سؤالُ السينما فِي اليمن: تأمّلاتٌ في جنازيرِ الحلقاتِ المُفرغةِ
قَبل حوالي عامَيْن قدّم المخرجُ اليمنيّ عَمْر جمال فيلمَ “عشرةُ أيامٍ قبلَ الزفّةِ”، حكى فيه عن الحبيبيْن اللذيْن كانا يستعدان لزفافِهما المؤجّلِ منذ 2015، لكنّ طارئًا عائليًّا أخلّ بالترتيباتِ الهشّةِ التي وضعاها، فانتصبت عشراتُ العراقيلِ مُستَعرِضةً أحوال مدينة عدن التي تعيشُ الآن أحْلكَ فتراتها السياسيّةِ على الإطلاق.
كان لفيلمِ “عشرةُ أيامٍ قبلَ الزفّةِ” حسناتُه وعيوبُه كأيّ فيلمٍ آخر، لكنّ أهم ما فيه أنّه أوّل فيلم يمنيّ روائيّ يُعرض تجاريًا في تاريخِ الجمهوريّة اليمنيّة، والمقصودُ بـ”العرض التجاري” هو شراءَ التذاكرِ ومشاهدتَه في دار سينما، وليس في قاعةٍ أكاديميّةٍ، أو فعاليةٍ فنيّةٍ، أو مركزٍ ثقافيّ كما حصلَ مع ما سبقه من الأفلامِ الوثائقيّةِ، والروائيّةِ، والتسجيليّةِ.
وقد استدعى الفيلمُ نقاشاتٍ كثيرةً حاولَتْ تحليلَه، وتفصيصَه، ورصدَ نقاطِ ضعفِه وقوّتِه، مع استحضارِ السؤال المُلحّ عن أسبابِ تأخرِ اليمن في إنتاجِ أوّل فيلمٍ روائيّ تجاريّ يمنيّ خالِص حتى 2018، أي بعدَ أكثر من مائةِ عامٍ تقريبًا من تاريخِ أوّل عرضٍ سينمائيّ في عدن في العشرية الأولى من القرنِ الماضي، مما يدفعنا، كيمنيين، إلى التنقيبِ قليلًا حول السينما في البلدِ الذي يُحبّ أبناؤه أن يُسمّوه، رغم كل شيء، باليمن السعيد.
عودةٌ للوراءِ
عند الحديثِ عن الفنونِ في اليمن، لا يُمكن المُضيّ شِبْرًا بدونِ الارتكازِ على حقيقةِ أنّ اليمن كان حتى 1990 يمنيْن اثنيْن، لُكلّ شطرٍ منهما تشخيصُه السياسيّ، وملامحُه الثقافيّة، وتقسيماتُه الطبقيّة، وتعقيداتُه الاجتماعيّة، بل حتى الجزم بأنّ اليمنَ يتكوّن مِن شَطْرَين اثنَيْن فقط فيه الكثير من التعميمِ المُخلّ بطبيعةِ مناطقٍ لها خصوصية بالغة الثراء مثل تَعز، وحضرموت، والحُديدة التي صوّر فيها بازوليني مشاهدَ من فيلمِه “ألف ليلة وليلة” (1974).
بالنسبةِ إلى اليمنِ الجنوبيّ فقد ظلّ تحتَ الاحتلالِ البريطانيّ لأكثرِ من 125 عامًا، وخلال تلك الفترة أصبحتْ عدن أوّل مدينةٍ في الجزيرةِ العربيّةِ تعرفُ العروضَ السينمائية، والطباعةَ، والمسرحَ، والصحافةَ، ثم انتقل اليمنُ الجنوبيّ تحت سُلطةِ الحزبِ الاشتراكيّ الذي كان من حسناتِه القليلةِ اهتمامُه الكبيرُ بالثقافةِ والفنون، فانخفضتْ نسبةُ الأميّةِ إلى أدنى مستوى في تاريخِ البلاد، وبلغَ الإنتاجُ الموسيقيّ والمسرحيّ ذروتَه القصوى، وتم ابتعاث الفنانين إلى الاتّحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية لدراسة الإخراجِ والتمثيلِ، كما تمّ إنشاء المؤسسةِ العامةِ للسينما في 1971، التي أنتجت فيلم “لمن الثورة واليمن الجديد” من إخراجِ العراقيّ سمير نمر، وحسب الصحافي اليمني أحمد الأغبري في مقالِه “السينما في اليمن: محاولةٌ لرسمِ الصورةِ المفقودةِ” المنشور في موقعِ “اليمنيّ الأميركيّ” فإنّ الفيلم قد حاز على الجائزةِ الفضيةِ من المهرجانِ الألمانيّ الذي أصبحَ اسمُه الآن “مهرجان لايبتسِغ الدوليّ للأفلامِ الوثائقيّةِ وأفلامِ التحريك” وبالتالي فهو أوّل فيلمٍ يمنيّ، والحديث هنا للأغبري، يحظى بجائزةٍ دولية.
أمّا اليمن الشمالي فقد رزحَ لأكثرِ مِن ألف عامٍ تحتَ حُكمِ الأئمةِ الزيديّة المنتمين اجتماعيًا إلى ما يُعرف بـ “الهاشميين”، مع استئثار الدولة العثمانية بالحكم لفترتين امتد مجموعُهما لأكثر من قرن، ثم بعد ثورةِ الستينيات تنفّستْ البلادُ هواءً مُنْعشًا إلى حدٍ ما، فازدهرَ المسرحُ، وأقيمت الفعالياتُ الثقافيةُ على مدارِ العام، وتمّ إنشاء دور السينما في صنعاء، وتعز، والحديدة وإب، وغيرها من المحافظاتِ الشماليّةِ، ومع دخولِ التسعينيات تعرّضَ اليمنان على حدٍ سواء إلى هزّاتٍ جسيمةٍ مثل حرب الخليج الثانية والعودة القسريّة لملايين اليمنيين المُغتربين إلى “المجهول”، وكذلك إعلان الوحدة رسميًا بين اليمنيْن، ثم تلا ذلك انحدارٌ كبيرٌ في عهدِ رئيسِ دولة الوحدة علي عبد الله صالح، ذلك الانحدار الذي وصلَ أعمقَ نقطةً في القاعِ باختطافِ الحوثيين للسلطةِ في سبتمبر/أيلول 2014.
وكُل هذه التغييراتِ العنيفةِ لعبتْ الدورَ كاملًا في تشكيلِ الثقافة والفنون في العاصِمتيْن اللدودتيْن: عدن عاصمة اليمن الجنوبي، وصنعاء عاصمة اليمن الشمالي ومن ثَمّ عاصمة اليمن الموحّد أو الجمهورية اليمنيّة.
ولذلك من الصعوبةِ بمكان الإلمامُ بشكلٍ كافٍ ومستوفٍ عن السينما في هذا البلد الذي “ليس له كتاب موحّد للتّاريخ” كما وصف المُخرج اللبنانيّ هادي زكّاك بلدَه في برنامجٍ أنتجتْه الجزيرةُ الوثائقيةُ عن السينما في الشرقِ الأوسط وشمال أفريقيا.
فلم يكن اليمن، إذًا، مُتجانسًا، ومتّسقًا، ومندمجَ الأجزاءِ على الدوام، فهذا البلد يعيشُ منذ قرونٍ طويلةٍ تدخلاتٍ خارجيّةً صريحةً، واقتتالًا أهليًا، واضطراباتٍ أمنيةً، وتقلباتٍ سياسيةً، شكّلت سلالًا متداخلةً من المساقاتِ والاعتباراتِ التي أثّرت على تكوينِ الشخصية اليمنيّة، وبالتالي، على الفنونِ ومنها السينما.
بلدُ “الحربِ الجيدةِ” و”السلامِ الرديءِ”
عندَ مراجعةِ الستين عامًا الأخيرة من تاريخِ اليمن يُمكن بسهولةٍ شديدةٍ ملاحظةُ عددِ الصراعاتِ العسكريةِ والاضطراباتِ الأمنيّةِ التي عصفت بشَطْرَيْ البلاد.
ففي ستينيات القرن الماضي اندلعت ثورة مُسلّحة في اليمن الجنوبيّ ضد الاحتلال البريطانيّ استمرّت لأربع سنواتٍ تقريبًا، ثم وقعت حربٌ أهليةٌ تُعرَف بـ”أحداث “86 بعد اقتتالِ رفاقِ الحزبِ الاشتراكيّ، وقد بلغ عددُ القتلى ما بين أربعة آلاف إلى عشرةِ آلاف شخص، وفي 1994 تعرضت عدن لغزو من قوّات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ذلك الغزو الذي شرخ العلاقات بين الشطرَيْن حتى الآن.
أما في الشطرِ الشمالي فقد قامت ثورةُ الجمهوريين (1962) ضد حكم الإمامة في صراعٍ دامٍ شاركت به مصرُ عبد الناصر بحوالي سبعين ألف جندي مصري.
ثم قيام صراع مسلح في عامي 1972 و1979 بين شَطْرَي اليمن.
ثم الحروب الستة التي شنها الجيشُ اليمنيّ على الحوثيين المُتمرّدين في صعدة بين عامي 2004 و2011، وقد كَلّفت هذه الحروب الستة الخزينةَ اليمنيةَ ما يُقارب الخمسة ملايين دولار يوميًا حسب التصريحات الرسمية.
بالإضافة إلى الحربِ المفتوحةِ ضد الإرهاب منذ 2001وضرباتها العمياء، وأخيرًا جاء استيلاءُ الحوثيين على السُلطة، وتدخل قواتُ التحالف العربي في مارس/ آذار 2015، وسقوطُ اليمن تحت رحى حربٍ لم تتوقفْ حتى الآن.
ولا يحتاج الأمرُ لِفراسةِ الأوّلين، ولا لدهاءِ الآخِرِين، لمعرفةِ الأثرِ المباشرِ لهذه الصراعاتِ على الواقعِ الثقافيّ والفنيّ في اليمن، ورغم أنّ الصراعاتِ العسكريةَ كانت نبعًا لا ينضب لصنعِ أفلامٍ سينمائيّةِ عظيمة في دُولٍ أخرى، فقد عجز صانعو الأفلام في اليمن، أو تمّ تعجيزهم، عن إنتاجِ فيلمٍ روائيّ تجاريّ واحد صالحٍ للعرضِ عن هذه الصراعات.
نظامٌ سياسيّ.. حَفّارُ قبور
إنّ عزوَ تدهور الفنّ في اليمن إلى المدّ الوهابيّ ليس دقيقًا تمامًا، إذ يتحمّل النظامُ السياسيّ المسئوليةَ كاملةً لتهاوى الفنون إلى الدركِ الأسفل.
فقد حارب نظامُ علي عبد الله صالح بعد الوحدةِ، من ضمنِ ما حارب، بخنجرٍ ذي نصلين: الدين والقبيلة، كُل مظاهرِ المدنيةِ، والفنونِ، والآدابِ، خاصةً في مناطقِ شمالِ الشمال الذي كان يُعاني أصلًا من ارتفاعِ نسبة الأُميّة، وتآكل البُنية التحتيّة، وطغيان تقاليد القبيلة التي لا تُحبّذ عملَ أبنائِها في الفَنّ.
أمّا المؤسسة العامة للسينما المذكورة أعلاه فقد طالها ما طال غيرها، ثم اندثرتْ تمامًا بعد الوحدةِ، هذا بالإضافة إلى إغلاقِ المسرحِ الوطنيّ في عدن، ونهبِ المتاحفِ، والمسارحِ، والمراكزِ الثقافيّة على يد قوّات الرئيس صالح في 1994.
وقد تَمّ إهمالُ الجانبُ الفني والثقافي في عموم البلاد بصورةٍ شبه كاملة، وتخصّصتْ المهرجاناتُ الفنيّةُ المتباعدةُ في التمجيدِ الأجوف للرئيسِ، والثورةِ، والوطنيّةِ التي قال عنها الإنكليزي صامويل جونسون أنّها ” الملاذ الأخير للأوغاد”.
وعجزت الدولةُ عن توفيرِ الأفلامِ لدور السينما، وتعاضد ذلك مع فتاوى التحريم والتكفير بتنسيق مع نظام صالح، فتمّ إغلاقُ بعض الدور، أو تخصيصُها لعرضِ المبارياتِ الرياضيةِ والمسرحياتِ والأفلامِ القديمة، وتحول البعضُ الآخر إلى مخازن للبضائع، أو مَحَالّ تجاريّة، أو قاعاتٍ للمناسبات، فتحولت، على سبيل المثال، سينما التوّاهي التي عرضت “سايكو” هيتشكوك في الستينيات، إلى قاعةٍ للأعراسِ وعقد القِران.
ورغم تخصيص ميزانياتٍ ضخمةٍ لوزارةِ الثقافة، بالإضافةِ إلى دعمِ عددٍ من الجهاتِ الأجنبيّة، إلا أنّ الفساد قد التهم المؤسساتِ الحكوميةَ من جميعِ أطرافِها، ولم تكن وزارةُ الثقافةِ إلا وكرًا آخرًا للنّهب، فقد كانت المؤسسةُ العامةُ للمسرحِ والسينما، والمعهدُ العالي للفنونِ المسرحيّة في صنعاء ينضويان تحتَ وزارةِ الثقافةِ والسياحةِ حسب القرار الجمهوريّ رقم (129) لسنة 1997، ثم صدر في 2008 القرارُ الجمهوريّ رقم (53) لإنشاءِ المؤسسةِ العامةِ للمسرحِ والسينما في صنعاء، التي كانت موجودة أصلًا حسب القرار السابق!
وفي تحقيقِه الاستقصائي “وزارةُ الثقافةِ موّلت مشاريعَ نفّذها أمواتٌ” الذي نشرته شبكةُ إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) في مارس/آذار 2020 ذكر الصحافي علي سالم المعبقي مبالغَ مهولةً تصلُ إلى ملايين الدولارات تم نهبها أثناء حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وبعده أيضًا، كما أورد المعبقي عددًا من المعلوماتِ الصادمةِ عن الفسادِ الإداريّ والإهمالِ منها قصة موظفي المتحفِ الوطنيّ في صنعاء الذين استغلوا إجازةَ العيد في 2013 لإقامة عرسِ صديقهم داخل المتحف، ثم انتهى الحفلُ بسرقة سبعةِ سيوفٍ أثريّةٍ وأربعِ مخطوطات!
ويجدرُ الذكرُ هنا أنّ د. أبو بكر المفلحي وزيرَ الثقافةِ قد صرّح، حسب جريدة الخليج في عدد 13 مايو/أيّار 2008، بأنّ وزارة الثقافة بدأت التحضير لإنتاج عشرةِ أفلامٍ وثائقيّةٍ وروائيّةٍ يمنيّةٍ خلال هذا العام، بتكلفة تتجاوز مليون دولار بدعمٍ من ملحقياتٍ ثقافيّة وأوروبيّة بصنعاء، وجمعية أتوليه فاغون السينمائية بفرنسا (هكذا تم كتابتها في نص الخبر)، ومنظمة اليونسكو، ومؤسسة حماية التراث والآثار بصنعاء. وبالطبع لم يتم تنفيذُ أي منها حتى كتابة هذه السطور، ناهيك عن عدم وجود جهة باسم مؤسسة حماية التراث والآثار آنذاك!
وفي لقاءٍ قصيرٍ مُتلفز لقناة فرانس 24 تعودُ إلى 2014 ألقى منصور أغبري رئيسُ الهيئةِ العامةِ للمسرحِ والسينما باللائمةِ على السلطاتِ، وقال بأنّ المؤسسةَ لا تنشط إلا في الأعيادِ الوطنيّةِ حيث يتم تخصيص مبالغ ضخمة للرقصِ والتصفيقِ و”تروح ملايين هوا” من المؤسسةِ، وفي نفسِ المقابلة قال المُخرجُ إبراهيم الأبيض بأنّه لو كان هناك إدارة لتطورت كُل المجالاتِ سواء سينما، أو مسرح، أو أيّ مجالٍ فَنيّ آخر.
ولا يمكن ألا يُذكر هنا الخبرُ/النُكتةُ الذي نشرته بعض المواقع الإخبارية اليمنيّة في يناير/ كانون ثانٍ 2019، نقلًا عن الصفحة الفيسبوكية للمستشار الإعلامي للمجلس السياسي الأعلى في صنعاء أحمد الحبيشي حيث صرّح بأنّ قياديًّا بارزًا في حركةِ أنصار الله (الحوثيين) أخبره بصدورِ توجيهات إلى أمانةِ العاصمةِ لإصلاحِ، وتحديثِ، وتشغيلِ دورِ العرضِ السينمائيّ التي توقفتْ عن العملِ بسببِ التفكيرِ الوهابيّ التكفيريّ النجديّ!
ولا يخفي على أيّ شخصٍ يتابعُ عن قربٍ، أو حتى عن بعد، الأحوالَ السياسيةَ في اليمن أنّ تصريحًا كهذا لا يُمكن اعتباره أكثر من دُعابةٍ سمجة، وضحكٍ على الذقونِ (والخِمارات) يرقى إلى درجةِ التضليلِ عن عمد، إذ لَم يدخر الحوثيون أدنى جهد لخنقِ الفُنونِ حتى على مستوى حفلات الأعراس والإذاعات المدرسية.
وأغلب الظنّ أنّ هذه التصريحات جاءت كَردّ فعلٍ غير محسوب نحو إطلاقِ السعودية لسلسلةِ صالاتٍ سينمائيةٍ بالتعاقدِ مع شركاتٍ عالميّة بدايةً من الرياض، منبع التشدّد الوهابي النّجدي على حد قولهم!
نصفُ الجسدِ، كُلّ الإعياءِ
من الصعبِ الحديثُ عن تطوّر دراميّ في اليمن، مسرحيّ أو سينمائيّ أو حتى مسلسل تلفزيوني، دون التطرق إلى المجالاتِ الفنيّة والثقافيّة الأخرى: التصوير الفوتوغرافي، والفنّ التشكيلي، والموسيقى، والآداب، لكون السينما تحوي عناصرَ أساسيةً مِن كُلّ ما سبق.
إنّ محاولة إحياء السينما اليمنيّة في ظل الهُزال المستشري في المجالاتِ الثقافيّةِ والفنيةِ كمن يحاولُ تقديمَ التنفّس الصناعي لجثةٍ هامدة.
فلكل مجال مما سبق آلامُه الخاصة، وتعقيداتُه، ومشاكلُه التي ساهم النظام السياسي في تعميقِها بشكلٍ أو بآخر، وطالما تحدّث كثيرٌ من الأسماءِ في المجالاتِ المذكورةِ أعلاه عن العراقيلِ التي تبدأ مِن صعوبةِ تقبّل المجتمع وحتى مشاكل التعاقد مع دار نشر لائقة، أو قاعة لأمسيّة شعريّة أو لعرض اللوحاتِ والصورِ الفوتوغرافية، أو وجود غرفة بأربعةِ جدرانٍ لبروفات العزف، بجانب التجهيلِ الحكوميّ، والرقابةِ الخانقة، وغيرها من العراقيلِ التي تتقاطع في أكثر من ملمحٍ مع نظيراتها لدى “أهل” السينما والمسرح.
ومن ناحية أخرى يُعاني أغلبُ الإنتاج الإبداعيّ في اليمن من التعاطي السطحيّ مع الأفكارِ، حيث تدور نفسُ الرؤى من شخصٍ إلى آخر، ويعتمد في جُلّه على التقليدِ، والنقلِ، وواقعيّةِ “النسخ واللصق” التي تجاوزها العالم منذ عقود، والانحباسِ غير المبرر في قعر “الأصالة اليمنية”.
وحتى التعاطي مع حقوق المرأة، الموضوع الغالب، يا للغرابة، على الإنتاج الثقافيّ والفنيّ في اليمن فهو تعاطٍ قشريّ، “يهبش” الموضوع من وجهة نظر صحفي الجرائد الصفراء، لا الفنان المستنير.
فتأتي النتيجةُ إمّا ترضية للمسئولِ الحكوميّ الذي يروقُ له إعادةُ إنتاجِ التخلّف، أو تأتي بعينِ “المانح الأجنبي” أو “المستشرق” الذي لا يرى من اليمنِ إلا بابَه، والنساءَ المختونات، والشرشفَ الصنعانيّ، والخنجرَ المُشهر، والمرأةَ الريفية التي تتقدّم قطيع البهائم.
إنّ العلاقةَ بين السينما وغيرها من الآدابِ والفنون لا يُمكن فصمها، وبالتالي لا يُمكن تصوّر “نهضة” سينمائيّة، بينما يعاني سواها “لِستة” طويلة من مشاكلِ الأرضِ والسماءِ.
لا نقدَ لا سينما
يُعاني النقدُ الفنيّ في العالمِ العربيّ من ضعفٍ شديد، لكنّه في اليمن يحتضر تمامًا، فالذين تخصصوا على مدارِ خمسين عامًا في النقدِ الدراميّ، والسينمائيّ تحديدًا قليلٌ جدًا، وقد غلب الطرحُ النقديّ الانطباعيّ على مُجمل المواد المرئية والمقروءة في هذا المجال.
وعلى مستوى المطبوعات النقديّة، فلم يكن في مكتباتِ اليمن من شرقِه إلى غربِه حتى قُبيل اندلاع الحرب الأخيرة كتابٌ واحدٌ فقط عن المدارسِ الإخراجيّةِ، أو النقدِ السينمائيّ، أو كتابةِ السيناريو، أو فنونِ التمثيلِ السينمائيّ، أو حواراتٍ مع أشهرِ النّقاد، أو مع كبارِ المخرجين أو صغارهم.
بل قد كان رائجًا في الأوساطِ الثقافيّةِ اليمنيّة حتى وقتٍ قريبٍ جدًا أن لا حاجة للنقدِ السينمائيّ في اليمنِ لأنّه بلد بلا سينما! وهي فكرة ركيكة تملؤها الثقوبُ لأسبابٍ كثيرة، أولًا لأنّها تخلطُ بين السينما كمُنتج فنيّ ووسيطها الذي هو دور السينما، والنقطة التالية أنّه بالرغم من شحّة الإنتاج السينمائي في اليمن، وتواضع المستوى الفنّي لمعظمه، فقد تم إنتاج عدد من الأفلام التسجيلية والوثائقية والروائية منها فيلم “من القصر إلى الكوخ” لجعفر محمد علي، وفيلم “صمت البحر” لزيدون مبارك العبيدي، و”نجوم ابنة العاشرة ومطلقة” لخديجة السلامي، و”مُلغّم” ليوسف الصباحي، و”الرهان الخاسر” لفضل العلفي، و”يوم جديد في صنعاء القديمة” لبدر بن حرسي الذي فاز بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في 2005، و”ليس للكرامة جدران” للمخرجة اليمنية البريطانية سارة إسحاق الذي وصل إلى قائمة الترشيحات النهائيّة لمهرجان الـ”الأوسكار” في 2014، بالإضافة إلى فيلم “حبي في القاهرة” الذي أنتجه الموسيقار اليمنيّ أحمد قاسم ومثّل فيه أيضًا، وقد شاركه البطولة عددٌ من النجومِ المصريين مثل محمود المليجي، وتوفيق الدقن، وعبد المنعم إبراهيم، وزوزو ماضي، وقد مرّ معظم هذه الأفلام وغيرها بدون أي قراءاتٍ نقديّة حقيقيّة.
ومن جانبٍ آخر فإنّ غيابَ دورِ السينما في اليمن، وهي الوسيط السينمائي الأساسيّ والطبيعيّ لعرضِ الأفلام، لم يؤثر على علاقةِ المشاهدِ اليمنيّ بالإنتاجِ السينمائيّ العربيّ والعالميّ حتى في ظروفِ الحربِ المُهلكة، فقد ظل اليمنيّون على اتصالٍ دائمٍ مع السينما الأمريكيّة، والمصريّة، والهنديّة، ثم الكوريّة والأوروبيّة في وقتٍ لاحق، لكن هذا التواصل بين الجمهورِ اليمنيّ والسينما لم ترافقه أيّ حركةٍ نقديةٍ سينمائيةٍ محليّة، جادّة كانت أم هازلة.
ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ كُلّ النقاد في الشرق الأوسط ينقدون أفلامًا لم تُنتج في بلدانهم، فلماذا يجب على الناقد اليمنيّ أن يلتزم بمحليّته!
وينطبق ما سبق على المسرحِ أيضًا، وإن كان المسرحُ أوفرَ حظًا من ناحيةِ الإنتاج والنقد.
ولا يجب أن نفوّت هنا الإشادة بالناقدِ المسرحيّ يحي محمد سيف الذي تشرّفت بعقد لقاء صحفي معه أثناء إعداد مقالِ للملحق الثقافيّ الصادر عن “النهار” اللبنانيّة تحت إشراف الشاعر عقل العويط، وقد تخصص سيف في النقدِ المسرحيّ منذ السبعينيات وأصدر عددًا من الكتبِ منها “أعلام الأدب والفن المسرحي في اليمن” و”المسرح في اليمن”، بالإضافة إلى عشراتِ المقالاتِ والدراساتِ النقديّة المسرحيّة، لكنه عانى لسنواتٍ طويلة من التجاهل والإقصاء كما يحدث غالبًا مع المثقفين.
ولم يسمعْ عنه القرّاء شيئًا منذ أن بدأت الحرب الأخيرة في اليمن.
الفنانُ اليمنيّ.. ألفُ عامٍ من العُزلة
إنّ موقعَ اليمن جغرافيًا قد ساهم سلبًا بنصيبِ الأسدِ وزوجته في الواقعِ الثقافي فيها، لأنّ ذلك يعني آلاف الكيلومترات بين الفنان اليمنيّ والمركزيّة الثقافيّة في العالمِ العربيّ المتمثّلة في مصر ولبنان وما جاورهما من الدول، وقد صاحب هذا البعدَ عن المركزية الثقافية مجاورةُ اليمن لبيئةٍ مُتشدّدة، كانت، على مدى عقود، مرتعًا لأفكار دوغمائيّة شديدة التطرّف هاجمت كل أشكال المعارف الفنيّة، بدءًا من الموسيقى في الأغاني الوطنية، ونهايةً بالتصوير الفوتوغرافي للمواليد في حفلات النفاس.
وبالتالي فقد ساهمت ثُنائية التباعد/التجاور تأثيرًا مهولًا في حرمانِ الفنّان اليمنيّ من فرصِ الاختلاطِ مع أقرانِه من ثقافاتٍ أخرى، ومنعَته من التعرّضِ الثقافيّ الكوزموبوليتاني أسوةً بنظيره المصريّ، والسوريّ، واللبنانيّ، والعراقي. الخ، وحدّت من مشاركةِ اليمني نتاجه الفنّي مع الآخرين، واطلاعهم عليه، حتى أنّ خبرَ وصولِ اليمنِ إلى الترشيحاتِ النّهائيةِ لمهرجان الـ”أوسكار” عن فئةِ أفضل فيلم وثائقيّ قصير في 2014 مرّ مرورًا باهتًا في الصحافةِ العربيّةِ ووسائل التواصلِ الاجتماعيّ غير اليمنيّة.
ولذلك كانت المشاركاتُ اليمنيّة الثقافيّة خارج حدودِها الواقعةِ أسفلَ جزيرةِ العرب شحيحةٌ وموسميّةٌ، ولذلك أيضًا ظلّ الفنّ اليمنيّ لفتراتٍ طويلةٍ جدًا، حبيسًا خلفَ أخبارِ الاقتتالِ، وأشجارِ القاتِ، وسمعةٍ ضبابيّةٍ عن سبأ وملكاتها.
أميّةُ الكتابةِ والقراءةِ وما جاورها
بلغت نسبةُ الأميّة في اليمن 45% حتى 31 ديسمبر/كانون أوّل 2014 حسب وزارة التخطيط والتعاون الدوليّ، ولكنّها الآن تبلغ ما يقارب الـ 65% من إجمالي السكان، وهي علامةٌ لها رائحةٌ شديدةٌ الإنتان عن واقعِ البلاد، وتتركّز هذه النسبةُ في الريفِ اليمنيّ الذي يُغطي حوالي 70% إلى 75% من الأراضي اليمنيّة.
وللريفِ، كما هو معروف، تقاليدُه، وأفكارُه، وأساليبُه في التعاطي مع الأعمالِ الفنيّة، والحكمِ عليها، إذ قد يعني أيّ تجديدٍ، أو خروجٍ خافتٍ عن الخَطّ المرسوم اجتماعيًا، هجومًا على الذاتِ، والهويّة، و”القبْيَلة”، وغيرها من قائمةِ الاتهاماتِ التي قد تؤدي إلى أذىً حقيقي يصل إلى القتل، مما يُصعّب الأمرُ بدرجةٍ كبيرةٍ على الفنانين، وصانعي الأفلام بالذات.
فالأميّةُ و”القيمُ” الريفيةِ تؤثر على التلقي عند الجمهور، لأنّ هذا يعني أن هناك أسلوبًا معيّنًا في فكّ رموزِ العملِ الفنيّ، وفهمِه، سواء كان عملًا مسرحيًا، أو لوحةً تشكيليةً، أو فيلمًا سينمائيًا، ويعني أيضًا تحجيم خانق لدور النّساء في الأعمال الفنيّة، وهذه نقطة جوهريّة أخرى.
إنّ عمليةَ التلقيّ “لا تحدث بعيدًا عن الذاتِ، والوسطِ، والظرفِ، ونوعِ التوّقعِ (أفق الانتظار). وهي عناصرُ يتقاطعُ فيها السيكولوجيّ، والاجتماعيّ، والفنيّ” كما قال الناقدُ الأدبيّ المغربيّ د. حبيب مونسي في كتابِه “القراءة والحداثة: مقاربة الكائن والممكن في القراءة العربية”.
ومن جهةٍ أخرى فقد كانت ريفيّةُ اليمن وارتفاعُ نسبةِ الأميّة عذرًا غير منطوقٍ لتقديمِ أعمالِ شديدةِ الرداءةِ دراميًا، وهو عذرٌ أقبح من أعمالِ صاحبِه، إذ لا شيء يعفي الكاتبَ/المخرجَ/المُنتجَ من تقديمِ قصةٍ تحترم عقليةَ المتلقي وإن كان أُميًا.
وفي زاويةٍ حادةٍ للموضوع تأتي مشكلةُ تقييم شكلِ الفن وما يجب أن يكونَ عليه في اليمن، وهي معرفةٌ هامةٌ وصعبة التحديد، لأنّها لا تتحقق بالشهاداتِ، ولا يُمكن قياسُها بمعاييرٍ علميّة، ولا بأيّ مسطرةٍ مهما بلغ طولها، وهي ثقافةٌ لا تتأتّى، فقط، بمشاهدةِ الأفلامِ السينمائيةِ “العظيمة” والنادرةِ، كما يعتقد البعض، بل هي عملية طويلةٌ، وذاتيّةٌ، وتراكميةٌ، تتحصّل بالنقاشِ، والانفتاحِ الثقافيّ، والقراءاتِ النقديّة، والاطلاعِ على عدد من المعارف، وتصدر، أولًا وأخيرًا، عن الذوقِ الشخصيّ الذي يلعب مع ما سبق سؤالَ الدجاجة والبيضة.
إنّ المشكلةَ ليست فقط في المُتلقي اليمنيّ “العادي”، بل في “النخب” الثقافية والفنيّة أيضًا، ويشملُ ذلك المُخرجين، والمُمثلين، والمُنتجين، والكُتّاب، والمثقفين، ومن لهم اهتمامات نقدية أيضًا.
فمعظم النّخب اليمنية يؤمن بأنّ الكوميديا “جانرا” سينمائيّ درجة عاشرة، بينما يؤمنُ البعضُ الآخر بأنّ الكوميديا تعني شخصياتٍ بأنوفٍ كبيرة، وأسنانٍ مُتفرّقة، وبلاهةٍ في السلوك.
هناك من يؤمن أيضًا أنّ للفنّ رسالة “هادفة” يجب أن يؤدّيها، وأنّ الفن الوحيد هو فن القضايا: قضية فلسطين، التغريب، الثأر وغيرها من هموم “الأمة”، وما عدا ذلك فهو تفاهة ومضيعة للأجيال.
إن التغييرَ الاجتماعيّ، بالطبع، هو أحد أوجه الفنّ الكثيرة، لكنّه ليس وجهَها الأوحد، والغرقُ في هذه الفكرةِ، أضرّ بالنواحي الجماليّةِ وبالقضايا نفسِها في ذاتِ الوقت، وقد أصبحَ دعمُ القضايا وحقوق الإنسان في اليمن نوعًا من الاستسهالِ، ووجبةً جاهزةً ماسخةَ الطعم.
إنّ المواطنَ اليمنيّ يظلّ مواطنًا برؤى فنيّة خالصة لكنه يُصبح، بوعي أو بدون وعي، ناشطًا حقوقيًا بمجرد أن يُمسك ريشةً، أو قلمًا، أو كاميرا، وقد لعبت المنظمات الحقوقية دورًا في ترسيخ هذا العامل وإن بحسن نية.
وهناك من هو مهووس بفكرة خرق الـ”تابو” بخفّة مراهق تضغطُ عليه هرموناتُه، فيقدّم عملَه وعينه على الاحتفاءِ الغربيّ، وكأنه يقول للـ”آخر” بأنّني علمانيّ وليس كما تتوقع، فها أنا أشتم الدينَ، وأتحدّث عن الجنسِ والمثليّة، وأشجّعُ العلاقاتِ خارج إطار الزواج، مثلك تمامًا!
بالإضافةِ إلى أنّ جهاتِ التمويلِ الأجنبيّةِ تُرجّح كفةَ القضيّةِ على الفَنّ مادام أنّ الفيلمَ قادمٌ من الشرقِ الأوسط، فتُصبح المعاييرُ الجماليّةُ والفنيّةُ في ذيلِ معاييرِ الاختيارِ، وبما أنّ العملَ الفنيّ عن الختانِ، أو زواجِ الطفلات، أو الإرهابِ، فلا مشكلة حينها في الرداءةِ والاستخفافِ.
الجمهورُ وصانعو الأفلام، عقبةٌ في وجهِ الآخر
إنّ كُلّ العوامل التي وردت أعلاه قد تضافرتْ، وتكاملتْ، وكوّنتْ المظهرَ الأساسي لمشكلة الدراما في اليمن، والسينما بشكل خاص، فكما أنّ صانعي الدراما عقبةٌ أمامَ الجمهورِ، باستسهالِهم، وبالسطحيّة الفنية لدى مُعظمهم، فالجمهور اليمني أيضًا عقبةٌ أمامَ صانعي الدراما، فأغلب الجمهور إما أنّه يؤمن فقط بعظمةِ فيلم القضية أو فيلم الواقع، أو أنّه يعتبرُ التجديدَ مساسًا بالهويّة، والشرف القبليّ، و”أصل العروبة”، أو هو يزدري أيّ عملٍ يمنيّ، لأنّه لا يُشبه “فيرتِغو”، أو “المواطن كاين”، أو الأفلام الكوريّة والإيرانيّة، أو لأنّ المسلسل اليمنيّ ليس نسخةً من “لعبة العروش” أو “بريكنغ باد”!
وبالعودةِ إلى فيلمِ “عشرةُ أيّام قبلَ الزفّةِ” فقد أثارَ الفيلمُ نقاشًا كبيرًا في وسائلِ التواصل اليمنيّة سواء عند الجمهور “العادي” أو “النخبة”، وكلا الكلمتيْن بين علامتَيْ تنصيص، وكان ذلك أحد أفضل آثار الفيلم، فقد كشفت النقاشاتُ المطوّلة في مجملِها عن درجةِ الثقافةِ السينمائيّة لدينا كيمنيين، الثقافة التي تُحتّم علينا، في أحد مظاهرها، معرفةَ السياقات السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والمعرفيّة، سواء في اليمن أو في الدولِ التي أصدرت “روائع” الأفلام، ومن هذه الناحية فأغلب ما ظهر في النقاشات لا يُبشّر بالكثيرِ.
إنّ الحديثَ عن صناعةٍ سينمائيّةٍ يمنيّةٍ وشيكةٍ أمرٌ يدنو من المستحيل، وهو تصورٌ منفصلٌ عن الواقعِ، وجاهلٌ به أيضًا، لكن بالتأكيد يُمكن الاستبشارُ وعقدُ الآمال على عددٍ من القدراتِ والمواهبِ السينمائيّة التي نتمنى أن تستطيعَ الموازنةَ بين الفنيّ والتجاريّ، وبين الجمالياتِ والقضايا، وأن تخرجَ من قُمقُم المحليّة اليمنيّة، وتخلعَ عن الفنان عباءةَ الحقوقيّ والمصلحِ الاجتماعيّ، وتنقلَ الفيلمَ السينمائيّ من ضِيقِ العام إلى وَسْعِ الذات.
والأهمّ من ذلك كسرُ الصورةِ النمطيّةِ عن اليمنيين لدى أنفسِهم أولًا، حتى نستطيع جميعًا أنْ نشاهدَ أفلامًا يمنيّةً “حقيقية” بتذاكرٍ، وفِشارٍ ومشروباتٍ غازيّة كما تفعلُ شعوبُ العالم، وأن نفكّ الحلقةَ الأولى من الجنازيرِ، جنازيرَ الحلقاتِ المُفرغةِ للسينما في اليمن.