“ستان وأوللي” لوريل وهاردي كما لم نراهما من قبل
يعود المخرج المريكي حون س بيرد الى عالم نجمي الكوميديا لوريل وهاردي أشهر ثنائي كوميدي في تاريخ السينما، في أحدث أفلامه “ستان وأوللي” Stan& Ollie المأخوذ عن كتاب يحمل “لوريل وهاردي.. الرحلة البريطانية”.
ويبدو أن اختيار المخرج جون بيرد لإسم ستان وأولي كعنوان له مغزى معين لأن الاعتقاد السائد أنه سيرة ذاتية لأشهر ثنائي كوميدي في العالم، وان المشاهد سيتخللها لقطات كوميدية تعكس ما قدمه الثنائي خلال 30 عاما.
لكن جاء الفيلم علي عكس التوقعات وهو ما يجعله شديد الامتاع والتمييز لسببين، الأول تجربة يسيطر عليها الميلودراما بعض الشئ تحمل كل المعاني الإنسانية في طرح تراجيدي لأسرار الغرف المغلقة للثنائي الذي أضحك أجيال.
والثاني إنجذابي الشديد لنوعية الأفلام التي تتعلق بخفوت وانحسار نجومية الفنانين، فهذه النوعية من الأفلام تكشف الجانب المظلم الخفي عن الجمهور لحياة الفنانين، ويظهر السؤال الأهم هل استمرار الثنائي معا لأعوام طويلة نابع عن صداقة حقيقية أم إنها شروط السوق الإنتاجيوالتسويقي التي تكون رغبات الجماهير العامل الأساسي في هذه المعادلة.
يركز الفيلم علي الأعوام الأخيرة في مشوار الثنائي لوريل وهاردي عندما خفت نجمهما بسبب التقدم العمري وظهور نجوم كوميديا جدد مثل نورمان ويزدم والثنائي أبوت وكاستيللو والمشاعر التي عاني منها الثنائي في فترة التراجع عام 1957 خلال رحلتهما الفنية في بريطانيا، بداية من النزول في فندق متواضع والحضورالجماهيري القليل للعروض حيث كانت القاعات شبه خالية مما جعلهما يقدما حملات إعلانية ترويجية لا تليق بتاريخهما، وصولا الي رفض المنتج ميفن الاستمرار في مشروع فيلمهما الجديد عن روبن هود الذي كان أملهما في العودة الي الأضواء من جديد.
يبدأ الفيلم عام 1937 أثناء نجومية الثنائي ويفتتح المخرج فيلمه بمشهد عظيم مبهر تنفيذه ممتع بداية من تصويره في لقطة واحدة لمدة أربع دقائق مرورا بالحوار الذي اختصر 20 عاما في حياة الثنائي وقت وجودهما علي القمة، ويحاول لوريل الذي قدم دوره ستيف كوجان شريكه هاردي )مارك رايلي(بالضغط علي المنتج هال روش الذي قدم دوره داني هيوستن لرفع الأجر حيث إنهما يحصلا علي القليل مقارنة بنجوم أخرين مثل تشارلي شابلن، وفي هذا المشهد العظيم نكتشف جوانب من شخصيتي الثنائي، حيث ان لوريل كثير الطلاق والمشاكل والصدام أما هاردي مسالم يميل الي اللعب في المضمون وعدم المغامرة.
يدخل الثنائي خلال الرحلة البريطانية في إشكالية استرجاع أحداث الماضي ويتبادلان العتاب وإلقاء اللوم، وما يزيد الامر صعوبة مرض هاردي المفاجئ ونصائح الأطباء له بعدم الاستمرار في التمثيل، وفاض الفيلم بالمشاعر الإنسانية علي مدار ساعة ونصف عن العلاقة بين الثنائي حيث العمل والحب والصداقة وخفة الظل ومن ناحية أخري الشجار والغيرة والمرض والفراق، ثم العودة من جديد.
اختار المخرج ان تكون أحداث فيلمه مزيج من التراجيديا والميلودراما لإظهار الجانب الخفي في حياة أشهر ثنائي كوميدي لكن النهاية التي اختارها المخرج جون بيرد كانت مبهجة مرحة تظهر الحالة التي شاهدها الجمهور من الثنائي أمام كاميرات السينما وعلي المسارح خلال مشوارهما وهي بالتأكيد عكس الصورة التي قدمها طوال الأحداث وهذا سبب آخر لعظمة الفيلم.
أداء مميز رائع من الثنائي ستيف كوجان وجون رايلي في دوري لوريل وهاردي صعوبته تكمن في عدم توافر مواد أرشيفية للثنائي خلف الكاميرا، فقد كان من السهل تقليدهما أثناء أداء الأفلام والمسرحيات لكن هذا لم يكن لكي يتماشى مع دراما الفيلم الذي يتحدث عن لوريل وهاردي خلف الكواليس، فالثنائي كوجان ورايلي أطلقا العنان لرسم شخصيتي أشهر ثنائي كوميدي من جانب تراجيدي، لا يعرف الجمهور أن الأداء الكوميدي للوريل وهاردي كان يخفي جانب اخر مأسويا في مشوارهما لا ينتبه او يتخيله المشاهدين، وهذا ظهر أكثر في مشهد حفل الاستقبال في لندن الذي تعالت خلاله ضحكات الجماهير علي شجار بين الثنائي، ولم ينتبهوا وقتها أن هذا الشجار كان حقيقيا وكاد أن يكتب النهاية لمشوار فني طويل جمع بين لوريل وهاردي.