“جومانجي المستوى التالي” بهجة أفلام رأس العام

Print Friendly, PDF & Email

إذا كنتَ مُحبًّا للفنّ السينمائيّ، وإذا كنتَ مُحبًّا لتقضية وقت لطيف في ليالي الشتاء الباردة فإنَّ حضور فيلم لطيف في السينما سيكون خيارًا مساعدًا. خاصَّةً إذا امتاز هذا الفيلم بالمغامرة والإضحاك، وكان مليئًا بعناصر البهجة. وهذا ما هو متوفِّر في فيلم “Jumanji The Next Level” الفيلم جلسة مبهجة من المغامرة والكوميديا. فلنرَ ماذا قدَّم الفيلم في جزئه الثاني. مع وضع شرط رئيس هو عدم إفساد أيّ جزء من أجزاء الفيلم لضمان الاستمتاع به عند مشاهدتك وحدك له.

يدور الفيلم حول شريط لعبة فيديو قديم عندما يُدار يجذب الموجودين حوله، ويمتصّ أجسادهم إلى عالم اللعبة حقًّا؛ حيث يكونون جزءًا حقيقيًّا من اللعبة في أدوار لاعبي “جومانجي”. لكنَّ الفارق أنَّهم ليسوا أمام الشاشة بل داخلها. وبهذا يتأثَّرون بكل ما يوجد حولهم في اللعبة. لهم ثلاث من الحيوات متى استنفدوها قُضِي عليهم بالمكوث داخل اللعبة للأبد. وفي الجزء الأول وهذا الجزء تتحقق هذه الفرضيَّة ويجد أبطالنا أنفسهم داخل اللعبة ينافسون الكثير من الأهوال ليشقوا طريقهم نحو الخروج ثانيةً من اللعبة إلى العالم الحقيقيّ.

الفيلم من إنتاج شهر “ديسمبر” عام 2019م. أخرجه/ جاك كاسدان، وقام بتأليفه مخرِجُه بصحبة “جيف بينكر” وآخرين. وهو من بطولة “دواين جونسون” (المصارع المعروف بالصخرة)، و”جاك بلاك”، “كيفين هارت”، “كارين جيلان”، “داني ديفيتو”، “داني جلوفر”. والفيلم من تصنيف خيال، مغامرة، كوميديا.

كان واضحًا في هذا الجزء من الفيلم أنّ صناعه كانوا حريصين على صنع تغييرات تكسر حاجز الملل الذي قد يكون سبحًا مُؤرِّقًا لكل فيلم يكرر فكرته. لهذا عملوا على إدخال الكثير من التعديلات والإضافات التي يضمنون بها نجاح فيلمهم.

كان التغيير الكبير في التأليف. حيث اتبع خطَّة “إعادة الهيكلة”، أو ما يشبه في إطار الفيلم الخياليّ “بعثرة الأوراق”. حسب ما يأتي:

  • قام بإدخال شخصيات أكثر داخل اللعبة وخارجها. وكانت التجربة الأنجح هي إدخال الممثلين الكبيرين “داني ديفيتو” و”داني جلوفر” اللذين أعطيا بُعدًا مختلفًا لكل بناء الفيلم، فضلاً عن الحيويَّة التمثيليَّة التي يتمتعان بها رغم سنَّيْهما.
  • زاوَجَ بين الأحداث في اللعبة وفي أرض الواقع. على خلاف الجزء الأول الذي كانت اللعبة من داخلها وحدها تسيطر على الفيلم. وقد استثمر أرض الواقع هذا في دفع الأحداث كثيرًا للأمام.
  • جاءت الكوميديا ذكيَّةً وكثيفة. قد لا تبدو موفَّقةً في كل الأحيان، لكنَّها تدل على اجتهاد واضح من كتاب الفيلم. كانت الكوميديا ذكيَّةً بعض الشيء في الكثير من المواضع لكنهم حافظوا على “الكوميديا الشعبيَّة” في غالب الفيلم لضمان نجاعة الإضحاك. وأظنّ أن الكوميديا الذكيَّة التي أضافوها قد أُضيفت لتكثير الكوميديا بكل سبيل.
  • قسَّم الفيلم تقسيمًا غريبًا؛ حيث يكاد يكون نصفه الأول محصورًا في الكوميديا وحدها، في حين جاء الجزء الثاني من الفيلم بالكثير من المغامرة والكوميديا معًا. أيْ أنَّه وفَّر مشاهده الأمتع والأبلغ صنعًا وإتقانًا وحشدًا إلى الجزء الثاني من الفيلم. والغريب أنَّه حين صَنَعَ هذا الفصل كأنَّه قاسه بمقياس؛ فعند انتصاف الفيلم تقريبًا بدأ كل شيء في التحرك بسرعة بالغة.

وجاء الإخراج مبدعًا إلى حد كبير خاصةً في النصف الثاني. وقد كان أشد تميُّزه في الآتي:

  • اختيار المواقع وتصميمها كان شديد التوفيق. ولن يخطأ المشاهد أبدًا في رؤية ذلك الإبداع الذي كانت عليه المواقع من حيث التصميم. كل ما أتحدث عنه هنا من مواقع أقصد به مواقع اللعبة لا أرض الواقع بالقطع.
  • الخدع البصريَّة (ونحن في فيلم يعتمد عليها اعتمادًا أساسيًّا) كانت على جانب كبير من الإبداع والإتقان. وتمتاز بمهارات واضحة في ظل مقارنتها بغيرها من أفلام السينما الأمريكيَّة الأخرى.
  • محاولة الحفاظ على الحسّ الكوميديّ طوال الفيلم. وهذا قد يكون ميزة وعيبًا في الآن نفسه. لكنه يليق بأجواء آخر العام وطبيعة أفلامها.
  • وضع الرهان على عاتق الممثلين الذين لم يتوانوا في القيام بكل ما في وسعهم لضمان نجاح العمل.

أما عن التمثيل فالأمر كان بديعًا إلى حدٍ بعيد. ففي غير دور “دواين جونسون” (الصخرة) كان البقية يمتازون بالإبداع في التمثيل، خاصةً “جاك بلاك”، و”كيفين هارت” اللذين مثَّلا الخطوة المكملة للخطوة الأولى التي قام بها “داني ديفيتو” و”داني جلوفر”.

أما عن الأخطاء التي كان يجب على صناع الفيلم تجنُّبها:

  • البُطؤ الشديد في النصف الأول من الفيلم. وهذا عيب قد لا يستطيع الكثيرون مداواته. فهناك عيوب تفرضها طبيعة الكتابة في مشروع معيَّن (هنا تجربة الجزء الثاني)، وأشياء تفرضها عليك الصناعة (مدة الفيلم وطبيعته). ولكن كان من الممكن تحسين الأمر شيئًا فشيئًا.
  • افتقاد الموسيقى في المشاهد الأولى من الفيلم. خاصةً مشهد إضحاك بين الممثلَيْن الكبيريْن كانت الموسيقى ستعدمه كثيرًا في إخراج إضحاك أفضل.

فيلم “جومانجي المستوى التالي” فيلم حاول صانعوه صنع فستان جديد من الثوب نفسه الذي صنعوا منه الجزء الأول؛ ليحققوا لنا فيلم شتاء لطيف ومُضحك ومُسلٍّ.


Visited 140 times, 1 visit(s) today