تأملات في سينما الزمن الجميل أوراق عن أفلام ونجوم ذهبية!
(1)
أعتبرت دوما فيلم “على من نطلق الرصاص” حالة ناضجة تماما لما نطلق عليه الفيلم السياسى، إذ يطرح الفيلم الذى كتبه رأفت الميهى وأخرجه كمال الشيخ فكرتين جريئتين تماما، وفى وقت مبكر جدا (منتصف السبعينات من القرن العشرين)،الفكرة الأولى هى نهاية حلم ما يسمى بالتجربة الإشتراكية الناصرية، ما نراه من علاقات هو مجتمع آخر تماما، يقوم فيه الأقوى والأكثر سلطة (جميل راتب) بقتل الأضعف (مجدى وهبة)، وانتزاع خطيبته، والإقتران بها (سعاد حسنى)، بل إنه يقتل المئات ببناء مساكن شعبية غير مطابقة للمواصفات، حالة متكاملة للفساد (تكررت فيما بعد فى أفلام الإنفتاح) يكاد تقول إن المجتمع تحول الى غابة للأغنى والأقوى، طرح كهذا وقتها كان خطيرا وتنبؤيا إذا جاز التعبير.
أما الفكرة الثانية الأكثر خطورة، فهى أن الفساد من أعلى سيؤدى الى العنف والإرهاب من أسفل ( محمود ياسين لا يجد حلا سوى محاولة قتل جميل راتب، ويدفع محمود ياسين حياته ثمنا لذلك)، والمذهل أن هذه الفكرة تحققت فيما بعد، إذ أدى انتشار الفساد الى تغذية بؤر العنف الإرهابى الذى ارتدى قناع الدين، وقد ناقش وحيد حامد هذه المأساة، وقدم لها تحليلا بارعا وعميقا فى فيلم “طيور الظلام” وفيلم “دم الغزال”، ولكن أصل الفكرة تجده عند الميهى فى “على من نطلق الرصاص”: الفساد هو أفضل بيئة لظهور الإرهاب.
أهمية هذا الفيلم لا تتوقف عند افكاره الخطيرة، ولكنها تمتد أيضا الى المعالجة الدرامية البوليسية المحكمة، التى حققت هدفين مزدوجين: التشويق، وإخفاء المضمون السياسى، كما أن تميز الفيلم يمتد الى الأدوار غير التقليدية التى لعبها محمود ياسين وسعاد حسنى، الأول مناضل يائس والثانية زوجة مخدوعة تعيد اكتشاف زوجها المجرم، وبدلا من أن تقتله فى النهاية، تتركه وتغادر المستشفى، لأن ذلك يؤرق المشاهد، ثم تظهر لمبة الإسعاف الحمراء لتغلق القوس بعد أن افتتحت الفيلم: احذروا من زمن الحيتان القادم، واحذروا من العنف المضاد، طبعا لم يحذر أحد فتحقق ما تنبأ به الفيلم، وبصورة أكثر رعبا وكابوسية.
(2)
يمثل فيلم “قلب الليل” لعاطف الطيب، إحدى أكثر المحاولات طموحا لتقديم أفكار نجيب محفوظ الفلسفية من خلال فن السينما، حاول السيناريست محسن زايد أن يعكس فكرة الرواية التى تحمل نفس الاسم، جعفر الراوى (نور الشريف) لا يمثل شخصية عادية، إنه معادل الإنسان المتمرد على واقعه، يقوم الجد (يؤدى دوره هنا ببراعة فريد شوقى) بطرد حفيده المتمرد من جنته، الطرد من البيت الكبير هو مجاز محفوظ الأشهر والمتكرر للتعبير عن بدء مأزق الوجود الإنسانى، الاختيار أدى الى الطرد، الآن على جعفر أن يدخل فى مرحلة التيه العظيم: ما بين مروانة راعية الغنم (هالة صدقى) التى تمثل الجسد والغريزة، وهدى هانم (محسنة توفيق) التى تمثل العقل ، يستمر تخبط جعفر الوجودى، تنويعة جديدة على حيرة سيد الرحيمى الوجودية بين جسد شادية وقلب سعاد حسنى (راجع فيلم الطريق)، ومثلما ينتهى سيد الى القتل بعد أن ضل الطريق، فإن جعفر حفيد الجد المتصوف يقتل أيضا، بل إن الفيلم يحوّله الى ملتاث، اختلطت فى عقله كل النظم والأفكار الحالمة عبثا بحياة عادلة ومتوازنة، ربما كانت مشكلة جعفر أنه لم يكتشف أن مأزق الإنسان فى داخله، فى حيرته بين العقل والغريزة، بين قدره وحريته، وبين قدرته ورغباته، وهو مأزق يستعصى على الحل، رغم جسارة جعفر العظيمة، بحثا عن ضوء فى قلب ليل الوجود البهيم.
يدهشنا أن محسن زايد وكل أبطال الفيلم ومخرجه استوعبوا مغزى رواية محفوظ الصعبة، يمكنك مثلا أن تلاحظ هيئة وحركة وإضاءة الجد غير الواقعية فى كل مشاهده القليلة، لاحظ تلك المسافة التى تفصله دوما أثناء الحوار مع حفيده المطرود من الجنة، انظر الى لحيته البيضاء المهيبة وكلماته التى تصاغ فى صورة أوامر محددة، الفكرة صعبة، ولكن الفيلم نجح على الأقل فى أن يجعل مشاهده قلقا، لا يستطيع أن يستريح، قلق جعفر ينتقل الى المتفرج، حتى لو لم يفهمه، الطيب ينتقل هنا الى ما يمكن ان نطلق عليه “الواقعية الرمزية”، ويقدمها بمستوى إحترافى شديد الوعى والطموح، كل الممثلين كانوا فى أفضل حالاتهم، الإضاءة أوحت بعالم آخر مواز فى البيت الكبير، الديكور ايضا كان مميزا ومعبرا سواء فى أماكن مروانة أو فى قصر هدى، حتى الأفيش كان رائعا ومستوعبا لمعنى الحكاية: جعفر فى صرخة وجودية لا تنتهى على خلفية سوداء، وكأنه يصرخ فى الجد الذى يحتل أعلى الأفيش،وأسفل جعفر وجوه ضاعفت من حيرته، لقد هبط الإنسان مطرودا على الأرض، ليواجه بمفرده ليل الحيرة والشر، وليس أمامه إلا أن يستمر حتى النهاية، هذا هو معنى الفيلم الهام الذى يستحق مكانة أعلى بكثير مما وضعه فيها شباك التذاكر، أو حتى آراء بعض النقاد. لو كانت هناك خمسة أفلام فقط هى الأفضل فى مسيرة المخرج عاطف الطيب، فلابد أن يكون من بينها “قلب الليل”.
(3)
تمتلك مارى منيب حضورا سينمائيا ومسرحيا مكتسحا أعطاها الفرصة لكى تحوّل شخصية الحماة الى نموذج كاريكاتورى مسجّل باسمها، لم تكن أول من لعبت الشخصية فى السينما، فقد سبقتها مثلا زكية إبراهيم التى تخصصت فى دور حماة عثمان عبد الباسط فى أفلام على الكسار، ورغم أن الشخصية كوميدية، إلا أن ملامح زكية الصارمة، وكثيراً من الحدة فى الأداء، جعلا الحماة المضحكة أكثر ارتباطا بأداء مارى منيب، بل إن وجود كلمة حماة فى عنوان أى فيلم يعنى أنه من بطولة مارى منيب: (حماتى قنبلة ذرية)، (حماتى ملاك)، (الحموات الفاتنات).تمتلك مارى قدرة طبيعية على الإرتجال، دعمتها من خلال مشاركتها فى فرقة على الكسار، ثم فى فرقة نجيب الريحانى، بالفطرة وحدها تقدم ما يقترب من العرض المنفرد: استخدام الصوت، وتقطيع الجمل، والضغط على كلمات معينة، وحركة الأيدى والأصابع، والطريقة التى تمشى بها، أو تستخدم بها جسدها البدين، كل ذلك يتم بصورة تلقائية، ثم يأتى التوقيت الذى يلقى به “الإفيه” حتى يحقق تأثيره الضاحك، خبرة مسرحية أضيفت الى موهبة خارقة صنعا معا ظاهرة مارى منيب.
شخصية الحماة كما جسدتها مارى منيب تسبب الكوارث، لكنك لو تأملت قليلا لأدركت أنك أمام إنسانة تعانى من الوحدة، لم تعش حياتها، لا مانع أن تتصرف بطريقة متصابية للحصول على عريس، رغم أنها أقسمت على عدم الزواج بعد وفاة المرحوم، تلك التفصيلات الإنسانية الصغيرة هى التى جعلت الحماة أكثر قربا من المتفرج، الضحك ينبع بالأساس لأن الحماة أقرب من أن تكون الى طفلة كبيرة تحاول أن تكايد أو تغيظ زوجة ابنها، يختلف هذا النموذج جذريا عن الحموات الشريرات الصريحات كما قدمت أدوارهن علوية جميل مثلا أو دولت أبيض .
لا يمكن أن تكره الحماة مارى منيب لأنها بصورتها وشكلها وتصرفاتها شخصية كارتونية بامتياز، وجديرة بأن تكون إحدى بطلات القصص المصورة (الكوميكس).
(4)
يذكّرنى فيلم “الخيط الرفيع” بالأفلام الفرنسية التى لا تقوم على حبكة تقليدية، بقدر ما تعتمد على رسم شخصيات وتقديم تفصيلات صغيرة عن مشاعر إنسانية، ليس غريبا أن يتحقق ذلك فى سيناريو كتبه يوسف فرنسيس، المتابع الجيد للسينما الفرنسية وأفلامها، ولكن قصة إحسان عبد القدوس، والحساسية العالية التى يمتلكها هنرى بركات فى إدارة ممثليه، ساهمتا أيضاً فى تقديم دراما متقنة، تقف على حدود الخط الفاصل بين رومانتيكية عذبة، وواقعية جريئة، يضاف الى كل ذلك بالطبع، عودة فاتن حمامة الى السينما بهذا الفيلم المختلف، بعد سنوات من الغياب خارج مصر (مع زوجها عمر الشريف فى باريس و لتصوير أفلام فى بيروت).Top of Form
المسافة هائلة بين شخصية منى التى لعبتها فاتن فى “الخيط الرفيع”، والشخصية المستكينة التى لعبتها مثلا فى فيلم “حكاية العمر كله”، منى امرأة قوية الشخصية، دفعها فقرها الى بيع نفسها لأحد الأثرياء (صلاح نظمى)، امتلكها مثل سلعة، الآن عندما تقع فى حب شاب (محمود ياسين)، لن تستطيع منى أن تكتشف الخيط الرفيع بين الحب والتملك (تماما مثل صديقها الثرى)، ستمارس مع الشاب لعبة الإستحواذ، وخصوصا أنه يعتبر أن تنازلها من أجله، لا يجعلها جديرة بأن تكون زوجته، رغم أنها هى التى حققت له النجاح، شخصية الشاب ضبابية قليلا، فهو مزيج بين الرجل الإنتهازى، والإنسان الذى يرفض القيود، عندما تمزق منى ملابسه، وتشتمه فى المشهد الأخير، تعبر فاتن ببراعة عن لحظتين فى منتهى التناقض: امرأة ضعيفة وحيدة تثير التعاطف تخلى عنها رجلها، وسيدة قوية صارمة قررت أن تحطم اللعبة التى اشترتها.
لم تقدم السينما المصرية كثيرا هذه النوعية من الأفلام التى لايمكن حكايتها، لأنها ببساطة عبارة عن مشاعر وتفاصيل مضطربة ومتناقضة، ولا يمكن أن تصل إليك إلا بمشاهدتها، لم تكن المشكلة فى أن تحب منى شابا، كانت المشكلة فى خيوط رفيعة سقطت بين أدوار الحبيبة والعشيقة والزوجة، وخيوطا أخرى تاهت بين صورة المرأة أمام نفسها، وصورتها أمام المجتمع، وليس هناك مثل هنرى بركات من يستطيع أن يقدم ذلك بنعومة مدوية إذا جاز التعبير، فقد أثار الفيلم جدلا هائلا بعلاقاته الغريبة، وبحواره الجريء، وبجملة السباب الأخيرة التى أطلقتها فاتن، ولكنه كان نقطة تحول هائلة فى أدوارها خلال سنوات السبعينات بالتحديد.
(5)
من المفارقات أن حلم عبد السلام النابلسى القديم هو أن يقدم تراجيديات تشبه تراجيديات مسرح رمسيس وبطله/ مثله الأعلى يوسف وهبى، ولكنه بدا باهتا تماما سواء فى الأدوار الجادة، أو فى ادوار الشر السينمائية الأولى (دوره فى فيلم العزيمة مثلا)، ولم يكتشف نفسه، ويكتشفه الجمهور، إلا بعد تبلورت شخصية الإرستقراطى الكاذب على يديه: شخص متأفف طوال الوقت، ناقم على الظروف التى لم تضعه فى مكانه، رغم ما نراه من تواضع مواهبه، الشخصية تعيش فى عالم خيالى تقريبا، ومن خلال بعض السيناريوهات الذكية، اصبحت الشخصية أفضل صديق للبطل، تحقق التوازن الكوميدى مع الرومانسية الغنائية، وتزيد من تقديرنا للبطل نفسه لأنه متواضع وعاقل وواقعى، بينما صديقه خيالى و”لاسع”، لا أتفق مع الراحل محمود السعدنى الذى كان يرى أن النابلسى ممثل مفتعل الأداء، الحقيقة أنه كان يؤدى “شخصية مفتعلة”، وليس هو “الممثل المفتعل”، والفارق كبير جدا، بل إن أحد اسباب نجاح النابلسى أنه كان يصدّق افتعاله، ومؤمن بأن الشخصية التى يلعبها مهضومة الحق، ومغبونة التقدير.Top of Form
أدوات النابلسى فى الأداء لا تخلو من الإرتجال، من النادر أن يحفظ الحوار المكتوب، كان يفهم المعنى فقط، ثم يقوله بطريقته التى تمزج المصرى بالشامى، والعامى بالفصيح، كما كان يختار ملابسه وقمصانه، ويحدد إيقاع الجملة ببطء مع حركة الرأس المتعالية، لم يتغير ذلك أبدا، ولكن الشخصية أخذت حياتها الخاصة، يقال أنه كان شخصيا لديه هذا الطبع المتأفف، لدرجة أنه عندما كان مفلسا، وكثيرا ما كان كذلك فى بداية حياته الفنية، اختار أن يسكن على سطوح بناية فى الزمالك، حتى يقول لكل من يسأله إنه يعيش فى الحى الراقى.
تتنوع المهنة (سائق تاكسى، مدرس ابتدائى، صاحب محل عصافير، مخبر سرى، مصور صحفى)، ولا يتغير الأسلوب المتعالى فى الكلام، اختفت الشخصية مع وفاة النابلسى، استلهم محى اسماعيل حركاتها فى دور الشاب المتزمت فى “خللى بالك من زوزو”، واستلهم محمد أبو الحسن بعض أدواتها فى القليل من أدواره، ولكن محمد صبحى بعثها بإضافات كثيرة مختلفة عندما قدم شخصية على بيه مظهر المقتبسة أصلا من المسرحية الأمريكية الشهيرة “عاشق المظاهر”، ولكن ظل الصك الأصلى الأول للشخصية مرتبطا بالظريف عبد السلام النابلسى.
(6)
أعلن فيلم “زوجتى والكلب” عن مولد مخرج من أهم مخرجى السينما المصرية هو سعيد مرزوق، ومازال هذا الفيلم يحتل مكانه عن جدارة حتى اليوم فى قائمة أفضل أفلامها على مرّ العصور، يرجع ذلك فى رأيى الى تعبيره البصرى الفذ عن مشاعر داخلية، بل إنك يمكن أن تلخص “زوجتى والكلب” فى عبارة واحدة مكثفة بأنه “دراسة بصرية بالأبيض والأسود ودرجات الرمادى عن الشك”، هواجس لا فكاك منها تمكنت من رجل له مغامرات نسائية سابقة فى عروسه التى غادرها الى العمل فى فنار بعيد، لاشئ آخر فى الفيلم سوى هذه العذاب الداخلى فى عقل مرسى (محمود مرسى)، والتفنن البصرى فى تجسيده بصورة عبد العزيز فهمى، ورؤية سعيد مرزوق (هو أصلا فنان تشكيلى).
المعالجة السينمائية إذن هى سبب تميز الفيلم، وليس موضوعه الذى يمكن علاجه بصورة تقليدية، فتنشأ ميلودراما مزعجة، وعندما نقول معالجة “سينمائية” فإن التعبير هنا حرفى وليس مجازيا، بمعنى أن هذا الفيلم “مكتوب بالصورة” وليس بالحوار مثل معظم الأفلام المصرية، واستخدمت فيه كل إمكانيات السينما فى مزيج مذهل الى درجة أنك تستطيع أن تستغنى عن جمل الحوار القليلة، ويمكنك أن تغلق مفتاح الصوت، فتصل إليك معاناة وأزمة البطل عبر الصورة كاملة، بينما من المستحيل أن تغمض عينيك عن لقطة واحدة، وإلا فاتك تفسير مأزق الشك والحيرة، الصعوبة أيضا فى هى أن الكاميرا تعجز عن التعبير عن المشاعر الداخلية، ما لم تتحول هذه المشاعر الى حركة أو فعل يمكن إلتقاطه، فما بالك بفيلم يدور داخل هواجس وذهن رجل مريض بالشك، ومع ذلك، فالتصرفات البصرية متنوعة: استغل مرزوق كل مفردات وعناصر الصورة، فبدا كل كادر مثل لوحة شديدة الثراء، لاحظ مثلا استغلال الكلوب فى حجرة الفنار، واستخدام السلالم الملتوية صعودا وهبوطا، واستغلال دخول وخروج الكلب من والى الكادر فى لحظات معينة، مع تنويعات لا نهائية فى أحجام وزوايا اللقطات، وعند كل تغيير تقول الصورة معان مختلفة، كما تلاعب السيناريو كيفما شاء بوجهات النظر الذاتية المتعارضة، ولا يقل شريط الصوت ثراء عن الصورة، ليس فقط باستغلال الموسيقى، ولكن ايضا بتوظيف الصمت والمؤثرات الصوتية، كل مشهد تقريبا يحتاج الى تحليل جماليات السينما فيه، بل إن الفيلم بأكمله يمكن تدريسه لطلاب معاهد السينما، كنموذج لتطبيق معظم القواعد النظرية، مع هامش واسع من الإبتكار الخلاّق.
فى مشهد النهاية، تتوالى لقطات قصيرة تعبر عن تشوش ذهنى لا فكاك منه، المشكلة إذن داخل الريس مرسى وليست فى زوجته، وأطراف اللعبة الثلاثة (محمود مرسى وسعاد حسنى ونور الشريف) ينجحون فى خلق الصراع، الذى نستطيع أن نصفه بأنه وهمى، تبلورت فى الفيلم كل ملامح عالم سعيد مرزوق، وأبرزه الدور المحورى للمرأة، إنها عمود كل فيلم من أفلامه، هى بؤرة الدراما وقلب الصراع، أما من حيث الشكل، فإن مرزوق يعتنى عناية كاملة بالتكوين (أحجام ومواضع الأشياء والأشخاص داخل الكادر)، مما يجعل صورته تقول أضعاف ما يقوله الحوار، لا مثيل لعين مخرج مثل سعيد مرزوق سواء فى أفلامه القصيرة العظيمة ( مثل طبول وأغنية الموت)، أو فى أفلامه الطويلة التى دخلت تاريخ السينما مثل زوجتى والكلب والخوف وأريد حلا والمذنبون.