“لا وقت للموت” هل سيكون الفيلم الأخير لبطل السلسلة الشهيرة؟

منذ نحو ستين عاما وسلسلة أفلام العميل السري البريطاني الشهير جيمس بوند، تستمر في جذب عشرات الملايين من المشاهدين في العالم. وتزداد بدرجة كبيرة أرقام عائدات هذه الأفلام.

ولا يكف منتجو السلسة التي تم توارثها عبر عقود، عن التفكير في ابتكارات تبقي عليها حية في عقول وقلوب المشاهدين. وكما أنهم يطورون في المحتوى والشكل ويبتكرون مع كتاب السيناريو ومخرجي الأفلام، الكثير من المغامرات الجديدة التي تدور وقائعها في أماكن جذابة ومثيرة، فهم يجددون أيضا في اختيار الممثل الذي يقوم بالدور. وعندما يجدون أنه قد استنفذ القدرة على القيام بالدور لسبب أو لآخر، يبدأون البحث عن البديل الذي يكفل مد عمر السلسلة الشهيرة.

لسنوات كثيرة ظلت أسرة بروكولي تمتلك حقوق انتاج السلسلة، منذ أن اشترى المنتج ألبرتو بروكولي في أوائل الستينات جميع روايات العمليل السري رقم 007 (باستثناء رواية كازينو رويال) التي كتبها الكاتب الإنكليزي ايان فليمنغ الذي سبق وأن عمل في مخابرات البحرية البريطانية، أي أنه كان قريبا من عالم الجاسوسية في زمن الحرب الباردة بين المعسكرين. وتتقاسم شركة “أيون” المملوكة لعائلة بروكولي، الأرباح التي تحققها أفلام جيمس بوند، مع شركة مترو التي تقوم بتوزيع الأفلام عبر العالم.

وقد نشر موقع “الأرقام” Numbers  مؤخرا أن أفلام السلسلة الـ 24 حققت حتى الآن إيرادات بلغت 16.3 مليار دولار مع الأخذ في الاعتبار نسبة التضخم خلال السنوات الماضية.

وبعد وفاة المنتج ألبرتو بروكولي عام 1996، الذي بدأ إنتاج السلسلة بفيلم “دكتور نو”عام 1962، تولت ابنته باربره زمام الأمور في الشركة، أي أنها ورثت التركة مشاركة مع أخيهامايكل ويلسون(من الزوجة الثانية) حسب وصية الأب. وقد أكملت السلسلة التي خاض منتجوها صراعات كبيرة أمام المحاكم مع الكثير من الخصوم، خمسة وعشرين فيلما. وتستعد حاليا لطرح الفيلم الجديد، الخامس والعشرين، في أسواق التوزيع السينمائي في العاشر من أبريل القادم.

يحمل الفيلم الجديد عنوان “لا وقت للموت” No Time to Die. وسيكونهو الفيلم الخامس الذي يقوم ببطولته الممثل الإنكليزي دانييل كريغ الذي كان قد أعلن بعد الفيلم السابق “سبكتر” (2015) أنه يفضل أن يقطع شرايين يده ولا يقوم بالدور مجددا. فالإغراء المالي كبير بحيث لا يمكن مقاومته بسهولة خاصة مع تمسك صاحبة الأمر والنهي في السلسلة، المنتجة باربره بروكولي به باعتباره الدجاجة التي تبيض للشركة ذهبا.

لكن ما اتضح بعد “سبكتر” أن كريغ لم يعد يمكنه القيام بأداء المشاهد الصعبة التي تتطلب جهدا كبيرا بعد ان تقدم في العمر (أصبح الآن في الثانية والخمسين من عمره). لكن بروكولي نفت مؤخرا الشائعات الصحفية التي ذهبت الى احتمال إسناد الدور الى ممثلة (امرأة)، وأصرت على أن دور جيمس بوند يجب أن يقوم به رجل، وليس من الممكن تغيير الأصل التاريخي الثابت للشخصية كما ظهرت من البداية. ولكنها أضافت أن من الممكن أن يقوم به أي ممثل بغض النظر عن اللون أو الأصل العرقي. ويؤكد ويلسون هذا الرأي عندما يشير إلى أن بريطانيا بلد متنوع الأعراق والثقافات.

وفي مقابلة نشرت حديثا في مجلة “فاريتي” الأميركية المتخصصة في صناعة السينما، قالت بروكولي إنها استمعت الى ما قاله دانييل كريغ عن اعتزاله دور بوند بعد “لا وقت للموت” إلا أنها ترفض تصديقه، وأن لديها دائما الأمل في أن يراجع نفسه.

لم يتم الكشف حتى الآن عن تفاصيل كثيرة تتعلق بقصة الفيلم الجديد، باستثناء أن حبكته تقوم على أن بوند بعد أن تقاعد من العمل في مجال الجاسوسية (لحساب مخابرات صاحبة الجلالة) استدعي للعودة من التقاعد بعد أن تم اختطاف عالم كبير من قبل قوى مجهولة. ولا شيء حتى الآن أكثر من ذلك ربما باستثناء أن مناظر الفيلم الخارجية صورت في بريطانيا والنرويج وإيطاليا وجامايكا، وصورت المناظر الداخلية للفيلم كالعادة في استديوهات باينوود في ضواحي لندن. والفيلم الجديد من اخراج كاري فوجي فوكوناجا (وهو أميركي من أصل ياباني) كان قد أخرج بعض الأعمال للسينما والتليفزيون لفتت الأنظار إلى قدرته بوجه خاص على اخراج المشاهد المثيرة التي تتميز بالحركة، مثل مسلسل “محقق حقيقي” (2014)، والفيلم الحربي “وحوش بلا أمة” (2015).

وكان المخرج البريطاني داني بويل (حائز الأوسكار عن “مليونير العشوائيات”) قد تخلى عن اخراج الفيلم الجديد بعد خلافات فنية مع المنتجين وكتاب السيناريو. كما قرر المخرج سام ميندز الابتعاد عن السلسلة بعد أن قدم فيلمين منها من أكثر الأفلام التي حققت نجاحا جماهيريا في العالم وهما “سكايفول” و”سبكتر”.

ويقول فوكوناجا إن البحث عن ممثل جديد يصلح للقيام بدور جيمس بوند لن يكون سهلا بل قد يستغرق البحث سنوات. ولكن ليس من السهل تخيل أن تتوقف السلسلة التي تحقق كل هذا النجاح لسنوات. وكما أن التحدي يكمن في العثور على ممثل يخلف دانييل كريغ في الدور، هناك التحدي الآخر الذي يتمثل في تغير طريقة استقبال الأفلام بعد أن غيرت شبكة “نتفليكس” المعادلة بحيث أصبح البث الرقمي المباشر للأفلام الجديدة عبر الانترنت يجذب عشرات الملايين في العالم. ومع ذلك تقول باربره بروكولي أن أفلام بوند ستبقى على الشاشة الكبيرة وإن كانت لا تستبعد الدخول مستقبلا في شراكة ما مع شبكات البث الرقمي.

الفيلم الجديد أصر مخرجه على تصويره بكاميرا السينما من مقاس 35 مم، بل وقام بتصوير المشاهد الرئيسية بكاميرا الأيماكس بحيث يتيح الفرصة لتوسيع شبكة العرض أمام الفيلم الجديد وبالتالي جذب الجمهور عبر العرض على شاشات الأيماكس العملاقة عالية النقاء.

علينا فقط أن ننتظر كيف سيظهر بوند مجددا على شاشات العالم، وهل سيكون مقنعا في عالم يتغير باستمرار.


Visited 124 times, 1 visit(s) today