عن مستقبل السينما: لا داعي للخوف

لقطة من فيلم "روما" المكسكي لقطة من فيلم "روما" المكسكي
Print Friendly, PDF & Email

ترجمة رشا كمال

أصبح مهرجان كان السينمائي في الأعوام الأخيرة معقلا صغيرا لآراء المحافظين فيما يخص السينما. ومنذ عام 2018، أعلن القائمون على أشهر المهرجانات السينمائية رفضهم السماح بمشاركة الأفلام التي تنتجها منصة نتفليكس والتنافس على جائزة السعفة الذهبية، كما هاجموا الأثر المجحف الذي سببته منصات العرض الرقمية على نشاط ارتياد السينما. ولن تتمكن أفلام الشبكة من المشاركة في المهرجان إذا لم تعرض أولا في دور العرض الفرنسية، وتحصل على رخصة بالعرض لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يُتاح على شبكة الانترنت. وهذه السنة، وجه تيري فريمو المدير الفني للمهرجان انتقاداً متوارياً لمنافسين أقوياء، هما مهرجان فينيسيا وبرلين، لترحيبهما بأفلام منصات العرض الرقمية، وصرح بتهكم “إن بعض المهرجانات فتحت أذرعها لأشخاص لسنا متأكدين حقاً من صدق نواياهم في إنقاذ السينما.”

ربما تكون هذه الآراء المتشائمة مبالغ فيها بعض الشيء. وبعد الأثر الكارثي الذي سببته جائحة كوفيد 19 على السينما في عام الماضي، وفعاليات الصيف المفقود في الكروازيت، حققت دورة مهرجان كان الأخيرة نجاحا مثيرا. وتلقت عدة أفلام جديدة مديحا نقدياً ثل أفلام المخرج ويس اندرسون، والمخرجة البريطانية جوانا هوج، وأول الأفلام الناطقة باللغة الانجليزية للمخرج التايلندي أبيتشاتبونغ ويرازيثاكول، والفيلم الذي أثار الجدل، وتصدر عناوين الصحف ” بينيديتا-Benedetta”  للمخرج الهولندي بول فيرهوفن. وبالتالي كانت جودة الأفلام المعروضة خير برهان على أن السينما لا تزال بخير، مثلما زعم السيد فريمو في بداية المهرجان. ولكن وجهة نظر الأشخاص القلقين على مصير هذه الصناعة ويقدرون تقاليدها أمر مفهوم. وبما أن ظروف الجائحة دفعت الناس للبقاء في منازلهم، اتجهت شركات الإنتاج لتطوير منصاتها الخاصة بالعرض الرقمي، ويتم حالياً إنتاج العديد من الأفلام دون اخذ مسألة العرض السينمائي في الحسبان.

ويمثل الربح الذي تحققه أنظمة الاشتراك في منصات العرض الرقمية كمصدر لدخل شركات الإنتاج مقارنة بالربح الضئيل الذي يحققه شباك التذاكر مصدر قلقٍ لكل من السينمائيين، وشبكات دور العرض.

وفي مقالته الاخيرة عن الافلام، وعن المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني، شن المخرج الأمريكي الكبير مارتن سكورسيزي هجومه على تشكيلة الافلام التي تعرضها تلك المنصات الرقمية ضمن محتوياتها الاخرى واستهلاكها حسب الطلب.

وكتب يقول “إن فن السينما يتعرض لحملة استنكار وتهميش وإهانة ممنهجة، ومحاولة اختزالها إلى أسوأ وأدنى صفاتها وهي المحتوى”.

وهناك بواعث مقلقة من وراء الحاجة لتبرير رسوم الاشتراك وتركيز الاهتمام بالكم على حساب الجودة، وتعسف اختيارات الخوارزميات التي تشجع على إنتاج أنماط معينة من الأفلام. ولكن فيلم “الأيرلندي-The Irishman” من إخراج سكورسيزي، البالغ مدة عرضه ثلاث ساعات ونصف كان من إنتاج منصة نتفليكس، وكذلك التحفة التي قدمها المخرج المكسيكي ألفونسو كوارون فيلم “روما –Roma“، والذي منع من المشاركة في مهرجان كان، ولكنه حاز على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا، وحصل ايضاً على ثلاث جوائز أوسكار.

يجب التوصل إلى اتفاق متوازن، وتوافر متسع دائم لتجربة المشاهدة الجماعية الغامرة التي تتميز بها تجربة الذهاب إلى السينما، وعلى شركات الإنتاج ومنصات العرض الرقمية بذل أقصى جهدهم لمنح الفرصة لدور العرض أن تزدهر وتتنفس، وليس من الضروري أن يعرض كل فيلم جديد على شبكة الانترنت فور صدوره. والمخرج الأمريكي سبايك لي رئيس دورة مهرجان كان السابقة، كان محقا عندما أشار بالقول ان نبوءة احتضار السينما في بداية عصر التلفزيون كانت كاذبة. ومن الممكن أن تتواجد منصات العرض الرقمية ودور السينما جنبا إلى جنب.”

صحيفة الجارديان- 21 يوليو 2021

Visited 32 times, 1 visit(s) today