صفحات مجهولة من تاريخ السينما المصرية

توجو مزراحي مخرج فيلم "الساغة 7" وبطل الفيلم علي الكسار، وجورج بهنا منتج وموزع الفيلم توجو مزراحي مخرج فيلم "الساغة 7" وبطل الفيلم علي الكسار، وجورج بهنا منتج وموزع الفيلم
Print Friendly, PDF & Email

مدخل

ما هي السينما؟ هذا هو السؤال الذي كنت اطرحه دائما على نفسي، هل هي هذا العالم السحري الرحيب الذي ادخله كل نهاية اسبوع لأشاهد ابطالا وبطلات في قصص مغامرات وحب ونكد وضحك؟ هل هي عالم اسطوري مغلق يصعب اقتحامه وهو مقصور على سدنته وكهنته؟ هل يمكن ان اقتحم هذا العالم يوما ما؟ وفجأة وكما يحدث في الافلام وجدت في يدي كاميرا 8 مم سوبر صامتة وهرعت لصالح الشهابي قائلا (معانا كاميرا يالا نعمل سينما) ونزلنا سويا في سيارته، الى الانفوشي نصور «الشبك» وحلقة السمك «ونادي اليخت». كانت الكاميرا تتأرجح في يدنا وكنا نقتصد في استخدام الفيلم فنحن نريد الامساك بكل شيء.

اعطينا الفيلم لاستوديو يملكه «خواجة» ارمني. وذهبنا بعد اسبوع فوجدنا فيلمنا جاهزا في انتظارنا. كان سليما معافى. فقال صالح «ستانلي كوبريك حرق اول افلامه». وهكذا دخلنا عالم الامساك باللحظة الحياتية المعاشة وسجنها داخل اطار السليلويد ومن ثم اعادة انتاجها مرات ومرات.

لم يكن تاريخ السينما وحفريات السينما من الموضوعات التي تمثل اهمية قصوى لي بحيث اكون لها مجموعة بحثية خاصة. وعندما طلب مني الصديق سمير فريد ان اعد البحث الذي مثل مصر في الحلقة البحثية السالفة، والذي كان موضوعه محمود خليل راشد، لم اكن اتصور اني سأستمر في هذا المجال المثير. كنت اعتقد انني سأتوقف عند «راشد» مثلما فعل محمد كامل القليوبي. واعتقدت ايضا ان الامر لا يعدو الحلقة البحثية. لكنني كنت واهما مثلي مثل القليوبي ايضا. فبعد بحث «راشد» وجدت العديد من الخيوط التي تؤدي لابحاث حفرية عديدة في تاريخ السينما. ووجدت، كما القليوبي، الكثيرين يتصلون بي ويخبرونني بأن عندهم معلومات عن تاريخ مجهول للسينما في مصر.

وفي منتصف شهر سبتمبر اتصل بي الصديق ماهر سعيد وهو المصور الذي شارك في اعمال بحث راشد بكاميرته الفوتوغرافية والفيديو. قال لي انه بينما كان يصور حلقة في عيادة احد اطباء امراض النساء، واسمه الدكتور احمد توفيق، بمناسبة تبرع أسرته بأدوات العيادة للأطباء الشباب، شاهد كومة كبيرة من عُلب الافلام الصفيح ذكرته بعلب افلام «راشد» وانه اعتقد ان تلك الافلام مثل فيلم «راشد» واخبرني ان اسرة المرحوم احمد توفيق قد اعطته هذه الافلام وطلب مني الذهاب الى بيته لفحصها سويا. وهرعت اليه وفوجئنا معا بكم هائل من الافلام المصرية القديمة مقاس 16 مم ومعظمها غنائي. ووجدنا افلاما تسجيلية وشرائط اجنبية. باختصار انه كنز جديد. لكن من هو احمد توفيق؟ سألت مرجعي الاساسيين سمير فريد ومحمد القليوبي فلم اجد عندهما اجابة.

ولم نستطع الوصول الى عائلة الدكتور احمد الا بعد مشقة، فالجميع مشغول بعمله. واخيرا ذهبت مع ماهر الى منزلهم في كليوبترا 22 ش الفسطاط (الاسكندرية) وكان الموعد بعد الحادية عشرة مساء ورغم انه موعد متأخر الا ان ما حدث كان بمثابة فتح بوابة «مغارة علي بابا».

وكانت «افتح يا سمسم» هي سؤالنا عن اصدقاء الدكتور احمد المهتمين بالسينما.

وتذكر ابنه الدكتور خالد توفيق وزوجته السيدة فاطمة ان ثمة صديقا اسمه فيكتور وله ابن اسمه «كوكو». تذكراه لأن «كوكو» كان زميلا لخالد في مدرسة سان مارك. واعطيانا وصف البيت قائلين انهما يشكان في ان فيكتور قد توفي. وتذكرا صديقا آخر هو فايز حمدي وهو مصور محترف وقام الزميل الباحث علي نبوي بالذهاب لمقابلة كل من فايز وفيكتور.

ثم كرت المسبحة وعرفنا اسماء عديدة اخرى. وقادنا السيد فرناند شدياق ابن المرحوم نصر الله فاضل شدياق الشهير باسم «فيكتور» الى آخرين، وهم بدورهم قادونا الى ا^خرين وتبينا ان العجلة لا تتوقف.. ونعتقد انها لن تتوقف بإذن الله.

السينما ولحظة الادراك

من ضمن من قابلناه واخترنا ان يكون احد النماذج المقدمة في بحثنا هذا الاستاذ فؤاد حلمي اطال الله بقاءه. وفي اول مقابلة لنا معه، كان يحكي عن تصويره لدبين من نوع الكوالا في حديقة حيوان الاسكندرية، كانا يلهوان بشريط تسجيل 1/4 بوصة القاه لهما احد الزائرين وكيف ان منظرهما كان شديد الاضحاك. وختم كلامه قائلا «انا مكدبتش خبر وفي لحظة رحت لاهفهم». ومن لحظة «اللهف» تلك لحظة «الامساك» بالشيء وحبسه داخل اطار او بالاحرى سجنه على شريط من سليلويد، من هذه اللحظة الخاصة والفريدة والمتكررة في حياة كل محبي السينما ننطلق.

محمد القليوبي

قال لي الصديق الدكتور محمد كامل القليوبي ذات مرة «في هذه اللحظة يكمن سر السينما»، ففي كل لقطة تلتقطها الكاميرا ثمة شيء خاص وعام في نفس الوقت. شيء نعرفه كلنا بيد اننا نعجز دائما عن تحديد كنهه. هل هو الحياة ذاتها ام هو الزمن، ام هو ادراكنا للاثنين معا؟ دعونا نطرح السؤال بشكل مغاير.. ما الذي جعل هذه اللحظة التي سجلتها عدسة الة التصوير وسجنها السليلويد خاصة وهامة وفريدة؟

ربما تكون الاجابة على السؤالين معا هي الاجابة على تساؤلنا الاول الذي بدأنا به هذه الصفحات، اي ما هي السينما؟

وهذه الاجابة كما يقدمها هؤلاء الهواة عمليا هي «ان السينما هي عملية الامساك باللحظة الحياتية ثم استعادتها فيما بعد وان هذا الامساك ثم الاستعادة يمثلان مخزونا هائلا من الذكريات المستعادة والكاذبة احيانا والمضخمة احيانا كما يقول بازوليني في مقاله عن سينما الشعر».

جميع من قابلناهم او تحدثنا مع اقاربهم يؤكدون هذا التعريف، الاهم ان اعمالهم تؤكد هذا التعريف. لذا نطرح سؤالا جديدا هذه المرة يتسم بطابع اكثر نظرية الا وهو:

ما هي علاقة السينما بالزمن ومن ثم ما هي علاقتها بالتاريخ؟

كثيرة هي الاجابات على سؤالنا، وهو كما نرى ينقسم لشقين؛ الاول عن الزمن وهنا سنسأل عن أي زمن نتحدث؟ أهو الزمن، الحياتي المعاش؟ حينئذ تكون السينما هي «امساك متكرر بلحظات من هذا الزمن». ام هو الزمن بمعناه اللغوي من ماض وحاضر ومستقبل؟ حينئذ تواجهنا اشكالية الطبيعة الحُلمية والخيالية للسينما او السينما «بما هي استعادة لحلم او غوص في اللاشعور».

محمد بيومي

بيد انه من الواضح ان الامرين لا ينفيان بعضهما البعض، خاصة لو وسعنا مفهوم الزمن بحيث لا يقتصر على الا^نية المعاشة في حالة الوعي.

يتبقى زمن ثالث تتعامل معه السينما وهو زمنها الخاص او تلك الدقائق التي تقضيها في متابعة شريط السليلويد وهو يظهر لنا على الشاشة البيضاء، صور متحركة. وثمة ايضا زمن رابع هو ذلك الايقاع الداخلي الذي نحسه في الفيلم والمتخلق من تتابع اللقطات والصوت وغير ذلك من العناصر. لن نستفيض في هذه الجزئية فالكتب في هذا المجال كثيرة ومتاحة، وانما جل همنا هو ان نوضح تعدد مستويات الزمن في السينما وبالتالي تركيبية علاقة السينما بالزمن. ونؤكد ان هذه التركيبية موجودة في كل الاعمال السينمائية سواء صنعها محترفون ام هواة وهو موضوع بحثنا.

يتبقى لنا اذن ان الشطر الثاني من السؤال وهو عن علاقة السينما بالتاريخ بما هو زمن مكتوب اي بما هو تدوين للاحداث التي وقعت. يرى نور الدين الصايل ان العلاقة بين السينما والتاريخ علاقة مزعزعة فالتاريخ عنده علم اما الفيلم فهو فن. فهو يرى اذن ان العلاقة بين التاريخ والسينما علاقة صعبة. من نفس المنطلق يرى مارك فيرو ان العلاقة بين التاريخ والسينما لها جوانب متعددة يمكن تلخيصها في النقاط التالية حسب رأيه:

1 ـ الفيلم وثيقة تاريخية.

2 ـ السينما كناقل للتاريخ.

3 ـ السينما بوصفها منتجا اقتصاديا وثقافيا.

4 ـ تأثير السينما على الوعي التاريخ.

ويرى محمد جلاوي في بحثه «التاريخ والسينما» ان ثمة ثلاث طرق للتعامل مع التاريخ عن طريق السينما وهي الفيلم التسجيلي الوثائقي مثل شريط 6/12&2 الفيلم الدعائي سواء كان روائيا او غير روائي، والفيلم الروائي الذي قد يلجأ الى الوثيقة «كفر قاسم»، او يتعامل مع التاريخ بطريقة مباشرة من خلال الرواة او الاسطورة، او من خلال رصد الحدث في راهنيته «عمر المختار» لمصطفى العقاد و «بونابرت» لأبل جانس.

وتقدم الينا اسرائيل وجهة نظر خاصة جدا في هذه العلاقة، فهي ترى ان الفيلم يعبر عن نظرية ساذجة حول العالم وانه يماثل من هذه الزاوية التفكير المعتاد او الحس العام. ويقدم الفيلم ايضا الانسان وعالمه في ظروف اجتماعية محددة.

ويكلمنا اندرو ساريس في كتابه الشهير «السينما الامريكية… مخرجون واخراج 1929 ـ 1968» عن تاريخ السينما باعتباره ضرورة في ذاتها بل انه حاول تقديم نظرية خاصة لتاريخ السينما من خلال ما اسماه «نظرية المؤلف» الشهيرة.

نتبين مما سبق ان هناك العديد من الا^راء التي تتحدث عن علاقة السينما بالتاريخ ولسنا هنا في مجال حصرها، بيد ان الغرض هو تقديم بانوراما لهذه الا^راء كتمهيد لطرح وجهة نظر مستمدة منها. فأتصور انه يمكن ان نطرح العلاقة بين السينما والتاريخ من خلال اشكاليات ثلاث هي:

1 ـ استخدام السينما للحكي التاريخ.

2 ـ استخدام السينما كموضوع للبحث التاريخي.

3 ـ استخدام السينما كوثيقة تاريخية في ذاتها.

اذن فالسينما قد تكون وسيلة للتاريخ او موضوعا له او وثيقة عليه.

ولا يتعرض بحثنا للسينما بوصفها وسيلة للحكي التاريخي وانما هو بحث في تاريخ السينما اي موضوع تاريخي. وايضا هو بحث في امكانية استخدام السينما كوثيقة دالة على التاريخ، وثيقة تتجاوز دلالتها التاريخية القصة التي ترويها او الرسالة التي تنقلها وانما تكمن تلك الدلالة بالاساس في عملية تحليل للصورة المتحركة وعناصرها المختلفة بما هي شواهد دالة على عصر بعينه وحقبة تاريخية محددة.

ونحن نرى ان هذه الدلالة تنبع اساسا من لحظة ادراك الزمن تلك، التي تحدث عنها فؤاد حلمي ومحمد القليوبي. وهي تلك اللحظة التي صارت، منذ ان سجلتها عين الكاميرا وحبستها على الفيلم الخام واطلقتها المعامل وا^لة العرض، تاريخا لشخص ما وواقع ما. وهذا هو الموضوع الاساسي لبحثنا.

تعريفات ومفاهيم

أجد انه من الضروري ان اقدم رؤية للمجال الدلالي الذي يتحرك فيه البحث وايضا للمفاهيم التي يستخدمها وذلك من خلال عرض تلك المفاهيم وكذلك عرض وجهات نظر متعددة تتعلق بها مع تبرير استخدامنا لمفهوم دون غيره.

النموذج المعرفي

اداة تحليلية تعتبر صياغة فردية قابلة للاختبار من اجل رصد العام (الواقع) دون تجاهل الخاص (الذات). ويشبه الدكتور عبد الوهاب المسيري النموذج في تركيبيته بالاسكتش العام الذي يرسمه المصور الفنان للوحته الزيتية. فالنموذج المعرفي هو تلك الأداة التي نستخدمها لرصد وتحليل الواقع المحيط. وسنحاول فيما يلي ان نقدم بعض النماذج المعرفية التي استخدمت في عملية رصد وتحليل تاريخ السينما.

النموذج الايديولوجي

نستطيع ان نجد هذا النموذج بوضوح عند محمد القليوبي في مقاله «بمناسبة خرافة مرور خمسين عاما على اول فيلم مصري» حيث يربط القليوبي في هذا المقال بين نشأة السينما المصرية وسيطرة البورجوازية القومية عليها ويحدد ان التاريخ الذي يختاره المؤرخون المصريون كتاريخ لأول فيلم مصري انما هو تاريخ ادراك البورجوازية المصرية لاهمية استثمار السينما. ومن الواضح ان القليوبي يبني تحليله على الماركسية كأيديولوجية ويرصد اهمية الاقتصاد كمتغير اساسي في الواقع.

نجد ايضا هذا النموذج عند مصطفى المسناوي حيث يرفض المسناوي اعتبار الافلام التي صورها الاجانب في المغرب افلاما مغربية ويحدد أن الفيلم المغربي هو كل فيلم انجزه مخرج مغربي انطلاقا من نظرة داخلية، غير متعالية، تنطلق من الواقع المعيش لا الواقع الاسطوري او الخرافي وتنظر الى الواقع بصفة عامة نظرة تقرب منه قدر الامكان مع النظر الى الأدلة المستخدمة باعتبارها وسيلة تعبير ومعرفة (20) ويبدو جليا انطلاق المسناوي من الايديولوجية القومية في تحليله وفي بنائه لنموذجه.

مصطفى المسناوي

كذلك نجد هذا النموذج عند كاتب هذه السطور، وذلك في اطروحته حول «الاختراق والتماس» التي قدمها في البحث المقدم لحلقة البحث الثانية المقامة تحت عنوان «السينما العربية الصامتة» حيث يطرح العلاقة بين المسلمين والغرب في اطار العلاقة بين الخط والدائرة انطلاقا من ان النموذج الاختراقي هو نموذج يهتم بالمنفعة العامة ويتخطى السلطة ويحث على مكارم الاخلاق انطلاقا من القيم الدينية ومن ثم فقد بنى النموذج انطلاقا من رؤية دينية اسلامية.

النموذج المعلوماتي

ويعتمد هذا النموذج أساسا على مراكمة أكبر قدر ممكن من المعلومات بهدف الوصول للدقة والموضوعية المطلقة (كأن هذا ممكن) ومعظم مؤرخي السينما المصرية يدورون في فلك هذا النموذج حيث تدور المعارك النقدية حول من كان اولا ومن كان ا^خرا في اطار من يقدم معلومة ومن يكذب تلك المعلومة. ويمكن الرجوع الى مقالة علي شلش المنشورة في مجلة الفنون عدد 6 ـ السنة الاولى مارس 1980 ص 44 ـ 48 بعنوان «السينما المصرية» (النشأة والتطور) لتفحص هذا النموذج. حيث يقوم الباحث برصد جهود مؤرخي السينما المصرية في اطار محاولته لتقديم جهد تاريخي في هذا المجال. وهو يلاحظ (ان تاريخ السينما المصرية لم يعرف التحليل قبل ثورة 1952).

النموذج التركيبي

وهذا النموذج يهتم اساسا بطرح رؤية مركبة لفهم الاشكالية موضع البحث نلمح هذا النموذج في «الاختراق والتماس» حيث يربط بين نموذج رياضي وبين رؤية ايديولوجية وبين معتقد. وكذلك نجد مثل هذا عند دزيغا فيرتوف في نموذجه حول العين السينمائية وهو النموذج المركب من رؤية طبية (العين باعتبارها أداة ابصار).

كما نلاحظ مثل هذا في الكتابة الفيرتوفية: خطر الموت، مرض معد.. الخ ورؤية فنية وايضا رؤية ايديولوجية.

نماذج اخرى

قد يقول قائل ان التقسيم السالف متعسف، فالنموذج الايديولوجي يضم ثلاثة نماذج في ذاته ويمكن تعداد نماذج اخرى تنتمي الى نفس النموذج الايديولوجي، ويمكننا كذلك تقسيم النماذج الى نماذج بسيطة واخرى مركبة ومن ثم تدرج النماذج السالفة في اطار النماذج البسيطة ويمكن كذلك رؤية نماذج اخرى مثل النموذج الفني الذي يطرحه سمير فريد في مقدمة كتابه «اضواء على السينما المعاصرة» هذا النموذج الذي يتبنى الدعوة الى التحرك نحو (فنان الفيلم ونحو لغة سينمائية خالصة).

ما نريد ان نخلص اليه هو ان المراد تقديم رؤية سريعة وعامة لفكرة النموذج المعرفي وليس التصنيف في ذاته الذي يخرج عن نطاق هذا البحث.

الوثيقة السينمائية والوثيقة الاصلية

هي الفيلم نفسه، اي تلك المادة المصورة على شريط السليلويد. وهي التي تمثل المرجع الاول الذي يثبت وجود الفيلم ذاته.

الوثيقة الثانوية

هي تلك المواد التي تتعلق بالمادة الفيلمية مثل ادوات التصوير وكتالوغات الفيلم والمادة المكتوبة اثناء التصوير وقبله وغير ذلك.

الوثيقة المساعدة

هي ما يكتب عن الفيلم سواء كان نقدا او اعلانات او مراجعات. وهي وثائق لا تمثل أدلة ثبوتية وانما هي دلائل هادية وقرائن على وجود الفيلم. وكما حدد عبد الكريم قابوس فان استخدامها غير المتحفظ للتاريخ قد يؤدي الى اخطاء فاحشة. ويمكن الرجوع في هذا الصدد الى كل من البحث الذي قدمه كاتب هذه السطور بعنوان «رؤية ابستمولوجية جديدة لتاريخ السينما المصرية» وكذلك الى دراسة سمير فريد (الافلام المصرية في كتاب احمد الحضري).

عزيزة أمير

الكرونولوجية أو التقويم

هو نظام لحساب الفترات الطويلة محدد فيه ترتيب معين لحساب الايام في السنة، فهو نظام تعاقبي في الاساس لتحديد تاريخ شيء ما، سواء كان هذا الشيء واقعة ام مادة، ويعتمد التقويم السينمائي على الوثائق الاصلية والثانوية والمساعدة لتقرير تاريخ مادة بعينها. كما يمكن قراءة دلالات الوثيقة الاصلية ذاتها لتصير مادة دالة على التاريخ، من خلال تحديد زمن الفيلم من خلال موضات الازياء وغير ذلك.

ونظرا لطبيعة السينما الخاصة تواجهنا اشكاليات عديدة في هذا الصدد من بينها اشكالية «الكولاج» التي سنراها عند الحديث عن افلام د. احمد توفيق، ولكن يمكن طرح هذه الاشكالية بوصفها عملية «مناص سينمائي» اي استعارة نص سينمائي داخل نص ا^خر للخروج عن اطاره الاصلي. وكمثال على هذا فيلم يوسف شاهين «اسكندرية ليه» الذي حوى جزءا من فيلم صوره شاهين ذاته في الاربعينات، اي زمن ستنسبه للفيلم الاخير؟

السينمائي

هو كل من يصنع سينما او يشارك في صناعة السينما ويمكن تقسيم السينمائيين الى محترفين وهواة. وهو تقسيم حديث ينبثق اساسا من عملية اقتصادية هي وجود صناعة السينما من ثم، فقبل وجود الصناعة لا يمكننا الكلام عن المحترف السينمائي.

المحترف السينمائي

هو ذلك الفرد الذي يتكسب من صناعة السينما. من ثم فإن الاستاذ فاروق تمام محمد وهو احد الشخصيات التي نقدمها في بحثنا هذا يعتبر محترفا (لأنه يتكسب من تصليح ا^لات السينما ودور العرض والمساعدة في الافلام وغير ذلك. ولكنه بدأ هاويا ولهذا يدخل في اطار هذا البحث.

الهاوي السينمائي

هو ذلك الفرد الذي يصنع سينما كهواية اي يعشق السينما في ذاتها دون غرض الربح وهو مجال بحثنا هذا. ومن المهم بصفة خاصة ان نحدد ان مجال البحث قد تحدد زمنيا بوجود صناعة السينما التي حددت المجالين وبالتالي اوجدت الهواة الذين لا يتكسبون من السينما. والجدير بالذكر انه يمكننا القول ان هذا التقسيم ليس بحاد ولا محدد، فمن الممكن ايضا ان نجد المحترف الهاوي مثل نصر الله شدياق او كميل ملتلت حيث لم تمثل السينما لهما مصدر دخل ثابت ووحيد وانما شكلت مصدر دخل اضافي ربما للصرف منه على الهواية ذاتها نظرا لارتفاع تكاليفها (فيلم خام ـ ادوات ـ تحميض.. الخ) وكذلك نجد ان هذا هو الحال مع الاستاذ فؤاد حلمي الذي كان يقوم بالتحميض للاصدقاء كنوع من استرداد ثمن الاحماض وتكلفة المعمل الخاص به.

البحث

غرض البحث القاء الضوء على مجموعة من السينمائيين الهواة في الاسكندرية وطرح نموذج هاد للبحث في هذا المجال فيما بعد. وكذلك طرح عدد من التساؤلات المتعلقة بهذا الموضوع مثل: لماذا الاسكندرية؟ ما هو دور الهواة في تاريخ السينما عامة؟ وكيف نستفيد من مثل تلك الابحاث؟ وغير ذلك.

وينقسم البحث الى مقدمة هي التي قرأناها وتقدم بعض الاشكاليات النظرية، بعدئذ فصل يضم 4 نماذج اساسية من الهواة. ويتضمن مقدمة عامة تطرح النموذج المنهجي للبحث وحوارات مع النماذج الاربعة. ثم فصل ا^خر يضم وثائق البحث وأخيرا خاتمة تتضمن الاستنتاجات الاساسية ودعوة للباحثين في تاريخ السينما.

* باحث من مصر


Visited 63 times, 1 visit(s) today