فيلم “النسور الصغيرة”.. محاولة لقتل الأب أم تعويضه؟
خرجت من قاعة السينما أحمل بداخلي مشاعر ملتبسة مع هذا الفيلم الذي وضعني في مواقف نفسية عديدة في وقت واحد ولا أدري هل هذا نجاح للفيلم أم إخفاق مني في أن أتدرب جيدًا على فكرة القبول، قبول الأشخاص كما هي بكل ما هي عليه من أحاسيس ومشاعر وأفكار، مشاعر قد تصدمنا وتخلخل كل ما ننظر إليه على أنه ثوابت جامدة لا تخضع لديناميكية الكون، من منظور تابوهات إنسانية مقدسة لا نطيق أن يمسّها أو يعبث بها أحد مجرد العبث بتصوراتنا الذاتية عنها، فنقف كما وقفت بعد عرض الفيلم مرتبكين ومحتارين.
هل أعجبني هذا الفيلم أم لم يعجبني، هل كإنسانة تكتب في النقد السينمائي، عليّ أن أشرِّح هذا العمل تشريحًا نظريًا حياديًا وأقيمه تقييمًا جماليًا بحسب ما رأيته من توظيف المخرج لعناصر اللغة السينمائية في سرد حكايته بمعزل عن تلك الحكاية؟! وهل الفن شيء نظري بحت نحاكمه منهاجيًا دون حساب لميزان الذاتية والعاطفة والمشاعر؟
إنسانيًا شعرت بتعاطف مع الأب، بسبب صورة الأب التي ظهر عليها، وفكرة مساءلة العلاقة مع الأب وتفكيكها، عندما صدر كتاب إيمان مرسال كيف تلتئم عن نظرة مغايرة لعلاقة الأم بالابن، نظرتها لأمومتين، أمومة المتن، وأخرى في الهامش، لحكايات غير مروية في العلن تكسر الصورة النمطية لتلك العلاقة المثالية، أثار نفس الارتباك عند البعض فكرة إعادة مساءلة تلك العلاقات التي نخشى النبش فيها.ما أظهره محمد رشاد من عواطفه الملتبسة تجاه أبيه، أربكني، كما أنني لا أستطيع أن أحاكم المخرج أنه قرر أن يكون صادقًا وصريحًا ويعري نفسه كما هي، فثمة نوع معروف في الأدب “أدب الاعترافات”، وللأسف هذا النوع من الأدب غير منتشر في عالمنا العربي عالم الكذب والتستر والنفاق والسرية ، مجتمع لديه حساسية مزمنة ضد الإفشاء، ويقع في مشكله عويصة مع فعل البوح.
فأسطورة الزعيم سعد باشا زغلول مثلًا لا نقبل لها أن تهتز في عقلنا الجمعي ، بالرغم من أن هذا الرجل “الإنسان” أولًا وأخيرًا قبل أن يكون الزعيم، اعترف في مذكراته على نفسه أنه كان يلعب القمار في نادي محمد علي ويستدين بسبب خسارته ويشرب الخمر. فالاعتراف أمر مزعج لدينالم نعتده، لم نتربَ عليه، غير مزروع في جيناتنا، أو خلقنا به فطريًا ككافة البشر لكن بفعل ثقافتنا قد أصابه الضمور الحاد ، ومن هنا مدخل تأليه الأشخاص وجعلهم رموزًا خالدة لا نقبل هشاشتهم ولا نتسامح معهم إذا أظهروها.
كان عليّ إذًن أن أحدد موقفي من الفيلم، هل أسير خلف مشاعري وأحكم على جهد أربع سنوات قضاها المخرج في عمل متواصل لأعدمه بجرة قلم، فما أكثر الاستسهال بأن نقول هذا لم يعجبني دون أن نقدم الدفوع الحقيقية وراء رأينا سواء بالإعجاب أو الرفض. أم أحاول أن أكون إنسانة كما فعل رشاد في فيلمه ، أهبط من علياء مصطنعة وهالة يلف بها الناقد نفسه ليقول هذا يجب وهذا لا يجب بكل بساطة فينصِّب من نفسه إلهًا ! يحيي العمل الفني أو يميته.. قررت أن أفهم مشاعر رشاد، وأن أعلق على الجوانب الفنية والإخراجية كما تراءت لي، والتي قد تتراءى لغيري مزايا يستحق عليها المدح.
اجتهادات
فيلم “النسور الصغيرة”، وهو الفيلم الطويل الأول لمخرجه محمد رشاد، نستطيع القول أن به اجتهادات ومحاولات تتلمس طريقها إلى النجاح والوصول بالفكرة إلى مستوى تعبيري بصري أو رمزي، حمل –في رأيي- شيئًا من السذاجة والمباشرة أحيانًا والاكليشيهات أحيانًا أخرى.
إن المشهد الافتتاحي للفيلم يقدم لنا رشاد لقطات قريبة لكشافات الإضاءة في أعمدة إنارة الشارع ثم قطع حاد وواضح، بطريقة مسرحية، فنحن إزاء تسليط الضوء وما يحمله من معاني الكشف والجهر والبوح، والحفر في بئر النفس المظلمة بكل ما تنطوي عليه من أسرار وانفعالات وتوترات نفسية وعاطفية، ثم ذلك التناظر الذي جعله المخرج واضحًا بينه وبين “المانيكان” الرجالي في محل الملابس. فقد كان حلمه في الماضي أن يصير ممثلًا، ليعيش أكثر من حياة، بما في حياة الممثل من ثراء لتمثله حيوات شخصياته العديدة، فتنتقل بنا الكاميرا كأننا في معرض للشخصيات بمختلف الوجوه والألوان وقصة الشعر، كذلك لقطة أخرى في رغبته في التمثيل يظهر في الكار جالسًا ووجهه معتم بينما الشمس تومض من خلفه تظهره نجمًا ساطعًا، كما أن هذا المانيكان الذي جعله معادلًا له طوال الفيلم دائمًا ما يظهر لنا عاريًا، فالمخرج على استعداد أن يتعرى ليكشف ما بداخله من مشاعر مخبأة يحملها لأبيه الرجل العادي البسيط ، الرجل الذي لم يعش ثراءًا في حياته يؤهله لأن يلقى عليه الضوء كنجم من نجوم السينما ، ولم يكن له الحظ أن يكون في بؤرة الاهتمام والضوء كالمانيكان المعروض في فاترينة والعيون كلها موجهة إليه بإعجاب. حياة أبيه خالية من التفاصيل على حد تعبيره.
هذا الهاجس الذي حمله رشاد بداخله، “عادية” أبيه التي جعلت منه شخصًا مرتبكًا ، حيال أصدقائه بعد أن قرر أن يترك مدينته الإسكندرية ليعيش في القاهرة التي تشكل مركزًا جغرافيًا جاذبًا لأبناء الأقاليم المهمشة هي الأخرى كرشاد ووالده، ليجد نفسه بين زمرة من الأصدقاء الذين كانوا آبائهم في بؤرة الضوء والمركز كمدينتهم التي تبهر مَنْ يحيا بخارجها وتتوق أنفسهم أن ينزحوا إليها لأنها مركز كل شيء!. فيعاني تلك الحالة النفسية ويتساءل : هل كنت أستحق أبًا أفضل من أبي؟!.. قرر رشاد أن يصور نموذجين من أبناء “النسور الصغيرة” وهي حركة تنشئة سياسية يجمع فيها القادة اليساريين أبناءهم الصغار تمهيدًا لتشربهم بأفكار آبائهم وحمل لوائها عندما يكبرون، هذه المجموعة التي ضمت علاء ومنى سيف ، وحسام مرتضى، وسلمى سعيد ابنة سعيد أبو طالب، ومنى مينا.. وآخرين.
قرر رشاد أن يصور فيلمه مع الأخيرين لقرب نفسي ما جمع بينه وبينهم، صداقته لحسام، و لسلمى، وارتباكه أمامها، هي التي تبدو شخصية بالغة الثقة في نفسها، وتضع الآخرين دائمًا بحسب ما يراها في موقع التردد، ظل يراقبها “من بعيد”- اسم فيلمه القصير الأول الذي كان غالبًا عن شخصيتها- عندما تمثل على المسرح أو ثائرة في ميدان التحرير، لا يجد مدخلًا للحديث معها. حسام وسلمى دائمًا ما يحكون عن حكايات آبائهم لهم، وحواديت نضالهم الطلابي وقت قيادتهم للحركة الطلابية والعمالية في السبعينيات، وقصص الاعتقال والنضال تلك مغرية، وقد تترك في نفس سامعها شعورًا بأنه أقل من أصحابها لأنه لم يكن يومًا مثلهم ولم يحظَ بأب له حكايات مثلها. هذا الشعور بالتقزم كان دافعًا لرشاد ليبحث عن أبيه، ليصنع فيلمًا يكون الأب فيه البطل ليحكي له حكاياته التي ربما لم ينصت رشاد لها يومًا ، أو لم يكن مهتمًا أن يسمعها من الأب العادي الذي بدا في أعين ابنه خاويًا من البطولة، لكنه طوال الفيلم كان هو البطل وكان هو محور الاهتمام ولفت الأنظار، فهل كان هذا بمثابة تكريم له واعتذار؟
نظرية قتل الأب
قتل الأب، نظرية في علم النفس أسس لها رائد علم النفس التحليلي سيجموند فرويد، مستوحاة من أسطورة أوديب، الذي قتل أباه وتزوج أمه. طبق فرويد هذه النظرية في الفن والأدب على الأديب الروسي ديستويفسكي، وأستطيع أن أجد بعض اللمحات منها لدى رشاد.
“إن قتل الأب، تبعًا لوجهة نظر معروفة، هو الجريمة الأساسية والأولى للبشرية وللفرد – انظر مقالاتي عن الطوطم والتابو، (1912 – 1913 إنه على أية حال السبب الرئيسي للشعور بالذنب رغم أننا لا نعرف ما إذا كان السبب الوحيد؛ فالأبحاث لم تصبح بعد قادرة على تحديد المنشأ النفسي للشعور بالذنب ولما يتبعه من حاجة إلى التكفير. مشيرين إلى أنه ليس من الضروري أن يكون هذا السبب هو السبب الوحيد لأن الحالة النفسية التي نتعاطى معها معقدة وبحاجة إلى المزيد من التوضيح. لأن علاقة الصبي بأبيه كانت علاقة متناقضة. فبالإضافة إلى الكراهية التي ترغب في إزالة الأب كمنافس، هناك أيضًا بشكل عام، شعور بالمودة تجاهه. وكلا الموقفين يؤديان إلى التماثل مع الأب” (المرجع/ بحث ديستويفسكي وجريمة قتل الأب، سيغموند فرويد: كتب هذا البحث عام 1928، وهو الفصل الحادي والعشرون من المجلد الخامس من كتابات فرويد المجمَّعة، طبعة نيويورك .1959
غير أن رشاد لا تنطبق عليه هذه النظرية بحذافيرها خصوصًا جانب التفسير الجنساني فيها، حتى لا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل. فهو غير متماثل مع الأب تمامًا، لديه إعجاب بشخصية أمه ظاهر، يحبها دائم الحديث عنها، هي التي كانت تخاف عليه وقت انجرافه للفكر الإسلامي الإخواني عندما استقطبه بعضهم في المسجد عند تردده عليه صغيرًا في سن المراهقة، ويسأل رشاد أبيه في الفيلم أنه لماذا لم يخف عليه مثلما كانت أمه تخشى اختلاطه بهؤلاء؟، فبدا لنا أنه يظهر أبيه في أكثر من موقف أنه كان سلبيًا تجاهه في تربيته ولم يكن قريبًا منه بينما كانت الأم هي الأكثر قربًا، وفهمًا. ويعلق على رد أبيه على الشخص الذي كان مسئولًا عن استقطاب رشاد في التنظيم (خالد) أن الأب لا يعرف ربما أنه كان يبحث فيه عن صورة مفقودة للأب الذي لم يكن أبدًا موجودًا بالقرب منه. في موضع آخر من الفيلم يطلب من أبيه يقص عليه قصة زواجه من أمه، ويستنكر أن أبيه قال أن جدته لوالدته كانت ترفض الزيجة لأنها في نظرها بنتها كانت أحسن بنت، فيسأله، وفي نظرك أنت لأ؟!.. فبدا متحاملًا على الأب، لأن الأب يستطرد، طبعًا في نظري جميلة لأني اخترتها وحبينا بعض واخترنا بعض. ويضع صورتين للأب والأم من منزلهما القديم في كادر واحد، فنجد صورة الأم هي التي تحتل مقدمة الكادر foreground ملونة زاهية جميلة كما تتراءى في عيني الابن/المخرج، بينما الأب متواري خلفها backgroundبصورة أبيض وأسود باهتة ، كأنه يرتب بهذه الوضعية موقع الأب والأم في حياته الخاصة وتأثير كل منهما عليه.
فهل نذهب لتأويل العمل على أنه محاولة لقتل الأب “مجازيًا”، لإزاحة كم المشاعر السلبية التي خلفّها ورائه وكانت حملًا ثقيلًا منغصًا على كاهل الابن المُثقَل به؟!، في لقطة بدت لي كليشيه عندما وقف المخرج لينظر في مرايا متعددة ليقرر أنه يريد خلع عباءته، فهل كان يقصد بذلك التحرر من الأب.
محاولة اعتذار
على النقيض، أرى الفيلم – أنا نفس الشخصية ذاتها التي شاهدت الفيلم وأربكني جدًا- على أنه محاولة من رشاد للاعتذار للأب بعد كل تلك الخصومة النفسية التي حملها في داخله طوال هذه السنوات ولما بحث في قصص آباء أصدقائه اكتشف عظمة أبيه الذي لم يعطِه حقه من قبل.
فمثلًا تصويره للأب العامل كوّاء في مصنع ملابس، دائمًا في مكان عمله بالمكواة هل هذا تقدير منه لصنعة الأب وتعويض له لرؤيته السابقة له ومقارنته بآباء أصدقائه ، الذين ناضلوا وكان نضالهم هذا من أجل طبقة والد رشاد العاملة! في لقطة يصور انعكاس صورة الأب على الجانب المعدني من المكواة ،تماهيه فيها كأنهما شيء واحد، لأنه فعليًا قضى عمره في مهنته ، هذا العمل اليدوي الذي مجّده ماركس وإنجلز. هذه الطبقة العاملة التي أنتجت وصنعت، ولم تكتفِ بالكلام ككثير من المثقفين. في بداية الفيلم يقول الأب عن ابنه أنه “تاعب قلبه” ويستنكر عليه أنه في سنه لا يعمل شيئًا ويكرس نفسه للفن، في نظر الأب العامل، الإنتاج الحقيقي والفعلي مقياس النجاح.
خرجنا جميعا من الفيلم متعاطفين مع الأب الذي حمل أسطورته الذاتية، رجل بسيط عمل طيلة حياته في ورديتين في أماكن مختلفة لا تسمح له برؤية أبنائه وترك ذكريات له معهم صحيح، لكن في المقابل ليربيهم جيدًا، آثر عدم السفر للخارج حتى لا يتخلى عن دوره كأب في الحضور في حياة أبنائه والإشراف عليهم وتربيتهم، فهل كان هذا الشعور المتسلل خفية، قصد الفيلم من البداية؟!
عندما صور رشاد مع القائد اليساري محمود مرتضى والد حسام صديقه، على الرغم من أنه سجّل معه 22 ساعة من حكاياته النضالية، إلا أن رشاد لم يختر أن يظهر في الفيلم منها سوى علاقته بابنه واقتربت الكاميرا بلقطةextreme close shotعلى أعين مرتضى الدامعة عندما اعترف أمام الكاميرا أنه عمل للحركة النضالية واهتم بها أكثر من اهتمامه بابنه وحياته الخاصة، وعندما يتساءل الآن ما الذي قدمه لابنه حسام، فيجيب أنه لم يقدم له شيئًا!، و يبكي ندمًا لذلك، ثم تقطع الكاميرا على صورة فوتوغرافية لحسام طفلًا وهو عابس الوجه حزينًا متجهمًا حسام الذي ظهر في بداية الفيلم يعرّفه صديقه رشاد كما اعتاد أن يراه مبتسمًا طَلِق الوجه، فكان يظهر لرشاد وللناس من حول جانبًا يخفي به خيبة شخصية من الأب مثار إعجاب الآخرين بنضاله إلا أنه في الحقيقة لم يقدم شيئًا لابنه، حتى أن رشاد يعلق على بكاء والد حسام قائلًا: حسام لم يظهر لنا أبدًا ذلك ولم يتكلم عنه!. فيدعم بذلك المخرج رؤيته الاعتذار
ية عن رؤيته السابقة لأبيه التي كان فيها شيئ من الظلم للأب الذي عمل بالفعل له ولأخوته وظل طوال حياته يعمل ويكد لأجلهم، فهل هذا دعم فكرة التصالح تلك وتعويض الأب؟
خاصةً أن الصورتين العائليتين الوحيدتين اللتين عرضهما المخرج لنفسه مع أسرته وهو طفلٌ صغير بدا فيهما سعيدًا وضاحكًا، فكانت تلك المقابلة بين طفولته وطفولة صديقه.
كذلك سلمى، عندما قال لها أنتي واثقة كثيرًا في نفسك، بدت متوترة لهذا التوصيف، وقالت فيما معناه هذا ما يبدو لكم.
على عكس ما كان يرى رشاد ظاهريًا أبناء زعماء الحركة اليسارية يرون أن جيل آبائهم جيل مهزوم، ويريدون التحرر من عبء ماضي آبائهم وربما لعنته، ولا يريدون لجيلهم أن يوصف أبناؤهم بالانهزامية. فهم لديهم مشكلة جوهرية من الآباء لدرجة أنهم يريدون لأنفسم الغيرية والبعد عن التجربة وأن يكونوا أنفسهم. إنهم أيضًا يريدون قتل آبائهم.
فكرة قتل الأب في علم النفس تلك مجازيًا وفكرة خلع العباءة ،رغم إن النسور الصغيرة كونت من الأصل لجعل هؤلاء الأبناء نواة لإعادة تجربة آباءهم في العمل العام.
فكرة سرد الفيلم تجعل منه دوكيودراميًا أكثر منه تسجيلي أو وثائقي بالمعنى المتعارف عليه لأن به دراما.
أخيرًا، بعد استقصاء العلاقة بين الابن والأب، يتخلى رشاد عن هواجسه، وفكرة أن يصبح ممثلًا ، وتطفأ الأنوار على المانيكانات في محل الملابس، لم يعد يرغب في أن يصبح ممثلًا. كأن الفيلم كان بمثابة استشفاء للمخرج وعلاج نفسي. هي تجربة تطهرية كعمل أول فأي فنان يحمل عمله الأول طزاجة فنية وشعورية رغبته في التخلص من نفسه ليبحث عن أشياء أخرى مغايرة له في أعماله القادمة.
وهكذا يتركنا فيلم محمد رشاد في حالة من الارتباك والتساؤل ونستطيع أن نخرج من فيلمه بالعديد من التأويلات والتفسيرات، ربما هذا يُحسب للفيلم أنك تخرج منه لا تنساه تمامًا بل يستفز فيك شيئًا ويتركك فريسة للتساؤلات. وفي التحليل الأخير الفيلم كان بمثابة اعتذارية طويلة وتكريم للأب والتعبير عن حبه.