10سنوات على “عين على السينما”: رأي من خارج المشهد النقدي
ننشر هنا مقالا جديدا من رشال كمال بمناسبة مرور أكثر من عشر سنوات على انطلاق موقعنا “عين على السينما”…
هل مازلتِ مستعدة لمزيد من الترجمة؟
سؤال وجهه لي الأستاذ الناقد أمير العمري رئيس التحرير، بعد محاولة أولى غير موفقة في الترجمة. أتى هذا السؤال ضمن مجموعة من النصائح والإرشادات التي قدمها لتحسين جودة الأعمال المترجمة التي أشارك بها في مجلتنا “عين على السينما”.
تكمن أهمية هذا السؤال بالنسبة لي باعتباره فرصة ثانية جاءت من استاذ كبير قرر أن يمنحني إياها، رغم أن الترجمة ليست مجالي، ولكن شغفي بمجالات النقد والدراسات السينمائية كان حافزا للإقدام على هذه التجربة المثمرة، التي أتاحت أمامي فرصة الاطلاع على كتابات متنوعة من أقلام نقدية مختلفة، والتعرف على أسلوب ووجهة نظر كل كاتب، الأمر الذي كان دافعاً لمشاهدة مختلف الأعمال السينمائية، والاطلاع على تاريخ السينما، وتاريخ أهم الحركات الفنية فيها، وأهم المخرجين وأعمالهم، فأصبحت المجلة محراب علم لتطوير ذائقتي النقدية.
يسرت المجلة لي- كما هو الحال مع قرائها – سبل الاطلاع على المقالات، والدراسات النقدية المختلفة من عالمنا العربي، والتعرف على أخبار المهرجانات السينمائية أولاً بأول، وتوفير دراسات نقدية للأفلام، القديم منها والحديث، كما أن تجديدها بصفة يومية أفضل للكثير من متابعيها بدلا من انتظار الدوريات الشهرية أو حتى الاسبوعية.
ومرور عشر سنوات على تواجد المجلة في الوسط الثقافي السينمائي، أتاح الفرصة أمام أقلام جديدة في ساحة النقد السينمائي، مما يعكس أهميتها كمشروع تبناه السيد رئيس التحرير، ورغبته في تجميع هذه الأقلام النقدية الجادة في مكان واحد، ولهذا اتمنى استمرار احتضان المجلة لكافة الآراء والحرص على تنوعها. ولتحقيق ذلك يجب على القائمين عليها العمل على تواجدها وانتشارها على مختلف المنصات التواصل الاجتماعي، لمحاولة الوصول إلى أكبر عدد من القراء من خلفيات ثقافية وذوقيه مختلفة، وكذلك تيسير الوصول إلى المقالات الخاصة بكل كاتب، أو مترجم من خلال موقع المجلة، والاستفادة من الأدوات التي تتيحها مواقع التواصل مثل عقد مناقشات صوتية أو مصورة عن الأفلام كل فترة بوجود أحد السادة النقاد والقراء، وإعادة نشر المقالات الموجودة في قسم أرشيف المجلة من حين لآخر، للتشجيع على قراءتها والاستفادة منها لما تحويه من قيمة قلما نجدها الآن، لأن المشهد النقدي الموجود الان على مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفما اراه من خارج الإطار، من تواجد فئة من المدونين للمحتوى المرئي ممن لهم انتشار واسع بين جيل الشباب من محبي السينما من مختلف الخلفيات الثقافية، يقدمون انطباعاتهم ومراجعتهم التحليلية عن الأفلام، بالإضافة لوجود مواقع على شبكة الانترنت تتيح لمحبي السينما تسجيل ومشاركة الأفلام التي يتابعونها، وعرض ومناقشة انطباعاتهم عنها، ولهم ايضا شريحة من القراء والمتابعين.
وحتى لا أقع في خطأ التعميم، يوجد من ضمن هؤلاء المدونين من هم على قدر من الدراسة، والفهم لجماليات الفن السينمائي، ولكن تظل محاولاتهم التحليلية، ومراجعاتهم على مسافة من المقال النقدي، وقراءة الفيلم في سياقه الاجتماعي، والسياسي، والتاريخي.
ونظرا لالتباس المعنى عند كثير من المتابعين، يطلقون على هذا المحتوى مصطلح نقد سينمائي. ولهذا يجب على الاقلام النقدية الجادة أن تأخذ في الاعتبار هذا التيار الجارف من الآراء الانطباعية الموجودة على شبكة الانترنت، والحرص على التواجد ومحاولة الوصول لمحبي السينما، لأن انعكاس افتقار الذوق، وغياب الثقافة السينمائية أثر بدوره على قرارات صناع السينما، واتجاههم لإبهار المتفرج بالشكل دون المحتوى، بغرض إشباع الذوق الرائج مهما بلغت ضحالته.
ومن هنا يرجع الدور الهام لتواجد المجلة على الساحة الثقافية السينمائية، وتسهيل الخطاب النقدي الموجه لمختلف الأذواق من محبي السينما، وجذبهم لقراءة المقالات النقدية بدلاً من اللجوء للانطباعات السطحية. لان نسبة كبيرة منهم أصبحت تستسهل متابعة فيديوهات مراجعات الأفلام بدلا من قراءة مقال مطول.
واتفق مع رأي الناقد الفرنسي جان ميشيل فرودون عن المشهد النقدي بشكل عام، ووجود فجوة بين ما يشاهده ويفضله محبي تيار السينما السائدة وابتعادهم عن سينما الفن مثلاً بذريعة العمق والتعقيد، وما يكتب عنه ويشاهده النقاد. وهم بدورهم يستنكرون تلك الشريحة لقلة الوعي السينمائي لديهم، دون محاولة من هؤلاء النقاد لكسب محب السينما العادي، وهذا هو ما اتمناه من منبر ثمين مثل مجلة عين على السينما اي محاولة الوصول والتواصل مع محبي السينما من كافة الاذواق، لكي نحتفل مع المجلة العقد القادم، ونرى هذا التغيير المأمول ملموسا ولو بالقليل.
كل عام والسيد رئيس التحرير، والسادة الكتاب، وقُرّاء المجلة بألف خير.