أربعة أفلام مصرية فى مهرجان القاهرة السينمائى

Print Friendly, PDF & Email


كان هناك حضور لافت جدا للفيلم المصرى فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته رقم 36. شاهدت أربعة أفلام روائية طويلة متنوعة تتراوح بين التجريب والرؤية المختلفة، وبين التشوش والتقليد البليد والبائس، أعمال تعثرت منذ عدة سنوات تم استكمالها، وفيلم آخر ظل فى العلب منذ انجازه عام 1998.

 توليفة غريبة وجديرة بالتوقف عندها، بل لقد فاتنى بسبب ازدحام الأفلام أن أشاهد فيلما مصريا خامسا عرضه المهرجان بعنوان “زى عود الكبريت”، وهو أول وآخر فيلم من إخراج الموسيقى والممثل ومقدم البرامج الراحل حسين الإمام، ابن ملك أفلام الميلودراما الأشهر حسن الإمام. بشكل عام، الظاهرة صحية ولافتة، بالنظر الى أن مهرجانات السينما “المصرية” تتعثر عادة فى الحصول على أفلام “مصرية”، سواء داخل المسابقة الرسمية أو خارجها، حدث ذلك طوال السنوات الماضية، قبل توقف المهرجان أو بعد عودته.

نظرة أولية سريعة تقول إن الأفلام التى شاهدتها وهى “باب الوداع” و” ديكور” و”القط” و”حائط البطولات”، يتفوق فى صناعتها الجيل الشاب الذى ينتمى الى عالم ما اصطلح على تسميته بـ “السينما المستقلة”، أحمد عبد الله السيد مخرج “ديكور”، وإبراهيم البطوط مخرج “القط” من أبرز صناع هذه الأفلام، وقد شاركا فى مهرجانات دولية وعربية متعددة، أما كريم حنفى مخرج “باب الوداع “، أول أفلامه، فهو ينتمى بشكل ما أيضا الى السينما المستقلة من حيث خصوصية تجربته، ومن حيث مشاكل تمويل فيلمه، ثم كفاحه لإنجازه أخيرا بعد طول توقف.

من اللافت أيضا أن البطوط يظهر كممثل فى فيلم “ديكور”، بل إنه يجسد شخصيته كمخرج، وبنفس الاسم، ويبقى فيلم ” حائط البطولات” القادم من المتحف بعد طول تخزين، مخرجه هو المخضرم محمد راضى (أبناء الصمت والعمر لحظة والجحيم وموعد مع الرئيس )، والمفارقة أن راضى كان أحد أعلام تيار السينما “الجديدة” فى نهاية الستينيات، الذى بدأ بانتقاد السينما السائدة، وبشّر نظريا وعمليا بسينما مختلفة تنتمى الى سينما المؤلف، وتبلور ذلك فى فيلم “الظلال فى الجانب الآخر” للمخرج غالب شعث الذى أنتجته جماعة السينما الجديدة مع مؤسسة السينما، اليوم يبدو فيلم راضى منتميا الى عالم قديم تماما تجاوزته السينما الحديثة.

 تجربة مختلفة

ربما يكون من الأفضل أن أبدأ بأكثر الأفلام جسارة فى التجريب، أتحدث عن “باب الوداع” الذى حصل مصوره زكى عارف على جائزة أفضل إسهام فنى عن جدارة واستحقاق.

المخرج كريم حنفى قرر أن يتأمل معنى الموت والفقدان وسطوة الزمن من خلال بناء سردى حر، ينقل حالات وأحلام، ويلجأ الى الأبيض والأسود فى معظم لوحاته. شاهدنا فكرة الموت متكررة فى أفلام أخيرة لمخرجين من الشباب، فى “فيلا 69″ لأيتن أمين رجل ينتظر الموت، وفى ” الخروج للنهار” لهالة لطفى أب مشلول ينتظر الخلاص، وها هو كريم يصنع قطعته بشكل أكثر شاعرية من الجميع فى “باب الوداع”، وفى زمن يتجاوز الساعة بعدة دقائق، لدينا ثلاث شخصيات فقط، تمثل ثلاثة أجيال هم الجدة والأم والحفيد، الصورة ثرية وآسرة، وعلى شريط الصوت موسيقى راجح داوود المؤثرة والمحلقة الى أبعاد ميتافيزيقية، كل لقطة لوحة تشكيلية، وهناك عدد قليل جدا من الجمل التى تشكل مفاتيح الرحلة، أبرزها عبارة ” أنت يا من كنت دوما هنا، ستكون فى كل مكان”، نبوءة تذكرك على الفور بعالم شادى عبد السلام، الملاك يتنبأ، والشخصيات الثلاث أسيرة منزل يستغل فيه كريم كل مفرداته: الأبواب، المقابض، الشبابيك، الردهات، مساحات النور والعتمة، السلالم ، الجدة تحاول أن تستعيد زمنا لن يعود، تخرج فستان فرحها، تستمع لأغنيات قديمة، الأم تتحسس جمالا يضيع، الإبن يتأمل زخات المطر فوق الشباك، لا نغادر المنزل إلا للمقابر فى مشهدين أقرب الى الطقوس: فى الإفتتاحية الطفل ينظر خلفه فيرى الملاك بعد لقطة طويلة ممتدة تتابعها الكاميرا بدون قطع، وفى المشهد الثانى تدخل الأم لتحجز مكانها وسط نساء متشحات بالسواد، فى المنزل يطارد الشاب طفلا يمثله، ثم يستسلم فى النهاية، يتبع الشاب الطفل ليذوبا معا فى النور.

من اللافت فعلا أن كريم حنفى يرى مثل هالة لطفى أن الموت انعتاق وتحليق، ربما يكون هروبا من سطوة الزمن والموت، هنا مخرج يمتلك أدواته، طموح، يكتب بالصورة، ويحلم بأن يكسر طرائق السرد التقليدية، يحاول أن يصنع من الصور حالة وليس قصصا وحكايات، لديه وعى كبير فى توظيف شريط الصوت والموسيقى، وسيطرة كاملة على أداء ممثليه وإيقاعهم.

ليس سهلا على الإطلاق ما صنعه كريم حنفى، من الجدير بالتنويه أن إحدى بطلاته هي الممثلة المعروفة سلوى خطاب التى تحمست للتجربة، والتى نجحت فى التعبير بالجسد والوجه عن مشاعر إنسانية معقدة، نستطيع أن نقول إنه فيلم الاسئلة لا الإجابات، الموت يقبع هناك خلف باب نريد أن نفتحه حتى لو سقط مقبضه، ليس سيئا أن نفتح الباب، ليس سيئا أن نكون فى كل مكان بعد أن كنا دوما هنا.

ديكور

أما “ديكور” فقد كتبه محمد دياب وشقيقته شيرين دياب، فى الفيلم لعبة درامية طريفة حقا، ولكن العمل الذى قام ببطولته ماجد الكدوانى وحورية فرغلى وخالد أبو النجا، لا يلعب معنا لمجرد اللعب، ولكنه يحاول بالأساس أن يقدم  تحية مفعمة بالحنين الى الماضى والى فن السينما، بل إنه يقدم التحية الى الدراما التى تجعلنا نشاهد الأمور من زاويتين أو أكثر، تدهشنا بالأبيض والأسود، ولكن الحياة ليست لونين فقط، إنها أطياف من ألوان الطيف، محور اللعبة هو أن كل ما نراه من أحداث ليس إلا فيلما طويلا داخل الفيلم الأصلى، عندما تنغلق الأقواس نشاهد كلمة النهاية، ثم تحية الجمهور لماجد الكدوانى وحورية فرغلى وخالد أبو النجا، وكأنهم يشهدون عرضا خاصا، تتابع الكاميرا إحدى المشاهدات، وعندما تخرج الى الشارع، يتحول الكادر الى الألوان بدلا من الأبيض والأسود، الذى صور بهما الفيلم كله، خروج من الشاشة الى حياة بكل أطيافها، ومراوغة مستمرة لا فواصل فيها بين الواقع والفن، بين ما هو أصلى وما هو ديكور، بين ما هو حلم وما هو حقيقة.

لقطة من فيلم “ديكور”

بطلتنا (حورية فرغلى) وزوجها الشاب ( خالد أبو النجا) مهندسان للديكور فى فيلم تجارى من إخراج إبراهيم البطوط، أقنعه أحد المنتجين أن ينتج أفلاما تصل للناس، بطلتنا مستاءة من الطريقة التى تتم بها فبركة الفيلم، عندما تدور لتنظر خلفها فى الأستديو، تكتشف اختفاء الجميع، تجد نفسها مع رجل يقول إنه زوجها ( ماجد الكدوانى) ومعه طفلة يقول إنها ابنتها، الرجل والطفلة يشبهان شخصيات الفيلم الذى يصور فى الأستديو.

تماهت البطلة مع فيلم تصوره، ولكن اللعبة تتعقد كثيرا لأن السيناريو يذهب ويعود بسلاسة بين حياتين تعيشهما البطلة، ثم تتطور اللعبة الى ما يقترب من تبادل الشخصيات الثلاث لمواقعها، لا يجمع بين شخصية حورية فى العالمين سوى تعلقها بأفلام الأبيض والأسود، ماجد وخالد يؤكدان لها أن الحياة مع كل منهما هى الحقيقة، وأن العالم الآخر هو تخيلات عقل مريض مضطرب، عندما تغلق حورية ستارتها وراء ماجد وخالد مثلما فعلت فاتن حمامة فى نهاية فيلم “أيامنا الحلوة” (الفيلم بأكمله يبدو كتحية لأعمال فاتن ويتقاطع أيضا مع أفلامها الشهيرة مثل نهر الحب والليلة الأخيرة)، تظهر كلمة النهاية، تتراجع الكاميرا الى الخلف لنكتشف أننا فى عرض خاص، أبطال الفليم خرجوا من الشاشة ويتقبلون التهانى والتصفيق، لعبة الإيهام وكسر الإيهام تصل الى مداها لتقول لنا إن الفن ربما يكون أكثر حقيقية من الواقع، ذلك أنه يقدم وجهات نظر متعددة، ومن زوايا مختلفة فى نفس الوقت، بالأبيض والأسود وبالألوان، ربما تكون حياتنا نفسها هى “الديكور” ، بينما يكون الديكور هو حياتنا الفعلية.

حورية فرغلى هى محور الفيلم، لعبت ببراعة دور شخصية مريضة، أداء راسخ كالمعتاد من ماجد الكدوانى، وأداء أقل من خالد أبو النجا، يثبت أحمد عبد الله السيد فى كل مرة أنه يقدم تجارب مختلفة تؤكد موهبته الكبيرة، معه أيضا مدير تصويره الأثير “طارق حفنى”، “ديكور” عمل هام ينعش العقل ويمتع النظر، من أذكى الأفلام العربية التى قدمت التحية لفن السينما، وللفن عموما .

 إحباط ووجوم

على العكس من ذلك، جاءت تجربة إبراهيم البطوط فى فيلم “القط” الذى كتبه وأخرجه، باهتة ومشوشة، ورغم الجهد الكبير المبذول فى اختيار مواقع التصوير، فإن العمل تم تحميله بمعان رمزية مختلطة ناءت الدراما بحملها، مع أن العمود الفقرى للأحداث لايزيد عن محاولة رجل الإنتقام ممن خطفوا ابنته، لو ظل الفيلم مخلصا لهذا الخط فقط ببعده الواقعى الخشن، مع ربطه بقضية اختطاف وانتهاك أطفال الشوارع وبيع أعضائهم من خلال مافيا منظمة، لكان العمل مقبولا، وربما اعتبرناه جريئا ومميزا، ولكن البطوط أضاف شخصية الرجل الغامض الذى لعبه فاروق الفيشاوى، فى محاولة لإعطاء بعد رمزى مشوش للغاية حتى فى أذهان صناع الفيلم، بسبب ذلك ظل الفيلم يتأرجح بين واقعية خشنة وعنيفة، ورمزية ضبابية تحتمل تفسيرات متعارضة، أثقلت الشخصية الفيلم، فهبطت به الى مرتبة العمل المتواضع، رغم الطموح والجهد الكبير المبذول.

شخصية القط التى لعبها عمرو واكد لا نعرف عنه سوى أنه  فقد طفلته، وأنه يشكل تنظيما مسلحا مع أخيه لمطاردة وقتل عصابة تخصصت فى اختطاف أطفال الشوارع، ثم يبيعون الفتيات الصغيرات للأثرياء العرب، ويقتلون بعض الأطفال لبيع أعضائهم بالقطعة، يقوم بإدارة العصابة شاب يلعب دوره صلاح الحنفى ( منتج مشارك مع البطوط ووواكد، وقام فى فيلم “الشتا اللى فات” بدور رجل أمن الدولة ببراعة شديدة) المهم أن هذا الخط يقدم بصورة واقعية الى درجة تفاصيل التفاصيل فى عمليات القتل والطعن، وبينما يقدم عمرو واكد باعتباره مدافعا عن قضية عامة، نكتشف فى النهاية أن الأمر له علاقة بابنته المختفية، ولكن دون ان يجزم الفيلم بأنها كانت ضحية لعملية بيع أو تقطيع، كما يستطرد الفيلم فى علاقة القط مع والده الذى بتروا رجله، وفى زواج القط من فتاة سرعان ما تختفى لتعيش مع والد القط، ومع طفل وطفلة من أولاد الشوارع أنقذهما القط ، يبدأ الفيلم بظهور الرجل الغامض (فاروق الفيشاوى) فى معبد أوزوريس، ثم نراه فى مسجد وكنيسة ومعبد يهودى مما يعد تلميحا واضحا الى شخصية لها صفات إلهية، ولكن ملابسه السوداء، واعترافه بأنه ايضا يبيع الأعضاء، والفتيات المحيطات به، كل ذلك يجعله أقرب الى شيطان مودرن.

لقطة من فيلم “القط” لابراهيم البطوط

الحقيقة أنه شخصية مشوشة ومشوشة (بفتح الواو وكسرها)، فبينما يريد الإنتقام من زعيم مافيا أطفال الشوارع، وبينما يراقب تصرفات القط، فإن الرجل الغامض لا يستطيع أن ينتقم بنفسه، بل سيلجأ الى القط، وبعد مشاهد مرتبكة، يوحى الفيلم بأن عصابة الأعضاء لها علاقة بخطف ابنة القط، أى أننا عدنا فى النهاية الى الدائرة الأضيق وهى الإنتقام الشخصى، تظل أسئلة كثيرة معلقة، ويظل الفيلم خليطا من الرمزية المشوشة والواقعية الفجة دون أن يشبع أحدهما، تجربة محبطة للغاية .

حائط البطولات

ويتبقى فى النهاية فيلم “حائط البطولات” الذى يمكن أن نصفه بأنه عمل ركيك للغاية على كل المستويات، سيناريو بدائى وفيلم “حربى” يستعين بلقطات مهترئة من أفلام سابقة بما فيها المعارك  التى ظهرت فى فيلم “أبناء الصمت” لمحمد راضى فى السبعينات من القرن العشرين، ينتمى الفيلم الى عصر ما قبل الجرافيك، يغلب على مشاهده الداخلية الطابع المسلسلاتى ( الفيلم من إنتاج قطاع الإنتاج فى التليفزيون المصرى)، أما الأبطال فهم خليط غير متجانس بين نجوم آفلة مثل محمود ياسين وفاروق الفيشاوى وأحمد بدير، وأخرى صاعدة مثل خالد النبوى ومصطفى شعبان ومجدى كامل ومها أحمد، ونجوم منطفئة تماما  مثل محمد خيرى بطل فيلمى “المومياء” و”العمر لحظة”، ديكورات مضحكة، وحوارات هزلية.

أساء الفيلم الى بطولات رجال الدفاع الجوى قبل وبعد حرب أكتوبر، المعروف أنهم خاضوا معركة أسطورية لبناء حائط الصواريخ، وحققوا ثلاث قفزات أقرب الى المعجزات، جعلت قواعد الصوارخ المصرية على الضفة الغربية للقناة، بعد أن استباحت إسرائيل السماء المصرية لشهور طويلة، ولكنك لن تشاهد شيئا من ذلك، ستسمع فقط وكأنك أمام فيلم مسموع ( على وزن الكتاب المسموع).

غرفة المراقبة ورصد طائرات العدو تبدو أقرب الى كبائن التليفونات، وأداء خطابى زاعق، وتصوير كاريكاتورى لشخصيات إسرائيلية لم تكن كذلك فى الواقع على الإطلاق، غسان مطر فى دور موشى ديان، وعايدة عبد العزيز فى دور جولدا مائير، وشريف عبد المنعم (نجم كروى معتزل احترف التمثيل وقدم مجموعة من الأفلام الهزيلة) فى دور شارون، الفيلم لا يذكر حتى اسم الشخصية التى لعبها محمود ياسين وهو البطل محمد على فهمى قائد الدفاع الجوى بعد حرب أكتوبر، والذى منح فيما بعد رتبة المشير.

لقطة من فيلم “حائظ البطولات”

تردد أن حسنى مبارك كان وراء منع عرض الفيلم، قيل إنه عندما شاهده اعتبر أن العمل يعطى الدفاع الجوى دور البطولة سواء فى حرب الإستنزاف أو فى حرب أكتوبر، أتشكك فى هذه الرواية، الفيلم أصلا يسىء للفن قبل إساءته الى أى شىء آخر، وعدم عرضه جماهيريا قرار صائب، لأنه عمل ردىء لايحترم لا السينما ولا الجمهور ولا الأبطال الذين يتحدث عنهم، كان مفروضا ألا يعرض المهرجان الفيلم، وأن يتم بيعه للفضائيات مباشرة ليعرض فيها وسط طوفان الأعمال المتواضعة، هناك نوايا طيبة بالقطع، ولكن ذلك لايكفى لصنع أفلام جيدة، ما زلنا نتذكر كيف تحولت الأفلام الدينية الى أفلام كوميدية بسبب رداءة الصنعة، لا تكفى العاطفة الدينية أو الوطنية لكى نصنع فنا رفيعا.

لا يوجد استخفاف أكثر من الإستعانة بأفلام حربية مصورة ومهترئة سابقة فى عمل يفترض أن أهم ما فيه معاركه الجوية، الأفضل ألا ننتج أفلاما لا نمتلك الميزانية لإخراجها بصورة لائقة، فى كل الأحوال، الفيلم ينتمى الى مرحلة نهاية التسعينات، التى تغيرت بعدها السينما المصرية جذريا، بالذات فى مجال نوعية الصورة وضخامة الإنتاج، بل وظهر جيل آخر جديد من الممثلين والفنيين فى كل فروع العمل السينمائى، لذلك يبدو “حائط البطولات” مجرد حفرية دالة على نهاية عصر، إرهاصا بمخاض لعصر جديد.          

Visited 30 times, 1 visit(s) today