فيلم “كواليس أوبرا فيينا” يستعرض تجربة عمرها 150 عاما يديرها ألف عامل

يكشف فيلم (كواليس أوبرا فيينا) للمخرج ستيفانوس دومانيج، الذي عرض للمرة الأولى بالمنطقة العربية ضمن مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية، تفاصيل صناعة ضخمة وغير مرئية تكمن وراء عروض الأوبرا العالمية التي تبهج الجمهور.

وخلال 90 دقيقة يحاول المخرج كسر النمط التقليدي للأفلام الوثائقية الفنية المعتادة من خلال تركيب القصة التي تبدأ بشكل بطيء تراكمي ثم تتسارع تدريجيا، ناقلا المشاهد إلى أماكن لا يراها أبدا وإن كان من متابعي الأوبرا الشغوفين.

يتطرق الفيلم إلى تفاصيل الإنتاج الأوبرالي الراقي الذي تميزت به أوبرا فيينا منذ تأسيسها عام 1869 وحافظت عليه إلى اليوم حتى في أحلك الظروف الاقتصادية. وتبلغ ميزانية هذه المؤسسة نحو 120 مليون دولار سنويا تدعم الدولة 60 في المئة منها والباقي يأتي من عائد التذاكر والتمويل الخاص.

وبحركة كاميرا ذكية ومونتاج متقن يشعر المشاهد أنه أحيانا أمام فيلم بوليسي يبحث عن سر مدفون، فيلاحق الأحداث مندهشا بالدقة والحرفية والإبداع والجهود الضخمة والإيقاع المتسارع للعمل خلف الكواليس وذلك بدءا من دبوس الشعر الذي تضعه مغنيات الأوبرا وتصنيع الشعر المستعار والملابس وصولا إلى مهندسي الديكور وعالم تقنيات الإضاءة والصوت والموسيقى وانتهاء بمساعدي الممثلين والمغنيين وعمال النظافة.

يبلور الفيلم الأعمال غير المرئية أو التي لا تمر أمام عين الجمهور على مدى أكثر من 300 يوم في السنة، إذ أن أوبرا فيينا لا تغلق أبوابها إلا في مناسبات قليلة منها ليلة عيد الميلاد.

تتنقل الكاميرا بين غرف التمرين ومكاتب الإدارة وكتاب الدراماتورجيا والمؤلفين الموسيقيين واستوديوهات الصوت وصولا إلى البهو الضخم والدرج الكبير والغرف الاحتفالية وقاعة العرض والمسرح الكبير الذي يسع 2280 شخصا توضع أمامهم شاشات ذات تقنية عالية تقدم معلومات حول طاقم التمثيل وتفاصيل العرض.

ولا يترك الفيلم مهنة صغيرة إلا ويصور أصحابها خلف هذا العالم الواسع الذي يعمل فيه ألف عامل وعاملة محترفين ومن جنسيات مختلفة.

ولا يغفل الفيلم كذلك تسليط الضوء على عمل المترجمين والعاملين على كتابة النص وطباعته ومن يساعدون الممثلين والمغنين على حفظ النص، إذ أن هناك فريقا كبيرا متخصصا في الترجمة إلى سبع لغات هي الألمانية والإيطالية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية واليابانية.

ويحاول ستيفانوس دومانيج أن يقدم للمشاهد في الدقائق الثلاث الأخيرة، بعدما حبس أنفاسه على مدى حوالى 87 دقيقة، تركيب المشهد الكامل لعظمة هذه الصناعة الضخمة التي رسمها على طول الفيلم فيختم فيلمه بالمشاهد الأوبرالية الملونة والمفعمة بالإيقاعات الموسيقية والإبداع والأزياء الراقية المشغولة بعناية التي ركبها أمامنا طبقة فوق طبقة ليبين كم الجهد الذي بذله القائمون على المكان، وكأنها تحية لهم على ما يبذلونه في سبيل إسعاد المشاهد.

وكان مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية انطلق في دورته الخامسة في وقت سابق من ديسمبر ويعرض أكثر من 50 فيلما حتى الثالث عشر من الشهر.

Visited 24 times, 1 visit(s) today