موسوعة الشاشة الكبرى: أول عمل من نوعه في المكتبة العربية
أهداني الأستاذ إسماعيل بهاء الدين سليمان منذ فترة، الموسوعة السينمائية التي أصدرها العام الماضي، وهي “موسوعة الشاشة الكبيرة” التي تشمل معلومات كثيرة عن تاريخ السينما، التقنيات السينمائية، المعدات، المدارس، النظريات، والسميائيات.
ولأنها موسوعة حقيقية وليست مجرد تجميع لما تيسر من مقالات على نحو عشوائي بين دفتي كتاب، وكذلك لكونها مكتوبة بالطريقة العلمية الصحيحة التي تكتب بها الموسوعات المشابهة في الغرب، ورغبة مؤلفها في جعلها موسوعة شاملة تتجاوز كثيرا في رأيي موسوعة إفرايم كاتز بحجمها الهائل (نحو من 1700 صفحة من القطع الكبير) لم أستطع نظرا لمشاغلي العديدة أن أتعمق في تأملها والتقليب بين صفحاتها والتعرف على محتوياتها وطريقة تصنيف معلومات الوارد فيها إلا أخيرا بعد أن أن أصبح الوقت متاحا. وقد بهرتني الموسوعة وما بذل فيها من جهد كبير رغم أن الذي أعدها وبذل فيها هذا الجهد البارز لسنوات عدة، ليس من النقاد أو الباحثين السينمائيين المتخصصين المعروفين، فهو رجل متعدد الاهتمامات، كان آخر ما تولاه من مهام مهنية رئاسة القسم العربي في إذاعة الأمم المتحدة قبل أن يتفرغ لمدة خمس سنوات لإعداد هذه الموسوعة التي صممها على نمط الموسوعة البريطانية، مدفوعا بحبه الكبير للسينما.
يقول إسماعيل بهاء الدين: “كان قراري أن تشمل الموسوعة كل ما يتعلق بالسينما كفن وصناعة منذ لحظات ما قبل ميلادها إلى ما قبل الدفع بالمخطوطة إلى المطبعة بساعات قليلة، كما كان قراري أن يتم التعامل مع كل مدخل من مداخلها بأكبر قدر ممكن من التأصيل والتفصيل، خاصة فيما يتعلق بالموضوعات ذات الطابع النظري أو التنظيري، وكان قراري يضا ألا أكتفي بالعرض فقط، بل أن أتدخل بالتعليق على ما هو قائم ومناقشة ما هو مطروح، كلما لزم الأمر”.
والحقيقة أن المؤلف نجح نجاحا كبيرا في تحقيق غايته من خلال هذه الموسوعة الضخمة المتنوعة الشاملة التي تعد العمل الأول من نوعه بالفعل في المكتبة السينمائية العربية، فمعجم المصطلحات السينمائية الذي أصدره قبل أكثر من ثلاثين سنة أحمد كامل مرسي ومجدي وهبة، يعتبر عملا شديد التواضع أمام هذه الموسوعة التي تجمع بين دائرة المعارف السينمائية والقاموس السينمائي، أي بين المعلومات التقنية والبيانات الخاصة بالكثير من الحركات والمدارس السينمائية المختلفة والتي يتطرق المؤلف خلالها إلى الكتابة عن أبرز الأفلام التي تمثل هذا التيار أو تلك المدرسة، وكذلك السينمائيين البارزين الذين قادوا حركات التجديد في السينما، كما تشمل الموسوعة آلاف المصطلحات السينمائية بما فيها المصطلحات الجديدة التي نحتت مع تعقد آليات ووسائل العمل السينمائي وأصبحت أكثر تعقيدا.
وقد قام المؤلف- كما يذكر- بتجميع معظم ما تتضمنه كل قواميس السينما المكتوبة بالإنجليزية من مداخل، وكل ما تتضمنه كتب السينما الموجودة في مكتبته من مصطلحات كثيرة مما هو وارد على المواقع السينمائية الأكاديمية على الإنترنت.
تشمل الموسوعة 8866 مادة أو مدخلا كما يطلق عليه المؤلف مع 700 صورة، بالإضافة الى ملحقين أولها ملحق لأسماء أشهر وأهم المجلات السينمائية في العالم وموقع كل منها على الانترنت، والثاني ملحق لمواقع الانترنت التي تحتوي على النصوص الكاملة لسيناريوهات آلاف الأفلام.
تتراوح أطوال المادة السينمائية والمصطحات التي يتعامل معها المؤلف من سطر واحد أو سطر ونصف، إلى صفحة أو صفحتين من صفحات الموسوعة حسب تعقيد وشمولية المادة التي يتناولها.. فهو مثلا يصف “لقطة الزاوية المنفرجة” Wide angel shot بأنها “اللقطة التي تستخدم في تصويرها عدسة منفرجة الزاوية وتتمتع بمجال رؤية عرضي واسع كما تتمتع بعمق ميداني كبير” وهو كثيرا ما يضع أيضا إشارات إلى مراجع يمكن للقاريء الرجوع إليها بشأن المادة التي يكتب عنها.
أما مصطلح wet-f0r-wt أو- وترجمه المؤلف (مبلول لمبلول) فمقصود به التصوير الخارجي تحت الأمطار الحقيقية، ويشرحه تفصيلا في صفحتين أو أكثر من صفحات الموسوعة.
يبدأ المؤلف موسوعته بكشاف كامل شامل لكل ما ورد من مصطلحات في الموسوعة باللغتين العربية والإنجليزية، ويضع أمام كل مدخل أو مادة، رقم الصفحة التي يمكن للقاريء الرجوع إليها للعثور على ما هو منشور تحت العناوين المختلفة لمواد الموسوعة. هذا الكشاف يقع في 108 صفحة يعقبه دليل المصادر والمراجع العربية والإنجليزية، ثم مواد الموسوعة، التي يمكن التعرف عليها من اليمين إلى اليسار طبقا للمصطلح في اللغنة الإنجليزية.
ولعل من حسن الطالع بالنسبة لمؤلف عمل موسوعي كبير كهذا أنه عثر من البداية، أي من أن ولدت فكرة الموسوعة، على ناشر محترم هو مكتبة لبنان – اللبنانية التي أصدرت الموسوعة في طبعة أنيقة (بغلاف مقوى) لا تقل إن لم تزد، عن مثيلاتها التي تصدر عن دور النشر العالمية. وقد استعان المؤلف بنهاد الحايك التي راجعت النص وقمت بتنسيقه، كما قام بتصميم الغلاف الجميل أمد سامي حسين، كما أشرف على تنسيق الصور داخل الموسوعة.