صدام حسين يذهب إلى هوليوود وأوليفر ريد يداعبه!
يقول البعض إن هوليوود ساهمت منذ زمنٍ بتغييراتٍ اجتماعيةٍ وسياسيةٍ كثيرة، سيما مع إدارة عظماء المنتجين مثل لويس ماير وجاك وارنر لاستوديوهات ضخمة وضعوها أحياناً تحت تصرف حكام ديكتاتوريين.
فوفقاً لفيلم Saddam Goes to Hollywood “صدام يذهب الى هوليوود” الوثائقي الذي عرضته القناة الرابعة البريطانية في 24 يوليو 2016، ساعد فيلم أنتج منذ 35 عاماً على وضع طاغيةِ حقيقيِ في سُدة الحكم، وهو صدام حسين، بحسب صحيفة الديلي تليغراف البريطانية.
موّل الرئيس العراقي السابق الذي أُعدم في العام 2006، فيلماً تاريخياً بقيمة 30 مليون دولار، بطولة عدد من الممثلين البريطانيين منهم الممثل سيئ السمعة اوليفر ريد، في محاولة يائسة لإثارة المشاعر الوطنية وربط حزب البعث بالثوار العراقيين الذين أسقطوا الحكم البريطاني سنة 1920.
عُرض فيلم Clash of Loyalties أو “صراع الولاءات” (عرف في العراق باسم “المسألة الكبرى”، الذي حكى قصة ميلاد العراق الحديثة، في عددٍ من مهرجانات الأفلام في بداية الثمانينات، لكنه لم يصدر أبداً وتم نسيانه منذ ذلك الحين.
لكن المنتج لطيف جورفاني (عراقي مقيم في بريطانيا) وعدد من الممثلين، قاموا أخيراً بحكاية قصة تصوير هذا الفيلم، وكيف تعاملوا مع السلوك الجامح لكل من صدام وريد، وجدول الإنتاج الذي سار على الرغم من اندلاع الحرب مع إيران.
رحلة مخيفة إلى بغداد
كما اعترف الممثلون أن المال نجح في جذبهم، إذ كان الممثلون أصحاب الأدوار الصغيرة يتقاضون 1000 جنيهاً استرلينياً في الأسبوع (وهو أجر عالٍ في هذا الوقت)، مشيرين في ذات الوقت إلى أنهم لم يكونوا يعرفون ما هم مقبلون عليه.
يقول الممثل مارك بينفولد إن الأمر اتضح لهم عندما كانوا في الأجواء العراقية، ولاحظوا أن طائرةً مقاتلةً ترافق طائرتهم، “فجأةً أصبحت حقيقة ما نحن مقبلين عليه أكثر جدية”.
كان على الطائرة أن تهبط دون أي أضواء لتجنب هجوم الصواريخ، وتم أخذ الممثلين وطاقم العمل إلى فندق بالعاصمة العراقية بغداد، لكن لم يكن هناك غرف كافية لهم جميعاً ووجد الكثيرون أنفسهم في مساكن غير مجهزة ومليئة بالصراصير، كما كان عليهم التكيف مع درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية ونقص في جميع المواد بداية من ملح الطعام وحتى زيت التسخين.
وفي هذه الأثناء كان الفنيون والممثلون العراقيون يختفون بسبب استدعائهم للحرب.
لقطة من الفيلم
نجم الفيلم يشعر بالملل
تقول صحيفة ديلي تليجراف البريطانية، إن ما كان يسبب ازعاجاً حقيقياً هو ملل ريد وحبه للخمور.
أدى النجم المولود في ويمبلدون، والذي مات في موقع تصوير فيلم Gladiator للمخرج ريدلي سكوت أثناء شرب الخمر، دور العقيد جيرارد ليتشمان، وهو ضابط بريطاني في بلاد ما بين النهرين اغتاله الثوار العراقيون في العام 1920.
تقول هيلين راين التي لعبت دور الضابطة السياسية البريطانية غيرترود بيل، “ما اذكره من لقائي بأولي في المطار هو شخصيته الاستثنائية. كانت لديه قبعة ستيتسون وسترة سافاري، وكان يبدو كما لو كان ذاهباً إلى الأدغال. كنت على علم بسمعته كمدمن خمر، وكنت أعتقد أنها ستكون أكثر مغامرة”.
سلوكيات ريد الغريبة
كان ريد البالغ من العمر 43 سنة قد أحضر معه صديقته جوسفين بورج، البالغة 17 عاماً (والتي صارت زوجته فيما بعد)، لكنها كانت تقضي معظم وقتها في غرفتها بالفندق تحضر لامتحاناتها بينما كان هو متفرغاً لالتزاماته.
كان يحب أن يبدأ يومه بتناول كأس كبيرة من السانغريا (نوع من الخمر)، وديكرز مع انتصاف النهار، وشامبانيا في منتصف اليوم، ويستمر في الشرب حتى المساء، وأحياناً يخلط زجاجة ريمي مارتيني كونياك مع زجاجة شامبانيا في دلو من الثلج ويشربه منه.
ثم يتبع ذلك سلوكياته الغريبة مثل مباريات مصارعة الذراعين واقتحام غرف الفندق والشجار.
يتذكر المصور المساعد روجر مكدونالد، ريج برينس سكرتير ريد وهو يمسك به من رقبته من الشرفة في الطابق الأخير للفندق ،”كان أولي يصيح به: هيا يا ريج أفلتني. هل تجرؤ على ذلك؟”.
وتقول هيلين راين عن سلوكه في المطاعم، “إذا لم تصل المقبلات بسرعة كان اوليفر يصيح طالباً المدير وعندما يأتي كان يمسكه من رقبته ويرفعه في الهواء ويرمي به عبر الغرفة”.
لقطة أخرى من الفيلم
كان العراقيون مستعدون للتعامل مع هذا، لكن ريد تخطى الحدود ذات ليلة. يقول جيروفاني، “كان اولي في المطعم، وقد أفرغ زجاجة نبيذ وملأها بسوائل جسده، ثم استدعى النادل وطلب منه أن يعطي زجاجة النبيذ هذه إلى الطاولة المجاورة مع فائق تحياته”.
وصل هذا الخبر إلى مسؤولي صدام الذين شعروا بأن هذه المزحة تعدت الحدود، فأمروا جورفاني باستبدال ريد لكنه حارب لإبقائه.
بطل الفيلم يلتقي صدام حسين
وفقاً لمارك سيندان – أحد الممثلين الذين عينهم رجلان من وزارة الخارجية للذهاب إلى العراق والتقاط صور لبغداد -، فإن ريد قابل صدام حسين.
يقول سيندن، الذي لا يظهر في الفيلم الوثائقي، إن ريد كان مدعواً على العشاء في القصر الرئاسي في إحدى الليالي.
كما قال سيندن للصحافي جيمس مونتاج في حوار دار في العام 2014، إن صدام بدأ يثرثر باللغة العربية أثناء تناول الطعام، وإن ريد تمتم: “يا له من…”، ثم جاءه صدام بعد العشاء وقال له “أرجو ألا أكون قد أصبتك بالملل يا سيد ريد”.
انتهى التصوير أخيراً، وكان صدام مسروراً للغاية عندما رأى المشهد النهائي، إذ أعطى جورفاني ساعةً ذهبيةً عليها صورة له.
فيلم لم يجد من يشتريه
عُرض الفيلم في عدد من المهرجانات، وأعجب المشاهدين في مهرجان لندن السينمائي في العام 1984، كما ترشح لجائزة موسكو، لكن في ذلك الوقت، كانت معلومات أكثر قد عُرفت عن صدام حسين ونظامه الشمولي.
لم يجد Clash of Loyalties أو “صراع الولاءات” موزعاً، فأخذه صدام إلى العراق، وقد انهارت البلد واختفى الفيلم في ثقب أسود، ولم يره سوى عدد قليل من الممثلين.
ذكريات جميلة للمثلين
اكتسب معظم الممثلين بعض الذكريات من هذه التجربة.
تقول فريجينيا دينهام إحدى الممثلات، “استمتعت للغاية، وأحببت هذه المغامرة. والمرة الوحيدة التي شعرت فيها بالخوف كانت بسبب اوليفر ريد. كان اوليفر ريد سلاح دمار شامل”.
هذا المقال نشر في موقع هافنجتون بوست العربي