طارق الشناوي: أسوأ افتتاح في تاريخ المهرجان!
الشعار الذى لا يكف الناقد سمير فريد عن ترديده ومن بعده جوقة الإعلام التى تصاحبه «بداية جديدة لمهرجان عريق»، أتمنى حقيقة أن يضع نقطة ومن أول السطر وأن يحذف تماما تلك البداية المهينة من أرشيف المهرجان ويبدأ فى البحث عن نهاية مشرفة تليق بالمهرجان العريق حقا.
شاهدنا وزير الثقافة يصعد على المسرح بعد مضى ثلاث ساعات من التهريج، قائلا: «بسم الله نفتتح المهرجان». كان الأجدر بجابر عصفور أن يعتذر معلنا أنه سوف يحاسب كل المقصرين عن كل ما حدث فى محكى القلعة.
المفروض طبقا للسيناريو المعلن أن يصعد الوزير ويسلم نادية لطفى التكريم بهرم نجيب محفوظ التذكارى بعد أن تصدرت صورتها واجهة هذه الدورة، لكنها اكتفت بشريط مسجل، وكانت أسوأ درس من الممكن تقديمه فى فن المونتاج. هل نحن فقط فوجئنا أم أن إدارة المهرجان هى أيضا آخر من يعلم؟
مع بداية تولى فريد رئاسة المهرجان أعلن مبدأ الشفافية وكشف كل شىء حتى أجور كل العاملين معه والميزانية، مؤكدا أنه لن يحيد أبدا عن المصارحة، ولكن من بعدها وهناك خطابان، واحد يعلنه رئيس المهرجان، ثم تمضى لحظات ويكذبه أيضا رئيس المهرجان، رغم أن المكتب الصحفى ينقل بالضبط ما يصرح به، ولكن هناك دائما تراجعات وتوافقات تتدخل فى اللحظات الأخيرة تجبره على التناقض. رئيس المهرجان يعتقد أن الجميع لهم ذاكرة الأسماك ولن يراجعه أحد. لا يمكن لمهرجان أن يُفتتح دون فيلم سينمائى، هذا ما كتبته أمس، ولكنى تصورت أن هناك انضباطا ما من الممكن أن أراه فى الحفل، إلا أن كل ما حدث كان عنوانا صارخا للعشوائية طبقا لـ«الكتالوج». إنه يذكرنى بتلك النكتة عندما سأل أحدهم: «هل الصلاة تجوز دون وضوء؟»، أجابه الآخر: «تجوز وعملتها ونفعت». وهو بالضبط ما فعله رئيس المهرجان بذهابه إلى محكى القلعة محطما قاعدة مستقرة وهى عرض فيلم، مما أدى إلى إضاعة نحو ثلاث ساعات ونحن نتابع بالكاد معلومات تضمنتها كل أخبار الصحف، ثم لا صوت مسموع ولا إضاءة فى حدها الأدنى تُنير المسرح ولا ديكور، لا شىء فى الحقيقة يشير إلى أن هناك أى جهد مبذول، محكى القلعة مجهز للحفلات الغنائية صوتا وصورة، ولكن لا بروفات ولا أحد اهتم بمعرفة أى تفاصيل فنية أو تنظيمية. عندما صعد آسر ياسين افتقد فجأة الحضور ولم يلعب دوره لا فى الترجمة من العربية إلى الإنجليزية ولا العكس، ناهيك بهذا الكم من الأخطاء اللغوية والتخبط فى تقديم الفقرات والفرقة الموسيقية التى ظلموها بسبب سوء مستوى الهندسة الصوتية.
هناك حفاوة مبالغ فيها سواء فى الجرائد أو الفضائيات وقدر من الاحتضان، وأتفهم بالطبع الإحساس لدى أغلب الزملاء بأن المهرجان وجه حضارى لمصر وأحد أسلحة المواجهة الثقافية لمن يريدون بمصرنا الحبيبة العودة إلى الخلف، ولكن لا يعنى ذلك أن نغض الطرف عن عشوائية الافتتاح لأن الملايين شاهدوه فى الفضائيات.
وتبقى نقطة هامة وهى أن المهرجان ورئيسه تحديدا مدينان باعتذار علنى إلى زميلنا الصحفى الشاب بجريدة «أخبار اليوم» مصطفى حمزة الذى فضح تورط المسؤولين بتوجيه دعوة إلى جاك لانج رئيس معهد العالم العربى بباريس، المتهم على مدى ثلاثة عقود من الزمان ولا يزال باغتصاب الأطفال فى فرنسا والمغرب، نال مصطفى قسطا وافرا من السخرية فى تعليق رئيس المهرجان، وأكد بتحدٍّ أنه سوف يرسل هرم التكريم الذهبى الذى يحمل اسم نجيب محفوظ إلى السفارة الفرنسية بالقاهرة لترسله بعد ذلك إلى جاك لانج، ثم كالعادة كذّب نفسه بنفسه فى حفل الافتتاح عندما أعلن أن التكريم لثلاثة «بس»، نادية لطفى والناقد المغربى نور الدين صايل والمخرج الألمانى فولكر شوليندر. لاحظوا أنه قال «بس»، لكن الزفة الإعلامية لا تعرف «بس»، لا تزال فى حالة تهليل وصخب لمهزلة الافتتاح.. وبس خلاص.