إيمانويل ريفا.. مثل هبة غير متوقعة

نص الحوار الذي أجرته أنّا تاتارسكا، ونشر في 10 يناير 2013 في مجلة Keyframe، مع الممثلة والشاعرة والمصوّرة الفرنسية إيمانويل ريفا، حيث تتحدث عن الحياة والأفلام والتحديات التي تنتظرها.

إنها جميلة، بليغة، مليئة بالطاقة المعدية، وتبلغ من العمر 85 سنة. هي ليست واحدة من رموز السينما الفرنسية فحسب، بل إنها قدّمت لعالم السينما الدولية واحدة من أكثر الأداءات إدهاشاً وإثارةً للإعجاب في العام 2012.. وذلك في الفيلم الذي أخرجه ميكايل هانيكه “حب” Amour، الحائز على الجائزة الكبرى في مهرجان كان. بمشاركتها في هذا الفيلم قبلت إيمانويل ريفا التحدي الذي قد تنفر منه العديد من الممثلات اللواتي في سنّها، حيث تؤدي دور المرأة التي يتعرّض عقلها وجسدها للإفتراس، والتي تعيد تعريف معنى “الحب” لزوجها.

– أذكر تماماً المرّة الأولى التي شاهدتك فيها على الشاشة العريضة.. كان ذلك في فيلم “هيروشيما حبي” الذي أخرجه ألان رينيه..

* ألمْ ينسى الناس بعد هذا الفيلم؟

– لا، أبداً. صحيح أنه مضت 53 سنة، منذ عرض الفيلم للمرة الأولى، لكنني لا أظن أن نسيان الفيلم سيكون خياراً..

* يمكنني بسهولة أن أؤلف كتاباً عن تجاربي مع هذا الفيلم. ذلك الدور فاجأني.. مثل هبة غير متوقعة. كنت مفتونة بسيناريو مرجريت دورا. كذلك أحببت أفلام رينيه القصيرة. نحن سرعان ما وجدنا لغة مشتركة بيننا، وكل شيء بدا طبيعياً جداً وغير قسري. ميزانيتنا كانت متواضعة جداً. عند ذهابي إلى طوكيو لتصوير الفيلم، كان أول ما سمعته: ليس لدينا ما يكفي من تمويل، لذلك نحن غير واثقين من قدرتنا على إتمام العمل. لكننا بالرغم من كل شيء، استطعنا إنجاز العمل. وحتى الآن ماأزال أتلقى رسائل من الذين تأثروا بمشاهدة الفيلم. إنه فيلم استثنائي وسرمديّ، وربما لهذا السبب يستمر الجمهور في مشاهدته.

– لابد أنها كانت تجربة جميلة، خصوصاً وأنها التجربة الأولى..

* كانت بلا شك منعطفاً هاماً في مسيرتي كممثلة، لكن لا تنسى إنني عندما رُشّحت للدور في “هيروشيما” كنت ممثلة مسرح معروفة. هناك عثر عليّ رينيه، وكان يبحث عن وجه جديد. حتى بعد مرور كل تلك السنوات، مازلت أشعر بالسعادة لأن الفيلم تحقّق.

– هل تمكنت من الإلتقاء بألان رينيه العام الماضي أثناء تواجدكما معاً في مهرجان كان؟

* تركت له ملاحظة عند موظف الاستقبال في الفندق ، لكننا كنا مشغولين جداً فلم يتسن لنا اللقاء. كان من المفترض أن يُعرض فيلمنا “حب” وفيلمه في اليوم نفسه، لكن تغيّرت المواعيد فجأة. الحياة في المهرجان شيء لا يُصدّق.. المرء دائماً يكون في نشاط مستمر، دائماً يتأخر في مواعيده.

– العديد من الممثلين والممثلات يقررون اعتزال التمثيل عند مرحلة معينة. أنت كنت فعالة ونشطة، بلا توقف، طوال خمسة عقود. ما الذي منحك القوة لجعل عشقك للتمثيل يدوم كل هذه المدّة؟

* حتى وأنا فتاة صغيرة، كنت أجد سحراً وفتنة في الكلمات، كنت شغوفة بالنص المكتوب، وقد أردت أن أتقاسم هذه البهجة مع الآخرين.

وُلدت في بلدة صغيرة عند جبال فوسج في فرنسا الشرقية، ربما لهذا السبب أشعر، حتى يومنا هذا، أني ريفية بعض الشيء. في تلك البلدة اعتدنا أن نرتاد السينما بين الحين والآخر. كنت ممسوسة بالتمثيل، وكنت أظهر حماستي للتمثيل أمام والديّ، وأخبرهما عن خططي الكبيرة للمستقبل. في بلدتي مارست التمثيل على المسرح لأول مرّة، بفضلٍ من أبي، الذي لم يكنمشجعاً وداعماً لأحلامي، لأنه كان يخشى أن أغادر يوماً ما وأنتقل إلى المدينة الكبيرة. لكن حين سمع مالك مخزن الخردوات يقول أن فرقة محلية تبحث عن ممثلة جديدة لم يسبق لها الظهور، سأله في الحال: “لم لا يختارون ابنتي؟”. أن تكون عضواً في هذا الفريق، فتلك تجربة جميلة. مثّلت العديد من الأدوار، من بينها أنتيجون لأنوي. كذلك شاركت في أمسيات شعرية هناك. خطوة فخطوة بدأت في التيقن من أن التمثيل هو الشيء الذي أردت أن أتعامل معه بجديّة. لكن كيف أقوم بذلك؟ كيف أصل إلى باريس من دون أن أضيع؟

– أخيراً استجمعت شجاعتك وقمت بتلك الخطوة..

* وجدت إعلاناً مرسلاً من قِبل مدرسة المسرح في باريس. غادرت إلى المدينة الكبيرة وأنا لا أعرف أحداً هناك، ونجحت في الإمتحان. هكذا بدأ كل شيء. الأمر أشبه بحكاية خرافية.

– كيف تختارين أدوارك؟ هل ثمة شيء تجدينه مثيراً للإهتمام، بشكل خاص، في الشخصية؟

* لا أعتقد أننا، نحن الممثلين، نختار شخصياتنا.. بالأحرى، هي التي تختارنا. إن أفضل ما نستطيع فعله هو أن نرفض أحياناً. ربما فعلت ذلك في أغلب الأوقات. كنت صريحة وحاسمة جداً في قراراتي. كنت أبحث عن المطلق، عن الجوهري. المسرح أفسدني: هناك قمت بتأدية أدوار عديدة، تتطلب براعة فائقة. في السينما، الممثلون غالباً ما يقعون ضحية التنميط والقولبة والتصنيف، ذلك لأن المخرجين يجدون الأمر أكثر سهولة إن كنا نمثّل تصنيفات أو جماعات أو تخصصات معيّنة. ليس سهلاً الإستمرار في تأدية الدور نفسه. نحن نريد التنوّع. كنت دائماً أولي الأمور تأملاً عميقاً وأحاول أن أدرس بعناية كل ما يعرض عليّ من أدوار. مثّلت الشخصية الرئيسية في فيلم Therese Desqueyrouxوعن هذا الدور حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان فينيسيا. ومثّلت في فيلم ملفيل Leon Morin, pretre. كنت دائماً أحاول أن أتجنب العروض التي تتّسم بالطابع النمطي، غير الشخصي.  

لقطة من فيلم “هيروشيما حبي” لآلان رينيه

– هل هناك دور معيّن، من بين الأدوار العديدة، تحبينه أو تعظمينه على نحو خاص؟

* أنا لا أنظر إلى هذا الأمر بهذه الطريقة. بالطبع أحببت أن أمثّل في “هيروشيما حبي”، لأنه فيلم استثنائي، لكنني أيضاً، وعلى نحو متساو، أحببت أن أمثّل في “تيريز”.. أو العمل مع ملفيل. عملت ذات مرّة في إيطاليا، في فيلم مع سيمون سينوريه. أديت دور مومس.. لا أحد في فرنسا عرض عليّ دوراً كهذا. كان دوراً شاعرياً، على الرغم من مهنة الشخصية. لا أعتقد إنني قادرة على اختيار أي دور معيّن آخر. أيضاً، العمل مع كل مخرج هو دائماً تجربة مختلفة.

– الأفلام التي شاركت فيها كانت تعتمد على سيناريوهات كتبها أفضل كتّاب السيناريو. هل فكّرت في كتابة السيناريو؟

* لا. ليس ثمة شيء مشترك بين هذه الأشياء. أنا شاعرة، ولست كاتبة ولا كاتبة سيناريو ولا مخرجة. كتبت قصائد استمتعت بها، ومازلت. حتى الآن نشرت ثلاث مجموعات شعرية، ولدي ثلاث مجموعات أخرى، ولا أعرف إن كانت مثيرة للاهتمام. سأحاول عرضها على ناشرٍ ما خلال الأشهر القادمة.

– أنت لا تمارسين التمثيل وكتابة الشعر فحسب، بل أنت مصوّرة فوتوغرافية أيضاً.. الصور التي التقطتها أثناء تصوير “هيروشيما” نشرت في ألبوم..

* أثناء التصوير كانت لدي إجازة لمدة يوم أو يومين، والمخرج (رينيه) أعطاني كاميرا وشرح لي كيف أستخدمها ثم طلب مني أن أصوّر كل ما أراه. تجوّلت هنا وهناك لساعات، وأنا ألتقط الصور. طبعت الصور، ولسنوات طويلة احتفظت بها في علبة من الكرتون، ولم يرها غير أصدقائي. يوماً ما اتصل بي رجل ياباني، كان ينوي تنظيم معارض، وقد شعر بالإثارة عندما علم بوجود الصور عندي. في هذه الصور تستطيع أن ترى هيروشيما قبل إعادة بنائها. إنها وثيقة فريدة عن أزمنة ضاعت منذ وقت طويل. المعرض جاب مدناً وأقطاراً عديدة، والصور في ما بعد نُشرت كلها في ألبوم. أعتقد أن الطبعات قاتمة أكثر مما ينبغي، بينما الصور الأصلية تحوي إضاءة فريدة.. مع ذلك، هو أفضل من لا شيء.

– بالنسبة للعديد من الممثلين، الجسد والوجه أدوات يستخدمونها في أعمالهم. لكن بالنسبة للنساء، هي أيضاً خاصيات جمالية، غالباً ما تستخدم كحجة لتأدية الأدوار. أنت، كفنانة، كيف تكيّفين نفسك مع الزمن الذي يمر؟

* يعجبني هذا التعبير: الزمن العابر. الزمن يوسمنا بعلاماته المميّزة. لكن الناس هم الذين ينساقون من خلاله وليس العكس. الزمن ذاته غير متحرك. إنه الشيء نفسه لكل شخص. لست متأكدة بشأن كيفية التكيّف مع الزمن. بالتأكيد لست واحدة من أولئك النسوة اللواتي يخضعن لعمليات التجميل بين حين وآخر. الجمال لا يستحق التعلّق الشديد به إلى حد الولع. لم أكن أتوق يوماً إلى النجومية. الآخرون هم الذين يعتبرونني نجمة. إني أكنّ تقديراً شديداً للأفراد الذين يرغبون في المحافظة على شبابهم إلى الأبد، لكن هذا يبدو لي ساذجاً وغير ذي جدوى. لابد أنه أمر فظيع.. ملاحقة الشباب على نحو سرمدي.

– هل يمكن التوصل إلى تفاهم مع الزمن العابر؟ هل يمكن قبوله؟

* غالباً ما أقول أن التقدّم في السن أمر طبيعي، ذلك لأننا نعرف جميعاً أن أحداً منا ليس خالداً. ما هو أسوأ من الشيخوخة، تدهور الصحة. الصحة هي الهبة الأكثر أهمية. مصدر الفخر الذي يستحق الإهتمام والعناية. الأفراد الأصحاء هم السعداء. إني أبذل كل ما في وسعي للمحافظة على صحتي. لا أسرف، لا أتهوّر، أعتني بنفسي فحسب. وهو أمر سهل حقاً. المحافظة على جسم صحيّ وذهن صافٍ. المرء يحتاج أن يكون منفتحاً على الآخرين، وأن يبقى حراً. كنت دوماً أتعلّق بالحرية والإستقلال. وأظن أنني لهذا السبب لم أتزوج.

ايمانويل ريفا في فيلم “حب”

– حرية كهذه يمكن بسهولة أن تُفهم خطأً وتعتبر عزلة. ألا تشعرين بالخوف من أن تكوني وحيدة؟

* الشيء الأكثر أهمية هو ألا تخاف من الحياة. المرء يحتاج أن يحافظ على هدوئه ورباطة جأشه حين يواجه الشيخوخة. الخوف يدمّر كل شيء. يتعيّن عليك أن تختبر الصداقة والحب بالدرجة ذاتها من الإمتلاء والحنان كما في فيلم هانيكه. أعني الحب الحقيقي، وليس الشعور الأوليّ أو حين تكون مسحوراً. إذا استطعنا أن نوجّه أفكارنا في هذا الإتجاه، وتلقّينا حوافز مماثلة، فسوف نحصل بالمقابل على السلام والسعادة.

– ماذا كان رد فعلك عندما عرض عليك هانيكه أن تؤدي دور آن في فيلمه “حب”؟

* أنا الآن في الخامسة والثمانين من عمري. ليست هناك أدوار عديدة، مثيرة للإهتمام، تصلح لممثلين في عمري، خصوصاً الممثلات. حتى قبل عامين كنت ماأزال أمثّل لكن على نحو متقطع، وغالباً في الحلقات التلفزيونية. أن تحصل على دور في مشروع كهذا، على مدى شهرين من التصوير، هو أمر لا يحدث كل يوم، وهو لا يحدث إلا نادراً. مباشرةً شعرت بالمشاركة عاطفياً، بالتأثر عاطفياً، ولم أشعر بالتشاؤم. إن نوعية الحوار وجودته أكّدت لي ضرورة عدم التردد في اتخاذ قرار المشاركة. العمل هبط عليّ كالمعجزة، وجعلني سعيدة جداً.

– هانيكه غالباً ما يوصف بأنه مخرج قاس، عديم الرحمة…

* على الإطلاق، ليس هذا صحيحاً. الحياة هي القاسية، وعديمة الشفقة. أعترف هنا إنني لم أشاهد كل أفلامه، لكن “الشريط الأبيض” و”المخفي” فيلمان جميلان، كذلك “معلّمة البيانو”. إنه يقترب من الواقع في تمكّن وسيطرة. عادةً أنا لا أميل إلى قول هذا التوصيف، لكنني سأفعل: هانيكه، على نحو لا يرقى إليه الشك، فنان عظيم. كانت بيننا علاقة جميلة في الموقع. وكنت أعرف ما ينبغي عليّ فعله، وكيف أمثّل.. حتى في المشاهد التي كانت صعبة جداً، وهي كثيرة. كان يتعيّن عليّ أن أخلع ثيابي، أن أستخدم جسدي الذي يخضع لحالة انحلال تدريجي على الشاشة. كان الأمر أشبه بمجزرة للجسد والعقل.

– ثمة تقارب في السن بينك وشخصية آن، ألا يجعل هذا الأمر يبدو أكثر تعقيداً عاطفياً؟

* علىّ أن أعترف بأن هذا لم يثر خوفي، بل وجدته مثيراً للإهتمام. كان لديّ إحساس بالشجاعة. وقد علمت بأني قادرة على تأدية الدور. لو لم يخترني هانيكه، لكنت في حالة انهيار.

– في رأيي، القوة العاطفية لهذا الفيلم لا يأتي فقط من السيناريو الرائع والإخراج البارع، لكن في الأغلب من الأداء الصادق، المحرّك للمشاعر بعمق، الذي قدمته مع جان لوي ترينتينان. علاقتكما على الشاشة تبدو تكافلية كلياً: آن وجورج هما جزء من الكائن العضوي الحيّ ذاته، الذي لا يعمل من دونهما.. وجودهما معاً أساسي ولا غنى عنه.

* أنا وجان لوي عرفنا من البداية أن علينا جعل المتفرج يصدّق أن آن وجورج زوجان حقيقيان. أعتقد أننا بدونا زوجين مثاليين، يجمعنا التناسب والإنسجام. أيضاً كنت أثق بهانيكه. وعندما يكون هذا الشرط متحققاً، فسوف تعلم أنك في الطريق الصحيح. الثقة بالمخرج وفريق العمل كله يجعل التقارب والحميمية بين الممثلين ممكنة. ليس من الضروري أن نكون أصدقاء لكي نخلق مثل هذه الروابط على الشاشة. أنا وجان لوي لا نعرف بعضاً إلا بالكاد وعلى نطاق ضيق. صوّرنا فيلماً معاً قبل خمسين سنة، وهذا كل شيء. منذ البداية، طلب منا هانيكه أن نتصرّف برقة ولطف وحنو، مع تجنب الوجدانية المفرطة، أو الإحساس بالشفقة غير الضرورية. هذا كان دليلنا الهادي، والمفتاح الرائع لفهم شخصيتينا.

– كيف كان عملك في الموقع؟

* كنا نصوّر في موقع مبنيّ في الأستوديو، في ضواحي باريس. لم أكن خائفة من وجودي في مكان مغلق، فقد كان يبدو ضرورياً، ولا أظن أن هناك طريقة أفضل للعمل، بل لقد طلبت من المنتجين السماح لي بالإقامة في حجرة ملابسي طوال فترة التصوير، إذ لم أرد أن أضيّع وقتي في القيام برحلات يومية إلى مكان العمل والعودة منه. لم أشعر، ولو للحظة، برهاب الإحتجاز. نهر السين قريب منا، وكان بإمكاني ممارسة المشي كثيراً. كنت سعيدة. وعلى الرغم من صعوبة المادة التي يتناولها الفيلم، إلا إنني لم أشعر ولا مرّة بالأسى. مهنتي تهبني البهجة. وهانيكه شخص مرح جداً.

– المناخ الودّي في الموقع مهم دائماً، لكن في حالة فيلم صعب كهذا يبدو ذلك المناخ أساسياً. إلى أي حد هو مهم دعم فريق العمل لك خلال أكثر المشاهد قسوة وتحدياً؟

* الفريق الفني الذي عمل معنا كان رائعاً. هذا ساعدني كثيراً، خصوصاً في المشاهد الصعبة، مثل مشهد تغيير الحِفاض، الذي أربك أيضاً الممثلة التي أدت دور الممرضة، وسبّب لها الحرج. كانت هناك كاميرتان تصوران، إحداهما قريبة جداً من وجهي. ما شعرت به الممثلة من حرج كان معدياً فقد إنتقل إليّ، واغرورقت عيناي بالدموع، كذلك الآخرون. لقد اتحد الجميع في تلك اللحظة. والآن، هل يمكنك أن تتخيّل عدم استخدام هانيكه لتلك اللقطات القريبة؟ بخلاف العديد من المخرجين، الذين يرغبون في لقطات قوية وواقعية، هو عالج المشهد برقة عالية وبحساسية مرهفة. هانيكه إنسانيّ عظيم. براعته الفنية لا يمكن تحديدها.

* في نظري، فيلم “حب” يعيد تعريف معنى الحب: بدفع بيئته إلى حد أقصى هو ساعد المتفرج على فهم كم هو واسع وعميق المعنى الذي يمكن أن تحمله كلمة “حب”. ما الذي تعنيه لك هذه الكلمة؟

– إنها قصة المصير الإنساني، حتمية الموت والألم. لكن في ما بعد، نستطيع أن نرى أنفسنا فيه، نستطيع أن نختبر الحب الحقيقي الذي ينبثق منه. ما هو أيضاً مهم حقاً الرسالة التي تقول أننا جميعاً أفراد مستقلون، لكل منا شخصيته التعبيرية التي ينبغي احترامها. انطباعي هو أن، عند انطفاء الأضواء، لا نغادر صالة السينما ونحن مكتئبين ومتشائمين، بل متطهرين.

Visited 30 times, 1 visit(s) today