المخرج الأرجنتيني ليساندرو ألونسو في مهرجان مراكش

يشارك المخرج وكاتب السيناريو الأرجنتيني ليساندرو ألونسو في الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث يقدم أحدث أعماله “يوريكا”، ضمن قسم “القارة الحادية عشرة”.

الفيلم من بطولة فيغو مورتنسن وكيارا ماستروياني التي التقى بها المخرج منذ سنوات في لجنة تحكيم مهرجان كان. والعمل تم عرضه في مهرجان كان السينمائي للعام الجاري كعرض خاص.

يتنقل المخرج في الفيلم بين الواقع وعالم أكثر تجريدًا، حيث يقود بجرأة المشاهدين في رحلة تتطور من واقع قاسٍ إلى تجربة تتجاوز الحدود، من خلال قصة طائر “يوريكا” وهو طائر يطير عبر مناطق جغرافية مختلفة من القارة الأميركية. في الفيلم يسافر “يوريكا” عبر الزمن في رحلاته نحو الهنود الحمر، السكان الأصليين للولايات المتحدة. وبالاستماع إلى كلماته، يدرك مشاهد الفيلم مدى صعوبة أن نصبح بشرًا وأن نستمر في البقاء في عالم يقوم على العنصرية والتمييز.

وأكد المخرج الأرجنتيني في تصريحات على هامش مشاركته في الدورة العشرين لمهرجان مراكش، أنه كان يتطلع بشدة إلى معرفة انطباع الجمهور المغربي تجاه فيلمه “يوريكا”، مبرزا أن فكرة الفيلم جاءت من نهاية إخراج فيلمه السابق “جوجا” (2014)، وهو دراما تاريخية “عندما رأيت أنه كان ينبغي علي الاستمرار في تصوير بعض المشاهد الإضافية بحضور الأميركيين الأصليين”.

المخرج يتنقل بين الواقع وعالم أكثر تجريدًا حيث يقود المشاهدين في رحلة تتطور من واقع قاسٍ إلى تجربة تتجاوز الحدود

وأضاف “هنا بدأت أفكر أنه يجب أن يكون هناك تمثيل أكبر لهؤلاء السكان الأصليين. ويتعلق الأمر بسرد قصة السكان الأصليين في أميركا الشمالية ومقارنتهم بسكان أميركا اللاتينية”.

وعن ظروف إنتاج الفيلم، قال المخرج الأرجنتيني إن الأمر كان معقدا للغاية، حيث واجه إنتاجه العديد من التحديات التي ترجع أساسا إلى الانقطاعات التي سببتها جائحة كوفيد – 19، والتي أثرت على العملية الإبداعية في مناسبتين أو ثلاث.

ومما زاد من التعقيد، يضيف ألونسو، كون التصوير قد تم في أربع دول مختلفة هي البرتغال وإسبانيا والولايات المتحدة والمكسيك، وهو ما جعل التنسيق بين أربعة فرق إنتاج وإدارة اللوجستيك مهمة صعبة إلى حد كبير.

“واجهنا أيضا عوائق تتعلق بأحوال الطقس، خاصة في الولايات المتحدة، حيث جعلت درجات الحرارة المنخفضة التصوير أكثر صعوبة”، يقول المخرج، مضيفا أنه “لذلك كان علينا أن نتغلب على العقبات الجغرافية والمناخية والصحية لتحقيق أهدافنا”.

ويتابع “في واقع الأمر، فالفيلم نفسه لا يحمل أي رسائل، وإنما خلاصات غير يقينية. لذا، أدعو جميع المشاهدين إلى إرساء علاقاتهم الخاصة به. وأنا أتطلع فعلا إلى معرفة الانطباع الذي سيتركه فيلمي في المغرب. كما أتطلع إلى أن أتمكن من مناقشته مع المشاهدين واكتشاف الانطباعات الأولى التي يثيرها في الثقافة المغربية”.

يعرض ألونسو نبذة عن حياته المهنية، وجوانب من علاقته مع أفلامه ومع الجمهور، ويقدم منظورا فريدا حول التقاطعات بين فنه وتجربة المشاهد.

وعن طبيعة علاقته بأفلامه، أكد المخرج الأرجنتيني أنه يخرج أفلاما قريبة منه ومن إمكانياته وحساسيته. ويقول “لا أرى نفسي قادرا على صنع أفلام أخرى غير تلك التي أخرجها. ولا أفكر عادة بمن سيشاهدها، لكن أفكر في الأفلام التي أود أن أشاهدها بنفسي، أو ما هي الأسئلة التي أود أن أطرحها على نفسي من خلال عناصر أو أدوات معينة أستخدمها في أفلامي”.

ألونسو يعرض نبذة عن حياته المهنية، وجوانب من علاقته مع أفلامه ومع الجمهور، ويقدم منظورا فريدا حول التقاطعات بين فنه وتجربة المشاهد

ويفصل ألونسو العناصر الأساسية التي تهمه في إخراج الفيلم، حيث “أعمل معظم الوقت مع ممثلين غير محترفين، وأشخاص لم يتوجهوا إلى السينما من قبل”. وهو أمر يعزى إلى اهتمامه باكتشاف كيف يعيش السكان على هامش الحضارة وينعزلون.

ويقول المخرج “من خلال هؤلاء الأشخاص وهذه المشاهد، أستطيع أن أشعر بأنني أكثر صفاء وأكثر اكتمالا، وأحاول اكتشاف ماذا يعني العيش في عالم آخر”.

أما عن علاقاته مع مشاهدي أفلامه، فيقول المخرج الأرجنتيني، إن جمهوره يتشكل في العموم من أولئك الذين يترددون على منصات معينة مثل المهرجانات السينمائية أو الجامعات أو مكتبات السينما أو دورات الأفلام، حيث يكون الجمهور أكثر شغفا لمشاهدة الأفلام غير التقليدية والتي لا يمكنهم مشاهدتها كل يوم في قاعات السينما التجارية أو على شاشة التلفزيون.

ويعرب في هذا الصدد عن أسفه لكون التوزيع التجاري للأفلام اليوم أمر صعب للغاية، وبالتالي فإن صناعة أفلام من النوع الذي ينجزه أمر معقد، ويتطلب الكثير من العمل والصبر والمثابرة والإيمان بأن الفكرة التي يسعى إليها المرء لها هدف واضح أو غرض حقيقي.

ويخلص ألونسو إلى أن السينما تمثل بالنسبة إليه وسيلة للقاء الجمهور، وأشخاص لن يتمكن من مقابلتهم بأي طريقة أخرى. ويقول “لذلك، فالسينما هي بمثابة نقطة انطلاقي للذهاب إلى أماكن بعيدة، واكتشاف كيف يعيش الناس ذوو ثقافات أخرى في ظل ظروف معيشية وقواعد أخرى. ومن خلال إنجاح هذه التجربة بنجاح، تمكنت من تكوين نفسي بشكل أفضل كمخرج وكشخص”.

وتجدر الإشارة إلى أن ليساندرو ألونسو (من مواليد 2 يونيو 1975)، درس لمدة ثلاث سنوات في جامعة السينما. وبعد أن شارك في إخراج فيلمه القصير الأول عام 1995، عمل كمساعد مخرج ومصمم صوت حتى عام 2000. أخرج ستة أفلام طويلة وفيلما قصيرا منذ عام 2001 ويرتبط اسمه بحركة السينما الأرجنتينية الجديدة. عُرض فيلمه “لا ليبرتاد” في قسم “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي عام 2001. وكذلك شارك فيلمه “جوجا” عام 2014 في قسم “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي 2014، وفاز بجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما. بالإضافة إلى ذلك، تم اختياره كصانع أفلام مقيم في جمعية السينما بمركز لينكولن لعام 2014 في 24 يونيو 2014.

Visited 7 times, 1 visit(s) today