لم تعد الأفلام كما كانت ويجب أن نكف عن تسميتها أفلاما

المخرج البريطاني الكبير جون بورمان المخرج البريطاني الكبير جون بورمان

جون بورمان

ترجمة: رشا كمال

كتب المخرج البريطاني الكبير جون بورمان (90 سنة) مقالا نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، ينعى فيه على صناعة السينما التوقف عن استخدام شرائط السيليولويد في تصوير الأفلام واللجوء الى كاميرا الفيديو الرقمية. هنا نص المقال المثير.

كان فيلم “آل فابلمانFablemans لستيفن سبيلبيرج الوحيد من بين الأفلام التي رشحت لأوسكار أفضل فيلم هذا العام، الذي صور على شريط فيلم سيليلويد. وقد حان وقت التوقف عن التسمية المغلوطة للصور المتحركة. لطالما صنعت الأفلام باستخدام خام الأفلام لأكثر من قرن من الزمان. أما الآن فبدلا من تعبئة خزنة آلة التصوير بشريط الفيلم، يتم إدخال خرطوشة ثم بطاقة الكترونية تسجل كل ما تراه آلة التصوير

تصنع أغلب الأفلام هذه الأيام إلكترونيا. لا يُستخدم أي فيلم خام في عملية الإنتاج، سواء في التصوير، والمونتاج والعرض. لذا لا يجب أو لا ينبغي أن نطلق عليها أفلاما – Films.

لا يزال هناك قلة من المخرجين مثل ستيفن سبيلبيرج، يتمسكون باستخدام شرائط السليلويد، لكن لا تنفك تواجههم صعوبات في الحصول عليها. فمعظم المعامل التي كانت تقوم بتحميض وطباعة الأفلام توقفت عن العمل. كما أن الفيلم الخام يعتبر عاملا مكلفا في الميزانية، في حين أن البديل الإلكتروني يعني أنك تستطيع الاستمرار في التصوير دون أي تكلفة فعليه.

والعديد منا ممن اعتادوا على استخدام الأفلام طوال حياتهم بإمكانهم التمييز بين ما إذا كان الفيلم قد صور على شريط خام أم لا، أما الجمهور العام فلا يستطيع حتى الشروع في التمييز بينهما.

قد يعتقد البعض أنني أبالغ في الأمر. لكن عدم استخدام الفيلم الخام (السليولويد) له بعض المزايا الأخرى إلى جانب التكلفة مثل: غياب وجود الخطوط السوداء على سطح الشريط الخام، وانتهت مشكلة وجود شوائب وأتربة على سطح الفيلم.

نحن كبار السن ممن يتمسكون بالفيلم على وشك الموت، ولن يرى محررو الأفلام عما قريب فتحة سن العجلة المسننة في شريط الفيلم مرة أخرى في حياتهم.

في آخر مشاهد فيلمي “زاردوز”- Zardoz في عام 1974، كنت أرغب في تصوير مشهد لكل من شون كونري وشارلوت رامبلينج وهما يتقدمان في العمر ويموتان. وانطوت هذه العملية على التصوير بكاميرا ثابتة لكي نتمكن من إخراجهم، ونظهر ملامح التقدم في العمر على الوجوه والملابس، ثم نعيدهم مرة أخرى ونصورهم لفترة أطول قليل ثم نخرجهم ونزيد من مراحلهم العمرية حتى أصبحوا هياكل عظمية تتفتت في النهاية.

استغرقت هذه العملية يوما كاملا. ثم قام مساعد الكاميرا بتفريغها وتعرض الشريط للضوء بالصدفة. وكان يعني هذا أن علينا قضاء يوم كامل آخر في إعادة تصوير المشهد. واضطررت إلى منع كونري من قتل المساعد الذي قام بتغيير اسمه مباشرة بعد تلك الواقعة وانتقل إلى لوس أنجليس. ورأيته في مقهى هناك وسألني “هل شون بالمدينة”؟ وكان صوته يرتجف من الخوف!

إن الأفلام ألطف وأكثر إنسانية بينما تلك المصنوعة إلكترونيا أقسى وتعطي إحساسا آليا أكثر. وأحدث إصدارات أجهزة المحمول من شركة آبل لا توفر فقط خيار تسجيل “الفيديو” على الكاميرا ولكن خيارا “سينمائيا” أيضا، حيث تدعي الشركة أنه يشبه الأفلام القديمة.

التغيير أمر حتمي، حتى وإن كان مؤسفا. لكن ليس ثمة من سبب للتخلف عن الركب. ما لم يكن الفيلم الجديد مصنوعا من خام الفيلم، لا ينبغي أن يسمي أن نخلط في استخدام اللغة، فإن لم يكن الفيلم فيلما، لا يجب أن نستخدم كلمة فيلم film، بل يجب أن نلق عليه Movie.

الجارديان- 16 مارس 2023

Visited 3 times, 1 visit(s) today