التنظيم الجديد لمهرجان القاهرة السينمائى: تخريب وصفحة سوداء!

Print Friendly, PDF & Email

رفعت جمعية كتاب ونقاد السينما قضية أمام محكمة القضاء الادارى لتحاول ان تثبت حقها في تنظيم مهرجان القاهرة السينمائى باعتبار انها كانت تنظمه منذ عام 1976 حتى عام

وكان مجلس ادارة المركز القومى للسينما في مصر قد قرر بعد الثورة- بموافقة وزير الثقافة السابق عماد أبو غازى – اسناد تنظيم المهرجانات المصرية الى جمعيات أهلية ومؤسسات مجتمع مدنى. ومن ثم أسندت المهرجان الى مؤسسة وليدة أسمت نفسها مؤسسة مهرجان القاهرة فلجأت “كتاب ونقاد السينما” للقضاء بدعوى انها صاحبة الملكية الفكرية للمهرجان.

والحق أننى صدمت من ادعاء نقاد وسينمائيين كبار من مجلس ادارة المركز القومى للسينما بأن مهرجانات العالم الكبرى تنظمها مؤسسات مجتمع مدنى، وهو قول خاطئ تماما، فمؤسسة مهرجان كان مثلا (المقامة طبقا لقانون يسمى 1901) هى مؤسسة عامة لها صفة الاستقلال مكونة من مجلس ادارة مكون من ممثلين لوزارة الثقافة وبلدية مدينة كان ونقابات المخرجين والنقاد والممثلين وغيرهم لينظم اكبر مهرجان سينمائى فى فرنسا ممثلين عن الاتحادات المنتخبة.

نفس الشئ فى مهرجان فينيسيا، فالبينالى الذى يمثله مؤسسة عامة تزيد فيها أعضاء الحكومة لهذا من المعروف فى أوساط الخبراء أن مدير المهرجان يختار حسب اتجاه الحكومة التى تحكم ايطاليا.

أما المؤسسة الوليدة التى تسمى مؤسسة مهرجان القاهرة فهى مكونة أساسا من أعضاء المكتب الفنى لمهرجان القاهرة السينمائى طوال عشرين عاما مع اضافة عدة أسماء جديدة ليس لها أى خبرة فى ادارة المهرجانات ولا حتى فى مهرجان واحد مثلا.

 مؤسسة كاملة مكونة من عشرة أفراد فقط كلهم كانوا فريق سهير عبد القادر نائبة رئيس مهرجان القاهرة السينمائى لخمسة عشر عاما والتى كانت محل العديد من الانتقادات المحلية والدولية لعدم تخصصها فى السينما وادارتها له بشكل متعسف وفاشل.

 وأشهد شخصيا أننى قابلت ضيوفا سابقين للمهرجان مثل المخرج السورى عبد اللطيف عبد الحميد والمغربى نبيل عيوش وغيرهم كانوا يتفجرون غضبا وهم يحكون عن سوء التنظيم الذى واجههم وواجه أفلامهم. بل وأكثر من ذلك فقد كانت شديدة القسوة مع موظفيها الذين قدموا فيها بعد الثورة بلاغا للنيابة الادارية يتهمونها بتجاوزات ادارية ومالية.

لكن المؤسسة تكونت بدونها ثم اختاروا رئيسا لها و للمهرجان الناقد يوسف شريف رزق الله والناقدة خيرية البشلاوى نائبة له وماجدة واصف المدير الفنى. وكلهم أطال الله فى أعمارهم ناهزوا السبعين.

 ولا أعرف كيف طاوعهم قلبهم ليسعوا بمنتهى الاصرار على الاستئثار بالمهرجان بدلا من أن يتركوا مكانهم لأجيال جديدة ولفكر مختلف.

 ألم يأخذوا فرصتهم طوال عشرين عاما وأكثر؟ ان كل ما يتهم به المهرجان عالميا من سوء تنظيم وانقطاع للعلاقة مع الجمهور وعدم وجود تواصل بين السينمائيين المصريين وضيوف المهرجان هم شركاء أساسيون فيه. فهل يدعون الان ان سهير عبد القادر هى وحدها سبب كل ذلك؟

لا انكر ان المهرجان طوال السنوات الماضية جلب أحيانا أفلاما مهمة وضيوفا أكثر أهمية لكننا لم نستفد بهم فى شئ. فعلم ادارة المهرجانات ليس مجرد جلب الجيد لكن صنع منظومة متكاملة تطور الثقافة وصناعة السينما وترتقى بذوق المتفرجين.. ثم أن كل هؤلاء منتمون للفرانكوفونية بشكل كامل فتجد الضيوف والافلام الفرنسيين اكثر من أى ثقافة اخر

ى. ثم كيف يتم اختيار مديرة فنية للمهرجان تم اغلاق مهرجان السينما العربية بباريس بسبب سوء ادارتها ؟ وكيف يرأس المهرجان الاستاذ رزق الله وهو غير متفرغ ؟ فهو رئيس جهاز السينما بمصر ومدير مهرجان اوروبى جديد سيعقد بالأقصر ومعد برامج واشياء أخرى.

 الأعضاء الاخرون فى الجمعية والمهرجان أغلبهم منتجون شباب مجتهدون لكنهم ليسوا متخصصين فى الثقافة السينمائية. المهرجانات كلها فى العالم يديرها النقاد وليس السينمائيين لكى لا تكون مجالا لمصالحهم واستبعاد منافسيهم.

ماذا أدار المخرج شريف مندور فى حياته غير شركته ليكون المدير التنفيذى لمهرجان القاهرة السينمائى؟ وهل محمد حفظى صاحب ثقافة سينمائية مميزة حتى يكون مسؤولا عن ورش العمل ودروس السينما؟

وماهو منصب مديرة العلاقات العامة الذى تم اسناده للفنانة بشرى وهو غير موجود فى مهرجانات العالم الكبرى. وهل سيكون المخرج الموهوب محمد على المنشغل بمسلسل كريم عبد العزيز الجديد متفرغا لادارة مشروع تنشيط المشاهدة المختار له. ما هذه الخفة؟

ان ما يحدث ليس له الا اسما واحدا فقط هو التحايل. ضع عدة شباب يرتادوا المهرجانات مع شيوخ نقاد أعطيك شيئا بالتأكيد جيد. ثم ما هى ضمانات الشفافية المالية لهذة المؤسسة خاصة وأن هناك تحقيقات جارية عن الفترة الماضية متورط بها أسماء من الجمعية؟ وكيف لن يتحول هذا الكيان الى مملكة للمصالح الشخصية؟

أخر ما صدمنى هو تصريح أحدهم بأن الاتحاد الدولى للمنتجين المسؤول عن المهرجانات السينمائية فى العالم وافق على تنظيم هذه المؤسسة للمهرجان والصحيح ان السيدة ماجدة واصف هى التى تقدمت باخطار الاتحاد بالامر الواقع وليس العكس.

اننى أدعو الدولة بكل قوة الى أن تسترد هذا المهرجان وتحافظ على أكبر حدث سينمائى لمصر حتى لا يكون منح تنظيمه لجمعية خاصة مغلقة على أعضائها صفحة سوداء فى تاريخ الثقافة المصرية.

Visited 8 times, 1 visit(s) today