“بحبك”.. تامر حسني يواصل السقوط السينمائي

محمد كمال

يدخل علي إمام “تامر حسني” في قصة حب مع حبيبة “هنا الزاهد” وقبل إقامة الفرح بأيام يكتشف عودة ياسمين “هدى المفتي” حبيبته السابقة التي تركته يوم الفرح وهربت دون أسباب واضحة لتسرد له أنها هربت بعد أن أكتشفت مرضها بالسرطان وبدأت رحلة العلاج لمدة عامين وفضلت الهروب حتى لا تظلم علي معها، كانت هذه هي الفكرة الأساسية لسيناريو فيلم “بحبك” الذي طرح في دور العرض قبل يومين من بداية عيد الأضحى المبارك.

فكرة تبدو واعدة قد تكون قدمت بأشكال مختلفة من قبل في السينما لكن يمكن تطويعها وتقديمها في محتوى جديد لكن المشكلة هنا أن هذه الفكرة تبلورت وظهرت بعد مرور منتصف أحداث الفيلم، وهذا ما جعلنا نستبشر خيرا ليكون الجزء الثاني من الفيلم أفضل حالا لكن سريعا ما تبعثرت الأحلام وتاهت الفكرة وانزلقت تماما في حفرة عميقة.

فيلم “بحبك” من تأليف تامر حسني وهو أمر تم الاعتياد عليه منذ أول أفلامه “حالة حب” عام 2004 الذي كان من فكرته وكتب له السيناريو والحوار أحمد عبد الفتاح ومن بعده تعاون الثنائي على مستوى التأليف في أفلام “عمر وسلمى” بأجزائه الثلاثة ثم “نور عيني”.

 قدم تامر حسني أيضا في “بحبك” الموسيقى التصويرية للفيلم للمرة الأولى وهو أمر يبدو طبيعيا بحكم موهبته الأساسية في الموسيقى والغناء لكن لم يكتفي تامر بل يقتحم عالم الإخراج ليصبح هو المؤلف والمخرج والموسيقي والبطل بالإضافة إلى المشاركة في الإنتاج لنجد أنفسنا أمام “One Man Show” لكن يبقى السؤال الذي يصعب تحديد إجابة واضحة له لماذا أصر تامر على إخراج الفيلم؟ هل تجربته الناجحة في السينما الذي يعد من أفضل المطربين الذين اتجهوا للتمثيل كانت كفيلة بأن يتخذ تلك الخطوة وأن تلك التجربة تحمل الزخم الذي يجعله يجلس فجأة على كرسي المخرج فلماذا إذا لم يقدم عادل إمام أو أحمد زكي أو حتى حسين فهمي الذي درس الإخراج في الأساس على تلك الخطوة ؟

يمتلك تامر حسني في السينما خلطة حققت نجاحا على مستوى مشوراه تعتمد على اللايت كوميدي الممزودج بالرومانسية مع خط بسيط من الأكشن لكن تلك الخلطة بدأت في أن تفقد بريقها في الأفلام الثلاث الأخيرة بداية من فيلم “الفلوس” الذي يعد أول خطوة في مشوار السقوط فقد احتوى على إلتواءات لم تستوعبها الحبكة ثم “مش انا” وتقديم فكرة تائة من الأساس ثم “بحبك” الذي يكمل به تامر حسني سقوطه وترنحه في السينما.

الفكرة التي ارتكز عليها الفيلم جيدة نسبيا لكنها ظهرت بعد مرور نصف الأحداث ومن قبلها نجد أنفسنا أمام رجل أعمال ثري “علي” يمتلك معرض للسيارات يشاهد فتاة “حبيبة” فيحدث الإعجاب المتبادل إلى أن ينتهي الأمر بالاتفاق على الزواج لكن المشكلة هنا أن الحبكة اعتمدت على مشاهد سطحية ساذجة الهدف منها تقديم كوميديا لكنها ثقيلة الظل على طريقة كيف تبني مشهد من الإفيه، وزاد عليها وجود شخصيتين مقحمتين في الأحداث ليس لهما محل من الإعراب ولا أي تأثير درامي، وهما أولا الشخص الذي يعمل لدى علي الذي قدم دوره حمدي الميرغني فهو غير معروف ماذا يعمل وما هي طبيعة علاقته بعلي، والثاني كان الطبيب الذي قدمه “مدحت تيخا”.

احتوى الجزء الأول على مشاهد بها استطراد مبالغ فيه للمحاولات المتبادلة بين علي وحبيبة في قصة حبهما خاصة التمهيد الطويل في المشاهد الأولى الخاصة بمعرض السيارات ثم الإجازة فقد كان يمكن اختصار كل هذا في المشهد الذي خرجت فيه حبيبة من الملهى وهي تدعي أنها في حالة “سكر”.

أما المشهد الذي نشتم فيه رائحة الدراما للمرة الأولى الذي كان في مطعم السوشي عندما قدم علي خاتم الخطوبة في أطباق السوشي لحبيبة فقد خرجت في هذا المشهد كوميديا حقيقية مفعمة بالروح والحقيقة بعيدا عن الكوميديا المبتزلة التي ظهرت منذ المشهد الأول.

ظهور ياسمين حبيبة علي السابقة التي هربت منه أربعة أعوام كان نقطة بريق وسط الظلام معها زادت وتيرة الأحداث وأصبحنا أمام دراما حقيقية وليس مشاهد للتهريج فقط، النصف الثاني من الفيلم جاء أفضل فقد أصبحنا أمام ثلاث شخصيات لديهم أبعاد درامية فعلي أصبح في حيرة من أمره هل يكمل مع حبيبة أم يعود إلى ياسمين خاصة وأن الطبيب أخبره بأن حالتها مازلت حرجة.

 ونفس الحال بالنسبة لحبيبة التي رفضت مساعدة حبيبها في الخروج من المأزق وقررت تركه وأيضا ياسمين التي تشعر بمشاعر مضطربة ما بين السعادة بسبب عودتها لعلي والحزن لأنها تشعر بأن علي مشاعره تغيرت وليست مثل السابق.

لم تدم تلك اللحظات التي تفوق فيها الفيلم طويلا وبعد اكتشاف حبيبة حقيقة الأمر انزلقت الحبكة في مشاهد شديدة المبالغة والتكلف في التعبير عن الكره والحزن والفراق والشجن، مشاهد شديدة التقليدية والنمطية مع أداء متكلف جدا من الثنائي تامر حسني وهنا الزاهد قد تكون هدى المفتي استطاعت الحفاظ بعض الشئ على التوازن في الأداء لكن لم يكن أدائها بنفس قوة أعمالها السابقة مثل أفلام “فرق خبرة” و”ديدو” و”راس السنة” ومسلسل “تحقيق”.

يعتبر تامر حسني من أنجح المطربين الذين اتجهوا للتمثيل – ان لم يكن هو الأنجح – خاصة على مستوى الجيل الحالي برغم التحفظات إلا أن “عمر وسلمى” بجزئيه الأول والثاني في المجمل جيدين ولم تكن أفلام مثل “سيد العاطفي” و”كابتن هيما” و”نور عيني” سيئة لكن وصل تامر حسني للقمة بثلاثة أفلام قدمهم على التوالي هم بالترتيب “أهواك” و”تصبح على خير” و”البدلة”.

حققت تلك الأفلام الثلاثة لتامر نقلة كبيرة كممثل على مستوى السينما خاصة الفيلم الثاني “تصبح على خير” الذي يعد الأفضل في مسيرة تامر، حققوا النجاح لأن تامر وظف نفسه فيهم كممثل فقط وتحمل معه آخرين مسؤلية الأعمال سواء كان محمد سامي في أول فيلمين أو أيمن بهجت قمر ومحمد العدل في الفيلم الثالث حتى على مستوى الأغنيات المقدمة فيهم نجدهم الأقل في هذا الأمر لأن كان هناك تركيز على الجوانب الدرامية التي مزجت خلطة نجاح تامر حسني في السينما.

بعد الأفلام الثلاثة بدأ تامر خسني في التراجع ليقدم أيضا ثلاثة أفلام تجاهل خلالهم تامر كل أسباب ونقاط نجاحه السابق لهذا فقد ظهرورا بشكل محدود القيمة وهم “الفلوس”، “مش أنا” وأخيرا “بحبك” أي أن تامر حسني منذ عام 2015 على مدار سبعة أعوام قدم ستة أفلام 3 جيدين و3 دون المستوى أي أن المحصلة في النهاية صفر.

Visited 20 times, 1 visit(s) today