جدل في المغرب حول الفيلم المرشح لدخول تصفيات الأوسكار
يبدأ الكاتب موضوعه بقوله: يبدو أن السينما هي الفن الوحيد في المغرب الذي يتحقق فيه مفهوم “الدخول الثقافي”، فخلال هذا الشهر انطلقت مجموعة من المهرجانات السينمائية في عدد من المدن، مثل “مهرجان الأفلام القصيرة” في الرباط، “مهرجان طنجة الدولي للأفلام القصيرة”، “مهرجان أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي” في أصيلة، “المهرجان الدولي لسينما المرأة” في سلا.
وما يشكّل نقطة إضافية في هذا الدخول هو النقاش الذي صاحب ترشيح فيلم حسن بنجلون “القمر الأحمر” لجوائز “الأوسكار” (2015)، إذ لم يقابل القرار الذي اتخذه “المركز السينمائي المغربي” بالحد الأدنى من الإجماع، بل رأى كثيرٌ من المهتمين والنقاد أن لجنة الانتقاء لم تختر الفيلم الأنسب لترشيحه ضمن فئة “الفيلم الأجنبي”.
لكن البيان الذي صدر عن المركز أشار إلى أن الفيلم الذي رشّحته اللجنة “يحتوي على المعايير التي وضعتها الأكاديمية الأميركية لفنون الصورة المتحركة وعلومها”.
يمضي الكاتب فيقول ان الفيلم يروي قصة حياة الموسيقار المغربي الضرير عبد السلام عامر، وبداياته ، ثم الصعوبات التي كانت تعترض طريقه، وما كان يواجَه به من سخرية وإهمال، ويحكي عن الفترة التي قضاها في القاهرة متأثراً بالمدّ الناصري، قبل أن يرجع إلى الدار البيضاء عقب هزيمة 1967، تاركاً زوجته المصرية هناك.
كما يقف عند حدث مهم شكّل انتكاسة في حياة صاحب “القمر الأحمر”؛ ففي صيف 1971 قام بعض الجنرالات وضباط الجيش بمحاولة انقلابية على الحسن الثاني، راح ضحيتها مجموعة من ضيوف الملك وأركان قصره في مدينة الصخيرات المحاذية للرباط.
وصادفت لحظة الاستيلاء على مقر الإذاعة من طرف الجيش تواجد عدد من الفنانين، من بينهم عبد السلام عامر وعبد الحليم حافظ الذي طُلب منه أن يقرأ بيان نجاح الانقلاب وسقوط النظام الملكي فرفض، بينما اضطر عامر إلى قراءة البيان تحت التهديد. وعقب فشل الانقلاب أعدم الحسن الثاني المشاركين فيه، وعاقب الفنان بالاعتقال أولاً، ثم بالتهميش والإقصاء بعد إطلاق سراحه.
لكن يبدو أن “القمر الأحمر”، رغم فكرته النبيلة، لم يوفّق على المستوى الفنّي كي يحظى بالأحقية في تمثيل المغرب ضمن التباري على جوائز الأوسكار. الانتقادات، التي ملأت الصحافة الوطنية ومواقع التواصل خلال هذا الأسبوع، ركّزت خصوصاً على ضعف الجانب التقني للفيلم الذي يتضمّن تفاصيل لا تنتمي إلى مرحلة الخمسينات والستينات التي أراد المخرج نقلها إلى الجمهور، إضافة إلى تصوير مشاهد القاهرة في المغرب، والاعتماد على مجموعة من الهواة في تشخيص أدوار تحتاج إلى محترفين. كل ذلك برّره مخرج “القمر الأحمر” بضعف إمكانيات الإنتاج.
يورد التحقيق المنشور قول الناقد السينمائي سليمان الحقيوي إن الفيلم لم يحقق الصدى نفسه الذي حققته بعض الأفلام الأخرى داخل المغرب، بدليل تتويجها بمجموعة من الجوائز العربية. ويرى انه يفتقر إلى العناصر السينمائية التي تتوافر في غيره، علاوةً على وقوع مخرجه في هفوات إخراجية لا تليق باسمه، ولا بسجله.
وقال الناقد السينمائي محمد شويكة في التحقيق نفسه ان “أول ما يمكن الحديث عنه في موضوع كهذا هو عدم نزاهة معظم اللجان المغربية، سواء تعلّق الأمر بالجوائز أو بالترشيحات. ما ينبغي أن يراعى في اختيار عمل مغربي للتباري على جائزة أفضل فيلم أجنبي هو الشرط الفني والجمالي أولاً، ثم قدرة الشركة المنتجة للفيلم على الترويج، فالسباق في الأوسكار يقتضي أن يكون المنتج مؤهلاً لاختراق هوليوود على المستوى الإعلامي”.
وأسف شويكة لعدم اختيار “هم الكلاب”، كونه يمثّل توجهاً جديداً في السينما المغربية ويتجاوز بكثير الاجترارات التي وقع فيها جيل الروّاد.
واشاد المخرج علال العلاوي بتاريخ حسن بنجلون الفني، واعتبره من رموز السينما المغربية التي ساهمت في التجديد. وعن أحقية الفيلم في الترشح لتمثيل المغرب في الأوسكار قال: “إن الفيلم الذي كان ينبغي أن يرشح لمثل هذه التظاهرة الدولية الكبرى هو “هم الكلاب”، فهناك اشتغال مذهل في هذه التجربة التي فاجأت النقاد المغاربة. ثمة سيناريو مختلف، وروح شاعرية في الأداء، وخروج واضح عن الكلاسيكية في السينما المغربية”.
* عن تحقيق عبد الرحيم الخصار من صحيفة العربي الجديد- لندن بتاريخ 30 سبتمبر 2014