منخفض القطارة فى فيلمين
وجبة سينمائية دسمة سيحصل عليها من يريد التعرف على منخفض القطارة بشرط ان يكون من مستخدمى الانترنت وعليه فقط ان يستدعى صفحة جوجل الويب ويكتب كلمة منخفض القطارة، وعندما تظهر الصفحة الاولى من نتائج البحث، يحدد اختياره بالفيديو، وعلى الفور ستتغير صفحة الويب لتعرض نتائج البحث، وسيجد مستخدم الانترنت عديدا من نتائج البحث التى تخص منخفض القطارة كفيديو. وهذا كاف لالقاء الضوء على هذا المكان الجغرافى الواقع فى شمال غرب مصر والذى يُمثل نحو 2 فى المائة من مساحة مصر بإجمالى 20 الف كيلو متر مربع.
وهذا كاف لالقاء الضوء على هذا المكان الجغرافى الواقع فى شمال غرب مصر والذى يُمثل نحو 2 فى المائة من مساحة مصر بإجمالى 20 الف كيلو متر مربع.
ولكن ينبغى التنويه بأن نتائج البحث ليست جميعها مرضية، فبعضها يتميز بالضحالة والمراهقة العلمية المبنية على ضلالات فيما يتعلق بمنخفض القطارة،فهذه الأفلام أفلام شديدة الضحالة مصنوعة بأسلوب الانيميشن بطريقة صبيانية وفوضوية حيث يتم عمل مثل هذه الافلام فى سرعة وعجلة ولا يتورع اصحابها عن سرقة شريط صوت، قد يكون اغنية وطنية مثلا .
ان ضلالات هذه الافلام تتمثل فى عدم ادراكصناعهابأن ثلث مساحة المنخفض يتكون مما يتم تسميته فى ادبيات منخفض القطارة باسم السبخة،وهى مزيج من الطفلة والملح،ما يحيل منخفض القطارة الى مقبرة لأى ماء عذب قد يصل اليه لأنه سيتحول الى ماء مالح.
والغريب أن ضلالات هذه الافلام تبدأ من التفكير فى إيصال ماء نهر النيل الى منخفض القطارة،وتتعدد (النظريات)،فعلماء وجهابزة هذه المدرسة ينقسمون فيما بينهم حولالمكان المناسب لشق قناه أو انشاء خط انابيب، فالبعض يرى أن مدينة رشيد مناسبة تماما،ولا يغيب عن الفطنةأن أصحاب هذه المدرسة يقصدون أن مشروعهم لن يكلف مصر شيئا،وأن الماء المستخدم هو ما يتصرف الى البحر المتوسط.
وأصحاب مدرسة أخرى يرون أن مدينة قنا فى صعيد مصر مناسبة لإنشاء قناه أو فرع جديد لنهر النيل بحيث ينتهى فى منخفض القطارة، وهكذا يتحقق – من وجهه نظرهم- إنشاء مشروع منخفض القطارة وتعمير وزراعة مساحة هائلة من مصر،وربما تتوفر مدرسة اكثر تطرفا ترى بوجوب ايصال نهر النيل من بحيرة ناصر خلف السد العالى بحفر قناه الى منخفض القطارة،وهدفهم تحويل مصر كلها الى دولة خضراء وتخزين فائض الماء فى منخفض القطارة بهدف توليد الكهرباء وانشاء بحيرة عذبة.
ان هذه الضلالات أصبح من الشائع ان نسمع عنها،ليس فقط بالنسبة لمشروع منخفض القطارة ولكن بالنسبة لأيموضوع أو قضية، فالأمر أيضا يخص الاحتقان الطائفى الذى هو ثمرة هذه الضلالات،فقد كرس النظام – منذ السادات وطوال حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك – نفسه وجند وسائل الإعلام وقنوات الثقافة من أجل التفاهات،فلم يبق للشعب المصرى الا ان يعتمد على الشائعات والافكار التى ليس لها سند علمى وبحيث تسيطر الضلالات على كامل المشهد الثقافى فى مصر.
هولاء الذين يفكرون فى ايصال ماء نهر النيل الى منخفض القطارة،لم يفكروا حتى فى معدل البخر من منخفض القطارة فى حال امتلائه عند مستوى 60 مترا تحت سطح البحر، فقد سبق للبروفيسور جون بول ذلك الجيولوجى البريطانى العبقرى الذى كان يعمل فى مصلحة المساحة بوزارة الاشغال المصرية،سبق له ان وضع مخططا كاملا ومقترحا بايصال ماء البحر المتوسط الى منخفض القطارة وقدر أن معدل البخر يصل الى نحو 17 مليارمتر مكعب سنويا، وتصوروا معى لو ان أصحاف الضلالات تمكنوا من تنفيذ مشروعهم بتوصيل ماء نهر النيل اليه،فعوضا عن التكلفة الباهظة فإن بحيرة شديدة الملوحة ستتكون فى منخفض القطارة مثل بحيرة قارون الذى اصبحت مالحة،وأن بحيرة منخفض القطارة ستبخر نحو 17 مليار متر مكعب من ماء النيل علما بأن حصة مصر من ماء النيل هى فى حدو 56 مليار متر مكعب.
اننى اعتذر عن هذه المقدمة غير السينمائية تماما.ولكننى رأيتها ضرورية.وجاء الآن دور القاء الضوء على الجانب المشرق والمضئ فى الثقافة المصرية التى لا يمكن أن تغيب مهما عاشت مصر فى عصور ظلام،سيجد متصفح الويب اسما لفيلم بعنوان “الرحلة الى قطارة وهضبة دفا”وهو ناطق بالانجليزية حتى الآن، رغم ان مخرجه مصرى،والفيلم الثانى بعنوان “واحة سيوة ومنخفض القطارة”وهو من انتاج قناة ناتشورالجيوجرافيك العالمية.ولأبدأ بهذه الرائعة السياحية لهذ القناة المتميزة.
الفيلم التسجيلى”واحة سيوة ومنخفض القطارة”
الفيلم لا يحتوى على اى تعليق او اى صوت لراوى وهذا من مميزات هذه التحفة السياحية. ان شريط الصوت عبارة عن مقطوعة موسيقية بهيجة ايقاعية يتكرر لحنها الأساسى منذ بداية الفيلم الى نهايته والذى يستغرق نحو خمس دقائق وأربعين ثانية من المتعة البصرية.
ويبدأ الفيلم بلوحة للموقع تظهر فيها أسماء القرى والمواقع التى تم التصوير فيها،ويظهر خط متحرك بأسلوب الانيماشين ليوضح مسار الرحلة. بعد هذه المقدمة السريعة يبدأ الفيلم فى عرض لقطات شديدة الروعة تم تصويرها فى واحة سيوة وواحة قارة وقرية تاباغباغ وقرية كتابيان وقرية ارج.
ان الفيلم يحول وحشة المكان وفجاجته الى أنشودة ساحرة تتغنى فى جمال الطبيعة وبكارتها وتفردها.فالفيلم يركز بشكل أساسى على مصادر المياه سواء كانت طلمبة رفع ماء يتدفق منها الماء أو حوض مياه، كما يركز الفيلم على المساحات الخضراء حيث تختلط النباتات البرية بالمساحات المزروعة، دون أن يهمل تصوير أطلال بيوت تراثية لسكان هذه المناطق النائية.
الفيلم تحفة بصرية وسمعية وليس قليلا على قناة تليفزيونية عالمية عملاقة مثل قناة ناتشورال جيوجرافيك،لكننا نخرج من الفيلم دون ان نعرف فريق العمل،ولعل هذا القصور يتم تداركه فى المستقبل فالرجاء من كافة مستخدمى الكومبيوتر سواء من يقومون بتحميل اعمال من تصويرهم أو من يقومون باعادة عرض اعمال غيرهم بنظام المفضلات للمشاهدة أن يهتموا بالجانب التوثيقى للفيلم فيما يتعلق بفريق العمل والوقت الذى تم تصوير الفيلم فيه.
اننى اقول هذا ولا يغيب عن لبيب اننى لا اقصد قناة ناتشورال جيوجرافيك بكلماتى فالقناة بريئة من هذا،وإن هذا الفيلم يتم عرضه ضمن مفضلات احد الاشخاص الذين سجلوا عضوية على هذا الموقع الالكترونى للقناة.ويمكن لم يرغب فى مشاهدة الفيلم أن ينقر على الرابط التالى:
فيلم “الرحلة الى قطارة وهضبة دفا”
هذا هو عنوان الفيلم الثانى وهو فيلم المخرج المصرى جابرييل ميخائيل. وهو ناطق باللغة الانجليزية فقط،رغم ان لنفس المخرجأعمالا تسجيلية أخرى قام بتحميلها على قناته على اليويتوب وقدم نسختين للفيلم الواحد احدهما باللغة العربية والأخرى باللغة الانجليزية.
يمثلجابرييل ميخائيل الذى يحب ان نسميه جابى،تجربة سينمائية ناضجة واحترافية رغم انه ليس من خريجى المعهد العالى للسينما فى مصر وربما كان هذا سببا فى عدم معرفة جيلى عن هذا المخرج العظيم.انه على اية حال لم يفرض نفسه على الوسط السينمائى المصرى لأن رافده التعليمى على ما يبدو اكثر اهمية فقد درس فى جامعة ولاية اوهايو فى الولايات المتحدة، وهو يصف نفسه بأنه ناشط بيئى وكاتب فى الايكولوجيا والتراث واخيرا مصور فوتوغرافي ومخرج.
وتشملالتجربة السينمائية لجابى الكثيرمن الافلام الطموحة التى اخرجها وكتبها بنفسه كما انتجها ايضا من خلال شركته بالتعاون مع جهات محلية وعالمية.وهى افلام فى مجموعها تتوغل فى نهايات معارفنا عن مصر لتستحضر النادر وتضعه فى بؤرة الاهتمام،فجبل علبة ووادى الحيتان وجبل سيناء واعماق البحر الاحمر ومحميات مصر وجبل العوينات،هذه هى الموضوعات التى عمل عنها أفلاما شديدة الروعة. وستجداحساس التفانى متجسدا فى اعمال هذا المخرج العظيم.
تم تصويرفيلم “الرحلة الى قطارة وهضبة دفا”فى عام 2001، حيث قام جابى باصطحاب صديقه العقيد احمد المستكاوى وابنيه،كما كان معهم هاوى السينما هشام طه.يقول جابى ان هذا الفيلم تم تصويره بكاميرا هواة وبدون استخدام اى معدات تصوير وأنه كتب السيناريو اعتمادا على المادة العلمية التى جمعها بشكل اساسى من كتاب مصر الاخرى للمؤلف وائل عباد،وان الفيلم تم برعاية شركة ايماج هوس،وهى نفس الشركة التى تنتج كل اعماله.
مدة الفيلم 18 دقيقة،تمثل زخما معرفيا بهذه المنطقة فى شمال غرب مصر التى يندر وجود اى معلومات صورة عنها،فالفيلم يعبر منخفض القطارة فى طريق الذهاب ويلتقط صورا بالغة الدلالة عن المنخفض،بادءا بواحة المغرة على مشارف منخفض القطارة الشرقية، حيث يصفها بأنها مستعمرة للبعوض.وربما لهذا السبب فانها غير معمورة بالبشر.
ويخترق الفيلم منخفض القطارة ليصور مواقعا للسبخة. ويقدم الفيلم معلومات عن منخفض القطارة مثل انخفاضه بنحو 135 مترا عن سطح البحر، وانه خالى تماما وغير مستغل،كما لا يخلو الفيلم من لقطات نادرة لم يتم التخطيط لها مثل تصوير احد الذئاب فى اثناء مطاردة فريق الفيلم له بسيارتهم،ونفس الحال فى تصوير غزالة. وعندما يصل فريق العمل الى واحة قارة فان المشاهد تتحول الى مشاهد حوارية لأناس واحة قارة وملامحهم،وهم بالمناسبة بالعشرات وليس بالمئات،ثم يتم تصوير واحة سيوة مع التركيز بشكل أساسى على مصادر المياه لكسر رتابة اللقطات الصحراوية،ويتم تصوير هضبة دفا وصولا الى ساحل البحر المتوسط والحدود المصرية الليبية.
انه فيلم طموح بلا شك نحتاج الى العشرات مثله لمحاربة الضلالات الفكرية والعلمية بخصوص منخفض القطارة.
ويمكن مشاهدة الفيلم والاستمتاع به فى قناة جابرييل ميخائيل على اليو تيوب عبرالرابط التالى: