النقد السينمائي في قاع القفة!

استعير هنا عنوان مقال كتبه قبل أكثر من ثلاثين عاما، الناقد المخضرم رءوف توفيق في جريدة السفير البيروتية (منع نشره في مصر وقتها)، وكان يتحسر فيه على وضع النقد السينمائي ونقاد السينما وقتما كانت الدولة المصرية بسلطاتها (في زمن السادات) تطاردهم وتتهمهم بشتى الاتهامات السياسية في وقت حدث فيه ذلك الاستقطاب الحاد بين الاتجاهات السياسية المؤيدة لسياسات السادات والمعارضة لها، وامتدت غلى مجال النقد السينمائي وجمعياته، وهي القصة التي كتبت الكثير من جوانبها في كتابي “حياة في السينما” الذي صدر في أوائل 2010

أما مناسبة هذا المقال فيختلف تماما عن مناسبة مقال الصديق الناقد رءوف توفيق متعه الله بالصحة والعافية. فمناسبته هو ذلك الاستفتاء المنشور في هذا الموقع (على العمود الأيسر في هذه الصفحة) له دلالته الكبيرة الواضحة التي لا يمكن للعين ان تخطؤها.

لقد طرحنا سؤالا مقصودا وموجها إلى القراء حول ما يدفعهم للذهاب لمشاهدة فيلم معين: هل هي قصة الفيلم كما يقرأون عنها في الصحف او يستمعون لفحواها في أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة التي لا تكف ليلا ونهارا عن الحديث حول الأفلام التجارية الرائجة؟

أم هل الدافع هو أسماء الممثلين الذين يقومون ببطولة الفيلم ممنم يحبهم المشاهد ويثق في قدراتهم الفنية وفي أنهم سيقدمون له “وجبة” دسمة تشبع خياله؟

أم هل يمكن ان يكون الدافع هو إسم المخرج الذي قام باخراج الفيلم وما يحمله المخرج- من قيمة فنية؟

وأخيرا تساءلنا حول تأثير النقد السينمائي على المشاهدين المترددين على دور السينما أو حتى الذين يبقون أمام الشاشات لمشاهدة فيلم سينمائي ما: هل تلعب مقالات النقد السينمائي دورا في توجيه المشاهدين للفيلم الجيد؟

بكل أسف جاءت حصيلة هذا الاستطلاع الذي لم يشارك فيه سوى حفنة صغيرة من قراء هذا الموقع (ومعظمهم من المهتمين بالسينما الفنية الجادة وليس بما هو رائج منها) مخيبة للآمال بشدة.

حتى الآن شاركت عينة يبلغ عددها 41 قارئا في هذا الاستفتاء لأن معظم المترددين على الموقع يهتمون بقراءة الجديد الذي ينشر في القسم الواقع على اليمين ولا يلقون للأسف الشديد بالا بما ننشره من أفلام او صور أو استفتاءات على العمود الأيسر وهو جزء أساسي يقتضي مجهودا كبيرا من القائمين على هذا الموقع.

من بين الـ41 قارئا أو مستخدما للموقع، قال 19 منهم أن إسم المخرج هو الاهم لديه في تحديد الفيلم الذي سيشاهده، وهو ما يعكس وعيا كبيرا بطبيعة الفيلم كمنتج فني يعبر أساسا عن رؤية مخرجه.

وهذا هو الجانب الإيجابي في الاستفتاء. أما في جانبه السلبي فقد وافق 5 أشخاص فقط على أن مقالات النقد السينمائي هي الأساس الذي يستندون إليه في قرارهم بالذهاب لمشاهدة فيلم ما. وهو ما يعكس عدم ثقة فيما ينشر من نقد، خاصة مع غياب الكتابات المتخصصة في السينما وانتشار صفحات التسالي والمنوعات ونشر أخبار النجوم وغير ذلك، مع إغفال المادقة النقدية الجادة.

10 مشاركين قالوا إن الممثلين العاملين في الفيلم هم الذين يجذبونهم للمشاهدة وهي أيضا نسية كبيرة (الربع تقريبا) تلي الاهتمام بمخرج الفيلم.

وقال 7 أشخاص إن قصة الفيلم هي التي تدفع للفرجة عليه.

على أي حال كنا نتوقع أن ياتي النقد السينمائي في ذيل الاهتمامات رغم تخصص موقعنا في النقد السينمائي أساسا غلى جانب الاهتمام بغيره من الجوانب الأخرى المتعلقة بالسينما ومعارفها.

ولعل هذا الموقع المتدني للنقد السينمائي بقدر ما يصيب النقاد بنوع من الإحباط، يمكن ايضا أن يستحثهم على البحث عن اشكال جديدة للتواصل مع القاريء والتأثير فيه، وخصوصا من بين الجمهور الذي يشاهد الأفلام، وليس القاريء العام المهتم بالثقافة السينمائية في إطار إهتمامه بالثقافة العامة ولا يشترط أن يكون من المترددين على دور العرض.

سنواصل هذا النوع من الاستطلاعات ونهيب بالمترددين على موقعنا الاهتمام بالتصويت لما لصوتهم من أهمية كبيرة في فهمنا لطبيعة العلاقة بين ما نقدمه والقاريء- المفترض.

وعلى الله قصد السبيل.

Visited 22 times, 1 visit(s) today