الجدل مستمر حول الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي

نشر في بوابة اخبار اليوم يتاريخ 22 نوفمبر 2014

شن الناقد الكبير سمير فريد، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، هجوما عنيفا علي كل من طالبوا بضرورة التحقيق في الاتهامات التي وجهها له محمد يوسف مدير عام المهرجان السابق.


وسبق وأن تقدم محمد يوسف في شهر يونيو الماضي باستقالته رسميا اعتراضا منه علي ما أسماه شبهة إهدار المال العام بعد عدم التزام رئيس المهرجان، بقرار مجلس الإدارة الذي أوصي بأن يقوم المدير العام ورئيس المهرجان وهالة قدري بتوقيع الشيكات البنكية، خلال التحضيرات الخاصة بالدورة السادسة والثلاثين.



تلك الاتهامات أعيد فتحها من جديد خلال انعقاد الدورة التي انتهت الثلاثاء الماضي وتحديدا عقب الكوارث التنظيمية التي شهدها حفل الافتتاح، وخرج وقتها رئيس المهرجان ليصرح بأن وزير الثقافة صفع صحفيا علي وجهه عندما سأله عن حقيقة فتح تحقيق في هذا الأمر،.

إلا أن الوزير نفي واقعة “الصفع” في تصريحات صحفية أكد فيها أنه لا يوجد أحد فوق الحساب، وبغض النظر عن تهديدات رئيس القاهرة السينمائي للصحفيين خلال المؤتمر الذي عقده ضمن فعاليات المهرجان للرد علي تلك الانتقادات إلا أنه لم يرد من قريب أو بعيد علي أسباب استقالة يوسف والتي فندها في نص الاستقالة الموجهة لوزير الثقافة.



وقال الناقد سمير فريد، في تصريحات صحفية سابقة، إن ميزانية المهرجان بلغت 16 مليون جنيه ورفعنا شعار “التقشف”، وهو تصريح مثير للجدل خاصة وأن الرقم الذي ذكره يمثل أعلي ميزانية في تاريخ المهرجان، ومع ذلك لم ينجح في تحقيق ما هو أفضل من الدورات التي هاجمها في مقالاته سابقا بل إن إدارته فشلت في دعوة نجم عالمي يضفي بريقا علي المهرجان كما كان الحال في السابق.



هذا “التقشف” الذي تحدث عنه رئيس المهرجان لم ينعكس علي جميع القرارات التي أصدرها منذ توليه رئاسة القاهرة السينمائي، وربما أكثر تلك القرارات إثارة للجدل كان تشكيل وفد رسمي من إدارة المهرجان لحضور فعاليات مهرجان “كان” السينمائي الدولي وذلك لعقد عدة لقاءات مع صناع السينما واختيار مجموعة من الأفلام،.

وضم الوفد سبعة أسماء هم سمير فريد رئيس المهرجان ومحمد سمير المدير الفني وجوزيف فهيم مدير العلاقات الدولية وعصام زكريا رئيس لجنة اختيار الأفلام وأحمد ماهر مدير قسم كلاسيكيات الأفلام الطويلة وسعد هنداوي مدير قسم كلاسيكيات الأفلام القصيرة، وتم إصدار قرار منفصل برقم (65) لإضافة اسم سيد فؤاد مسئول برنامج “أفاق السينما العربية” الذي تقيمه نقابة السينمائيين علي هامش المهرجان، وذلك بالرغم من أن مهرجان “كان” ليس معنيا في الأساس بالسينما العربية ولا يضيف حضور سيد فؤاد لفعاليات “كان” شيئا لهذا البرنامج، بل وصرفت له الإدارة بدل سفر قدره 20 ألف جنيه وفقا لما نص عليه القرار.



وبناء علي ما سبق تحملت إدارة القاهرة السينمائي تكاليف سفر ستة أعضاء شاملة “الطيران والإقامة” أما رئيس المهرجان فقد دفعت جريدة “المصري اليوم” ثمن تذكرة الطيران الخاصة به “فقط”، بينما تم صرف بدلات متفاوتة لفريق الرحلة الذي كان يمكن اختصاره في فردين هما رئيس المهرجان ومديره فقط إذا كانت هناك نية صادقة للتقشف.



قرارات غريبة

المدهش أن سياسة “التقشف” التي اتبعتها إدارة المهرجان كشفت عن بند غريب في قرار السفر تمثل في المادة 6 من القرار والتي نصت علي صرف 5 آلاف يورو لرئيس المهرجان تحت حساب تكاليف الاشتراك في المهرجان وبطاقات الدخول والانتقالات الداخلية وغيرها من التكاليف – التي لم تحدد بدقة في المادة- ،وهذا بالرغم من أن الصحفيين المدعوين لأي مهرجان في العالم – وهو منهم- يحصلون علي “كارنيات” لدخول العروض ومشاهدتها دون دفع مليم واحد.



الغريب أن نفس البند تكرر أيضا في قرار سفر سمير فريد إلي مهرجان برلين السينمائي الدولي وبصحبته محمد سمير وجوزيف فهيم وتم صرف خمسة آلاف يورو أخري، وذلك طبعا بخلاف بدل السفر المخصص لرئيس المهرجان والذي بلغ 3 آلاف يورو في “كان” و2000 يورو في برلين.



ونشرت إدارة المهرجان في تلك الرحلة – علي سبيل التقشف- 3 إعلانات في مجلة فارايتي وهوليود ريبورتر وسكرين انترناشيونال للدعاية للمهرجان، والنتيجة من وراء هذا الوفد اقتصرت علي اختيار 5 أفلام فقط لتشارك في مهرجان القاهرة، كل هذا “التقشف” من أجل خمسة أفلام فقط.


لقد أعلن رئيس القاهرة السينمائي في مؤتمرة الصحفي أن الجريدة التي يعمل بها تحملت تكاليف سفره وهو كلام عار تماما من الصحة بناء علي المستندات التي حصلنا علي نسخة منها والتي كشفت عن أن الجريدة لم تتحمل سوي تذاكر طيران رئيس المهرجان فقط بينما الإقامة وبقية النفقات كانت علي حساب إدارة القاهرة السينمائي.

إن حديث رئيس المهرجان عن “التقشف” يبدو كمحاولة لتزييف الحقائق فوزارة الثقافة لم تبخل علي المهرجان بشيء وخصصت له ميزانية هي الأضخم في التاريخ بعد أن ألغي رئيس المهرجان دورة عام 2013 بحجة إعادة هيكلة المهرجان والتحضير الجيد وبالتالي تم دمج ميزانيتي 2013 و2014 ولكن تلك الميزانية الضخمة لم تنفق علي استقدام ضيوف يضيئون المهرجان ولم تنفق علي الدعاية السياسية لمصر بل انفق جزء كبير منها في صورة أجور فعلي سبيل المثال اصدر رئيس المهرجان قرارا رقم (64) بشأن تعيين توفيق حاكم مندوبا للمهرجان في باريس مقابل 20 ألف جنيه رغم أن حاكم لم يعمل من قبل في أي مهرجان وليس خبيرا في هذا المجال بل هو صحفي متخصص في مجال السينما فقط 


خبراء من أجل “التقشف”
واستمرارا لسياسة التقشف أصدر رئيس المهرجان قرارا آخر – رقم 51- بتعيين الخبير الأمريكي جي ويسبرج مستشارا للمهرجان مقابل 50 ألف جنيه.



أما قرار تشكيل المركز الصحفي للمهرجان فقد حرص سمير فريد علي أن يمثل فيه أكبر عدد من الصحف المؤثرة أملا في بناء خط دفاع قوي عنه أمام أي نقد، وتنوعت الأدوار داخل المركز ما بين رئيس للمركز ومدير للصحافة العربية وآخر للصحافة المصرية ومدير للصحافة الأجنبية ومدير للراديو والتليفزيون ومدير للملف الصحفي – منصب غير مفهوم- وأمين للمركز، وذلك مقابل أجور ربما هي الأعلى في تاريخ المهرجان حيث تراوحت مابين 20 ألفا و10 آلاف جنيه، إضافة إلي تخصيص مكافأة قدرها 10 آلاف جنيه لكل عضو بلجنة المشاهدة وعددهم 12، كما تم تعيين رئيس لتحرير كتالوج المهرجان مقابل 20 ألف جنيه..

فعلا تقشف

ليس هذا فقط بل إن كشوف مرتبات بقية العاملين بالمهرجان شهدت مبالغات لا تتفق علي الإطلاق مع ظروف الدولة الاقتصادية ولا سياسة التقشف التي تحدث عنها سمير فريد، كما أن اللجان المختلفة للمهرجان شهدت شبهة مجاملات بتشغيل زوجات بعض المسئولين والنقاد والمخرجين.


كل هذه الأرقام بخلاف ما أنفق خلال انعقاد المهرجان ويخرج علينا رئيسه ليصف الدورة بالمتقشفة، ويكيل اتهاماته لكل من طالب وزارة الثقافة بمساءلة إدارة القاهرة السينمائي عما أنفقته وفي ماذا؟ نحن لسنا جهة تحقيق أو اتهام ولا نسعى للتشكيك في الذمم المالية لأحد، ولكن ما سبق مجرد رد بالمستندات والوثائق ليعرف القارئ والرأي العام حقيقة “سياسة التقشف” التي ترددها إدارة مهرجان القاهرة السينمائي طوال الأيام الماضية .

Visited 19 times, 1 visit(s) today