المخرجة التونسيّة رجاء عمّاري: الجرأة هي التي تقود مسارِ الشخصيات والأحداث في أفلامي
سامية شابة في مقتبل العمر تصل الى فرنسا عن طريق البحر الهجرة السرية «حراقة»، كما يسميها التوانسة. تتمكّن من الوصول إلى عنوان عماد صديق شقيقها. ويعمل في مقهى بمدينة ليون الفرنسية. بعد بضعة أيام تترك سامية بيت عماد لتجد عملاً عند امرأة فرنسية إسمها ليلى، وبرفقة هذا العمل تبدأ معاناة الشابّة.
هذا ما تعرضه المخرجة التونسيّة الشابة رجاء عمّاري في فيلمها الروائي الطويل “جسد غريب”، الذي أنجزته بعد “الساتان الأحمر” و”الدواحة”.
عُرض الفيلم في مهرجانات تورونتو وبرلين ومهرجان مسقط، الذي اختتمت دورته العاشرة قبل وقت قصير، وفي مسقط بالذات كان لنا مع رجاء عمّاري هذا الحوار:
* رجاء، يتهمك البعض من العرب، وبالذات بعض الصحفيين والنقاد، بأنّك ِتصنعين أفلاما للغرب وتسعَين إلى استرضاء الجمهور الأوروبي والإنتاج الغربي، ويبرز ذلك، برأيهم، بوضوح في شريطك الأخير، إذْ يحتوي على كل ما يرغب المشاهد الغربي برؤيته في الفيلم العربي، بدءاً من الهجرة السرية، وغموض الحياة الجنسية وظاهرتي المثلية والتطرف الإسلامي…
** وهل أنا من اخترع هذه المواضيع أم هي موجودة في هذا العالم العربي بالفعل؟ ثمّ إلى متى سنظلّ نهاجم أي مخرج يعمل على مواضيع كهذه ونتهمه بالعمالة للغرب وبمعاداة العرب؟ لو كنت أسعى إلى استعطاف الجمهور الغربي والمنتجين الفرنسيين كنت سأصنع أفلاما ًتجارية تُعرض في صالات كثيرة، إذّاك كنت، على الأقل، سأستفيد ماديا وتزداد شهرتي بشكل أكبر ممّا تُحقّقه لي افلامي هذه. لكنّي، ورُغم كل ذلك، أهاجم وأُنتقد بعنف.
* اريد رأيك في المشهد الذي يجمع ليلى وسارة وعماد، فعندما تسخن سهرة تجمع الشخصيات الثلاثة بعد احتسائهم للخمر وبدئهم بالرقص وباقتراب أحدهم من الآخر، وعندما يبدأون في تبادل القبل فيما بينهم، وتبدأ ليلى بتقبيل سارة ينزعج عماد ويغضب..هل تعتقدين بأنّ هذا المشهد يكمن وراء رفض المشاهد العربي للفيلم؟
** عماد يغضب لإنّ رجولته، أو بالأحرى ذكوريته لم تتقبل هذا، ونموذج عماد هو ذاته، سواء ٌأكانَ عربيا ًأو أوروبيّاً، هو نموذج المثقّف الذكوري الذي يقبل لنفسه ممارسة الجنس مع امرأه أوروبية أكبر منه سناً، لغرض تصحيح وضعه وحصوله على الأوراق النظامية في الإقامة بفرنسا، كما أنّه لا يدّخر أي فرصة لممارسة الجنس مع اخت صديق عمره. شخصية عماد،هو كل رجل ذكوري عربي أو أوروبي أو أمريكي. الجرأة في افلامي هي ليست مجرّد الجرأة الجنسية والتعري، بل هي في السعي إلى تعرية المجتمعات المتخفيّة وراء عادات وتقاليد وشعارات، والجرأة هي أساس تتابع مسار الشخصيات والاحداث في أفلامي.
* فيلمك، بشهادة الجميعلاغبار عليه فنيا، ولكن موضوعه لم يتمكّن من استمالة بعض ضيوف المهرجان، ولم يحصل في الختام إلا على إشادة تثمينيّة..
** انا سعيدة بتلك الإشادة، لأنّها جاءت ممّن يُحبّون السينما. أنا لم أُشارك في المهرجان بقناعة وترقّب من سيحصل على جائزة. تكفيني مشاركتي في مسقط وأنا سعيدة لانّها المرّة الأولى التي أزور فيها هذا البلد وأشارك في مهرجانه السينمائي، وقد أُتيحت لي فرصة التعرّف على ثقافة عربية لم أكن أعرفها من قبل. إضافة إلى ذلك دعني أُفصح لك بأنّ في مسقط مشاهد خارجية وطبيعة خلابة تستهوي أي سينمائي لتصوير فيلم، ناهيك عن لُطف الناس وابتسامتهم الدائمة في استقبال الغريب، وهو ما يُتيح للزائر فكرة جميلة عن طبيعتهم وتعاملهم. أعترف لك بأنّني لن أجد صعوبة في التفكير بالمجيء إلى هنا لتصوير فيلم في السلطنة. النساء قويات والعالم الرجولي العربي تفنّن في وضعهن على الهامش.
* لقد حضرت مهرجانات عديدة، وعرضت شريطك في مهرجانات دولية.عربية. وخليجية، فما هو رأيك بمهرجان مسقط بشكل عام؟
** المهرجان جيد، هناك أفلام جيدة وأفلام أقلّ جودة كما في كل المهرجانات في العالم، وأنا سعيدة بحضوري إلى مسقط، ولا أخفي لك استغرابي من جرأة المنظّمين في برمجة شريطي في المهرجان، خاصّة لاحتوائه على مشاهد قد تُعتبر جريئة، وهذا موقف يُحسب للمهرجان لشجاعته واستقلاليته في برمجه الأفلام.