عباس كياروستامي: سفير سلام كوني
سعاد زريبي- تونس
استطاعت السينما الإيرانية في العقود الأخيرة من القرن الماضي الى حدود اللحظة الراهنة رسم ملامح جمالية وروحية خاصة كشفت عن عمق الموروث الفني و التاريخي الفارسي مما جعلها حاضرة بشكل مميز ومختلف في كل مهرجانات السينما العالمية لتحصد جوائز كثيرة نظرا لتلك الفرادة الخاصة التي تمتاز بها التي مزجت بين طبيعة الواقع الإيراني اليومي و روح التصوف الفارسي الذي بدى و كأنه سمة لصيقة بالإنسان الإيراني.
حملت السينما الإيرانية على عاتقها رغم قيود الرقابة التي فرضتها الدولة الإسلامية صورة ايران مغاير لما نشاهده في المحطات التلفزية العالمية لإيران البلد الذي يشكو توترا في علاقاته الدولية فأصبحت السينما بمثابة سفير سلام للشعب الإيراني الذي يدافع عن بساطة الحياة اليومية الإيرانية.
لقد عبرت أفلام المخرجين الإيرانيين أمثال محسن مخملباف، كيانوش أباري، أبو الفضل جليلي، إبراهيم فروزش، جعفر بناهي، مجيد مجيدي وأصغر فرهادي عن روح الشعب التأق نحو السلام. ذاك هو البرنامج الفني، الاتيقي والسياسي الضمني الذي اشتغل في محرابه كل مخرجو السينما الإيرانية بعد الثورة الإسلامية وبعد الحرب بين ايران و العراق. في سماء مرصعة بنجوم من المخرجين السينمائيين الإيرانيين تألّق نجم عباس كياروستامي1، لقد ملأت أفلام هذا المخرج قاعات العرض العالميّة مثيرة ذهول محبي فنّ السينما في كل أرجاء العالم ، وما انفك الرّجل يدافع في كل حواراته عن هويته الفارسية ، و انتمائه إلى ثقافة تزخر بإرث شعري كثيف وواقع سينمائي يشق طريقه بشكل مرن وفعّال ويثبت حضوره في تاريخ السينما.
يحدّد عباس كياروستامي منزلته في فضاء السينما، فيعرض عن تلك الدّراما الأمريكية الحاملة لروح ثقافيّة مخصوصة وفي المقابل يعجب ببعض الأفلام الايطالية المتضمّنة لبعد إنساني خفي أو صريح، و ينحاز إلى ما تجود به عدسات المخرجين الإيرانيين بلا مُواربة. يقول – في بعض تصريحاته – معبّرا عن ازدرائه للأفلام الأمريكية : ” ذات ليلة …خرجت من قاعة العرض بعد مشاهدة فيلم أمريكي ورأسي يرتجف .كان الدافع الوحيد لعدم خروجي قبل انتهاء الفيلم هو أنّني عضو لجنة التحكيم ” فينيسيا ” حيث تشارك أمريكا بهذا الفيلم ، قضيت ساعتين تقريبا أمام عرض يخلو من لقطة إنسانية واحدة، فيلم كامل ليس فيه سوى ألوان و أصوات ..عدت إلى الفندق ، فتحت التلفزيون حيث كان يعرض صورا من فيلم إيطالي قديم لا أذكر اسمه أو اسم مخرجه مع الأسف ..مشاهد لطفل ذهب إلى الحلاق مجبرا ليقصّ شعره ..أحسست أنني تحررت من قرف الفيلم الأمريكي..تطهرت” 2.
إنّه يعتبر ما وصلت إليه السينما الإيرانية أمرا مشجعا ويستحق الاهتمام معربا عن إعجابه بأفلام سهراب شهيد سالس خاصّة فيلمه “الحياة الساكنة” ، وبأفلام كيميافي و بعض مشاهد فيلم ” ساعي البريد ” لداريوش مهرجوي وهو ما يبعث الأمل في مستقبل أجمل لهذه السينما في نظره ، ويصرّح في أحد حواراته قائلا : ” السينما الإيرانية تشق طريقها و نحرز تقدما و نجاحا في مختلف بقاع العالم منذ فترة .وأنا أنظر إلى هذه الأفلام باعتبارها من صادرات إيران الرئيسية ..بالإضافة إلى الفستق و السجاد والنفط. إنه شيء هام ومشجع”3.
تبدو الصورة التي كونها الغرب عن إيران في رأي كياروستامي مرتبكة، غير صحيحة لأن الشعب الإيراني في واقعه اليومي يختلف عن صورته في وسائل الإعلام العالمية، الأمر الذي دفعَه والجيلَ الواسع من مخرجي ما بعد الثورة الإسلامية إلى التزام الدفاع عن الإنسان الإيراني من خلال عرض صورة مباشرة عن حياته اليومية. يقول في حوار صحفي له إجابة على سؤال حول الجذور الفارسية لأفلامه: ” بلا شك أفلامي لها جذور عميقة جدا في قلب الثقافة الفارسية و إلا فأين سيكون منبعها؟ ومن أين تستمد مصادرها؟
الحقيقة أن لا أحد يستطيع أن ينكر الثقافة التي ولد ضمنها.”3 لكن رغم أصولها الهووية العميقة يَعتبر أن السينما فنّ إنساني، يجب أن يتجاوز الحدود الضيقة للبلد أو الشعب الواحد. لكن لنحترس ليس في العودة إلى الأصول الفارسية عودة هويّة متطرفة، بل هي عودة تخرج كنوزا عميقة لسحر الشرق المؤمن بالإنسان في فكره عموما وفلسفته الصوفية خاصّة، لذلك كانت عودة تنحت من مفهوم الانسجام والتماسك أساسَ الوجود الإنساني.
يقول كياروستامي: “لكل فيلم هوية خاصّة أو شهادة ميلاد خاصة به.. الفيلم عن الكائنات البشرية ،عن الإنسانية ، فعلى الرغم من الاختلاف في المظهر والدّين واللغة و أسلوب الحياة ، مازال لدى كلّ الشّعوب المختلفة في العالم شيء مشترك ، و ذلك هو ما يوجد بداخل كل فرد منّا، لو صورنا بالأشعة السينية دواخل أو أحشاء كائنات بشرية مختلفة ،فلن نكون قادرين على التميز بينها …ولو أننا أردنا أن نقسّم السينما و موضوعاتها فإنّ الوسيلة لفعل ذلك هو أن نتحدث عن الألم وعن السعادة ..هذه أمور مشتركة بين كلّ الأقطار”4.
تندرج سينما كياروستامي ضمن الهبّة الفنية التي كرّسها مع معاصريه من أجل بناء إيران الجديدة ، فلقد كان فخورا بما حققته البلاد على نطاق عالمي و متفائلا بما وصلت إليه السّينما هناك5. إنّ هذا الفنّ بالنسبة إليه فضاء من أجل التفكير في الإنسان بطرح الأسئلة الجوهرية المتّصلة بوجوده، فالسينما هي هذا الوسط الذي نطرح من خلاله دوما، تلك الأسئلة الكبيرة :من نحن ؟ ما الذي نفعله؟ ما الواقع؟ “6
من هنا نعلم أنّ الرّجل لا يفصل السينما عن مفهوم الالتزام بالإنسان وبالعيش المشترك، فهي تتنزل عنده داخل مخطط عمومي يسعى لإحداث ثورة في الفكر على شاكلة الثورة التي وقعت في النظام السياسي، ” فمن أجل تغيير إنسان يجب تغيير الفكر العمومي . هذا الارتقاء بحاجة إلى وقت، وقت طويل” 7.
إنّه ينجز أفلاما تتحدى توقعات المتفرج الذي اعتاد على تقاليد معينة في صنع الأفلام، و في الوقت نفسه يقدم أفكارا فلسفية عن الوضع الإنساني على نحو بسيط ظاهريا دونما تعقيد، “إنّه يوظف البساطة المضلّلة لسبر قضايا مركّبة وشائكة”.
يرى كياروستامي أنّ الفرق يبدو واضحا بين سينما ما قبل الثورة الإسلاميّة وتلك التي جاءت بعدها، فلقد أصبحت السينما الإيرانية بعد الثورة أكثر حضورا في المهرجانات العالمية، ليس من حيث الحضور فحسب، بل من حيث الجوائز التي تحصدها في المهرجانات العالمية الكبرى.
وهو يعتبر أنّ الحدود والضوابط التي وضعتها الثورة الإسلامية على الفنّ دعامة أساسية للسينما الإيرانية، جعلتها قادرة على بلوغ التفرد والتميز في ظل سياسة سينمائية عالمية سقطت في الأفلام التجارية والدعائية. ساهمت الثورة في نظره في تنشيط دورة الإبداع السينمائي 8
ولئن أصبح العالم المعاصر منهكا بالصورة السّلعة تحت توافق اسمي، بتوصيف هذا العصر بعصر الصورة، فإن عصر الصورة يحمل دلالات لا ترتبط بالمفاهيم الأصيلة للإنسان. لقد صنع عصر تطور التكنولوجيات الصورة السّلعة9 التي حوّلت الفرجة إلى شكل من أشكال صناعة العبودية النّاعمة، حيث يصير المتفرج أسير المظاهر البصرية “.
إن عصرنا عصر الصورة في أكثر من معنى. ولعلّ أهم تلك المعاني -وربما ما يقوم أساسا لها جميعا- هو أنّه عصر يمجّد الصورةَ مقابل المحتوى ،الشكلَ بدل المضمون، المظهرَ عوض المخبر و المبنى محلَّ المعنى والظاهرَ مكان الباطن و السطحَ بدل العمق و المنهجَ عوض الموضوع”10، ولنقل إن السينما الإيرانية قد خالفت درب التطور التاريخي لمفهوم الصورة ، فهي تسير في درب معاكس: إنها سينما التقشف لا تعتمد على أسلوب التضخيم في الصورة ، فتأسر المشاهد بعمقها لا بسطحها ، بموضوعها لا بمنهجها و أدواتها ، بالباطن الذي تختزله شخصياتها لا بالظاهر، باللامرئي لا بالمرئي . إنّ السينما الإيرانية بسيطة في ظاهرها عميقة بباطنها، ـتشدّ المشاهد ببساطة متخمة بالمعاني، وهو ما يدرجها في عمق مفاهيم الفن بوصفه الفضاء الذي ” نرى فيه بشكل أفضل من أعيننا” 11
على حدّ عبارة جاك أمون. تحت هذا المفهوم الذي حدده أمون تضع سينما عباس كياروستامي أمام الأنظار فرصة للنظر بشكل أفضل إلى الحياة و العالم، وهو الذي فاجأه بسحر صورة تفوح من عناصرها رائحة الشرق الفارسي القديم لذيذة “بطعم الكرز” أنقذتنا من فاجعة الصورة الكارثة التي احتلت الحياة المعاصرة في كل تفاصيلها.
لم يكن كياروستامي مخرجا عليما بآليّات الإخراج السينمائي، فهو لم يدرس يوما واحدا بمدارس السينما، بل كان في الأصل مصمّم إعلانات لأنه درس في قسم التصميم بمدرسة الفنون الجميلة، محبّا للتصوير الفوتوغرافي، يكتب الشعر، عالما بكنوز الشعر الفارسي والصوفيّ، وكان مسكونا بشكل عميق بأشعار عمر الخيام وجلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي و سعدي الشيرازي والسهروردي من الشعراء القدامى ، محبا للشعر الإيراني الحديث – خاصّة ما جادت به قريحة كلّ من فروخ فرخزاد و سهراب سبيهري. له إلمام بقصص العشق الفارسي في كتابات النظام. ولعلّ هذا ما جعل جون لوك نانسي يصفه في كتابه الذي خصصه لدراسة خصائص السّينما عنده بأنّه فنان “إيراني، إيراني جدا وشرقي بكلّ تفاصيل فنّه”. وكان- فضلا عن ذلك -عاشقا للطبيعة وأسرارها مترحّلا في تفاصيلها، ألهمته فأصبح شاعرا ومصورا فوتوغرافيا يترصّد سحرها، فقدم للعالم شكلا آخر من السينما وصورة أخرى من الشرق.
بكل هذا العتاد دخل كياروستامي السّينما فحرّرها من الصورة الاستهلاكية والدّعاية، ومن الصّورة الجسد، وأسّس مفهوما جديدا للصّورة السينمائية ترتبط في مضمونه بكلّ الفنون: الشعر، الهندسة، التصميم، التصوير الفوتوغرافي، التلوين، التصوير. هناك “قارة كاملة12” اسمها عباس كياروستامي: مصور فوتوغرافي، شاعر، منظر تربوي، مصمّم إعلانات، مفكر متعدد، معقد التركيب، ثري المناهل استطاع أن يثير انتباه العالم وأن تنال أفلامه إعجابا عالميا واسعا.. يقول ميشال فريدون: ” لقد استطاعت سينما كياروستامي أن تعيد خلق القوّة والجديّة والعدالة والحكمة”.
أمام هذا التّنوّع المثمر في شخصيّة عباس كياروستامي سنتّخذ خطّة إجرائية نطرح من خلالها أهمّ أعماله، فنقف على غزارة إبداعه لتوضيح ملامحه من جهة، ثمّ نرسم صورة مجملة عن جلّ أعماله علّنا نوفّق في فهم معالم فنه و فكره. ويمكننا أن نعرف بكياروستامي من خلال أعماله، وهي تنقسم إلى ثلاثة مجالات :السينما ، الشعر و الفوتوغرافيا، تسري في كلّ هذه الأشكال الفنية روح كياروستامي المصمم Graphiste.
بدأ عباس كياروستامي مسيرته الفنية مصمما للإعلانات، وهو المجال الذي درسه في الجامعة ، و مهّد له الطّريق للإخراج ، و ساهم في نجاح في اختياراته السينمائية. اشتغل على تصوير الاعلانات التلفـزية، وكان أبرزها إشهار “سخّان الماء” الذي أنجز بعد ما يفوق 100 إشهار .يعتبرُ كياروستامي أنّ تصميم الاعلانات فنّ كامل لأنه يتطلب الدقّة والبساطة، ثمّ إنّه موجه إلى جمهور واسع فيجب أن يكون مستساغا لدى جميع أفراد المجتمع ، وقد اقترب كياروستامي في هذا الميدان من حاجات الإنسان اليومية وطُرقِ التّعامل مع مخيلة عامة الناس. لم تقتصر تجربة التصميم لدى الرّجل على الإشهار فحسب بل تجاوزته إلى تصميم جينيريك بعض الأفلام الطويلة كفيلم مسعود كيمائي القيصر (1969)، وهو من أشهر الأفلام الإيرانية في تلك الفترة ، ومن هنا بدأ خطواته الأولى مع السّينما ليخرج بعد سنة واحدة أول فيلـم له: “خبز وزقاق” (1970) ، وهو فيلم قصير، أنتج ضمن معهد الرعاية والتنمية للطفولة والشباب التي مثلت الدعامة الأساسية للسينما الإيرانية ولسينما عباس كياروستامي بالأساس الذي كان يشرف على قسم السينما بالمعهد.
أخرج كياروستامي في فترة انتمائه لمعهد الرّعاية و التنمية 21 فيلما سينمائيا بين قصير وطويل من مجموع 23 فيلما .
بدأ هذا المخرج مسيرته في السينما سنة ظهر أول فيلم له ” خبز و زقاق “في 1970 ، ولم يجاوز 12 دق، ثمّ تتابعت أعماله : “وقت الرحلة”(1972) في15 دق، “التجربة” (1973) في 60 دق “المسافر”(1974) في71 دق ،”أنا أيضا أستطيع ذلك”(1975 ) في3 دقائق ، “حلاّن لمشكلة واحدة” (1975) “ألوان” (1976) في15 دق ، “بدلة زفاف” (1976) في 57 دق ، “تحية إلى المدرسين” (1977)، “التقرير”، “الحلم رقم واحد”( 1978)، “الكورس” ( 1982)، “المواطنون” (1983)، “الكذب” (1992)، “أين منزل صديقي” (1987)، “لقطة قريبة” (1990) ، “وتستمر الحياة” (1992) ، “عبر أشجار الزيتون” (1994)، “طعم الكرز” (1997)، “الريح سوف تحملنا” (1999)،” ABC Africa” (2000)،” شيرين نسخة مطابقة للأصل”، “24 صورة” ،”عشرة”(2002)، “خمس إهداءات لأوزو”، “تذاكر”( 2005 )،”أين روميو”( 2007 ). كتب كياروستامي أيضا سيناريو فيلمي جعفر بناهي : البلون الأحمر و الذهب الأسود.
حصل كياروستامي على عديد الجوائز العالمية في عام 1993 حصل على جائزة فرانسو تروفو في مهرجان جيفوني بإيطاليا عن مجمل أعماله ، وفي عام 1993 نال جائزة ريميني بإيطاليا على مجمل أعماله ،سنة 1995 حصل على جائوة بيير بازوليني بروما عن مجمل أعماله ، وفي 1996 حصل على جائزة بيير بازوليني من مؤسسة بازوليني بروما عن مجمل أعماله ،وفي السّنة نفسها نال جائزة مخرج العام من دليل فاريتي للأفلام العالمية،1997 حصل عن جائزة خاصة من مهرجان جيفوني بإيطاليا عن مجمل أعماله ،حصل على جائزة فيتوريو دي سيكا من مؤسسة دي سيكا عن مجمل أعماله جائزة خاصة من اليونيسكو.
في 1999 حصل على عدد من الجوائز عن مجمل أعماله ،مهرجان إسطنبول ،مهرجان بانوراما السينما الأوروبية باليونان ،مهرجان أفلام الشرق الأوسط بفرنسا ،في مجلة Film comment الامريكية إختارته أفضل مخرج في التسعينات، في العام 2000 حصل على جائزة خاصة من مهرجان فجر بطهران عن مجمل أعماله ، جائزة أكيرا اكوروساوا من مهرجان سان فرانسيسكو عن مجمل أعماله لكنه حول الجائزة بهروزفوسوغي المقيم بأمريكا تقديرا على اسهاماته في السينما الإيرانية ،2003 جائزة كونراد وولف، 2004 احتفى به مهرجان ثينسالونيكي باليونان وعرض له 32 فيلما، 2005 نظم معهد الفيلم البريطاني مهرجانا لأعماله ، 2007 نظم متحف الفن الحديث في نيويورك بالاشتراك مع مرطز الفن المعاصر مهرجانا لأعماله بعنوان عباس كياروستامي :صانع الصورة حيث تم عرض عدد من أفلامه ثالثا الفوتوغرافيا :عبر كياروستامي في مناسبات عديدة عن حبه للفوتوغرافيا التي مثلت الشاهد على حبه للطبيعة ومن أهم أعماله الفوتوغرافية ،لديه كثير من الأعمال الفتوغرافية كطرقات وأشجار 1978، أشجار وغربان 2006، مطر 2007، غابة من أوراق الشجر، 2005. وصور في 2004 فيلم وثائقي بعنوان دروب كياروستامي وهو فيلم وثائقي وهو عبارة عن تأمل شعري في التصوير الفوتوغرافي والجمال الطبيعي .
رابعا : كان كياروستامي محبا للشعر الفارسي الصوفي و معجب بشعر الهايكو الياباني ومن أبرز أعماله الشعرية :بصحبة الريح 1999، ذئب يكمن 2005، ريح و أوراق 132011 .
لكن لنحترس لم يكن عباس كياروستامي يفصل السينما عن الفوتوغرافيا في أفلامه أو عن الشعر، بل كان مخرجا بعيون المصور الفوتوغرافي مفتونا بالجمال الطبيعي وبجمال الواقع، وكان مخرجا بروح الشاعر ،مخرجا بدقة المصمم ، لذلك ظلّت السينما التي يدعو إليها قادرة على أن تضم كل الفنون البصرية و الصوتية و اللغوية.14
يقول مارك فيرو في تقديمه لكتاب هرموزكاي السينما الإيرانية صورة مجتمع في طوفان” ينقصنا الكثير من العمل على السينما الإيرانية” 15.
إن الاشتغال على سينما كياروستامي يندرج ضمن الأفق الجمالي الذي صرنا نعمل في أفقه في الجماليات المعاصرة، محملين بكل المسؤولية الإيتيقية التي تلقى على عاتق الفن المعاصر من أجل إيجاد فضاء جمالي، جماعي يخلق من فضاء الاستحالة فضاء غنيا بالممكن.
هاه نا نشتغل على سينما كياروستامي من أجل تبيان الأساليب الإثباتية للسينما الإيرانية في صلب الاستحالة التي عاشتها بعد الثورة الإسلامية وإبان حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران. كيف يمكن أن يولد الجميل والفني في واقع مأزوم؟ كيف يكون الممكن ممكنا في فترة تاريخية مشحونة بالمتاهات السياسية والدينية والاجتماعية؟
يقول مارك فيرو “في شعب بصدد البحث عن ذاته، وجدت السينما دوافع لوجودها: نجح مخرجو السينما في الانتقال من وضعية استحالة إلى وضعية المهدئ الذاتيauto thérapie “16لتعبر عمّا يشعر به المواطن الإيراني من مشاعر الخوف والحيرة والأمل في الفرح والحق في الحياة الجميلة يقول جون ميشال فريدون: “لقد نجح كياروستامي في أن يلعب دورا جذريا في إعادة المعرفة العالمية بإيران بوصفها أمة سينمائية كبرى17.” يلفت هذا القول إلى ما لفنّ السينما من قيمة، وكي يستمرّ و يعيش يحتاج فعلا إلى مخرج فذ و جمهور يستطيع قراءة الفيلم.
المصادر والمراجع
- ولد عباس كياروستامي في 22 جوان 1940 في طهران و توفي في 4 يوليو في باريس 2016 عن سن تناهز 76 سنة.
- فجر يعقوب، عباس كياروستامي فاكهة السينما الممنوعة المكتبة السينمائية، ص 73
- من الحوار دار بين ميريام روسين وعباس كياروستامي في باريس في أكتوبر 1991 أثناء مهرجان الفيلم الإيراني ونشر في مجلة cinéaste الأمريكية ربيع 1992 انظر أمين صالح، سينما مطرزة بالبراءة، المؤسسة العربي للدراسات و النشر، 2011.
- أجرت الحوار ناسيا حميد مجلة Sight and Sound February 1997 انظر Laurent Roth, Charles Tesson, Jean Michel Frodon, Abbas Kiarostami , textes, entretiens , filmographie, Petites bibliothèques des cahiers du cinéma, 1ed, 2008
- حوار أجراه ديفيد ستريت نشر في مجلة Film Comment أوت 2000
- 6- « Vous savez, dire à un citoyen ou une citoyenne de ne pas jeter sa peau d’orange dans la rue, de ne pas vider le cendrier de sa voiture dans la rue, c’est quelque chose de difficile à accepter vraiment, si on n’est pas habitué . Ces derniers mois, j’ai visité plusieurs grandes villes dans le monde… Téhéran est une des villes les plus propres que j’ai visités et c’est un évènement important, car cela montre que finalement il y a quelqu’un qui veut travailler pour ce peuple… Maintenaient nous avons un Téhéran, qui, dans dix ans, me rendra personnellement fier d’en être un habitant….Mais la mairie aussi en a et, pourtant, elle fonctionne bien… Le cinéma aussi fonctionne très bien » Entretien avec Abbas Kiarostami au sujet de Close up, in Le cinéma iranien, op. Cit, p 173
- أمين صالح، سينما مطرزة بالبراءة، مصدر سابق.
- 8- Hormuz Key, Le cinéma iranien, l’image d’une société en brouillement de la Vache au gout de la cerise, Karthala, p 174
- L’élimination des banalités et de la perversion des films fârsîs d avant la Révolution dans le cinéma iranien a augmenté la qualité de ce cinéma. L’interdiction de l’entrée illimitée des films étrangers, mise en place avant la Révolution, a favorisé l’épanouissent de la production cinématographique en Iran… Chaque année il y environ vingt nouveaux jeunes cinéastes qui entrent sur le marché cinématographique iranien … Bien sur je connais les difficultés et les limites … Moi personnellement, je suis satisfait de l’ensemble du cinéma iranien. In Le cinéma iranien, p 174.
- عبد السلام بنعبد العالي ، ثقافة الاذن وثقافة العين ،دار توبقال للنشر ،المغرب، ط 2، 2008، ص 62.
- “La tâche de cinéma est donc de voir “mieux” que les yeux”. Jacques Aumont, A quoi pensent les film, p 47.
- Laurent Roth , Le dompteur de regard , Cahiers du cinéma n 493, 1995 in Texte , entretiens , filmographie complète, Abbas Kiarostami, Petite bibliothèque des Cahiers du cinéma, 2008, p 8.
- ترجم رشيد وحتي، محمد الأمين الكرخي أعماله الشعرية بصحية الريح ،ذئب يكمن ،ريح و أوراق، في كتاب جمع الاعمال الثلاثة بعنوان عباس كياروستامي .أنظر رشيد وحتي ،محمد الأمين الكرخي ،عباس كياروستامي ،ليل مرصع بروقا ،منشورات كريستال ، 2021 .انظر ايضا عباس كياروستامي ،غزليات حافظ الشيرازي، ت ماهر جمو ،دار المدى، 2012.
- Hormuz Key, Le cinéma iranien, op.cit., p 9
- Ibid, p 10
- Agnès Devictor, Jean Michel Frodon, Abbas Kiarostami, L’œuvre ouverte, Gallimard, 2021,