طارق الشناوي: على كل لون ياوزير ويامثقفاتية!

الناقد السينمائي طارق الشناوي كتب في جريدة “التحرير” بتاريخ 22 أغسطس يوجه انتقادات شديدة لوزير الثقافة المصري صابر عرب على تذبذب مواقفه كما ينتقد مواقف المثقفين المضطربة والمتراجعة ويتهم فصيلا منهم بالسعي لتطويع الوزير لتنفيذ ما يريدونه بغض النظر عن موضوعيته…

هل رأيتم أول من أمس وجه صابر عرب وزير الثقافة الذى يفيض بالحسرة على كل الشاشات مما يفعله الإخوان الإرهابيون، “فلاش باك” عودة للماضى أقصد الماضى القريب جدا أربعة أشهر فقط عندما كان صابر وزيرا للثقافة فى الدولة الإخوانية ويحرص على الذهاب إلى كل اللقاءات التى يعقدها المعزول محمد مرسى، هل تتذكرون يديه الملظلظتين وهو يصفق بحرارة منقطعة النظير داعما لكل القرارات التى يعلنها مرسى.

فى المؤتمر الصحفى العالمى أقصد المهزلة العالمية كانت تجلس على المنصة إلهام شاهين، وبغض النظر عما يحمله وجود إلهام من إنكار لثورة 25 يناير فهى دائمة الطعن فيها، بعيدا عن ذلك علينا فقط أن نعود لمثل هذه الأيام من العام الماضى عندما رشحت إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى إلهام للتكريم ردًّا على تطاول عبد الله بدر عليها وتعرضها لانتهاك شرفها، تعرفون من هو الذى أوقف التكريم تحسبا من غضب الإسلاميين إنه أيضا صابر عرب، الرجل لا يعنيه شىء فى الدنيا سوى احتفاظه بمقعده، مرة يرفع شعار تسقط إلهام وأخرى يهتف تعيش إلهام!!

إنه الوزير الذى رأيناه فى أثناء حكم العسكريين الذين أتوا به خلفا للدكتور عماد أبو غازى الذى استقال احتجاجا على ما جرى فى «محمد محمود» من قتلٍ وسحل وترويع ومنذ ذلك الحين وهو يمسك فى الكرسى بديله وأسنانه وابتعد فقط لمدة شهر عندما قدم استقالته من حكومة الجنزورى حتى يتسنى له الحصول على جائزة الدولة التقديرية فى لعبة مكشوفة فلا يجوز لوزير أن يقبل ترشح لجائزة دولة هو الذى يمنحها فى النهاية لنفسه، والغريب أن أغلب المثقفين آثروا وقتها الصمت على تلك الفضيحة ولا يزالون صامتين، وانتقلنا إلى الدولة الدينية فى حكومة قنديل فكان الرجل كعادته جاهزا للمنصب، وعندما طلبتْ منه الدولة طبع مسودة الدستور على حساب وزارة الثقافة واحتجّت نقابة السينمائيين وقررت مقاطعة حفل ختام مهرجان القاهرة وأعلن مدحت العدل وقتها عضو لجنة التحكيم أنه لن يحضر حفل الختام بينما فنان الديكور أنسى أبو سيف قرر الاعتذار عن التكريم لأنه لا يريد أن يضع يده فى يد لوثها الوزير عندما طبع الدستور.. فإنه ظل كما وصفته من قبل يجيد “الشقلباظ” هنا وهناك مرة مع المثقفين وأخرى مع الإخوان فهو يعرف أصول اللعب ويدرك أن قانون المصلحة «سيب وأنا سيب» يصلح لاختراقهم بل والسيطرة عليهم وهكذا جاء للمقعد لثالث مرة بحماية هذا الغطاء الذى وفره له المثقفون.

رهانه الحالى لضمان بقائه على المقعد هم زعماء المثقفين، هؤلاء الذين اعتصموا فى وزارة الثقافة ضد وزير الثقافة الإخوانى علاء عبد العزيز وأسقطوه ومن بعده سقط النظام، وكانوا بمجرد تعيين صابر عرب قد أصدروا بيانا مماثلا لإسقاطه وأصروا على إيناس عبد الدايم وزيرة للثقافة، ولأنه يعرف كيف يلاعبهم فإن هذا البيان لم يتم توزيعه على الصحف فاجتمع بهم ووجد أنهم يشكلون القوة الفاعلة والقادرة على الحشد فقرر أن يستقطبهم إلى صفه فهو يعلم كما أن ليالى العمر معدودة -كما تقول شادية- فإن لياليه وأيامه فى الوزارة باتت هذه المرة محدودة، وفرصته الوحيدة لضمان بقائه هو تأييد هؤلاء الزعماء، فلقد أدمن الكرسى وذاق حلاوته ووجد أن المفتاح معهم فقرر أن يصنع منهم مجموعة تملك إصدار القرار وهكذا مثلا وقع اختيارهم على الزميل العزيز سمير فريد رئيسا لمهرجان القاهرة، وليس لى اعتراض على سمير فهو واحد من كبار النقاد فى عالمنا العربى ولكن الموافقة لم تأت إلا والوزير مهيض الجناح منزوع الصلاحيات يعلم أن لديهم بيانا لإسقاطه لو لم ينفذ.

فى الحقيقة لا أستطيع أن أستوعب موقف المثقفين هل هو مبدئىّ أم لحظىّ.. الوزير ينفّذ طلباتكم فتوافقون على استمراره، الوزير لم يستجب إذن سوف نسقطه والبيان لا يزال فى جيوبهم، هل نحن حقيقة نعيش فى أزمة وزير ثقافة يتلاعب بالجميع و”على كل لون يا باطستا” أم هى فى عمقها أزمة مثقفين مستعدون للتعامل مع الشيطان ما دام سينفّذ أوامرهم، وبالمناسبة “الباطستا” نوع من القماش يقبل كل الألوان فصار مثلا ولهذا اخترته عنوانا للمقال!

Visited 20 times, 1 visit(s) today