هشام عبد الحميد: نداء القوى الناعمة بصوت أعلى
هذا الحوار نشر بتاريخ 15 يوليو في صحيفة “العربي الجديد” في لندن مع الممثل المصري هشام عبد الحميد..
يرى الممثل المصري هشام عبد الحميد أن تراجع الدراما والسينما المصرية يكمن في الفكرة والحوار والسيناريو، في المقابل، فهي تتطور على المستويات التقنية والبصرية. يستبعد عبد الحميد، في حوار مع “العربي الجديد”، أن يتحول الفن والدراما إلى العالم الافتراضي جراء جائحة كورونا التي أغلقت دور السينما وألغت المهرجانات السينمائية الدولية، متوقعاً حدوث تطور مذهل في عالم التكنولوجيا وارتباطه الوثيق في عالم السينما. يوضح أنه منذ خروجه من مصر قبل نحو 10 سنوات، وحتى قبل ذلك، كان ينادي بالقوة الناعمة لتعرض هموم الناس وأحلامهم وطموحاتهم. هنا، حوار مع الممثل المصري.
– أين دور الفن من جائحة فيروس كورونا التي ألزمت الملايين بالبقاء في المنازل؟ وإلى أي مدى تأثر الفن بهذه الأزمة؟
* الحقيقة أن الفن سقط في ورطة كبيرة جداً، لأننا عندما نتحدث عن الفن لا نتحدث عن مرحلة التذوق الجمالي للفن، بل نتناول صناعة الفن كونه ليس فكراً فقط، إنما هو صناعة، سواء فن السينما أو دراما التلفزيون، أو غيرها. ثمة صناعة تحرك هذا الفن وترعاه، وثمة صناعة تستطيع أن تحفظ الفن وتصونه، وبالتالي تسلعه، إذن هناك مكسب منه. انقسمت هذه المسألة في ظل الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا، فالفنون التشكيلية أغلقت معارضها والغاليري الخاص بها توقف كله، والفن السابع لحقت به أضرار بالغة، بعدما أغلقت دور السينما في العالم أبوابها، كما توقفت حركة تسويق وتوزيع الأفلام، والكل ينتظر ما بعد كورونا. وبالطبع توقفت مهرجانات السينما أيضاً، فقد أوصد مهرجان “كان” السينمائي أبوابه بالرغم من أنه أعلن عن قائمة الأفلام المشاركة، وكذلك مهرجان برلين، ولعل الحدث الأكبر والأبرز هو توقف صناعة السينما، والأمر ذاته ينطبق على المسلسلات التلفزيونية إلى حد كبير.
– هل تتوقع أن يصبح الفن والدراما ضمن العالم الافتراضي، بعد أزمة كورونا؟
* من المستحيل أن يصبح الفن والدراما في الواقع الافتراضي، لكن رؤيتي المستقبلية، وفق وما أراه من تطور مذهل في عالم التكنولوجيا وارتباطه الوثيق في عالم السينما، أنه ستحدث طفرات ضخمه جداً في مسألة تناول السينما نفسها. مثلاً يسعى مخرج أميركي لاستحضار الممثل جيمس ميتلاند، الذي رحل منذ سنوات، باستخدام تقنيات متطورة، ليقوم هذا الرحل بدور البطولة ويشارك في حوارات مع ممثلين أحياء، ولو نجحت هذه التجربة ستحدث ثورة في صناعة السينما.
– ماذا قدمت من أعمال درامية وفنية منذ خروجك من مصر عام 2010، واستقرارك في إسطنبول التركية منذ 2015، وما هي أبرز صعوبات العمل الفني في المهجر؟
* قدمت فيلم “لا”، عمل صامت مدته 75 دقيقة، يعتبر تجربة بين المسرح والسينما، يتناول أسباب قيام الدكتاتوريات في العالم الثالث، عبر 19 لوحة، وقد حاز على إشادة من الكونغرس الأمريكي، وفي الوقت نفسه، حصل على جائزة التميز “اندي” للسينما المستقلة في لوس أنجليس، وعلى جائزة أفضل فيلم في مهرجان “مالمو” السويدي للسينما العربية، بالإضافة إلى فيلم قصير “تحت الخط ورؤية فلسفية للسعادة”، وأيضاً في 2019 كان مسلسل “شتاء 2016″، وجرى تصويره في تركيا، وفيلم “بسبوسة بالقشطة”، وكان عن علاقة إنسانية بين السجين والسجان.
أما بالنسبة للصعوبات، فهي كثيرة جداً لأنك تشتغل على أرض غير أرضك، فهذا يعني أنه يجب أن توجد مساحة من التفاهم بينك وبين الأرض الأخرى، ولا بد أن نصل إلى صيغة لتفعيل القيم المشتركة، وبالتالي إيجاد مشروعية لنقدم أعمالا فنية. وعلى صعيد التجمعات الفنية خارج حدود بلدنا، لا بد من التنظيم وخلق آليات أو ميثاق لضبط إيقاع العمليات الفنية مستقبلاً .
– الإعلام المصري وما يدور في فلكه، ما ينفك يهاجمك ويصفك بأنك “بعت وطنك بالفلوس”، رغم إشادته بأعمالك الفنية في السابق. ما رأيك بذلك؟ وكيف تعلق على قرار شطبك من نقابة المهن التمثيلية في مصر؟
* سأبدأ بقرار فصلي من النقابة، وهو قرار غير حكيم وغير مدروس ويعكس واقعا مؤلما، وتصرف يقترب إلى مسألة العنصرية، لأنه لا يوجد ما يجيز شطب فنان له موقف آخر، فهذا غير موجود في العالم كله. أما بالنسبة للإعلام وعلاقته بي، فقد أشاد بالأعمال الفنية التي قدمتها. من الأمور المدهشة إلى حد الاستغراب، أن فيديو (سكتش) قدمته داخل برنامج “مع هشام عبد الحميد”، أسخر فيه من شائعات تقول إننا نتقاضى 200 ألف دولار، زاعماً أنني مختلف مع الإدارة؛ فأتى من اقتطع هذا الفيديو وقدمه على أنه حقيقة، وأني فعلا كنت “أتخانق” على 50 ألف دولار، وأنه ليس مجرد مزحة؛ لأن الفيديو مقتطع من سياقه، وقد رديت على هذه الفرضية مئات المرات، وأعتقد بأني سأرد عليها مئات المرات مستقبلا.
– منذ خروجك من مصر وأنت تنادي بتفعيل “القوى الناعمة “. ماذا تقصد؟ وما هي السبل لتحقيق ذلك؟
* منذ خروجي من مصر قبل نحو 10 سنوات، وحتى قبل ذلك، كنت أنادي بمصطلح القوة الناعمة على أساس أن تعرض هموم الناس ومشاكلهم، أحلامهم وطموحاتهم. القوة الناعمة تستطيع أن تفعل الأفاعيل وتوصل أشياء كثيرة جداً لا تستطيع أن توصلها المؤتمرات والندوات. القوة الناعمة تستطيع أن تدخل إلى الناس من دون استئذان، ويمكنها أن تدق ناقوس الخطر. القوة الناعمة برأيي أخطر من المدفع ومن الدبابة.