مقابلة: “قص ولصق” وغودار والسينما
“قص ولصق” عنوان المعرض التشكيلي للمخرج الفرنسي جون لوك غودار الذي اقيم في مركز جورج بومبيدو في باريس 11 مايو حتى 4 اغسطس عام 2006، والمعرض هو لصور معينة قصها غودار من المجلات والصقها بجانب بعضها بطريقة المونتاج، وكان هذا المعرض موضوع الفيلم الوثائقي “ملصقات الفوضى” للمخرجة الفرنسية سيلين غولورو وشريكها في الفيلم والحياة اوليفيه بوهلير. وقد عرض الفيلم في مهرجان الرباط لسينما المؤلف بدورته الحادية والعشرين حيث توفرت لي فرصة مشاهدة الفيلم والحوار مع مخرجيه.
** لفتني ان الفيلم يشير كثيرا الى الحب،،هل قدمتم فيلما عن غودار بدافع حب سينما غودار ام حب شخص غودار ام كانت لكما اهداف اخرى كالشهرة مثلا؟
* سيلين واوليفيه: انطلقنا بالطبع من حب السينما بشكل عام وحب سينما غودار من داخل غودار ومن المؤكد أننا لا نسعى للشهرة عن طريق غودار انه فقط حب السبنما وهذا ما دفعك للشعور بالحب وانت تشاهد الفيلم،،لقد عملنا ما يزيد عن ستة اشهر على اختيار الاستوديو والموسيقى والمونتاج كل هذا من اجل فيلم أردنا أن نتحدث من خلاله عن السبنما وعشقنا لها، مع ملاحظة ان هناك عدد قليل من السينمائيين صنعوا افلاما عن غودار لكننا حين قررنا صنع فيلم عنه جئنا الى “بوبور” هكذا يحب الباريسيون تسمية مركز جورج بومبيدو…
** ظننت الرجل الذي ظهر في الفيلم هو غودار للوهلة الاولى من هذا الرجل؟
* سيلين: هو الصديق الوحيد حاليا لغودار انه الناقد اندريه لابارت andres labartheوهو يشبه غودار كثيرا ،وقد وقف وراء كاميرته في افلام عدة ومازالا يلتقيان الى الآن.
** عنوان الفيلم “ملصقات الفوضى” او “الفوضى المعروضة” ماسبب اختيار هذا العنوان؟
* سيلين: اخترنا هذا العنوان لان شخصية غودار فوضوية سواء في حياته او في أفلامه، ثم ان غودار يقصد من معرضه “قص ولصق” المونتاج والمونتاج في اللغة الفرنسية كلمة مشتقة من فعل مونتيهmonter اي ركب او صعد،،فمثلا وضعنا المشهد الاول في الفيلم لفنجاني شاي وضعا على طاولة ثم مشهد سرير في غرفة نوم لنقول كما يصعد الرجل فوق المرأة على السرير ليصنعا الحب كذلك نضع الفيلم بعد الانتهاء من تصويره على طاولة المونتاج لنصنع منه فيلما،،فالسرير من وجهة نظر غودار يصنع الحب وطاولة المونتاج نصنع منها الحب،،فالسينما هي الحب إذن…
** لقد تذكرت حادثة جرت معي تؤكد صواب فكرة غودار عن “المونتاج” عندما اخترت دراسة الإخراج السينمائي في هذه الفترة حضرت مهرجان افلام الحب في بلجيكا، وكان هناك المخرج المصري يسري نصر الله والمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي فسألتهما عن ماهية مهنة الإخراج السينمائي وعما اذا كانا يستطيعان تقديم نصيحة ما،وقتها قال لي يسري نصر الله” أنصحك ان تدرسي المونتاج لأن المخرج الشاطر هو من يعمل مونتاج فيلمه لوحده” فالفيلم يصنع مرة ثانية على طاولة المونتاج ، الآن عند مشاهدة فيلمكما وكلام غودار عن المونتاج اتضح لي ان كلام يسري يتوافق مع كلام غودار فكليهما يشددان على اهمية المونتاج في صناعة الفيلم..
نعم.. تعلق سيلين وأنا اثناء تدريسي لطلابي في جامعة باريس الثامنة احثهم دائماً على المونتاج…
* متى شعرتما ان فيلمكما هو فيلم حب؟
* سيلين: بعد الانتهاء من صنع الفيلم مباشرة شعرنا بذلك اعتقد ان المونتاج هو نبض القلب…
** هل كان غودار غالبا ما يأتي الى موقع التصوير من دون تصور مسبق او سيناريو؟
* اوليفيه: ثمة جانب صحيح من هذه الفكرة وجانب اخر مغلوط ،،عندما يبدأ غودار التصوير فمن المؤكد أن لديه فكرة معينة لكنه أثناء التصوير يمكن أن يغير السيناريو أو تتولد لديه فكرة اخرى جديدة باختصار هو يمنح “حرية التعبير للكاميرا”.
** ما مشروعكما المقبل؟
* نفكر بكتابة سيناريو عن الحب..
** وهل شاهد غودار فيلمكما؟
* ارسلنا له نسخة من الفيلم مع الصديق الناقد اندريه لابارت ولم نحظى بأي رد فعل إلى الآن…
** يقول اندريه لابارت عن صديقه غودار هو انسان فوضوي في السينما وفي الحياة لهذا احبه وعلاقتنا مستمرة الى الآن هل انتم فوضويون في حياتكم المشتركة وفي صناعة افلامكم؟
* اوليفيه: نحن جدا فوضويون في حياتنا اليومية اما في كتابة واخراج افلامنا نحن جدا منضبطون، تتفق سيلين معه…
عن غودار
سأل صحفي فرنسي غودار اثناء مقابلة في بيته هل ستذهب الى مهرجان كان؟ رد غودار لا لقد حضرت كان من قبل، وحين سأله مجددا وماذا لو حصلت على السعفة الذهبية، هل ستذهب؟ فيجيب غودار باصرار لا لا.. ويستمر الصحفي في التساؤل وماذا لو وقفت سيارة أمام بيتك وقالوا إنك حصلت على السعفة الذهبية فيرد لا لا، وإن اعطوني السعفة الذهبية عن مجمل أعمالي وقتها سوف أتألم، وبالنسبة لي لقد حضرت مهرجان كان حتى قبل أن أصنع أي فيلم .
ثم يسأله الصحفي لأي جنسية تنتسب وهل انت فرنسي أم سويسري؟ فيجيبه غودار انا فرنسي واجدادي سويسريون وانا فرنسي لاجىء في سويسرا. في فترة من فترات حياتي لجأت الى سويسرا كي لا أقوم بالخدمة العسكرية الاجبارية. وعندما سأله ماذا يقول الجمهور عن آخر افلامك “وداعاً للغة” اجاب غودار: بشكل عام يقولون لم نفهم شيئا، وآخرون يقولون نشعر وكأنه آخر أعمال بيتهوفن او بيكاسو اوعبقري من العباقرة.
غودار اثناء دراسته الجامعية في جامعة السوربون بباريس انضم الى مجموعة هواة السينما، وأسس مع الناقد اندريه بازان مجلة كراسات السينما” cahiers du cinéma”، وكان من أوائل من كتبوا فيها مع فرانسوا تريفو، وجاك ريفبت، واريك رومير.
بدأت علاقة غودار مع السينما عن طريق النقد، اذ قام ببعض المحاولات السينمائية قبل 1960،واستمر في كتاباته النقدية وكان من اهم مؤيدي الموجة الجديدة.
قرر اخراج فيلمه الاول الطويل في عام 1960 “حتى انقطاع النفس” “a bout de souffle” حيث استخدم فيه تقنيات حديثة في المونتاج،،وحاز على اعجاب النقاد الجمهور في فرنسا وفي العالم،معبرا بذلك عن الموجة السينمائية الجديدة.
يقول غودار: عندما ارى الناس يتحركون بحرية في الشارع أذهب وأصور حركتهم، لأن احساسي يقول لي أنهم احرار، وانا احب ان أصور الانسان الحر.