثائقي والخيالي على المحتوى، سيان إن كان هذا المحتوى حقيقياً أم افتراضيا (وهمياً). في حين أن القضية أكثر تعقيداً. إنها تتعلِّقٌ بطريقة الاختلاف التي تميز الفيلم الوثائقي عن الفيلم التمثيلي، دون أن نغفل أحياناً التداخل بينهما. فما يُقرّر هوية الفيلم، وثائقياً كان أم خيالياً، ليس فقط طبيعة ما يجري تصويره (افتراضيا كان أم مُتخيّلاً) . إنما ما يميز العلاقة بين مَن يقف وراء الكاميرا ومن يقف أمامها، أي ما يميز خطة الميزان- سين، وطريقة التوجه إلى المُشاهد ومخاطبته، وجعله يستكشف عالمه (أو يكتشف) عالما جديداً من خلال الصور.
يؤكد بول فين في كتابه “كتابة التاريخ” أن الوقائع لا تُشكِّلُ ظواهرَ موضوعية، لأنه لا توجد وقائع دون تأويل: لكن هذا لا يعني أبداً وجودَ “تأويلات” دون وقائع، كما خَلُصَ إليه التفكيكيون ودُعاةُ ما بعد الحداثة .لذا يرى المؤلف طبقا لهذا التحليل ،بتحفُّظ، أن الفارق بين الوثائقي والروائي، هو ذات الفارق بين “الحقيقي” و”الخيالي الخطأ”:أنه لا يفي لمعرفة وتفسير لقطةٍ وما تُمثله، بل أن من الضروري أيضاً معرفةُ الظروف، التي تمَّ فيها التصوير، والطريقة التي يتوجه بها الفيلم نحو جمهور المشاهدين .