ملف عن الرقابة في العالم العربي في مجلة “فاريتي”

خصصت مجلة فاريتي الأميركية المتخصصة في شؤون صناعة السينما في العالم، ملفا خاصا عن السينما في العالم العربي، بمناسبة انعقاد مهرجان كان السينمائي. وتضمن هذا الملف تحقيقا عن طموحات السينمائيين العرب لتحقيق مشاريع أفلام أكثر طموحا، يمكنها الوصول الى الجمهور العريض على الساحتين المحلية والعالمية، والخروج من النطاق المحدود الذي انحصرت فيه أفلامهم الفنية التي تتميز بالبحث عن أساليب غير تقليدية للفيلم العربي.

ويقول المنتج الفرنسي اريك لاغيس مدري شركة بيراميدز الفرنسية وهو الطرف الانتاجي الرئيسي في انتاج الفيلم المصري “اشتباك” لمحمد دياب، إن السينمائيين العرب باتوا على قناعة بضرورة التوجه نحو قطاعات أوسع من خلال افلامهم الجديدة. ويضيف أن فيلم “اشتباك” رغم دراميته العالية إلا أنه يتميز ايضا بوجود لحظات مرحة في سياقه.

يسوق المقال أمثلة على التوجه الجديد للسينمائيين العرب للخروج من معطف أفلام النخبة بفيلم “هلق لوين” للمخرج اللبنانية نادين لبكي، والفيلم الفلسطيني “ياطير الطاير” لهاني أبو أسعد، وكلاهما يروي قصة درامية تمتليء بالمواقف الطريفة، دون ان تغفل النقد الاجتماعي.

تضمن الملف أيضا مقالا رئيسيا كتبه الناقد الأميركي جاي ويسبرغ عن اشتداد قبضة الرقابة في العالم العربي على الأعمال السينمائية والاعلامية بشكل عام في الفترة الأخيرة. وهو يصف الوضع القائم في المنطقة بأنه حالة حرب مشتعلة لا تكاد تخلو منها دولة عربية، وأن الفيلم والتليفزيون أصبحا في مواجهة سلطات أكثر تشددا، تلقى دعما من المؤسسات الدينية الرسمية من أجل فرض مزيد من القيود على حرية التعبير.

يمضي كاتب المقال ليقول إن ما أنتجه “الربيع العربي” يواجه الآن قمعا متزايدا بعد أن جعل الاعلام الرسمي كلمة الثورة كلمة سيئة السمعة، وأن كثيرا من العاملين في مجال الثقافة في مصر أشاروا الى تعرضهم للمراقبة والمداهمات الأمنية وتفتيش مساكنهم، كما يتساءل كثير ممن يمتلكون وسال اعلامية مستقلة عما إذا كان سيمكنهم الاستمرار أو سيرغمون على الاغلاق.

يشكو مخرج فيلم “اشتباك” إن الثورة كانت قد نجحت في الحصول على الكثير من المكاسب خاصة فيما يتعلق بزيادة اتساع مساحة حرية التعبير، لكن المفارقة أن النظام الجديد الحالي الذي جاء بعد سقوط الاخوان المسلمين في مصر يلجأ إلى فرض ما عجز الاسلاميون عن فرضه أثناء الفترة التي قضوها في الحكم بسبب ما واجهوه وقتها من مقاومة شديدة، أما الآن فقد تم فرض مزيد من القيود على الاعلام والتعبير الثقافي وأن النظام الجديد يحاول أن يثبت للشعب المصري أنه أكثر تشددا فيما يتعلق بالمعايير الدينية من الإسلاميين، لذلك يتعرض الكثير من الأشخاص للقمع والاعتقال.

أما الدول العربية التي لم تشهد الثورات مثل الجزائر فيقول الكاتب إنها أصبحت تتحسب لأي نقد للسلطة، وبالتالي فقد أرغمت السلطات الجزائرية مثلا المخرج المرموق مرزاق علواش على العمل في فرنسا، وعندما يصور أفلاما في الجزائر تتعرض هذه الأفلام للمنع من العرض في دور العرض الجزائرية. أما هشام لعسري الذي ينتقد الممارسات العلوية التي تخدش على نحو ما سلطة العائلة الملكية الحاكمة فإنه يواجه الكثير من التضييق، بينما منعت السلطات فيلم “الزين لي فيك” لنبيل عيوش الذي يكشف عورات الواقع المغربي واضطرار الكثير من الفتيات تحت وطأة الفقر الى احتراف الدعارة.

الضغوط لا تأتي فقط من السلطات بل كما يقول المخرج المصري يسري نصر الله تأتي كذلك من جانب منتجي الأفلام الذين يرفضون انتاج أفلام تتناول قضايا سياسية شائكة مثل فساد الشرطة أو الجماعات الإسلامية، وهو ما يؤثر على كتاب السيناريو والمخرجين الذين يرغبون في الوصول الى الجمهور العريض من خلال شركات انتاج كبيرة رئيسية تعمل في نطاق السوق.

Visited 24 times, 1 visit(s) today