2024.. نجاحات نسائية تعيد تشكيل المشهد السينمائي

لقطة من فيلم "رفعت عيني للسما" لقطة من فيلم "رفعت عيني للسما"

من الصعب التنبؤ بشكل قاطع بما إذا كانت سنة 2025 ستكون هي “سنة السينمائيات المصريات” أو لا مع تزايد عدد الأفلام النسائية وفتح الباب لإنتاج المزيد من الأفلام لمخرجات سيدات، لكنها قد تكون كذلك إذا استمرت الموجة المتزايدة من النجاحات والاهتمام بالمخرجات والكاتبات المصريات اللاتي يقدمن أعمالًا ذات جودة عالية وقصصا مؤثرة نجحت في جذب الجمهور السينما إليها، وأعادت تجسيد صورة المرأة من خلال عدسة نسائية بديلا عن الصورة التي يقدمها عنها عادة السينمائيون الرجال.     

لكن إذا كان من غير الممكن التنبؤ بالمستقبل القريب، يمكننا على الأقل رصد سنة 2024 باعتبارها سنة تحول في تاريخ السينمائيات المصرية إذ شهدت هذه السنة  استقبال 11 فيلمًا مصريًا من إخراج نسائي وهذه بالتأكيد ظاهرة  لافتة  في صناعة السينما المصرية تستحق التوقف عندها حيث يعكس هذا الرقم حضورًا قويًا للنساء كمخرجات، بجانب وجودهم ككاتبات سيناريو أو حتى بطلات أفلام، خصوصا إذا  كانت هذه الأفلام متنوعة من حيث الموضوعات والأنماط السينمائية.

ولا شك أن وجود هذا العدد من الأفلام في سنة واحدة هو حراك في اتجاه تغيير الصورة النمطية والتصورات السابقة عن أن النساء قد لا يملكن الموهبة الكافية خلف الكاميرا أو أن أفلام المخرجات وإن كان مستواها الفني مرتفعا، قد لا تحقق الإيرادات الكثيرة في دور العرض التجارية.

نافست هذه الأفلام في شباك التذاكر في حدث غير مسبوق حيث حقق فيلم “الهوى سلطان” إخراج هبة يسري، إيرادات تجاوزت 73 مليون جنيه، وتم عرض الفيلم التسجيلي “رفعت عيني للسما” وهومن اخراج ندى رياض وأيمن الأمير، الذي تقلسم جائزة العين الذهبية في مهرجان كان السينمائي، فقد عرض في 20 قاعة من قاعات العرض  التجارية في القاهرة والإسكندرية والجونة والأقصر في حدث غير مسبوق لفيلم تسجيلي  مما يفتح آفاقاً جديدة لعرض الأفلام التسجيلية في السينما التجارية .

مع استمرار عروض الأفلام في دور السينما جاء إطلاق “مؤسسة المرأة والذاكرة” وسلسلة أفلام قصيرة بعنوان “هي والكاميرا: صانعات السينما المصرية” على قناة المؤسسة الرسمية على يوتيوب.

وذكرت المؤسسة – في بيان لها أن السلسلة توثق لتجارب نساء رائدات في صناعة السينما حيث توثق التجربة تجارب سينمائيات مصريات ضمن مشروع التاريخ الشفوي حيث تشمل قائمة صانعات السينما الاستثنائيات اللاتي يظهرن في هذه للمؤسسة مخرجات، ومصورات، ومؤلفات، ومونتيرات مثال  أيتن أمين، أمل رمسيس، تغريد العصفوري، تهاني راشد، داليا الناصر، رحمة منتصر، شيرين فرغل، صفاء الليثي، ماجي مرجان، مريم نعوم، منال خالد، منى ربيع، نادية كامل، نادين خان، ندى رياض، هالة القوصي، هالة جلال، هالة خليل.    

هنا استعراض سريع لأفلام 2024 والمخرجات التي أبدعن في إخراجها مع تسليط الضوء على تجاربهن الفنية المميزة بهدف إبراز ملامح مستقبل السينما المصرية من منظور نسائي جديد يستحق المراجعة والاهتمام

مقسوم

فيلم “مقسوم” هو أول تجربة روائية طويلة للمخرجة كوثر يونس، بعد تجربتين فنيتين سابقتين. الأولى كانت فيلمها الوثائقي الطويل “هدية من الماضي” الذي صدر عام 2015، والثانية كانت فيلمها الروائي القصير “صاحبتي” عام 2022، الذي شارك في المسابقة الرسمية لقسم آفاق السينما القصيرة في مهرجان فينيسيا السينمائي.

 فيلم “مقسوم” من بطولة ليلى علوي، شيرين رضا، وسما إبراهيم، ويقدم قصة كوميدية عن محاولة إعادة لم شمل فرقة غنائية نسائية لاصدقاء قدامي والمواقف الكوميدية التي تنشأ نتيجة لذلك-الفيلم مختلف عن الأفلام السابقة للمخرجة التي استطاعت أن تخلق فيهم حاله الحميمة والنوستالجيا التي جعلت المشاهد يرتبط مع الشخصيات.

وعلى الرغم من أن قصة الفيلم قد تعيد للوهلة الأولى للذاكرة قصة فيلم “أحلي الاوقات” – تأليف وسام سليمان وإخراج هالة خليل، من حيث تشابه عناصر القصة في إعادة لم الشمل الصديقات الثلاثة بعد أن فرقهن الزمن، إلا أن فيلم “أحلى الاوقات” ناقش قضايا المرأة بشكل أعمق.

The Memoirs of M. A. Draz” “رسائل الشيخ دراز

ما بين تجاربها السينمائية الست التي تتنوع ما بين الروائي والوثائقي- تركز ماجي مرجان أعمالها على إعادة سرد السير الذاتية ورصد حكايات الأفراد من زوايا غير تقليدية. في فيلمها التسجيلي الطويل الأول “من وإلى ميرا” تأخذنا ماجي في رحلة حنين إلى مسقط رأس جدها وجدتها، حيث يمتزج الماضي بالحاضر من خلال قصص السكان الحاليين.

أما فيلمها “رسائل الشيخ دراز” فهو قصة غير نمطية لعائلة أزهرية تتبع فيها رحلة الجد من مصر إلى فرنسا عبر مذكراته ورسائله،

الفيلم شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان أسوان لأفلام المرأة، حيث فاز بجائزتين: جائزة رشيدة عبد السلام (جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة الأفلام الطويلة)، وجائزة الاتحاد الأوروبي لأفضل فيلم أورومتوسطي يتناول قضايا المرأة في مسابقة اليورو متوسطي.

سمر قبل آخر صورة Samar before the final picture

يركز الفيلم على معاناة النساء اللواتي يعانين من تبعات العنف الأسري من خلال شخصية سمر، ويستعرض الفيلم التحديات النفسية والجسدية التي تواجهها المرأة بعد تعرضها لهذا النوع من العنف، وكيفية تأقلمها مع الحياة بعد الهجوم العنيف بالحمض التي تعرضت له البطلة وتبعاته التي تؤثر على مظهرها وعلاقاتها الاجتماعية. يعكس الفيلم الألم المستمر الذي تعيشه هذه النساء، لكنه يقدم أيضًا قصة أمل وصمود من خلال سعي النساء للتعافي ومساعدة الأخريات اللواتي تعرضن لذات المعاناة.

رفعت عيني للسما The Brink Of Dreams

الفيلم هو التجربة الرابعة لصانعيه ندي رياض وأيمن الأمير. وهو يتناول على مدار أربع سنوات قصة ثلاث فتيات من قرية برشا في صعيد مصر. ويركز الفيلم على أحلامهن وطموحاتهن غير التقليدية، التي تتحدى قيود مجتمع مغلق.

الفتيات أسّسن فرقة مسرحية تحمل اسمبانوراما برشا”، بهدف مناقشة قضايا اجتماعية مثل الزواج المبكر، العنف، وتعليم الفتيات، من خلال تقديم عروضهن المسرحية في شوارع القريةالفيلم يعكس تأثير الورش والمبادرات الفنية خلال العقد الماضي في الصعيد، بعيدًا عن مركزية القاهرة. وقد أثار جدلًا حول مدى التزامه بقواعد الأفلام الوثائقية، خاصة في عرضه للأحداث بصدق دون توجيه شخصياته، محافظًا على أصالة القصة.

الفستان الابيض The Wedding Dress

فيلمالفستان الأبيض من تأليف وإخراججيلان عوف“. تدور أحداثه حولوردة”، وهي عروس تفقد فستان زفافها قبل ليلة من حفل الزفاف، مما يدفعها للانطلاق في رحلة برفقة ابنة خالتها للبحث عن فستان بديل لتمتد رحلتهم عبر المدينة لتعيدوردةاكتشاف طموحاتها واحلامها.

AL SHANAB / ال شنب

فيلمآل شنبهو ثالث تجربة للمخرجة آيتن أمين بعد فيلميها السابقينفيلا 69″ وسعاد“. بينما عُرضفيلا 69″ في مهرجان دبي السينمائي الدولي، شارك فيلمسعادفي مهرجانيكانوبرلين“.

وتدور أحداث فيلمآل شنبفي إطار كوميدي حول علاقة أربعة شقيقات يواجهن أزمة عائلية تتعلق بوفاة الأخ الوحيد. الفتاة التي تلعب دورها ليلى علوي، سوسن بدر، لبلبة، وهيدي كرم يتعاملن مع الصراع العائلي المترتب على وفاة شقيقهن، ويستعرض الفيلم ما يمر به أفراد العائلة من لحظات كوميدية في ظل هذا الحدث الذي يعيدهم إلى الماضي ويكشف عن التوترات والذكريات المخفية بينهم.

الهوى سلطان

تدور أحداثه حول علاقة الصداقة العميقة التي تجمع بين “سارة” و”علي” منذ الطفولة، وتطور تلك الصداقة إلى حب رومانسي. وعلى الرغم من بساطة الفكرة إلا أن جودة الكتابة ورسم الشخصيات أضاف لها أبعادا اكثر عمقا – استطاع العمل اقتناص الحالة المنتشرة في أوساط جيل الثمانينات من الطبقة المتوسطة في ظل حياة تغص بالضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وسعيهن للحب والطموح. 

وقد داعب الفيلم الحنين الي شوارع القاهرة التي نعرفها بعيدا عن عن التحولات العمرانية الصارخة التي قسمت العاصمة وضواحيها اما كتل اسمنتية محاطة بأسوار تسمي “كومباوندات”، أو مباني أسمنتية عشوائية زاد من قبحها المحاولات اليائسة لإعادة تجميلها عن طريق طلائها بلون واحد قبيح، أو ما بين الاصرار على فصل وتصنيف الأفراد وفقا للساحل الطيب والساحل الشرير.

“الهوى سلطان ” هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجته هبه يسري بعد فيلمها الوثائقي الطويل الأول “ستو زاد “.

مين يصدق

تعاني نادين بطلة فيلم “مين يصدق” من غياب الاهتمام والدعم العاطفي من والديها. وقد نجح الفيلم في جذب جمهور الجيل “زي” بفضل مشاركة نجوم شباب، بالإضافة إلى مزجه بين التشويق، المغامرة، الأكشن، وقصة رومانسية مثيرة.

“مين يصدق” هو العمل الروائي الأول للمخرجة ” زينة عبد الباقي ” – استطاع تحقيق إيرادات تتجاوز الثلاثة ملايين جنيه في دور العرض.

دخل الربيع يضحك

 في فيلمها الروائي الطويل الأول الذي حصل على جائزةصلاح ابو سيفلأفضل إسهام فني في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ 45  – تتناول  مخرجة العمل نهي عادل موضوع العلاقات النسائية، التي تبدأ وردية ومفعمة بالثقة والأمل، قبل أن تتحول إلى مواجهات تكشف أسرارًا دفينةدخل الربيع يضحكهو العمل الثالث الذي قدمته بعد أن قدمت فيلمين قصيرين سابقين، همامارشديروحدث ذات مرة على القهوة“.

شرق12 East of Noon

هذا العمل يُعد التجربة السينمائية الثانية للمخرجة “هالة القوصي”، التي سبق لها أن أخرجت فيلمها الأول “زهرة الصبار”، والذي نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة الثانية من مهرجان أسوان الدولي.

سنو وايت

  حظي  فيلم “سنو وايت” باهتمام واسع منذ عرضه الأول بالمهرجان فازت مريم شريف  بطلة الفيلم  بجائزة “اليسر” لأفضل ممثلة في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.

كيف يمكن للمرء أن يحافظ على هويته الحقيقية في عالم يُطالبنا بالتنكر حتى يتم قبولنا اجتماعيا، وتدور أحداث الفيلم حول “إيمان”، الشابة المصرية قصيرة القامة التي تسعى لتحقيق حلمها في الحب والزواج مثل أي فتاة أخرى.

تواجه إيمان صعوبات بسبب معايير الجمال التقليدية التي تفرضها الثقافة المحيطة، ولتحقيق حلمها، تلجأ إلى مواقع التعارف عبر الإنترنت للتعبير عن نفسها بحرية بعيدًا عن القيود الاجتماعية اليومية، بينما تكافح أيضًا لمساعدة أختها في إتمام زواجها.

فيلم “سنووايت ” لمخرجته تغريد أبو الحسن تجربة تستحق المشاهدة.