فيلم “لامـؤاخـذة”: هل القوة هي الحل!

Print Friendly, PDF & Email

“لما تروح المدرسه ماتتكلمش في الدين”.. تلك الجمله التي قيلت على لسان كندا علوش أم بطل الفيلم هاني عبد الله بيتر(أحمد داش) جمله يمكن ان تفتح لك الباب على مصراعيه لفهم طبيعه الفيلم وموضوعه، وهي اذا اردت ان تمارس عقيدتك او افكارك فعليك ألا تواجه أحدا بها، فقط مارسها في صمت، واذا تشجعت ومارستها في العلن فعليك أن تمتلك القوه التي تدفعك لممارستها.

 فيلم “لامؤخذه” هو ثالث أعمال المخرج عمرو سلامة. ولكن يمكن القول إنه أقلها مستوى عما سبقه من أفلام، سواء فيلم “أسماء” الذي يتكلم ايضا عن شجاعه المواجهه وليس فقط مرض الايدز، وفيلم “زي النهارده”، لذلك ففيلم “لامؤاخذه” اراد ان يناقش الطائفيه ففقد بوصلته وألمح للموضوه من بعيد!

يبدأ الفيلم (بعد عرض حياه البطل وأ من خلال التعليق الصوتي Voice-overبلسان أحمد حلمي وتعبيرات وكلام عن السلام النفسي والاجتماعي الذي كان يعيش فيه البطل ) فنرى الحدث الذي يقلب حياه البطل رأسا على عقب في مشهد بسيط اثناء لعبه واستمتاعه بـ play station”” وكأن المخرج يريد أن يقول لنا “وبدأت العكننه” هنا تقف امامه امه (كنده علوش) وتقول له “ده ورقك في المدرسه الجديده” ثم تختفي، وذلك بعد موت الاب(هاني عادل) بشكل هزلي وهوعلى المائده بصحبه زوجته وابنه حيث يموت “بشرقه” وهو يأكل، وكأن المخرج اراد ان يعّجل بسير الاحداث ليبدأ في صلب الموضوع في سرعه!

وررغم أن الأم ترفض ارسال ابنها الي مدرسه حكوميه عندما طلب ذلك عم الطفل نظرا لارتفاع تكلفة المدرسة الخاصة فانها استجابت لطلب ابنها بمنتهى السهوله واليسر دون أي مقاومة او نقاش، وذلك حينما عرف الطفل تعثر الحالة المادية للأسرة.

والغريب أن ذلك لا يتناسب مع عقليته الطفوليه في ادراكه الحدث نفسه خصوصا وأن عقله لم يستوعب موت السلحفاة التي يملكها، وضعها في علبة داخل الثلاجة لكي يراها كلما أوحشته، فكيف له أن يدرك ماحدث لابيه والأسرة من موت وتعثر مالي وهو ما لم نر أثره على العائلة سوى في انتقال هاني من مدرسه خاصة الي مدرسة حكومية، فالسيارة الفارهة التي تملكها الأم لم تتغير وهي بثمنها كانت تنفق عليه لثلاثة أعوام أو اكثر،  كما أن الشقه التي يعيشون فيها لم يتغير فيها اي شئ ولم تُباع منها اي قطعه!

ويبدأ حياته في المدرسة الجديدة التي تختلف في شكلها ومضمونها عما اعتاد عليه.. ولكن في في الفترة الاعدادية في المدارس الحكوميه يكون الملبس ازرق اللون وليس بيج كما كان في الفيلم فاللون البيج في المدارس الحكوميه تعبير عن الفتره الابتدائية، كما ان ليس هناك زي موحد للجميع فالطلبه باختلاف مستوياتهم يلبسون قمصان رياضية أو عادية على بنطلون من نوع الجينز وغيره من الملابس التي تتناسب مع مستوى وثقافه كل منهم، وهو دلالة على اغفال السيناريو كثير من التفاصيل البسيطة.

لم يستطع زملاؤه في المدرسة التعرف على ديانته المسحية،  خاصة بعد أن اراد وجه المدرس السؤال التقليدي عن أسماء الطلبة لمعرفه ديانتهم وانتهى الامر بقول الاستاذ “الحمد لله طلعنا كلنا مسلمين”.. فهذه هي بداية الجبن في عدم المواجهه بديانته (التي من المفترض انه فخور بها كما كان يعلمه ابوه المسيحي المتدين)حتى لايُنتقد من الاخرين.. فاذا كان يمتلك قدرا من الشجاعة واذا اراد مخرج العمل ان يتحدث عن التمييز والطائفيه لكانت تلك اللحظه هي اللحظه المناسبة والبداية لتغيير سير الأحداث لكن تأخر كشف هويته المسيحية قرب النهاية هو ما أضعف الفكرة التي أراد المخرج أن يناقشها. ويمكن القول انه فقد بوصلته اثناء الكتابه بفكرته الاساسيه وهي التمييز والطائفيه التي لم نر لها سوى قشور عند معالجتها واصبح التمييز ومحاوله التضييق عليه بسبب طبقي.

 حتى حينما اراد ان يصارح صاحبه “مؤمن” الذي ارتاح له دونا عن باقي زملائه الاخرين ويواجهه بحقيقة أمره عرض عليه مؤمن أن يصطحبه الي احد الفصول وبها من اطلق عليهم “العضمة الزرقاء” أي المسيحيين، اخذ مؤمن يقول له إن هؤلاء غرباء عنا مع ان منهم أصحاب كفاءة الا انهم يتم تهميشهم بسبب دينهم ( هكذا كان معنى كلامه) وكأن المخرج اراد ان يقول لنا إذا قررن أن تواجه المجتمع فهذا هو مصيرك.

ثم وبعد ان خاف البطل من مواجهة زملائه بطبيعة ديانته وبعد أن فشل في محاولاته الاولى والتقليدية في التعايش معهم يطلب من والدته ان تنقله الي مدرسه اخرى، والغريب انها قبلت ذلك دون اي مقاومه تتناسب مع طبيعه اي ام فقدت زوجها، لذلك ظهرت وكأنها هشه الشخصيه ضعيفة لا تملك رؤية قوية لتنشئة طفلها الوحيد خصوصا انها كانت من الممكن ان تنقله الي مدرسه اقل قليلا من المستوى السابق وليس مستوى متدن للغاية كالمدرسه التي ذهب اليها البطل.

 اراد الطفل ان يتحدى نفسه وان يتعايش مع زملائه فأخذ يتعلم الانشاد الديني وحصل على الجائزه الاولى في ذلك وهو ما جعله يعيش بشكل متميز قليلا من الوضع السابق فاصبح “الشيخ هاني” وتمتع ولفتره بسيطه بالهاله الدينيهة التي يستغلها بعض الشيوخ، ودخل مسابقه العلوم واخترع لعبة على شكل طائرة ابهر بها زملائه حينما عرضها عليهم في الطابور الصباحي ولكن لم تهتم ادارة المدرسة ومديرها مما احبط البطل ومدرسته مدرسه العلوم التي اكتشفت موهبته وذكاءه وشجّعته على اختراعه فلم نعرف هل يناقش المخرج تدهور التعليم أم التمييز.. وقد اراد ايضا ان يتقرب من زملائه على طريقتهم فتعلم الاغاني الشعبية لكنه لم يصبح واحدا منهم.

 حدثت المفاجاه التي ظن بها المخرج انها ستقلب الاحداث بعد مشاجرة تمت بين البطل وأحد زملائه (الطفل المتشرد البلطجي) وذلك بدخول كندة علوش ام البطل المدرسة وهي ترتدي الصليب على صدرها فعرف اصدقاؤه حقيقه ديانته وخرج احد الاطفال يقول ” الواد هاني طلع كوفتش” فاندهش الجميع وكانها معلومة جديدة لم يعرفها المدرسون ولا مدير المدرسه “الحكومية” التي يخضع فيها اي شئ للورق الذي يكشف هوية وديانة كل من يدرس بها.

جاءت نهاية الفيلم مرتبكة فهاني عندما يفشل في التعايش مع زملائه طوال احداث الفيلم يلجأ الى تعلم لعبة الجودو لكي يدافع عن نفسه.. ويواجه الطفل البلطجي ويصارعه على مرأى ومسمع من كل وينتصر هاني عليه وهنا يحمله الزملاء على اكتافهم، وكأن المخرج أراد ان يقول لنا اذا اردت ان تواجه المجتمع بافكارك المخالفة عليك ان تكون قويا وحينها سوف يرفعك الناس على اكتافهم ويحتفوا بك!

Visited 84 times, 1 visit(s) today