دورة مهرجان مراكش الأخيرة الأسوأ منذ تأسيسه!

Print Friendly, PDF & Email

نشر هذا المقال في جريدة “المساء” المغربية بتاريخ 13 ديسمبر 2014

هل‭ ‬فعلا‭ ‬نحتفل‭ ‬بالدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬للمهرجان‭ ‬الدولي‭ ‬للفيلم‭ ‬بمراكش؟‭ ‬ أمام‭ ‬التراجع‭ ‬الذي‭ ‬سجلته‭ ‬هذه‭ ‬الطبعة‭ ‬وما‭ ‬ميزها‭ ‬من‭ ‬س‭ ‬تنظيم‭ ‬وارتجالية‭ ‬وفوضى‭ ‬وهواية،‭ ‬فإن‭ ‬المهرجان‭ ‬عوض‭ ‬المضي‭ ‬خطوة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬عرف‭ ‬نكوصا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬سوى‭ ‬بـ‭”‬الكارثي‭”. ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬يدعوالمسؤولين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬هذا‭ ‬المهرجان‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬أوراقهم‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬خلال‭ ‬الدورة‭ ‬القادمة‭ ‬لوضع‭ ‬المهرجان‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬سكته‭ ‬وإعادة‭ ‬ترميم‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬بناؤه‭ ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬ويجمع‭ ‬تحت‭ ‬مظلته‭ ‬محترفين‭ ‬ومهنيين‭ ‬وأكفاء‭ ‬وليس‭ ‬أشخاصا‭ ‬فاشلين‭ ‬خارج‭ ‬التصنيف‭ ‬الفني‭ ‬حتى‭ ‬يشق‭ ‬طريقه‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

يمكن‭ ‬وصف‭ ‬الدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬لمهرجان‭ ‬مراكش‭ ‬بأنها‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬منذ‭ ‬وضع‭ ‬لبنته‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬حيث‭ ‬سجل‭ ‬البساط‭ ‬الأحمر‭ ‬طيلة‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬دجنبر‭ ‬الجاري‭ ‬تهميش‭ ‬الكفاءات‭ ‬ومهنيي‭ ‬السينما‭ ‬ودعوة‭ ‬أشباه‭ ‬الفنانين‭ (‬مع‭ ‬استثناءات‭) ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثالثة‭ ‬ومغنين‭ ‬شعبيين،‭ ‬كما‭ ‬رصدت‭ “‬المساء‭” ‬حضورا‭ ‬طاغيا‭ ‬لأشخاص‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬بالفن‭ ‬السابع‭ ‬بكل‭ ‬رمزيته‭ ‬وحمولته‭ ‬التاريخية‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬عارضات‭ ‬أزياء‭ ‬وملكات‭ ‬جمال‭ ‬ومقدمي‭ ‬برامج‭ ‬و‭…‬علما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أبجديات‭ ‬أي‭ ‬مهرجان‭ ‬يصنف‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬خانة‭ “‬الدولية‭” ‬أن‭ ‬يبسط‭ ‬البساط‭ ‬الأحمر‭ ‬أولا‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬اسم‭ ‬يدرج‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬المهرجان،‭ ‬ثم‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬مهني‭ ‬وفنان‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن‭ ‬السابع،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والأسماء‭ ‬الممولة‭ ‬للمهرجان‭ ‬وبعض‭ ‬الوجوه‭ ‬السياسية،‭ ‬ثم‭ ‬مهنيي‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬ممثلين‭ ‬ومخرجين‭ ‬وفنانين‭ ‬ونقاد‭ ‬ومدراء‭ ‬تصوير‭ ‬وكتاب‭ ‬وغيرهم،‭  ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬الترتيب‭ ‬تأتي‭ ‬دعوة‭ ‬بعض‭ ‬الوجوه‭ ‬الأخرى‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الموضة‭ ‬والجمال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العكس‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬سجاد‭ ‬مراكش‭ ‬وبزاوية‭ ‬مقياسها‭ ‬360‭ ‬درجة‭.‬

لذلك‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تكلفت‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬أشرت‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬المدعوين؟‭ ‬

وهل‭ ‬تتدخل‭ ‬العلاقات‭ ‬الضبابية‭ ‬والشللية‭ ‬و‭”‬خالتي‭ ‬في‭ ‬العرس‭” ‬و‭”‬باك‭ ‬صاحبي‭” ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬تلك‭ ‬الاختيارات‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬بريق‭ ‬المهرجان؟‭ ‬

ما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره‭ ‬جعل‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬حقيقي،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬باهتا‭ ‬دون‭ ‬بريق،‭ ‬ولم‭ ‬ينقذ‭ ‬وجهه‭ ‬سوى‭ ‬حضور‭ ‬نجم‭ ‬مخضرم‭ ‬كعادل‭ ‬إمام،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مكرما‭ ‬ليلتها‭. ‬نفس‭ ‬الشيء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لليلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المهرجان‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬تكريم‭ ‬اسم‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬العالمية،‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالفنان‭ ‬البريطاني‭ “‬السير‭” ‬جيريمي‭ ‬أيرونز‭. ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬ثالث‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان،‭ ‬يوم‭ ‬تكريم‭ ‬الممثل‭ ‬والمنتج‭ ‬والشاعر‭ ‬الأمريكي‭ ‬فيغو‭ ‬مورتنسن،‭ “‬كارثية‭” ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غابت‭ ‬حتى‭ ‬الوجوه‭ ‬المغمورة‭ ‬التي‭ ‬حضرت‭ ‬في‭ ‬اليومين‭ ‬الأولين‭ ‬من‭ ‬المهرجان،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬أو‭ ‬العرب،‭ ‬بعضهم‭ ‬لارتباطات‭ ‬فنية‭ ‬وبعضهم‭ ‬الآخر‭ ‬غادر‭ ‬بعد‭ ‬قضاء‭ ‬نهاية‭ ‬أسبوع‭  ‬مجانية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬الدعوة‭ ‬مفتوحة‭ ‬للعودة‭ ‬لقضاء‭ ‬نهاية‭ ‬أسبوع‭ ‬أخرى‭ ‬مجانية‭ ‬مع‭ ‬اختتام‭ ‬المهرجان‭ ‬يومه‭ ‬السبت‭.‬

وأمام‭ ‬القاعة‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬شبه‭ ‬فارغة‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬الحفل‭ ‬بـ‭ ‬20‭ ‬دقيقة،‭ ‬تم‭ ‬الاستنجاد‭ ‬بالجمهور‭ ‬الذي‭ ‬يؤثث‭ ‬فضاء‭ ‬البساط‭ ‬الأحمر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعطيت‭ ‬الأوامر‭ ‬لرجال‭ ‬الأمن‭ ‬خارجا‭ ‬بإفساح‭ ‬المجال‭ ‬أمامهم‭ ‬للدخول‭ ‬وملء‭ ‬قاعة‭ ‬قصر‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الفسيحة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشاهد‭ ‬الممثل‭ ‬المكرم‭ ‬وضيوف‭ ‬المهرجان،‭ ‬وخاصة‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ “‬دوايت‭ ‬بوش‭” ‬وفريقه‭ “‬شوهة‭” ‬القاعة‭ ‬الخاوية‭ ‬على‭ ‬عروشها‭. ‬

نفس‭ ‬الشيء‭ ‬تكرر‭ ‬خامس‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان،‭ ‬خلال‭ ‬ليلة‭ ‬تكريم‭ ‬باردة‭ ‬لبلد‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ “‬بلاد‭ ‬الشمس‭ ‬المشرقة‭”‬،‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬شمسها‭ ‬لا‭ ‬تشرق‭ ‬عند‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وخاصة‭ ‬العربية‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬مر‭ ‬الوفد‭ ‬الياباني‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬رواد‭ ‬وأساتذة‭ ‬السينما‭ ‬اليابانية‭ ‬يترأسهم‭ ‬المخرج‭ ‬الشهير‭ “‬هيروكازوا‭ ‬كور‭ ‬إيدا‮»‬‭ “‬على‭ ‬سجاد‭ ‬شبه‭ ‬خال،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحضور‭ ‬الجماهيري‭ ‬قليلا‭ ‬جدا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭  ‬بالجمهور‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لملء‭ ‬القاعة‭ ‬الفارغة‭.‬

احتقار‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬

كيف‭ ‬يتم‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬موجه‭ ‬لأعضاء‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬بمهرجان‭ ‬يقام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مغربية‭ ‬ينص‭ ‬دستورها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬اللغة‭ ‬الرسمية‭ ‬للبلد؟

كان‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬الأبرز‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬ثاني‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬مفتوح‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬لجنة‭ ‬تحكيم‭ ‬المسابقة‭ ‬الرسمية،‭ ‬برئاسة‭ ‬الممثلة‭ ‬الفرنسية‭ “‬إيزابيل‭ ‬هوبير‭”.‬

السبب‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬السؤال‭ ‬والقفز‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬السيدة‭ ‬المرافقة‭ ‬للجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬لا‭ ‬تفقه‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬مغربية‭ ‬الجنسية،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تخصيص‭ ‬مترجم‭ ‬متمكن‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬للترجمة‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬اللغات‭ ‬الحية‭ ‬الأخرى‭ ‬كالفرنسية‭ ‬والإنجليزية،‭ ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬مترجم‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬إلى‭ ‬الانجليزية‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭.‬

ورغم‭ ‬وجود‭ ‬المخرج‭ ‬المغربي‭ “‬مومن‭ ‬السميحي‭”‬،‭ ‬ضمن‭ ‬أعضاء‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم،‭  ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬لم‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬التدخل‭ ‬والإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال،‭ ‬والأدهى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬حين‭ ‬وجه‭ ‬إليه‭ ‬سؤال‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬فضل‭ ‬الإجابة‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬أيضا،‭ ‬مما‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬جدوى‭ ‬وجود‭ ‬مغربي‭ ‬ضمن‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم؟‭ ‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬هي‭ ‬اللغة‭ ‬الأولى‭ ‬لمهرجان‭ ‬يقام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مغربية،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬السينمائيين‭ ‬والنقاد‭ ‬ذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬وصفه‭ ‬بمهرجان‭ ‬فرنسي‭ ‬يقام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مغربية‭.‬

الملاحظ‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ليلة‭ ‬افتتاح‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬قاعة‭ ‬المؤتمرات،‭ ‬فإن‭ ‬المقدم‭ ‬الفرنسي‭ “‬لوران‭ ” ‬يأخذ‭ ‬الكلمة‭ ‬أولا‭ ‬ليوجه‭ ‬التحية‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬قبل‭ ‬زميلته‭ ‬المغربية‭ “‬فيروز‭ ‬الكرواني‭”‬،‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتقديم‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬لوحة‭ ‬الترجمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الفورية‭ ‬متوفرة‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬المؤتمرات،‭ ‬والتي‭ ‬تظهر‭ ‬عليها‭ ‬الترجمة‭ ‬باللغات‭ ‬الثلاث‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإنجليزية‭ ‬والعربية،‭ ‬فما‭ ‬جدوى‭ ‬وجود‭ ‬مقدم‭ ‬فرنسي‭ ‬أصلا‭ ‬يكلف‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬ميزانية‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬أكل‭ ‬وشرب‭ ‬ومأوى‭ ‬وتنقل‭ ‬وأجر‭.‬

الهيمنة‭ ‬الفرنسية‭ ‬المطلقة

الهيمنة‭ ‬الفرنسية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭  ‬لغويا،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مفاصل‭ ‬المهرجان،‭ ‬حيث‭ ‬تقوى‭ ‬نفوذها‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الاعتقاد‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬تأسيس‭ ‬المهرجان‭ ‬مع‭ ‬صاحبه‭ ‬الراحل‭ “‬دانيال‭ ‬توسكان‭ ‬دي‭ ‬بلانتي‭” ‬بخبرات‭ ‬أجنبية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مغربة‭ ‬المهرجان‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬وإفساح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية،‭ ‬لكن‭ ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬حيث‭ ‬استقوت‭ ‬الأسماء‭ ‬الفرنسية‭ ‬وغرست‭ “‬أنيابها‭” ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬أوصال‭ ‬المهرجان‭.‬

الفرنسيون‭ ‬حتى‭ ‬يبرهنوا‭ ‬على‭ ‬نجاحهم‭ ‬وأحقيتهم‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬يستعينون‭ ‬بالفاشلين،‭ ‬ويسدون‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬القادرة‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬المشعل‭ ‬وتذهب‭ ‬بأهم‭ ‬حدث‭ ‬سينمائي‭ ‬مغربي‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭.  ‬

الملاحظ‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬توسع‭ ‬نفوذ‭ “‬ميليتا‭ ‬توسكان‭ ‬دي‭ ‬بلانتي‭”‬،‭ ‬مديرة‭ ‬المهرجان،‭ ‬التي‭ ‬ورثت‭ “‬سر‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬المهرجان،‭ ‬وعينت‭ ‬مديرته‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الزوج‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬زواجها‭ ‬به‭ ‬مجرد‭ ‬موظفة‭ ‬استقبال‭ ‬بمهرجان‭ ‬كان‭ ‬الفرنسي،‭  ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬اسمها‭ ‬يسبق‭ ‬اسم‭ ‬باقي‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المكرمين‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬حظي‭ ‬بكلمة‭ ‬على‭ ‬السجاد‭ ‬الأحمر‭.‬

‭ ‬مديرة‭ ‬المهرجان‭ ‬تحابي‭ ‬أصدقاءها‭ ‬من‭ ‬حاملي‭ ‬الجنسية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وإلا‭ ‬فما‭ ‬معنى‭ ‬وجود‭ ‬ثلاثة‭ ‬فرنسيين‭ ‬ضمن‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬فيها‭ ‬التنوع‭ ‬الفني‭ ‬والثقافي‭. ‬فباستثناء‭ ‬الفرنسية‭ ‬إيزابيل‭ ‬هوبير،‭ ‬رئيسة‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم،‭ ‬فإن‭ ‬العضوين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬الآخرين‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تعرفهما‭ ‬سوى‭ ‬مديرة‭ ‬المهرجان‭ ‬وزميلها‭ ‬المدير‭ ‬الفني‭. ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬برونو‭ ‬بارد‭ ‬الذي‭ ‬يزرع‭ ‬الرعب‭ ‬والخوف‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬تحت‭ ‬مظلته،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬العديدين‭ ‬منهم‭ “‬كتهزهم‭ ‬الخلعة‭ ‬والقفقافة‭” ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬لقاء‭ ‬معه،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يفوت‭ ‬الفرصة‭ “‬ليبهدل‭” ‬المغاربة‭ ‬ويسخر‭ ‬من‭ ‬أدائهم‭.‬

مهرجان‭ ‬سينمائي‭ ‬أم‭ ‬سياحي؟

هل‭ ‬أضحى‭ ‬مهرجان‭ ‬مراكش‭ ‬للاستجمام‭ ‬بدل‭ ‬مواكبة‭ ‬السينما؟‭ ‬المدعوون‭ ‬إلى‭ ‬المهرجان‭ ‬فضلوا‭ ‬الظهور‭ ‬خلال‭ ‬اليومين‭ ‬الأولين‭ ‬من‭ ‬المهرجان‭ ‬والمرور‭ ‬فوق‭ ‬البساط‭ ‬الأحمر‭ ‬ليتواروا‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬باقي‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان‭.‬

حوالي‭ ‬120‭ ‬صحافيا‭ ‬أجنبيا‭ ‬يغطون‭ ‬الدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬للمهرجان‭ ‬الدولي‭ ‬للفيلم،‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬50‭ ‬صحفيا‭ ‬فرنسيا‭. ‬هؤلاء‭ ‬يتم‭ ‬تدليلهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان،‭ ‬بتوفير‭ ‬جميع‭ ‬ظروف‭ ‬الاشتغال‭ ‬التي‭ ‬يحرم‭ ‬منها‭ ‬الصحفي‭ ‬المنتمي‭ ‬للمنابر‭ ‬الوطنية،‭ ‬الذي‭ ‬حرم‭ ‬من‭ ‬الربط‭ ‬بشبكة‭ ‬الإنترنت‭ “‬الويفي‭” ‬أولى‭ ‬أيام‭ ‬المهرجان،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬وصلهم‭ ‬به‭ ‬بالمجان‭ ‬بعد‭ ‬احتجاجهم‭.‬

بعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وخاصة‭ ‬الفرنسية‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬مراسلوها‭ ‬حرفا‭ ‬خلال‭ ‬اليومين‭ ‬الأولين‭ ‬عن‭ ‬المهرجان‭ ‬وفضل‭ ‬بعضها‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬سهرة‭  ‬تنظمها‭ ‬العلامة‭ ‬الفرنسية‭ “‬كرسيتيان‭ ‬ديور‭” ‬باعتبار‭ ‬العلامة‭ ‬من‭ ‬الشركاء‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬المذكور‭.‬

أيضا‭ ‬يرفل‭ ‬أشخاص‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهم‭ ‬بالسينما‭ ‬والمهرجان‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭ ‬في‭  ‬نعيم‭ ‬مراكش،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬تهميش‭ ‬الفنانين‭ ‬المغاربة،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬دعوة‭ ‬مذيعة‭ ‬سعودية‭ ‬عاملة‭ ‬بمحطة‭ ‬سعودية‭ ‬مقرها‭ ‬دبي‭ ‬بصحبة‭ ‬شقيقتها‭ ‬المغنية‭ ‬المغمورة‭ ‬آسيل‭ ‬عمران‭ ‬وطبيب‭ ‬أسنان‭ ‬يجمل‭ ‬أسنان‭ ‬المشاهير‭ ‬وحضور‭ ‬مواقع‭ ‬عربية‭ ‬مغمورة‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬وجودها‭ ‬أي‭ ‬فائدة‭ ‬لتغادر‭ ‬المهرجان‭ ‬بعد‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭. ‬حينها‭ ‬اضطرت‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬إلى‭ ‬الاستنجاد،‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬بالفنان‭ ‬المغربي‭ ‬وتم‭ ‬توجيه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬المغاربة‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي،‭ ‬لبى‭ ‬بعضهم‭ ‬الدعوة‭ ‬فيما‭ ‬قاطع‭ ‬آخرون‭ ‬المهرجان‭ ‬رافضين‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬مجرد‭ “‬تعمار‭ ” ‬الكراسي‭ ‬بقاعة‭ ‬المؤتمرات‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬بها‭ ‬انتقاء‭ ‬الحضور‭ ‬العربي‭ ‬والأجنبي‭ ‬للحضور‭ ‬إلى‭ ‬مهرجان‭ ‬سينمائي‭ ‬وليس‭ ‬سياحيا؟

ومتى‭ ‬سنعلن‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬الهواية‭ ‬ونؤسس‭ ‬لمرحلة‭ ‬الاحترافية‭ ‬لمهرجان‭ ‬مراكش،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الفني‭ ‬المغربي؟

Visited 14 times, 1 visit(s) today