“الصورة المفقودة” هل سيغطي الدم القرمزي القمر أيضا!

يا أيها الدم القرمزي الذي غطى المدن والسهول.. هل ستستطيع أن تُغطي القمر أيضا؟

يتناول الفيلم التسجيلي الكمبودي “الصورة المفقودة” The Missing Pictureللمخرج ريثي بانه، الحالة التي مرت بها كمبوديا بعد ثورة  الخمير الحمر والنتائج التي حلت عليها من خلال الراوي الذي يحكي تجربته بشكل خاص ووضع كمبوديا بشكل عام، فهو نظرة خاصة ومختلفة عن الثورات، وكيف يمكن ان تُستغل لما هو عكس المراد منها.

مشهد الافتتاح يعزز التشويق لدى المتفرج الناتج من اسم الفيلم، حيث نرى مجموعة من علب وشرائط الخام الخاصة بالتصوير، وبالتدريج تظهر انها مهمله ثم نرى من خلال احدى الشرائط التي يمسكها شخص ما فتاة بزي ورقصة خاصة بكمبوديا ثم يليه مشهد من منظور المتفرج داخل البحر، وعلى مستوى الماء امواج شديدة تمنح  الاحساس بالغرق، وكل ذلك يمنح المتفرج احساسا بالغموض والتشويق بجانب اسم الفيلم الذي يظهر بعد تلك المشاهد لطرح سؤال ماذا بعد ذلك، وما مدلول تلك المشاهد؟  

استخدام المجسمات

السرد تقليدي ولكن تنفيذ الفكرة غير تقليدي، فبعد سماع صوت الراوي الذي يروي حكايته مع ثورة الخمير الحمر، وخلال ذلك تظهر يد رجل تنحت مجسمات صغيره لشخصيات تكون  بشكل غير مباشركإتفاق بين الراوي والمتفرج على ان تلك المجسمات هي التي سوف تمثل الاشخاص والأحداث بعد  ذلك  لسبب ما يتعلق باسم الفيلم. وتظهر عمليه النحت قبل الثورة وبعدها دلالة على تغير أحوال البشر، وتأتي ايضا فكرة دمج تلك المجسمات مع المشاهد الحقيقية تعزيزا للخيال.

يعقد الفيلم، بشكل غير مباشر وذكي، مقارنة من خلال المشهد الذي يتحدث به  الراوي عن قيامه بحكي قصص مختلفة لمن معه وانه كان جيدا في الحكي يتذكر قيام امريكا بإطلاق  صاروخ ابولو للقمر ونرى مشاهد لرحله الصاروخ هنا تأتي المقارنة بين ما حل بهم من تصفية وجوع وتهجير واذلال ومحو جميع الاشياء المتعلقة بذكرياتهم ومتعلقاتهم وايضا تغير التفكير الخاص بهم من خلال جلسات  لإعادة التثقيف بفكر الخمير الحمر وتحويل المدارس لمقرات الإبادة، وكل ذلك باسم التقدم والمساواة، وبين ما يقوم به غيرهم في السعي من اجل تقدم البشرية.

هناك أيضا مشهد يخفف من حدة الاحداث القاسية التي تُروى  للمتفرج في العودة الى ذكريات الراوي وايضا للمقارنة مرة أخرى بين الوضعين، ما قبل الخمير الحمر وما بعده، وهو مشهد يتذكر فيه الراوي عندما كان يذهب مع جارة المخرج للاستديو ويشاهد استخدام مخرج الفيلم الألوان المبهجة والرقصة والموسيقى الهادئة لفصل المتفرج من حالة العنف والقسوة التي يتضمنها الفيلم، وفي نفس الوقت المقارنة بتوضيح حالة التباين بين الوضعين ما قبل  الخمير الحمر وما بعده، ويعود بعد ذلك ويربط نهاية هذا المشهد بالواقع مرة أخرى بذكاء عندما يذكر ما حل للممثلين والمخرجين والمغنيين بعد سيطرة الخمير الحمر.

شريط الصوت

بما ان الفيلم قائم في تنفيذه على فكره المجسمات التي تلعب الدور الرئيسي بجانب تعليق الراوي، تأتي المؤثرات الصوتية لكي تساهم تعزيز الصورة وتعزيز خيال المتفرج عندما يشاهد صور المجسمات التي لا تتحرك، وصوت يروي الاحداث  واحيانا تكون الصورة بدون تعليق للراوي، هنا تأتي المؤثرات الصوتية من طرق للأواني وصوت الهمهمات والكلام المتداخل للشخصيات وصوت الاجراس واصوات الطيوروالحيوانات والمحركات، لتساهم كلها في تحريك خيال المشاهد وتفاعله مع الصورة، وأيضا يستخدم المخرج الموسيقى الحزينة في لحظات الصمت.

تتخلل مشاهد الفيلم في حديث الراوي عبارات عن ما هي  الصورة المفقودة تمهيدا للمشاهد الأخيرة  التي تأتي  لتعبر بالصورة هذه المرة، عن المعنى  المقصود للصورة المفقودة فهي الصورة  بمعناها المجازي  التي تعبر عن كل صور القتل والوحشية التي مارستها جماعة الخمير الحمر على الشعب الكمبودي ولم يتم تصويرها لإثبات الجرائم الوحشية التي قاموا بها.

Visited 28 times, 1 visit(s) today