رفيق الصبان:عن الذين يفتحون الطاقات

خبر صغير منشور في زاوية صفحة السينما بجريدة الاهرام عام 2001، لا اتذكر الشهر تحديدا ولا صيغة الخبر الكاملة، ما اتذكره هو ان هذه السطور الخمسة التي اشعلت حماسي كانت سببا في تغيير مسار حياتي بأكمله.

كان الخبر يعلن عن فتح باب التقديم لدراسة دورات حرة في النقد السينمائي وكتابة السيناريو وذلك ضمن نشاط جمعية كتاب ونقاد السينما التي كان يرأسها في ذلك الوقت الناقد محمد صالح ويديرها فعليا الناقد الأمير اباظة.

كانت قيمة الاشتراك في الدورة الواحدة التي تستمر لثلاثة شهور 150 جنية وهو مبلغ كبير نسبيا بالنسبة لمقاييس تلك الفترة، كنت في الثانية والعشرين من العمر ومهتما جدا بدراسة السيناريو وذلك بعد أن انهيت- اعتمادا على محصلة دراسية ذاتية- كتابة اول سيناريو طويل قمت باقتباسه عن رواية “الساكن والمسكون” للكاتب إلهامي عمارة والتي سبق لها وان فازت بجائزة أحسن رواية عام 95.

لكن كانت ثمة رغبة أخرى تراودني بخصوص دورة النقد، لازلت مؤمنا بأن كل كاتب جيد هو رغما عنه ناقد جيد بالضرورة، وذلك بالمفهوم الأشمل لعملية النقد القائمة على قراءة العمل وتحليله واستخلاص الخبرات الأبداعية منه مهما كانت رداءته أو على حد قول نجيب محفوظ (من عرف ما لا يفيده فقد عرف ما يفيده).

أدركت بوعي فطري أنني ككاتب يجب أن اتعلم كيف انفصل عن ذاتي كي أعيد قراءة العمل الذي انتهي من كتابته برؤية وتحليل الناقد، كما أن علي أن اتعلم كيف اعتصر الأفلام والكتب كي امتص روحها العميقة وازيد بها من قوتي الوجدانية وحساسيتي تجاه الحياة والواقع والخيال.

لم يكن قد مضى على تخرجي سوى عام واحد بعد أن قضيت خمس سنوات في كلية الأداب أدرس مواد لا أحبها واتفوق في مجالات أصور لنفسي أنها سوف تفيدني فيما بعد ككاتب، ومثل اي مثقف عاطل ومدرك لقيمة البطالة التي يعيشها استغليت هذا العام في التهام أكبر عدد من الكتب والأفلام وحضور المهرجانات المحلية القليلة واسابيع الأفلام غير المنتظمة بالإضافة إلى التصدي لكتابة السيناريو الأول سالف الذكر.

صارحت أمي برغبتي في دراسة كلتا الدورتين (السيناريو والنقد) رغم ارتفاع تكلفتهما النسبي، لم تمهلني أن القي عليها محاضرة طويلة بخصوص أهمية دراسة النقد بالنسبة لكاتب السيناريو، بل وافقت سريعا وعندما ابديت تحرجي من ارتفاع التكلفة قالت لي كلمة واحدة (ولا يهمك).

الطاقة الأولى

كانت دورة النقد تنقسم إلى عدد من المحاضرات أو لنقل جلسات النقاش، والتي يديرها اربعة نقاد من توجهات نقدية مختلفة، د.رفيق الصبان واستاذ طارق الشناوي ود. نبيل راغب الذي كان عميد معهد النقد الفني في ذلك الحين، واستاذ فتحي العشري الذي كان رئيسا لصفحة السينما بالاهرام وقتها وواحدا ممن كنت أحرص على قراءة مقالاتهم الأسبوعية.

جاء اختيار د. رفيق كأول محاضر اختيارا موفقا للغاية، فابتسامته الدائمة ونظرته الواسعة التي تتمكن من احتواء اي آراء سفيهة او اسئلة سمجة أو تعليقات خارج محلها استطاعا خلال خمس دقائق فقط من بداية الجلسة أن يوحدا نفوسنا المختلجة واذهاننا التي تأتي من خلفيات ثقافية وتعليمية مختلفة.

وكان اسلوبه الهادئ الذي يجمع في لغته ما بين الفصحى والعامية المصرية المختلطة باللهجة الشامية يجعل تأثيره في الشرح والتحليل وتلقين المعلومة وكأننا في احد دروس الصوفية حيث يجلس الشيخ وحوله مريدوه فيرتقوا بأرواحهم كلما ارتقى هو في حديثه من مقام لمقام.

لا اذكر من رفقاء هذه الجلسات سوى المخرجة الشابة آيتين امين التي بدأت صداقتنا معا منذ ذلك الوقت واستمرت إلى يومنا هذا، وكانت قد أتت هي الأخرى من منطلق نفس الفكرة التي جاءت بي لدراسة النقد وهي الإرتقاء بذائقتها السينمائية وتحسين قدراتها على قراءة وتحليل الأفلام.

منذ الجلسة الاولى استطعت أن اتبين سريعا منهج د. رفيق في التعامل مع النقد بشمولية راقية فلم يكن النقد بالنسبة له مجرد الوقوف على سلبيات وايجابيات الفيلم من زاوية النظرية والتطبيق بل هو موقف وجداني وذهني من المادة البصرية والدرامية المعروضة، وكيف يمكن أن نتذوق لنستمتع لا لنصدر احكاما قاطعة.

كان تعريفه للنقد مبسطا وشديد العمق في نفس الوقت حين قال لنا انه (محاولة لقراءة الفيلم) وشدد على مصطلح “المحاولة”، أولا كي يطمئننا كهواة ومبتدئين في مجال التذوق السينمائي-ولا أقول النقد- أن كل رأي طالما مبني على اساس علمي ومنطقي فهو جيد ويحتمل النقاش وثانيا كي يؤكد لنا أن ما يقوله عن الأفلام ليس حكما قضائيا ولكنه واحد من زوايا كثيرة يمكن أن تتحقق القراءة والتحليل من خلالها.

كانت تلك أولى الطاقات الهامة التي فتحها لي الأستاذ عبر تلك الجلسات التي كانت تتجاوز الأربع ساعات كل اسبوع،  كان يحدثنا عن المقطوعة الموسيقية الفلانية التي استخدمها المخرج في سياق الدراما عبر الرجوع بنا إلى مؤلفها وعصره الموسيقي ثم يربطها بالدلالة التعبيرية التي ربما يقصدها المخرج في هذا الموضع او ذاك من فيلمه، كانت لقطة واحدة للوحة في خلفية أحد المشاهد كفيلة بأن نتحدث عنها لبعض الوقت وعن رسامها ومدرسته الفنية ولماذا قام المخرج هنا بجعلها خلفية لتلك اللقطة بالذات.

استطيع أن اختصر السياقات الأساسية التي تلقيتها انذاك على يد د.رفيق في:

أولا: الانتباه جيدا لموقع الفيلم في مشوار صناعه، خاصة ما يسبقه مباشرة وما يليه أن وجد، ولو ان الفيلم تجربة أولى فأن التركيز الأساسي يصبح محاولة الوقوف على العناصر التي تأثر بها المخرج من تاريخ السينما او مدى طزاجة وأصالة افكاره ورؤيته للعالم عبر الكاميرا.

ثانيا: عدم مشاهدة اي فيلم وثمة احكام مسبقة تترسب داخل الناقد بل أن جزء من عمله أن يفسح وجدانه تماما لتلقي الفيلم قبل أن يبدأ في اعمال خبراته الثقافية وتراكماته الأنفعالية والتي تفور تدريجيا مع الخوض في تفاصيل الصورة ودراماتيكيتها.

ثالثا: السينما هي أحدث الفنون البصرية والدرامية في التاريخ البشري وبالتالي من غير الممكن على المتذوق أو الناقد أن يقف على بواطن التجربة الفيلمية دون المام واسع ومستمر بكل الفنون التي سبقت السينما من المسرح إلى الرواية مرورا بالشعر والفن التشكيلي بل وفنون العمارة والهندسة.

رابعا: اللغة هي وسيلة الناقد في التعبير عن افكاره التي تتراص في داخله عقب فعل المشاهدة والذي يستمر عبر الذاكرة بعد انتهاء الفيلم، فالناقد يستعيد الفيلم عند الكتابة عنه وكأنه يعيد مشاهدته ذهنيا، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من استخدام الناقد تعبيرات شعرية ومحسنات بديعية في محاولة لمحاكاة الشعور الذي يعتمل في نفسيته للتعبير عن جماليات الصورة أو وقع الدراما وتأثيره.

وقد كانت تلك احد نقاط الخلاف الدائمة مع د.رفيق من قبل عدد من النقاد الذين كانوا يجدون في لغته زخرفة لغوية أكثر مما تحتمل جدية التحليل وصرامته، ولكن كان الصبان يتعامل مع المقال وكأنه حاله من حالات النص الادبي الذي يحتمل لغة فخيمة وتشبيهات ملونة وبراقة.

قد تبدو تلك السياقات الأن بديهية بالنسبة للمحترفين ولكنني استرجعها للتأكيد على قوة تأثيرها النفسي والذهني على وجداني في تلك الفترة المبكرة.

الطاقة الثانية

التمرين العملي هو المحك الحقيقي في تلك الدورات حيث كان سلاحا ذو حدين، الاول هو تقييم كم الحساسية التي تتوافر عليها نفسيه الدراس وهل لديه الامكانيات النفسية والذهنية كي يتطور بشكل احترفي ليصبح ممارسا للنقد ذات يوم، والثاني هو الوقوف على حجم الأستيعاب والتراكم الثقافي والوجداني الذي احدثته الجلسات في مجموعة الدراسين، اي حجم الأستفادة المباشرة والغير مباشرة.

وقد طلب مننا د. رفيق وقتها كتابة مقال عن أي فيلم نختاره عربي أو اجنبي، قديم أو حديث حتى لو كان لا يزال في دور العرض، ساعتها علق الناقد الأمير اباظة والذي كان يحضر الجلسات عن بعد أن د. رفيق (ما بيفوتش فيلم) وكان ذلك سياقا أخر من سياقات التتلمذ على يد هذا الرجل، أن تتحول من مجرد متفرج يذهب إلى السينما مع الأصدقاء أيام الخميس إلى متابع محترف لا يفوتك اي فيلم ينزل إلى دور العرض في المدينة التي تقيم فيها وسواء كان هذا الفيلم ينتمي إلى ارقى تجارب السينما العالمية أو إلى السينما المحلية في ارداء انتاجاتها.

 كتبت مقالا طويلاعن فيلم”المنسي” لشريف عرفه ووحيد حامد وكان بعنوان “المهمشون وسيكولوجية الحوار بين الطبقات” لم أكن انوى وقتها ان اتحول من مشروع سيناريست إلى مقدمات ناقد، كتبته بكل الطاقة العفوية التي تراكمت بداخلي عبر سنوات التثقيف الذاتي والمدرسة السينمائية الداخلية التي الحقت نفسي بها.

لازلت اتذكر وجه د. رفيق وهو يستمع لي وانا اقرأ المقال وسط الجلسة بصوت يحاول أن يبدو متماسكا من شدة الخجل والتوتر، كانت ابتسامته الأبوية تزداد اتساعا فقرة بعد اخرى وعيناه تشجعني أن استمر في القراءة، في واحدة من الفقرات نظر إلى الأمير اباظة وقال له “ملاحظاته في منتهى الذكاء” اتذكر أنه قالها عندما ربطت بين اسم يوسف وهو اسم شخصية عادل امام في الفيلم وبين فكرة احلام اليقظة التي يعيش فيها وتساعده على اجتياز واقع يومي كئيب ومضنى.

أنهيت القراءة لأفاجأ به يقول (منذ سنوات لم استمتع بمقال نقدي لشاب صغير مثلما استمتعت بمقالك اليوم).

كانت تلك هي الطاقة الثانية التي يفتحها هذا الرجل “في وجهي” بالتعبير الدراج، اولا لقد اطلق على ما كتبته مقال نقدي اي أنه اعتبره بضاعة صالحة للقراءة، ثانيا كانت تعبيرات وجهه وتعليقاته التي تلت ذلك تدل على محاولة بث الثقة في نفسي انطلاقا مما كتبت، وليس مجاملة بحكم كوني حدى تلاميذه، ثم تلا ذلك مجموعة من النصائح الهامة:

لقد ركزت تحليلك على السيناريو وتفوقت في قراءة دلالات الفيلم واسلوبه ثم كتبت بضع فقرات عن الأخراج لم تأت في مستوى التحليل الدرامي للفيلم، عليك أن تهتم بدراسة الجانب التقني حتى تتمكن من تفعيل رؤيتك الجيدة في كافة جوانب الصورة ولكن هذا لا يمنع لو اردت أن تكتفي بتحليل السيناريو فأنت تجيد ذلك بدرجة كبيرة.

هذا الفيلم مقتبس من فيلم ايطالي- لا اذكر اسمه الأن- وهي عادة وحيد حامد في كثير من افلامه إلا أنه يتمكن بحكم موهبته الفذة أن يقوم بتسييل المادة الدرامية لأي فيلم يشاهده ثم يصبها في قالبه المصري الخالص والخاص جدا حتى أن صاحب الفيلم الأصلي قد لا ينتبه إلى انه يشاهد فيلمه مقتبسا في نسخة مصرية، فثقافتك السينمائية إذن ينقصها مشاهدات كثيرة كي تستطيع أن تقف على اصول الأفلام وحركة التيمات والأفكار التي تنتقل من هناك إلى هنا أو من هناك إلى هناك أيضا.

راحت الطاقات تتفتح في ذهني حتى أنني لم اعد قادرا على تحمل هذا الكم من النصائح والخبرات الكثيفة والمهداة إلى كمكافأة على المقال الاول، ثم أخيرا مد يده ليربت علي وقال لي: انت حتكون ناقد كويس قوي في يوم من الأيام.

طاقة مستمرة

لم اعد اذكر عدد المرات التي التقيت فيها بدكتور رفيق بعد هذه الدورة، كنت قد قررت بمجرد أن انتهيت منها ان اقوم أنا نفسي بتنسيق دورة جديدة عبر الجمعية تضم فقط د. رفيق والشناوي على اعتبار أن كلاهما ينتميان لمدارس نقدية تبدو مختلفة في ظاهرها لكنها في الحقيقة تكمل بعضها على مستوى المنهج والقراءة والرصد خاصة فيما يتعلق بالسينما المصرية.

توقفت مشروعات الكتابة للسينما بسبب هيستريا الأفلام الكوميدية وموجة اللمبي والصعايدة ثم موجة الأكشن انطلاقا من فيلم مافيا، اتيحت لي بعدها فرصة أن اكتب عمودا اسبوعيا في جريدة القاهرة عن فكرة طالما روادتني كثيرا وهي شرح مصطلحات التيتر للمتفرج والقارئ غير المتخصص كنوع من التثقيف السينمائي.

كان د.رفيق يكتب مقالة الأسبوعي المتنوع في نفس الجريدة بالاضافة إلى مقال اخر في اخبار النجوم، وكنت سعيدا بأنني أنشر معه في نفس الجريدة ليس لاعتبارات التحقق والنجاح ولكن لأن استاذي سوف يتاح له أن يقرأ ما اكتب باستمرار.

اذكر انني التقيت به بعدها عقب احد عروض المركز الثقافي الروسي، لم نكن قد التقينا منذ فترة طويلة نظرت إليه وابتسمت وقلت له: فاكرني

فابتسم وقال لي :طبعا ازيك يا حبيبي..

قلت له : ايه رأيك ؟ متابعني؟

فقال : طبعا، ممتاز جدا شد حيلك.

هكذا كنت احرص على ان اطمئن على المستوى الذي وصلت إليه من هذا الرجل تحديدا دونا عن بقية اساتذتي ربما باستثناء محفوظ عبد الرحمن الذي كانت علاقاتي به أقرب للأبوة الحقيقة منها للأبوة الروحية التي كان يمثلها الصبان.

 كنت أرى في د. رفيق نموذج الناقد الشاب بكل ما تعنيه الكلمة من معان التجدد والطزاجة والدأب والمثابرة والحرص على الأطلاع على كل ما هو جديد في السينما والمسرح، اذكر اننا التقينا في حلقة لاحد برامج التليفزيون قبيل توزيع الأوسكار قبل عامين، كنت اتصور انني شاهدت العدد الاكبر من الأفلام المرشحة ولكني فوجئت أن د.رفيق وكانت وعكته الصحية الأخيرة قد بدأت قد شاهد كل الافلام المرشحة في كل الفروع الرئيسية تقريبا، كان الجو باردا والتصوير خارجي في حديقة التليفزيون وكانت التسجيل قد تأخر لساعة كاملة ورغم ذلك ظل على تماسكه ولم يعلن عن غضبه، استقبلني بابتسامته الحانية واسر لي بهدوء أنه متضرر من الجلوس لهذه الفترة الطويلة لكنه لا يريد أن “يعمل مشاكل” وبمجرد أن بدأنا التصوير تحول إلى طاقة كلامية وتحليلة رائعة حتى انني كنت انسى في بعض الاحيان انني ضيف مثله في الحلقة يجب أن أتكلم أنا الأخر واروح انصت لما يقول بشغف وكأنني عدت عشر سنوات

إلى الوراء جالسا أمامه في مقام الطالب على مقعد الدرس الاول.

يبقى أن اشير ان رفيق الصبان استطاع هو ورؤوف توفيق أن يحققا تلك المعادلة الشائكة في ان يطرحا انفسهم كنقاد”كبار”وككتاب سيناريو مخضرمين واصحاب رؤية وحساسية خاصة، بالنسبة لي كلما كنت ابتعد تدريجيا عن ارض السيناريو واخوض في آفاق النقد الانهائية اعود لاتذكر أن لي استاذة استطاعوا ان يجتازوا المغامرة الكبرى محتفظين بضمائرهم النقدية نظيفة وبأفلامهم مختلفة وناصعة الفكر والأبداع.

لا احب أن اشير إلى الراحلين من الاساتذة الكبار بفعل الفقدان، فالفن لا يفقد ابدا كل من ساهم في اثرائه بكلمه أو صورة او مقال، فكما يمنح الفن لأسمائهم الخلود يمنحنوه ذلك التجدد والأستمرارية عبر ما تركوه من ابداعات ورؤى.

الذين يفتحون الطاقات تظل ملامحهم تطل علينا من خلفها كلما مررنا بها أو نفذنا منها او توقفنا قليلا امامها كي نتفكر في احوالنا لو لم نلتقي بهم ذات يوم. 

ملحوظة: تجدر الإشارة إلى ان عنوان الشهادة مأخوذة عن سطر شعري للشاعر اللبناني الكبير عباس بيضون.

Visited 47 times, 1 visit(s) today