شون كونري في حديث نادر عن جيمس بوند
ترجمة: رشا كمال
في عام 2002 خطرت لي فكرة جامحة، هي أن أجمع شمل جميع الممثلين الذين قاموا بدور جيمس بوند الخمسة، في احتفالية مجلة” فاريتي” بمناسبة مرور أربعين عاما على انطلاق هذه السلسلة، الأمر الذي تطور فيما بعد إلى عدة مقالات بعد وصول دانيال كريغ ليكون سادس ممثل يقوم بأداء الشخصية.
ولكن قيل لي وقتها أنني ينبغي أن أصرف النظر عن شون كونري، فهو لا يتحدث عن جيمس بوند في مقابلاته، فكان جوابي “أبدا لا تقل أبدا”. ومع مزيد من التحلي بالصبر والمثابرة والحظ، تمكنت أخيراً من إجراء مكالمة هاتفية معه أثناء تواجده في براغ لتصوير أحدث أفلامه “تحالف الخارقين” The League of Extraordinary Gentlemen).
وبوفاة كونري، الرجل الذي منح الحياة لشخصية جمس بوند على الشاشة وأعاد تعريف مفهوم الذكورة (بشكل أكثر خطورة من كاري غرانت)، اتضح أن تلك المحادثة التي استغرقت ثلاثين دقيقة، كانت آخر الذكريات المنشورة عن العميل 007.
قال كونري متحدثا عن أدواره الستة الرسمية وظهوره في فيلم خارج السلسلة:
“كانت أفلاما مثيرة ومرحة، تروي قصصا جيدة، وبها فتيات جميلات، وأماكن خلابة، ولم يكن بها أي شئ مسلّم به”.
كان مرحا وصريحا وفخورا عندما تحدث عن إرثه الفني في تجسيد هذه الشخصية، مع غياب نبرة المرارة المعتادة في أحاديثه السابقة إلا عند ذكر موضوع الأجر، حين قال “عدا عن الأجر السخيف، إلا أنهم أحضروا معدات مثيرة لتجسيد الخيال العلمي إلى فيلم “إنك تعيش مرتين فقط” You only live twice الذي أنتج عام 1967.
وعند سؤاله عن السبب وراء انطلاق شهرة بوند بدايةً من فيلم “دكتور نو” Doctor No عام 1962 وتحديدا في بريطانيا، كان رأيه أن هذه الأفلام كانت نوعا مختلفا عن الأفلام الواقعية الدرامية التي كانت منتشرة في أواخر الخمسينيات، وقال:
“كان فيلما مسليا، يتمتع بأسلوب خاص، على الرغم من تكلفته الإنتاجية القليلة، التي لم تتجازظ مليون جنيه إسترليني.
وكانت “خفة الظل” العامل الرئيسي في هذه الأفلام، وقد حققت توازنا جيدا مع مشاهد التهديدات المستمرة بالموت، كآلية للدفاع.
وأضاف كونري “كنت أخذ الأمور بجدية، كان يتعين علي أن أبدو متوعداً وقويا بدرجة كافية للقيام بكل تلك الأمور، أو كبيراً بما يكفي لتنفيذها، وخفة الظل كانت غائبة عن روايات إيان فلمينغ مبتكر الشخصية.”
كانت المفاجأة الكبرى في حديثه عندما أشاد بالمخرج تيرنس يونغ مخرج أفلام “دكتور نو”، “كرة الرعد”، “من روسيا مع حبي”Doctor no, From Russia with love , Thunderball، لدوره الهام في خلق وتشكيل شخصيته جيمس بوند.
كان يونغ يتمتع بحسٍ راقٍ، ويعتبر الخالق الحقيقي لشخصية بوند على الشاشة وكذلك تشكيل الشخصية الخام والجذابة للممثل الاسكتلندي ذي الواحد وثلاثين عاماً وقتها. وعنه قال كونري “كانت مساهمة تيرنس هائلة، كان رجلا مفعم بالحيوية، يحرص دائما على ارتداء آخر صيحات القمصان والسترات، كان شخصاً أنيقاً – سواء كان معه مال أم لا – وله حضور في جميع النوادي الاجتماعية.
وكان يفهم جيداً ما يبدو ملائماً: الطرز الجيدة للبذلات، وكل ما يتعلق بهذه الأمور التي يجب ـن اقول انها لم تكن محل اهتمامي، فقام بإحضار تشكيلة من الملابس التي جعلتني أبدو مقنعاً وخطيراً في أداء الشخصية”.
استمتع كونري كثيراً بالعمل في أفلام بوند الثلاثة الأولى (دكتور نو، من روسيا مع حبي ( فيلمه المفضل)، ثم “الإصبع الذهبي” الذي عرفه على رياضته المفضلة الجولف، إلا أنه بدأ يشعر بالملل من القيام بدور بوند مع مرور الوقت.
“بمجرد أن تلعب أول فيلمين ستمضي قدما، فقد تم تأسيس شخصيتك. وبعدها سيكون لديك القليل لتقدمه، فقد أديت كل ما هو متوقع منك حتى تلك اللحظة. وأعتقد أن شخصاً مثل تيموثي دالتون قد أخطأ باعتقاده أن الأمر كان سيكون أسهل مما يبدو. فعليك أن تعمل بجدية، حتى يبدو كل شيء سهلاً. الحركة، المعارك، وكل ما تتطلبه المواقف الغريبة الأخرى”.
عاشت شخصية جيمس بوند بوند. ولولا وجود كونري لما عاشت هذه الشخصية كل هذه المدة.
لكن هل كان شون كونري يعتقد أن بوند سيصمد كل هذه الفترة؟
الجواب كان “كلا، لم اظن ذلك، وأي شخص سيقول لك خلاف فهو كاذب”.
عن موقع “انديواير”