تواصل فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي


تتواصل فعاليات وأحداث وبرامج الدورة السادسة من مهرجان أبوظبي السينمائي في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، بحضور عدد كبير من المدعوين، من السينمائيين والنقاد والصحفيين الذين يلتقون يوميا مع إبداعات الفن السينمائي من بلدان العالم المختلفة.

المدير الجديد للمهرجان علي الجابري حاضر في كل الفعاليات الكبيرة، وكان أحدثها عرض الفيلم الأمريكي “المواطن” لسام القاضي، وهو فيلم أمريكي من إنتاج مجموعة من المنتجين من أصل عربي في الولايات المتحدة.

يقوم ببطولة الفيلم الذي شهد مهرجان أبو ظبي عرضه العالمي الأول، الممثل المصري خالد النبوي، والممثلة الأمريكية أنييس بروكنر. ويروي الفيلم قصة شاب لبناني يصل إلى نيويورك بعد أن كسب مسابقة حصل من خلالها على “البطاقة الخضراء” التي تؤهله للعيش في أمريكا، وهناك يبدأ رحلة البحث عن عمل ملائم، لتحقيق خلمه الأمريكي، لكنه يواجه سلسلة من العقبات خاصة تشمل القاء القبض عليه واحتجازه لستة أشهر بشبهة علاقته بأحادث 11 سبتمبر خاصة وأنه وصل الى أمريكا في اليوم السابق لتلك الأحداث العنيفة.

في الفيلم الكثير من المفارقات المركبة التي يقصد من وراءها، كشف العنصرية الأمريكية، لكنه من ناحية أخرى، يصور كيف تتضامن جماعات الدفاع عن الحريات المدنية مع العربي المهاجر (ابراهيم الجارحي) بعد صدور قرار من جاب السلطات بترحيله إلى بلاده وكيف يدافع عنه أحد المحامين ويتمكن من الحصول له على حقوقه وينتهي الفيلم ببقائه في الولايات المتحدة حيث يتزوج من الفتاة الأمريكية التي وقفت إلى جواره ويحقق حلمه بأن يصبح صاحب تجارة خاصة للسيارات.

في البداية يلعب الفيلم- دون إقناع كبير- على فكرة انبهار العربي المهاجر بالديمقراطية الأمريكية، ومع لذك يتعرض للعنصرية والرفض والتشكك، وتدريجيا يصبح مرفوضا إلى أن يتحول الفيلم إلى أحد أفلام المحاكمات، أو ما يعرف بـ court room dramaأي بالدراما التي تدور داخل قاعة محكمة، حيث يترافع ضده ممثل الإدعاء الذي يطالب بترحيله باعتباره يمثل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، لكن المحامي الذي تبرع بالدفاع عنه ينبري لتفنيد تلك التهم ويثبت أنه يمكن أن يكون مواطنا صالحا.

الإيقاع العام للفيلم مترهل بعض الشيء، بسبب الميل إلى الاستطرادات وتكرار الفكرة من خلال أكثر من مشهد، ولمس الكثير من الأفكار بشكل سطحي عابر، لأن الفيلم يحاول أن يقول كل شيء يتعلق بموضوع حياة المهاجر العربي إلى أمريكا في ظروف ما بعد 11 سبتمبر 2001، كما أنه يبدو في الكثير من الأحيان، وكأنه يضع ما يريد أن يسوق من رسالى على لسان الشخصيات التي تحمل الخير في الفيلم، في حين أن الشخصيات الأخرى الشريرة، لا تملك نفس قوة الحجة والبديهة الحاضرة.

أداء خالد النبوي كعادته يفتقد للحرارة، والتنوع، فملامح وجهه تنفرج وتنقبض في تقلصات آلية، دون أن ينجح في إقناعنا، لا بلهجته اللبنانية في حواره باللغة العربية في البداية، أو باللغة الإنجليزية فيما بعد، بل والغريب أنه يتحدث أيضا بالانجليزية الى فتاة لبنانية محجبة أراد الارتباط بها لكنها سرعان ما تقرر العودة إلى بلادها، فيقتنع بعد ذلك (بطل الفيلم بالطبع) بالارتباط بالفتاة الأمريكية التي ترتدي ملابس تتناقض بالكامل مع ملابس اللبنانية المحافظة، دلالة على قبوله فكرة الاندماج في المجتمع الأمريكي، وقبول قيمه.

الإخراج يسير في الطريق النمطي دون أي محاولة للتجديد أو الابتكار في الشكل، في طريقة تقديم المشهد، في اختيار الأماكن التي تعبر أكثر عن فكرة الحلم الأمريكي، بل يبدو الفيلم بأسره مثل مسرحية يضع فيها النؤلف ما يريد أن يقوله أو ينقله من رسالة، على لسان الشخصية الرئيسية، بل ويجعله في النهاية الأقدر على مواجهة الاتهامات الموجهة له حينما يتبري للدفاع عن نفسه في المحكمة.

فيلم “المواطن” فيلم محدود القيمة والأثر، لكن عرضه في المهرجان أثار مناقشة دافئة من مخرجه ومنتجه وبطله، وأضفى الكثير من الحيوية على برنامج المهرجان.

في مهرجان أبو ظبي 5 مسابقات للأفلام الروائية الطويلة والتسجيلية والقصيرة وأفلام الإمارات.

وتواصل لجان التحكيم عملها، كما يواصل المهرجان تقديم وجبة دسمة من البرامج والورش التدريبية ودروس السينما للمرة الأولى بهذا الشكل اليومي المكثف، وهو ما يجعل المهرجان ساحة للتدريب العملي والمناقشات النظرية إلى جانب مشاهدة جديد الأفلام ومناقشتها.

الدورة السادسة أيضا ربما تكون الأفضل حتى الآن من حيث التنظيم والإدارة ومستوى العروض والمناقشات والانتقالات والإقامة. ولاشك أنها ستصبح نموذجا يتم القياس عليه مستقبلا.

Visited 8 times, 1 visit(s) today