عن الدورة الـ 41 من مهرجان مونبلييه السينمائي
لقاءات مع مخرجين وممثلين، أفلام وعروض سينمائية، على جدول أعمال مهرجان مونبلييه السينمائي في دورته الـ41 لهذا العام والمستمرة حتى نهاية الأسبوع الحالي. يحمل هذا المهرجان رسالة سياسية عبر اختيار عمدة عاصمة جزيرة صقلية رئيسا للمهرجان المتوسطي، المعروف بسياسته المنفتحة تجاه استقبال المهاجرين ومعارضته الجريئة لليمين المتطرف ووزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني.
الافتتاح كان بفيلم “بالغون في الغرفة” (Adults in the room)، للمخرج اليوناني الفرنسي كوستا غرافاس، المقتبس عن كتاب “معركتي مع المؤسسة الأوروبية العميقة” لوزير الاقتصاد السابق يانيس فاروفاكيس الذي ترأس مفاوضات اللجنة الأوروبية حول الدين اليوناني.
يعرض الفيلم أحداثا حقيقية، ويغوص في كواليس الأزمة الاقتصادية التي شهدتها اليونان عام 2015 والمفاوضات الأوروبية الطويلة والمعقدة التي كانت بقيادة يانيس فاروفاكيس، الذي انتهى به المطاف بتقديم استقالته، بعد أن خاض معركة كان يسعى من خلالها إقناع الأوروبيين إعادة جدولة الدين، والحد من إجراءات التقشف وإجراء إصلاحات حقيقة.
لقاءات ونقاشات سياسية وفنية كانت أيضا على جدول نشاطات مهرجان مونبلييه الذي يستقبل أعمالا فنية لمخرجين من مختلف الدول المطلة على البحر المتوسط.
اختيار عمدة مدينة باليرمو على رأس مهرجان مونبلييه السينمائي، يحمل رمزية سياسية والتزاما سياسيا قويا من المهرجان المخصص للسينما المتوسطية.
ليولوكا أورلاندو معروف بمواقفه الجريئة والحرب التي خاضها ضد مواقف وزير الداخلية الإيطالي السابق ماتيو سالفيني، المعروف بسياسته المتشددة تجاه المهاجرين، وقال أثناء افتتاح المهرجان “أعتقد أننا نثبت أننا نحن البحر الأبيض المتوسط ونبني المستقبل. البحر المتوسط هو مكان يهاجر عبره الأشخاص، والمستقبل في كل العالم يكمن بالتنقل والتحرك”.
واغتنم عمدة مدينة مونبلييه فيليب سوريل من جانبه الفرصة أيضا للحديث عن أهمية استقبال المهاجرين، وأعلن انضمام مدينته إلى شبكة “أوبن آرمز” التي تشدد على أهمية “معاملة المهاجرين بإنسانية ومسؤولية من قبل أوروبا”.
وقال سوريل “أعتقد أنه في هذه الأوقات الخاصة للغاية، والتي تتيح للمدن فرصة لصناعة العالم، من المهم لشخصية مثل أورلاندو أن تقود المهرجان. الفن والثقافة والسينما وسائل يمكنها نقل عدد من الرسائل المهمة جدا للإنسانية”.
وعلى مدار أكثر من 40 عاما، قدّم المهرجان الشهير عبر الأعمال الفنية نظرة خاصة على أوضاع الدول المتوسطية، واحتفى بالسينما اللبنانية وكرّم نجوم السينما الجزائرية العام الماضي. وتم اختيار المخرج الفرنسي آندريه تشيني، كضيف شرف لهذه الدورة من المهرجان.
ويستضيف المهرجان أفلاما عربية تشارك في المسابقة الرسمية، منها الفيلم الجزائري “أبو ليلى” لأمين سيدي بومدين، والفيلم المصري “بريد معتمد” لهشام صقر، والفيلم السويسري المغربي “حالة طوارئ عادية” لمحسن بصري، والفيلم الروائي التونسي “نورا تحلم” للمخرجة التونسية هند بوجمعة والنجمة هند صبري.
وضمن مسابقة الأفلام الروائية، شارك المخرج نوري بوزيد بفيلمه “عرايس الخوف”، الذي كان عرضه الأول في مهرجان “أيام قرطاج” لهذا العام. يتناول الفيلم حكاية فتاتين تونسيتين ذهبتا إلى سوريا مع عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، وهربتا عائدتين فيما بعد إلى تونس، لتجدا نفسيهما تائهتين في مجتمع يرفض استقبالهما ويمارس عليهما عنفا معنويا قاسيا. الفيلم يطرح إشكالية كبيرة تواجه تونس مع الجدل المحتدم حول النساء اللواتي انضممن إلى صفوف الجهاديين وكيفية التعامل معهن بعد عودتهن.
وبما يتماشى مع رسالة المهرجان السياسية، جاءت مشاركة فيلم “نور” للمخرج الإيطالي موريزيو زاكارو المقتبس عن قصة حقيقية، لتتوّج اختيار العمدة الإيطالي على رأس هذه الفعالية الثقافية، عبر عرض قصة فتاة سورية قاصرة تصل وحدها إلى جزيرة لامبيدوزا وتلتقي بالطبيب بييترو بارتولو، الذي يعاين المهاجرين الوافدين إلى الجزيرة.
وفي فئة الأفلام الوثائقية، يشارك فيلم “إبراهيم” للمخرجة لينا العبد، التي تذهب في رحلة طويلة للبحث في خبايا اختفاء أبيها، الذي كان مناضلا فلسطينيا في “المجلس الثوري” أو ما يعرف بـ “تنظيم أبو نضال”.
تبحث لينا، عبر رحلة طويلة للقاء عائلتها المشتتة في دول عربية وأجنبية، لمعرفة حقيقة ما حصل، وإنهاء سؤال لطالما شغل بالها منذ كان عمرها خمسة أعوام لتبقى الإجابة غير حاسمة.
وشارك في فئة الأفلام القصيرة، فيلم “أمبيانس” للمخرج الفلسطيني وسام الجعفري، والذي حاز على المركز الثالث لفئة الأفلام القصيرة من “سيني فنديسيون” في مهرجان كان الدولي في دورته الـ72.
وعبر حكاية شابين يحاولان تسجيل مقطوعة موسيقية في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، تتداخل أصوات الحياة اليومية المختلفة في المخيم لتهيمن على المشهد، وسرعان ما تتحول الحكاية إلى لوحة تعريفية عن شخصيات المكان من أمهات وأطفال وشباب.