عن كوسليك ومهرجانات السينما وإنتاج الأفلام
كتب الناقد السينمائي الكبير سمير فريد مقالا ممتعا في صحيفة “المصري اليوم” بتاريخ 26 سبتمبر في تحية ديتر كوسليك مدير مهرجان برلين السينمائي مبناسبة مرور 10 سنوات على توليه منصب المدير وليس الرئيس فلا نعرف له رئيسا على عكس المهرحانات المصرية التي لا تعترف إلا بما يسمى بالرئيس في حين أنه منصب شرفي عادة لا قيمة له بينما المدير هو من ينظم المهرجان وهو المسؤول الأول عنه وقد فهمت مهرجانات الخليج الثلاثة هذا في حين لم تفهمه حتى الآن البيروقراطية المصرية!
ننشر هنا نص مقال سمير فريد:
عندما تولى ديتر كوسليك إدارة مهرجان برلين عام 2002، منذ عشر سنوات تماماً، كان اسماً جديداً من خارج الأسماء المعروفة التى تتداول “السلطة” فى مهرجانات السينما فى أوروبا، وقال البعض: من هذا؟ وماذا سوف يفعل فى “برلين” بعد أن جعله مورتيز دى هادلن منافساً لمهرجان «كان» ومهرجان «فنيسيا».
كان مهرجان برلين منذ بدايته عام 1951، فى زمن الحرب الباردة، أول مهرجان يقام فى عاصمة، أو بالأحرى فى نصفها الغربى، عندما كانت مقسمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وكان ساحة من ساحات الحرب الباردة، ولم يبدأ فى التخلص من هذا الطابع إلا مع تولى دى هادلن إدارته.
كانت مهمة كوسليك فى ألمانيا الموحدة من جديد بعد سقوط جدار برلين عام 1989 – أن يحافظ على ما حققه «دى هادلن»، ويتجاوزه إلى الأفضل.
وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أصبحت المهمة أكثر صعوبة فى عالم ما بعد 11 سبتمبر، الذى بدأ تاريخ القرن الميلادى الجديد، وبخبرته السياسية إلى جانب خبراته فى العمل الثقافى روج شعار “التنوع الثقافى” منذ الدورة الأولى التى تولى فيها إدارة المهرجان بعد شهور معدودة من الأحداث فى فبراير 2002. ولم يحافظ كوسليك على ما حققه دى هادلن فقط، وإنما ابتكر ما اتبعته مهرجانات أخرى عديدة بعد ذلك.
ومن أهم ابتكارات كوسليك: “معسكرات الشباب” التى تجمع مئات السينمائيين الجدد من كل دول العالم، وصندوق دعم مشروعات الأفلام من كل دول العالم أيضاً، ومن ناحية أخرى اهتم بالعروض المفتوحة للجمهور بتذاكر مخفضة، تكاد تكون رمزية فى مهرجان كان ومهرجان فينيسيا، ووصل بأعداد التذاكر المبيعة إلى ربع مليون تذكرة ويزيد، وهو العدد الأكبر فى مهرجانات أوروبا، وربما فى العالم كله.
وبعد صندوق برلين لدعم المشروعات أصبحت المهرجانات تتنافس فى إنشاء صناديق الدعم بأشكال ومسميات مختلفة بما فى ذلك مهرجان كان الأكبر الذى أنشأ “أتيليه كان”، وامتدت الفكرة إلى المهرجانات العربية، خاصة مهرجانات الخليج الثلاثة فى دبى وأبوظبى والدوحة، وساهمت هذه الصناديق فى دعم الكثير من مشروعات الأفلام العربية المتميزة، ولولاها لما كان من الممكن أن يتم إنتاج أغرب هذه المشروعات فى ظل مقاييس السوق العربية البليدة، وعدم رؤية الكثرة من المنتجين لما هو أبعد من مواقع أقدامهم.. والتحية إلى كوسليك بمناسبة مرور عشر سنوات على توليه إدارة مهرجان برلين.