مهرجان كان يستعد للعودة إلى السجادة الحمراء

مع إعادة افتتاح دور السينما في جميع أنحاء فرنسا، ينتظر مهرجان كان السينمائي بصبر في الظل. المهرجان الذي يقام عادة في مايو، تمت إعادة جدولته بحيث يقام في يوليو، والإثارة تتصاعد- خاصة بعد إلغاء دورة العام الماضي بسبب الوباء. لكنها ليست المرة الأولى التي يتعطل فيها هذا الحدث الساحر.

عادة في هذا الوقت من العام، يتم فرش السجادة الحمراء تمهيدا لافتتاح المهرجان، في حدث يجتذب كبار نجوم السينما العالمية.

اختار المنظمون بحذر عقد دورة 2021 من 6 إلى 17 يوليو بدلاً من مايو، على أمل الاستفادة من رفع قيود الإغلاق التي شهدت إغلاق دور السينما والفعاليات أمام الجمهور خلال الأشهر الستة الماضية.

كان المهرجان يُعرف في الأصل باسم مهرجان الفيلم الدولي، وقد ابتكره وزير التعليم آنذاك جان زي في عام 1938. وتم اختيار مدينة كان كموقع لجاذبيتها السياحية ووعدها بالتمويل.

عُرض فيلم “أحدب نوتردام” The Hunchback of Notre Dame، بطولة تشارلز لوتون ومورين أوهارا، في أول افتتاح أول دورة للمهرجان في 31 أغسطس 1939، بحضور العديد من النجوم بما في ذلك كاري غرانت وماي ويست.

ومع ذلك، فإن الإثارة لم تدم طويلاً وتوقف باقي المهرجان كع اندلاع نيران الحرب العالمية الثانية.

بعد الحرب، تجدد الحماس لإعادة المهرجان إلى مساره الصحيح. نتيجة لذلك، كان عام 1946 عامًا مليئًا بالازدهار حيث تم ادراج ما لا يقل عن 11 فيلمًا في السابق على الجائزة الكبرى.

واجه المهرجان عدة انتكاسات في السنوات الأولى. في عام 1948 و1950، لم يتم اقامة الحدث بسبب مشاكل الميزانية.

وفي عام 1951 تم نقل المهرجان إلى شهر مايو بدلاً من سبتمبر لتجنب التعارض مع مهرجان فينيسيا.

مع استمرار مهرجان كان في النمو، كان المجتمع يتغير بسرعة. وشهد عام 1968 أهم الأحداث الدرامية في فرنسا، ووجد المهرجان نفسه محاصرًا في خضم الاضطرابات المدنية المتزايدة والإضراب العام الذي أدى إلى الشلل التام في البلاد.

وكان التوتر قد بدأ في وقت سابق من العام عندما تمت إقالة هنري لانغلوا مؤسس ومدير السينماتيك الفرنسية من منصبه. وقد أدى ذلك إلى بعض الاحتجاجات من قبل السينمائيين مثل فرانسوا تروفو، وأعيد لانغلوا الى منصبه في النهاية.

ولكن بحلول 10 مايو، عندما افتتح المهرجان رسميًا، تصاعد التوتر بشكل كبير في باريس ووقعت اشتباكات عنيفة بين الطلاب والشرطة الذين نفذوا حملة قمع شديدة.

الطلاب الغاضبين يعتصمون على شاطيء الريفييرا في كان 1968

وفي 18 مايو أعلن جان لوك غودار وكلود لولوش وجان كلود كاريير، بالإضافة إلى أعضاء لجنة التحكيم لوي مال ورومان بولانسكي في مؤتمر صحفي تضامنهم مع العمال والطلاب، كما أعلنوا أنه سيتم وقف المهرجان.

استقال لوي مال ومونيكا فيتي ورومان بولانسكي وتيرينس يونغ من لجنة التحكيم الدولية بينما طلب آلان رينيه وكلود لولوش وكارلوس ساورا وميلوش فورمان سحب أفلامهم من المسابقة.

كان من المقرر أن يعرض كارلوس ساورا فيلمه في المهرجانPeppermint Frappé في نفس المساء. وبرفقة صديقته بطلة الفيلم، جيرالدين شابلن، إلا أنه قفز على المسرح وأغلق الستائر لمنع العرض. وانضم إليه تروفو وغودار. ووقع جدال حاد مع الجمهور وورد أيضا وقوع نبادل اللكمات.

نتقدم سريعًا إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولا يزال المهرجان منصة للقضايا الاجتماعية- وأحدثها السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين.

في عام 2018 نظمت 82 نجمة احتجاجًا على السجادة الحمراء ضد عدم المساواة والحاجة إلى “مكان عمل آمن” بعد مزاعم سوء السلوك الجنسي ضد المنتج هارفي واينستين والتي اندلعت في حركة #MeToo الواسعة الانتشار.

أعلن مدير المهرجان تييري فريمو أن المهرجان يعمل من أجل خطة “5050 × 2020” لتحسين تمثيل المرأة في صناعة السينما، ولأول مرة في تاريخه، ضمت لجنة الاختيار 50٪ من النساء في عام 2019

وفي عام 2019 كان هناك احتجاج آخر – هذه المرة على منح السعفة الذهبية الفخرية لآلان ديلون، أحد أشهر الممثلين في فرنسا. وقد وقع أكثر من 23 ألف شخص على عريضة عبر الإنترنت ضد حصوله على الجائزة. في تلك العريضة وصفوه بأنه “كاره نسائي عنصري وكاره للمثليين”.

رومان بولانسكي وزوجته شارون تيت في مهرجان كان 1968

في تلك المرحلة، لم يكن بإمكان أحد أن يخمن أن مدينة كان على وشك مواجهة ثورة أخرى، دراما أغرب من جميع الأفلام المجمعة: تفشي جائحة كوفيد-19.

وهكذا أعلن منظمو دورة 2020 في البداية تأجيل الدورة، واستمر الموقف كذلك حتى وصل إلى إعلان الإلغاء التام للدورة، واقيمت السق الدولية للأفلام في يونيو الماضي غبر منصة افتراضية، وكذلك مهرجان صغير لمدة ثلاثة أيام لعرض اختيارات 2020 في أكتوبر.

وأضاء رئيس لجنة التحكيم سبايك لي آفاق 2021 من خلال التعهد بحضوره، وتم منح جميع الأفلام المختارة لتشغيل نسخة 2020 “علامات كان” للمساعدة في تسويقها.

ومن المقر اقامة دورة 2021 بعد أسبوع واحد فقط من رفع قيود Covid الأخيرة وحظر التجول في 30 يونيو. وسيتم السماح بإعادة فتح دور السينما بكامل طاقتها مع الحفاظ على البروتوكولات الصحية في مكانها.

ولكن هل ستعود الحشود بأعداد كبيرة؟ هل سيتم تطعيم الجميع كما وعد الرئيس إيمانويل ماكرون؟

من الواضح أن العالم لن يعود إلى “طبيعته” بسرعة. ولن يكون كذلك مهرجان كان السينمائي- ولكن بعد كل شيء، ماذا سيكون الحدث بدون لمسة من الدراما؟

(عن موقع راديو RFI الفرنسي)

Visited 74 times, 1 visit(s) today